منتديات الصمود الحر الشريف
زيارتكم تسرنا * ومشاركتكم لنا بالتسجيل والمساهمة في منتدياتنا تسعدنا * حللتم أهلا ونزلتم سهلا في منتدياتكم الصامدة الحرة الشريفة
منتديات الصمود الحر الشريف
زيارتكم تسرنا * ومشاركتكم لنا بالتسجيل والمساهمة في منتدياتنا تسعدنا * حللتم أهلا ونزلتم سهلا في منتدياتكم الصامدة الحرة الشريفة
منتديات الصمود الحر الشريف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الصمود الحر الشريف

هذه المنتديات تجمع الشرفاء والشريفات الذين يناضلون من أجل القضايا العادلة في فلسطين والعالمين العربي والإسلامي والعالم بأسره بالوسائل التعبيرية الشريفة والشرعية - لا تتحمل إدارة المنتديات مسؤولية ما ينشر فيها مما لا يعبر عن رأيها بالضرورة
 
الرئيسيةجديد اليوم*أحدث الصورالتسجيلدخول

وضع الأمريكان دستور العراق ........................... وضع الروس الآن دستور سوريا ..................... ربما هذا يعني أن سوريا من نصيب روسيا في مشروع الشرق الأوسط الجديد .............. لقد بدأ العد العكسي لزوال الدول العربية نهائيا من خريطة العالم

 

 دور الإعلام في التصدي للظواهر السلبية المصاحبة للانتخابات .. محمد شومان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد المالك حمروش
المدير العام
المدير العام
عبد المالك حمروش


عدد المساهمات : 5782
تاريخ التسجيل : 26/02/2010
الموقع : https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com

دور الإعلام في التصدي للظواهر السلبية المصاحبة للانتخابات  ..  محمد شومان Empty
مُساهمةموضوع: دور الإعلام في التصدي للظواهر السلبية المصاحبة للانتخابات .. محمد شومان   دور الإعلام في التصدي للظواهر السلبية المصاحبة للانتخابات  ..  محمد شومان I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 08, 2012 2:43 pm


دور الإعلام في التصدي للظواهر السلبية المصاحبة للانتخابات

محمد شومان


شهدت الانتخابات عام 2005 بعض الظواهر الإيجابية فى أداء الإعلام لم نعتدها من قبل فى مناسبات سياسية مشابهة.
- قدمت التكنولوجيا مجموعة أدوات اتصالية تسمح لأى شخص بأن يصبح صحفياً بتكلفة زهيدة - ونظرياً - على نظاق عالمي.
- الأدوار السابقة التى قام بها الإعلام المصرى فى التصدى للظواهر السلبية فى الانتخابات تكشف بوضوح عن تراكم خبرات وتوافر كوادر إعلامية اكتسبت قدراً معقولاً من الخبرات فى تغطية الانتخابات.
- لابد من إلزام وسائل الإعلام حكومية ومعارضة ومستقلة بالخضوع لجهة مستقلة لتدقيق أرقام توزيعها وإعلانها للرأى العام ونشر الميزانيات السنوية والأرباح عوضاً عن الحديث المرسل عن أرقام توزيع هائلة وأرباح ضخمة.
- من غير المنطقي تحميل الإعلام المصرى على اختلاف مواقفة ما لا طاقة له به فهو لن يتصدى وحيداً للمظاهر السلبية فى الانتخابات كما لن يتمكن من تغييرها.
هل يلعب الإعلام دوراً في التصدي للظواهر السلبية المصاحبة للانتخابات المصرية؟ وما المقصود بالظواهر السلبية؟ الإجابة تبدو للوهلة الأولي بسيطة وميسورة، فمنذ الانتخابات البرلمانية عام 2000.
حدث تطور ملحوظ، ومتنامي في دور الإعلام في فضح عمليات التزوير والبلطجة وغيرها من الممارسات والظواهر السلبية التي ترتبط بالانتخابات المصرية، وتشكك في نزاهتها. ولكن ما حدود الأدوار التي قام بها الإعلام، والأهم ما هو تأثيرها علي المواطنين بل وعلي الإعلاميين أنفسهم؟ وما هي إمكانيات تدعيم دور الإعلام، وتوسيع مجالاته في التصدي للظواهر السلبية التي قد تصاحب انتخابات مجلس الشعب هذا العام والانتخابات الرئاسية العام القادم؟.
مجمل هذه الأسئلة تثير قضايا متنوعة وإشكاليات أعمق بكثير من السؤال العام والفضفاض عن دور الإعلام في التصدي لسلبيات العملية الانتخابية، هذا الدور الذي يحظى باتفاق واسع علي وجوده وتناميه خلال السنوات العشر الأخيرة. لكن أعتقد أن تناول دور الإعلام في مواجهة سلبيات العملية الانتخابية، بل وفي الانتخابات تتطلب قدر أكبر من الدقة والتحديد، فمناقشة دور أو أدوار الإعلام في التصدي للظواهر السلبية المصاحبة للانتخابات، قد يخفي حقيقة أن الإعلام نفسه أو على الأقل بعض وسائل الإعلام قد تمارس تجاوزات ضد حق الجمهور في معرفة الحقائق أو قد تمارس على نحو منهجي وبمستوى مرتفع مهنياً تضليل الرأي العام وخداع الناخبين.
- "من هنا لابد وأن يشمل البحث والنقاش القضايا التالية":
- أولاً: التجاوزات التي تقع فيها وسائل الإعلام بقصد أو بدون قصد، قبل وأثناء الانتخابات وكيفية القضاء عليها أو الحد منها؟ خاصة وأن بعضها قد يقع كنتيجة غير مباشرة للتنافس على تحقيق السبق الإعلامي أو نتيجة بعض القواعد والتقاليد المهنية علاوة علي حدود الوقت والمساحة وضرورات الاختصار والإيجاز. والإشكالية هنا أن بعض الإعلاميين لا يعرفون القواعد المهنية والأخلاقية المتفق عليها دولياً في تغطية الإعلام للانتخابات.
- ثانياً: ما المقصود بالظواهر السلبية في الانتخابات؟، وكيف يمكن الاتفاق عليها وتحديدها، في ظل الاستقطاب الحاد وعدم الاتفاق بين الحكومة والمعارضة وجمعيات المجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان علي الإجراءات التي تكفل نزاهة الانتخابات؟.
من هنا تعتمد الورقة في تحديدها للظواهر السلبية على انتهاك مباشر أو غير مباشر، سواء قبل أو بعد إجراء الانتخابات، للمعايير الدولية التي أقرتها منظمات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني الدولي، بل والقوانين والإجراءات المصرية المنظمة للانتخابات.
- ثالثاً: تحديد المقصود بالإعلام، فهل يشمل عمليات وأنشطة الاتصال المباشر التي يمارسها المرشحون وأنصارهم، أو نشطاء حقوق الإنسان ولجان المراقبة. أم يقتصر مفهوم الإعلام علي الصحافة الورقية والإذاعة والتليفزيون، ووسائل الإعلام الجديد كما تجسدها مواقع الانترنت الإخبارية ومواقع التفاعل الاجتماعي والمدونات. أي أن المقصود بالإعلام هو عمليات النشر العام عبر وسائل الإعلام التقليدية والجديدة. ولاشك في صعوبة هذا التحديد بالنظر إلي تداخل أنشطة الاتصال التي يمارسها المرشحون ونشطاء حقوق الإنسان وعمليات النشر في وسائل الإعلام المختلفة.
إن هذا التداخل يرتبط بتكنولوجيا الاتصال والتكامل والاندماج بين وسائل الإعلام ووسائل الاتصال المختلفة، وأبرزها الهاتف المحمول الذي يمكن من خلاله نقل ونشر الصور والتسجيلات الصوتية من شخص يستخدم هاتفه المحمول في لجنة انتخابات في قرية نائية بصعيد مصر إلي وسائل الإعلام المحلية والدولية. لقد قدمت التكنولوجيا مجموعة أدوات اتصالية تسمح لأي شخص بأن يصبح صحفياً بتكلفة زهيدة - ونظرياً - علي نطاق عالمي. كما قضت تكنولوجيا الاتصال على الحدود الفاصلة بين الصحفيين وصانعي الأخبار والجمهور، وجعلت العلاقة بينهم تفاعلية وآنية، وتعمل في شيء أقرب ما يكون من الوقت الحقيقي (1).
- رابعاً: تغير مفهوم وحدود الإعلام والإعلاميين يثير فرصاً عديدة قد تدعم من إمكانيات الدور الرقابي للإعلام أثناء الانتخابات لكنه في المقابل يثير إشكاليات خاصة بمدي التزام المدونين وأفراد الجمهور الذين سيتحولون إلى صحفيين بالمعايير المهنية في تغطيتهم الإعلامية، وبالتالي مدي مصداقية ما يتم بثه عبر المدونات ومواقع الانترنت وقنوات التليفزيون والصحف القومية والخاصة. وتحفل أدبيات الإعلام بنقاش واسع حول هذه القضايا وما قد يطرأ على مهنة الصحافة والصحفيين من تحولات، نشهد بعض ملامحها الأولى دون أن نشاهد حتى اليوم نهايتها، فالتكنولوجيا تقدم كل يوم جديد، يطيح بأسعار وأفكار وأجهزة ومؤسسات إعلامية كبيرة وأساليب عمل أصبحت بالية.
والمفارقة أن مصر ما تزال بعيدة عن كثير من التحولات السابقة في بيئة الإعلام، لكنها في الوقت نفسه قريبة من هذه التحولات من زاوية الزيادة الكبيرة في أعداد مستخدمي الانترنت، ونجاح بعض المدونين في إحراز السبق الصحفي على حساب المؤسسات الإعلامية الكبيرة، وظهور عدد محدود ولكن مؤثر من المواقع الإخبارية. وإذا كانت وضعية وأداء وسائل الإعلام الجديد في مصر لن تتطور على المدى القريب بحيث تستطيع اللحاق بمثيلاتها في كثير من الدول النامية فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو مدى قدرة وسائل الإعلام الجديد على التأثير في الرأي العام في ظل نسبة أمية أبجدية تصل إلي 27.4% (2)، وأعتقد أن نسب الأمية في مصر تزيد بكثير عما هو معلن فتصريح الوزير يتعلق بالشريحة العمرية من 5: 35 سنة، أي أن النسبة المذكورة لا تشمل من هم فوق 35 سنة، وأمية كومبيوترية قد تصل إلي ضعف معدل الأمية الأبجدية. وهل سيظل قدر كبير من دور وسائل الإعلام الجديد مرتهن بتبني أو نقل وسائل الإعلام التقليدية لبعض الأخبار والموضوعات التي تنفرد بها وسائل الإعلام الجديد، خاصة الصحف المستقلة والحزبية.
حتى لو ظل دور الإعلام الجديد عند هذه الحدود إضافة إلي التواصل والتفاعل مع أفراد النخبة وقطاعات واسعة من الشباب المتعلم، علاوة علي الرأي العام العالمي فإننا إزاء وضع متقدم مقارنة باحتكار الحكومة للإذاعة وأغلب القنوات التليفزيونية، وخضوع الصحف غير الحكومية والفضائيات الخاصة لأشكال متعددة من الرقابة والتدخل الحكومي في عمليات جمع ونشر الأخبار والآراء.
- خامساً: إن تناول دور الإعلام في التصدي للظواهر السلبية المصاحبة للانتخابات التي تجري في نوفمبر 2010 والانتخابات الرئاسية، يعني ضمنياً مناقشة الأدوار المستقبلية التي ينبغي أو يتوقع للإعلام المصري القيام بها، وهناك فارق كبير بين ما ينبغي وما هو متوقع من الإعلام في ظل وجود الكثير من القيود والتفاعلات سواء في البيئة الإعلامية أو السياسية والاجتماعية، والتي لم تتبلور بشكل واضح وإن بدت ملامحها الأولية في الظهور والتشكل علي قاعدة استمرار النظام الشمولي في نسخته التعددية التي لا تسمح بتداول حقيقي للحكم وانتخابات نزيهة.
في هذا الإطار لابد من الوقوف وفي عجالة على بعض ملامح النظام الإعلامي المصري، والتي أثرت وستؤثر بقوة علي تجارب وممارسات الإعلام المصري في الانتخابات، وتحديداً قيامه بدور الرقيب المدقق في مستويات سلامة العملية الانتخابية ونزاهتها خلال السنوات الأخيرة، مع ملاحظة أن هذه الوقفة ليست محاولة للتأريخ أو التقييم، بل مجرد توضيح لبعض الملامح الهيكلية لدور الإعلام، والتي قد تؤثر بقوة في أدواره المتوقعة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة.
- سادساً: إن أي محاولة لاستشراف الأدوار المتوقعة للإعلام المصري في المستقبل القريب وتحديداً انتخابات مجلس الشعب في نوفمبر والانتخابات الرئاسية في سبتمبر من العام القادم لابد وأن تقوم علي تحليل للممارسات الفعلية التي قام بها الإعلام المصري في التصدي للظواهر السلبية في الانتخابات التي أجريت عام 2000، أي الانتخابات البرلمانية قبل الماضية، والتعرف علي القيود السياسية والإعلامية التي فرضت نفسها علي هذه الممارسات، وحدت من تأثيراتها الإيجابية علي الرأي العام وبين الإعلاميين أنفسهم.
- "تجربة الإعلام المصري في التصدي للظواهر السلبية":
لا يمكن اختصار تجربة الإعلام المصري في تغطية الانتخابات والتصدي للظواهر السلبية في السنوات العشر الأخيرة والتي اقترحتها الورقة كإطار للدراسة، فقد قامت الصحافة الحزبية منذ عام 1976 بأدوار بالغة الأهمية في التصدي لانتهاكات الحزب الحاكم المندمج في جهاز الدولة والحكومة للضمانات الأساسية لنزاهة الانتخابات، مثل عدم تجديد وتنقية الجدول الانتخابي، والتصويت الجماعي وتقفيل صناديق الانتخابات، واستخدام أصوات الموتى، وإرهاب المعارضة، واستغلال إمكانيات الحكومة والقطاع الخاص ودور العبادة في الدعاية الانتخابية، والتلاعب بالنتائج النهائية للانتخابات، واستخدام الإذاعة والتليفزيون الرسمي والصحافة القومية (الحكومية) للدعاية لمرشحي الحكومة. إلي آخر هذا التراث الطويل والممتد من أشكال تزوير الاستفتاءات والانتخابات (3).
ولقد وقفت صحف المعارضة بقوة أمام هذه الانتهاكات والتجاوزات وسجلتها بالتفصيل وببعض الصور الصحفية، لكن المعضلة أن تأثير الصحف الحزبية، والتى كانت أسبوعية، ظل محدوداً ومحصوراً في نطاق النخب، كما ظل متهماً بالتحزب ومحاولة تسييس الانتخابات؟ حيث لم تكن قد ظهرت بقوة الجمعيات الحقوقية وجمعيات المجتمع المدني التي تمارس حالياً أدواراً رقابية في الانتخابات. والتي يمكن الاعتماد عليها للفصل في تسجيل ورواية الأحداث من وجهتي نظر الحكومة والمعارضة.
ولم يكن قد ظهر بديل ثالث يستطيع أن يقف بوضوح علي مسافة متساوية من الحكومة والمعارضة، كما لم تكن تكنولوجيا الاتصال قد أتاحت الانترنت والفضائيات بصورتها الحالية، كذلك وربما هو الأهم لم يكن الموقف الأمريكي والأوروبي قد تبلور نحو دعم إصلاحات ديمقراطية في مصر.
ولقد جاءت أحداث سبتمبر 2001 كنقطة تحول في الموقف الأمريكي للضغط علي الأنظمة العربية، بما فيها النظام المصري لإدخال تعديلات ديمقراطية، وتلاقت هذه الضغوط مع مطالب تاريخية مشروعة للقوى السياسية في المجتمع المصري، كما ترافقت مع تطور تكنولوجيا الاتصال، لتحدث تحولات في بعض ملامح النظامين السياسي والإعلامي سمحت بإجراء أول انتخابات رئاسية تعددية، وانتخابات برلمانية تحت إشراف قضائي كامل؟ وعلي ثلاث مراحل في عام 2005، كما سمحت بظهور صحف يومية، وقنوات فضائية خاصة، والاعتراف الحكومي بحق جمعيات المجتمع المدني في الرقابة علي الانتخابات. في هذا السياق حدث تقدم ملحوظ ومطرد في أدوار الإعلام المصري في التصدي للظواهر السلبية في الانتخابات.
والجدير بالذكر، لقد شهدت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية عام 2005 تحديداً بعض الظواهر الإيجابية في أداء الإعلام لم نعتدها من قبل في مناسبات سياسية مشابهة، مع كامل التسليم بالأداء المنحاز للإعلام المصري، وعانت مصر كما هو الحال في فلسطين ولبنان وتونس من غياب الإطار التشريعي لتنظيم دور الإعلام أثناء الانتخابات؟ حيث أنه إما أن يسكت قانون الانتخابات عن وضع معايير لدور الإعلام في تغطية الحملات الانتخابية، وترك الأمر لوزارة الإعلام، وخارج سلطة رقابة اللجنة العليا للانتخابات، أو أن تضم قوانين الانتخابات معايير فضفاضة غير محددة، عن دور الإعلام في الانتخابات، يترك تأويلها للجهات الإدارية، هذه المعايير استخدمت كأدوات لرقابة مسبقة على محتوى المادة الإعلامية للمرشحين، الأمر الذي حد من التناول النقدي للحملات الانتخابية، وخاصة نقد مرشحي الحكومة، وقد أثار ذلك جدلاً واسعًا في الانتخابات الرئاسية المصرية، فعلى الرغم من التوازن الكمي في تقديم المرشحين في التلفزيون العام، إلا أنه على المستوى النوعي اتسمت التغطية بالجفاف والتكرار، والتجنب المتعمد للقضايا الخلافية. سمة أخرى اتسم بها الإطار القانوني الحاكم للإعلام في البلدان الأربعة، وهو عدم تقنين الإعلانات مدفوعة الأجر، عبر غياب الرقابة على الإنفاق على هذه الإعلانات، أو عدم وجود سعر موحد للإعلانات الانتخابية في وسائل الإعلام المختلفة (4).
ويمكن القول أن وسائل الإعلام لعبت أدواراً متفاوتة ومتعارضة أحياناً في التصدي للظواهر السلبية في الانتخابات في السنوات العشر الأخيرة، فقد اختلفت الصحف وبعض القنوات التليفزيونية على ما يعتبر ظواهر سلبية أو حالات سلبية ذات طابع فردي. وظهر نوع من الاستقطاب بين وسائل الإعلام الرسمية وبين صحافة المعارضة، بينما حاولت الصحف والفضائيات الخاصة لعب دور متوازن في عرض التجاوزات في العملية الانتخابية وفضح عمليات التزوير أو التلاعب بأصوات الناخبين. وقد اعتمد هذا الدور المتوازن علي تقارير منظمات المجتمع المدني التي راقبت الانتخابات في تغطيتها للانتخابات، مما أكسب الصحف الخاصة مصداقية وقوة تأثير أكد علي دورها في لعب دور المراقب المحايد.
ويلاحظ أن الاستقطاب بين الحكومة وأحزاب المعارضة كان بمثابة امتداد طبيعي ومتوقع لحالة الصراع السياسي والاستقطاب بين الحكومة وأحزاب وقوي المعارضة الرسمية وغير الرسمية. لكن المثير للقلق أن وسائل الإعلام التابعة للحكومة والمعارضة لم تحترم في كثير من الحالات المعايير المهنية والأخلاقية في رصد الظواهر السلبية أو تفسيرها والتصدي لها، وكان الإعلام الحكومي صاحب النصيب الأكبر، في ارتكاب هذه التجاوزات والتي ترافقت مع حملات تشهير لبعض المرشحين ولبعض الجماعات الحقوقية التي تبنت الدعوة للرقابة علي الانتخابات، وتوفير مزيد من الإصلاحات القانونية والإجرائية لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف القضاء والمجتمع المدني المحلي والدولي، ووسائل الإعلام المختلفة.
وتجدر الإشارة إلى التطور الكمي والنوعي الذي لحق بجمعيات حقوق الإنسان والجمعيات الحقوقية التي تراقب الانتخابات، فقد راكمت هذه الجمعيات خبرات وأصبح لديها كوادر قادرة على القيام بالأدوار الرقابية؟ حيث خضع كثير من عناصرها لدورات تدريبية (5)، كما دخلوا في شراكات دولية، مكنتهم من الحصول على أنواع متعددة من الخبرة والدعم كالتدريب وإجراء بحوث ومسوح وإعداد تقارير فضلاً عن التمويل اللازم لممارسة أنشطة التدريب والرقابة. وشارك عشرات من الناشطين في الجمعيات المصرية في الرقابة على الانتخابات في أكثر من دولة عربية وأجنبية. ونجحت جمعيات حقوق الإنسان والجمعيات الحقوقية المصرية في الحصول علي الدعم والتمويل اللازم لتدريب عشرات من الإعلاميين علي تغطية الانتخابات وفق القواعد المهنية والأخلاقية المتفق عليها دولياً، مما وسع من دائرة الوعي بهذه الموضوعات التي كانت غائبة عن الأداء المهني في الإعلام المصري ربما نتيجة عدم اهتمام كلية الإعلام وأقسام الإعلام في الجامعات المصرية بتدريسها، وربما بسبب السياسات التحريرية المتبعة والتي تسمح بممارسة أشكال متنوعة من الضغوط علي الإعلاميين، وتدفعهم لانتهاك كثير من القواعد المهنية في تغطية الانتخابات لدواعي ومصالح سياسية تخدم الجهة التي تمول أو تصدر الوسيلة الإعلامية.
وتبرز هنا إشكاليتان: الأولي تتعلق باعتماد مصادر تمويل جمعيات مراقبة الانتخابات المستقلة علي جهات خارجية، في ظل ضعف أو غياب مصادر التمويل المصرية سواء من أفراد أو هيئات وشركات. وبالتالي فإن استمرار الاعتماد على تمويل الجهات الأجنبية يتيح للإعلام الحكومي التشكيك في سمعة ومصداقية هذه الجمعيات أمام الرأي العام، والثانية أن ضعف أو نضوب مصادر التمويل الأجنبي قد يهدد أنشطة جمعيات مراقبة الانتخابات وجهودها في تدريب الإعلاميين بالتراجع وربما التوقف.
وفي الانتخابات البرلمانية عام 2005 دفع حصول الإخوان المسلمين علي نحو 20% من مقاعد مجلس الشعب، إضافة إلي عوامل أخرى، النظام إلي تعديل قانون الانتخاب وسط صمت دولي يقترب من حد الدعم غير المباشر، هذا الصمت جاء نتيجة استخدام النظام للتطرف الإسلامي لتقليص حجم ومستوي المكاسب والإصلاحات التي حققتها المعارضة وجمعيات حقوق الإنسان عامي 2004، 2005. وجاء انتخاب أوباما ليحدث تغييراً سلبياً في الموقف الأمريكي تجاه عملية الإصلاح السياسي في مصر والدول العربية.
في هذا السياق وفي ظل ضعف المعارضة المصرية وعدم قدرتها على الاتفاق أو التواصل الفعال مع الشارع أجريت انتخابات المحليات 2008 ثم انتخابات الشورى 2010، حيث حصل الحزب الوطني علي نحو 99% من مقاعد المحليات علي كافة المستويات (6)، وحوالي 95% في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى (7)، وتكررت وعلي نحو ممنهج انتهاكات الحكومة لضمانات نزاهة الانتخابات، ولحقوق المرشحين في الدعاية واستخدام وسائل الإعلام القومية (الحكومية)، وهو ما رصدته تفصيلاً منظمات حقوقية عديدة والصحف الحزبية والخاصة وبعض الفضائيات الخاصة. وتكررت أيضاً حالة الاستقطاب بين صحف الحكومة والمعارضة، والتناقض في نقل الأخبار ورواية الأحداث وتحليلها، مقابل محاولة الصحف وبعض الفضائيات الخاصة لعب دور المراقب المحايد.
ويمكن القول إن تغطية الإعلام المصري لانتخابات المحليات والشورى انطلقت من منظورين الأول: العلاقة القوية بين انتخابات المحليات والشورى، وانتخابات مجلس الشعب، والانتخابات الرئاسية القادمة، في ظل ما يتردد عن احتمالات ترشيح جمال مبارك للرئاسة وهو ما يعرف إعلامياً بملف التوريث. وتحصر المادة 76 من الدستور حق الترشح لمنصب الرئيس في رؤساء الأحزاب والأشخاص القادرين على الحصول على تأييد 65 عضواً من أعضاء مجلس الشعب (البرلمان)، و25 عضواً من مجلس الشورى، و10 أعضاء من كل مجلس محلي لأربع عشرة محافظة على الأقل. وقد تبدو هذه الأرقام بسيطة لكنها تعجيزية في ظل احتكار الحزب الوطني الحاكم لمعظم مقاعد المحليات والشورى.
المنظور الثاني: استمرار حالة الطوارئ، وتراجع ضمانات نزاهة الانتخابات التي كان معمولاً بها عام 2005، مما سمح بالتدخل الحكومي في انتخابات المحليات والشورى، الأمر الذي قلص من مستويات مشاركة المواطنين، الضعيفة أصلاً، ومستوى نزاهة الانتخابات وشفافيتها، ورجح بالتالي احتمالات تكرار هذه الأساليب في انتخابات البرلمان والانتخابات الرئاسية (Cool.
- "محددات دور الإعلام في التصدي للظواهر السلبية":
إن الأدوار السابقة التي قام بها الإعلام المصري - خاصة الصحف الحزبية والخاصة وبعض الفضائيات - للتصدي للظواهر السلبية في الانتخابات تكشف بوضوح عن تراكم خبرات وتوافر كوادر إعلامية اكتسبت قدراً معقولاً من التدريب والخبرات على تغطية الانتخابات، مما مكن الصحف الخاصة وبعض الفضائيات من لعب دور المراقب المحايد، الذي يعتمد في كثير من مواقفه على الأداء الفاعل والدور المتنامي لجمعيات حقوق الإنسان والجمعيات الحقوقية التي تراقب الانتخابات، فضلاً عن ما يوفره الإعلام الجديد والقدرة الحركية لشباب المدونين. لكن الإشكالية أن هذا الدور كان وسيظل في المستقبل، وفي الانتخابات القادمة، مقيداً بعدد من المحددات المترابطة، لعل أهمها:
1- الطبيعة السياسية للنظام الشمولي الحالي ذو الطابع التعددي، والذي يتعمد استمرار حالة الطوارئ، وضعف ضمانات نزاهة الانتخابات، ورفض الرقابة الدولية علي الانتخابات وتوجيه اتهامات غير مبررة للكثير من جمعيات ونشطاء الرقابة علي الانتخابات بالعمالة والتمويل الأجنبي. ويحتكر الحزب الوطني المندمج في الدولة والحكومة الإذاعة ويهيمن على القنوات التليفزيونية الحكومية والصحف القومية (الحكومية) ويوظفها لصالح الدعاية لمرشحيه. وتمارس الحكومة أشكالاً متعددة من الضغوط على أغلب القنوات والصحف الخاصة. كما أن القوانين والقرارات الإدارية التي تنظم حملات الدعاية والإعلان وضوابط تمويلها تعمل في صالح الحكومة خاصة فيما يتعلق بالتطبيق العملي حيث لا تطبق الجزاءات على المخالفين ومعظمهم من المنتمين للحزب الوطني.
وأعتقد أن نتيجة انتخابات مجلس الشعب، وإعادة ترشح الرئيس مبارك أو تنازله لترشيح جمال مبارك، وكذلك أسماء المرشحين المتوقعين، هل سيسمح بتعديل شروط الترشيح للرئاسة أم لا؟ كل ذلك يشكل متغيرات فرعية ضمن النظام السياسي المصري ستؤثر بلا شك في إجراءات الحزب الوطني التي ستتبع لترشيح وإدارة انتخابات الرئاسة، مما سينعكس بقوة علي أداء الإعلام المصري ومواقف القوي الفاعلة فيه وعلي مختلف المستويات، وذلك بحسب خريطة التحالفات أو الصفقات التي ستعقد بين الحكومة وقوى المعارضة، إضافة إلي طبيعة الموقفين الأوروبي والأمريكي من ترشيح جمال مبارك.
2- الارتباط والتداخل بين أدوار الإعلام المصري - كمفهوم وممارسة متغيرة في ظل التطورات التكنولوجية - كشريك ولاعب رئيسي ومراقب نزيه في الانتخابات. ويرجع ذلك إلى تعددية أصوات ومواقف وانتماءات منظومة الإعلام المصري في السنوات العشر الأخيرة. مع تغليب الانتماءات السياسية علي المهنية في كثير من الحالات؟ حيث تتابع الصحف الحزبية والحكومية (القومية) والتليفزيون الحكومي الحملة الانتخابية باعتبارها مشاركة؟ إذ تعمل لصالح دعم وتأييد مرشحيها، وفي الوقت ذاته تدعي القيام بدور الرقيب المحايد الذي يفضح ويكشف التجاوزات الانتخابية. هذا الموقف المزدوج يصعب القيام به، ويقلص في كثير من الأحيان مستوى مصداقية التغطية الإعلامية، ويحصر دور الصحيفة كرقيب في مراقبة أداء وممارسات المرشحين المنافسين للحزب أو الجهة التي تعبر عنها الصحيفة، أي تصبح المراقبة من منظور حزبي ضيق ولأسباب نفعية تتعلق بالنيل من الخصوم السياسيين. أما بالنسبة للصحف والفضائيات الخاصة فإنها قد تتعرض لضغوط مماثلة في حالة ما إذا كان بعض المساهمين فيها مرشحين أو يؤيدون بعض المرشحين. وهذا الموقف الافتراضي قابل للحدوث في ظل تشعب العلاقات بين رجال الأعمال من أصحاب هذه الصحف أو الفضائيات الخاصة والمرشحين من النخبة السياسية.
3- إن المشهد الإعلامي المصري - والذي يتفاعل ويتأثر بالفضائيات العربية - يحفل بالتنوع وبالآراء المتعارضة في الصحافة الورقية والالكترونية وقنوات التليفزيون الفضائية الخاصة مما قد يضعف من مقولة تزييف الرأي العام، وبأن الحكومة أو بعض القوى الاجتماعية قادرة على الهيمنة والتوجيه الإعلامي، إلا أن هذا التنوع يقتصر علي الشكل ولا يطال المضمون، ولا يترجم إلى دائرة الفعل، أي المشاركة السياسية. وبالتالي فإن هذا التعدد قد يفرز:
أولاً: نوعاً من التزييف عبر التنوع في الشكل والوسائل والأشكال الإعلامية المستخدمة.
وثانياً: نوعاً من الاهتمام السياسي السلبي بالقضايا والأحداث العامة دون أن يتحول هذا الاهتمام إلي سلوك أو مشاركة سياسية في أرض الواقع، نتيجة القيود القانونية والسياسية والاقتصادية المفروضة علي المواطنين. فالخطاب الإعلامي المصري بما في ذلك ما تقدمه بعض الصحف القومية يكشف وينتقد كثير من وقائع الفساد، كما يتابع الحياة الحزبية والبرلمانية باهتمام كبير ويدعو للمشاركة السياسية ولكن المواطنين يكتفون بالتلقي السلبي أو مجرد التعاطف مع المظلومين دون الإقدام على أي فعل سياسي. أي أننا أمام نوع من الاهتمام السياسي أو ما يمكن تسميته المشاركة السياسية الافتراضية من خلال شاشات التليفزيون أو مواقع الانترنت. وأعتقد أن هذا الاهتمام السياسي غير المباشر يكتسب طابعاً هروبياً أو تنفيسياً (9).
4- إن التعددية ومستوى الحرية في الإعلام المصري لم تشمل كل مكونات النظام الإعلامي بدرجة متساوية، فوسائل الإعلام الجديد والصحافة الورقية تتمتع بهامش ديمقراطي أوسع من الصحف والإذاعة والقنوات التليفزيونية الحكومية. كما لم يطرأ تطور كبير في أوضاع الإعلاميين وحقوقهم من قبل الدولة وملاك وسائل الإعلام الخاص، وافتقار العاملين في الإذاعة والتليفزيون إلي هيئات نقابية مستقلة تدافع عن مصالحهم، فضلاً عن عدم وجود مواثيق شرف إعلامي تشمل وسائل الإعلام كافة.
ويفتقر النظام الإعلامي المصري لآليات تثبت بشأن أعداد القراء أو مشاهدي قنوات وبرامج التليفزيون، والحق أن كل الأرقام عن التوزيع تدخل في باب الفرضيات والاحتمالات، ولعل الفرضية الأولي هي تراجع أعداد توزيع الصحف المطبوعة في اللحظة الراهنة مقارنه بأعدادها قبل ربع قرن، نتيجة ظهور الانترنت والإصدار الالكتروني المجاني للصحف المصرية، إضافة إلي الغلاء وارتفاع تكلفة الحياة ومحاولة كثير من المصريين ضغط الإنفاق من خلال التوقف عن شراء الصحف. ومن خلال المشاهدة وبعض الملاحظات يمكن القول بأن الصحف القومية (الحكومية) كانت أكبر الخاسرين؟ حيث تراجعت أعداد توزيعها لصالح اليوميات المستقلة. كذلك فإن بعض الأسبوعيات الخاصة التي كانت تركز علي محرمات الجنس والدين والسياسة خسرت أعداد من مشترييها.
ويمكن القول إن وسائل الإعلام المصري تواجه مشكلة ثبات قاعدة القراء، والمشاهدين، وهي قاعدة ضيقة مقارنة بعدد الصحف والقنوات التي غلب عليها الطابع المحلي المصري، وبالتالي عدم قدرتها علي إضافة قراء أو مشاهدين جدد، وبالتالي فإن أي صحيفة أو قناة جديدة تقتسم من جمهور الإصدارات والقنوات الحالية، نفس الأمر الذي قد يشعل المنافسة، ويفتح المجال لتجويد الخدمات الإعلامية المقدمة واستكمالها، وهي أمور تتطلب تمويلاً ضخماً وتوظيف لاستثمارات أكبر. وهنا تبرز إشكالية التمويل بمعني أن من يستطيع أن ينفق أكثر سيتمكن من تجويد خدماته وتطويرها، ومن ثم المنافسة بقوة في سوق قاعدة القراء فيها ضيقة رغم ازدحامها بالإصدارات الصحفية.
من هنا يأتي الحذر وربما الخوف من استمرار صحف وقنوات حكومية أو خاصة رغم توزيعها المحدود وقلة بل وربما ندرة الإعلانات فيها. أي أن مصادر دخلها بالغة التواضع ولا تتناسب مطلقاً مع مصروفاتها. مصدر الخوف هنا هو السؤال عن مصادر تمويل تلك الوسائل الإعلامية، وكيف تستمر رغم خسارتها المالية؟ وما هي الجهات المحلية أو الأجنبية المستفيدة من استمرار صدورها؟ وما هو المقابل الذي تقدمه تلك الوسائل الخاسرة للجهات التي تمولها؟ وعلاقة ذلك بحريتها والتزامها بالمعايير المهنية والأخلاقية في العمل الإعلامي؟
من هنا أقترح إلزام وسائل الإعلام، حكومية ومعارضة ومستقلة بالخضوع لجهة مستقلة لتدقيق أرقام توزيعها وإعلان ذلك دورياً حتى يتاح للرأي العام، مع نشر ميزانياتها السنوية وأرباحها عوضاً عن الكلام العام والمرسل عن أرقام توزيع هائلة وأرباح طائلة. وأعتقد أن الإفصاح والشفافية في ميزانيات الصحف وأرقام توزيعها، وأصحابها والمساهمين فيها قد يفسر لنا لماذا تتعثر الصحف الورقية في العالم بما في ذلك بريطانيا والولايات المتحدة وتقلص إصداراتها. بينما يزداد عدد الإصدارات الورقية الجديدة في مصر، وتضخ استثمارات ضخمة في بعض الصحف رغم الأزمة المالية ورغم ضيق قاعدة القراء واحتمالات تراجع حصيلة الإنفاق على الإعلانات بسبب الأزمة الاقتصادية. عندما يطلع الرأي العام علي الميزانيات السنوية وأرقام التوزيع لكل الصحف بلا استثناء، شرط أن تكون حقيقية وخاضعة للرقابة من جهات مستقلة، سيتمكن من التقييم الصحيح لكثير من الصحف وفهم دوافعها والمصالح الحقيقية التي تدافع عنها. وسيتمكن الرأي العام من التحقق من صدق ما يتردد عن تمويل أجنبي منتظم تتلقاه بعض الصحف الخاصة.
5- جمود الأطر التنظيمية والقانونية القائمة بما فيها المجلس الأعلى للصحافة ونقابة الصحفيين، واتحاد الإذاعة والتليفزيون وعدم قدرتها على احتواء أو تنظيم التطورات التي لحقت بالمشهد الإعلامي الحالي؟ إذ تبدو قديمة وعاجزة عن الحركة الفعالة وتنظيم مبادرات جديدة. والمطلوب إعادة النظر في كل هذه الأطر والتنظيمات وأن تصدر قوانين جديدة منها قانون موحد للبث الإذاعي والتليفزيوني، وقانون موحد لتنظيم الصحافة بحيث يضمن فصل الإدارة عن رأس المال، والإفصاح الدوري عن أعداد التوزيع ومصادر الدخل والتمويل. كما يكفل الحماية والدعم القانوني والنقابي للإعلاميين إذا اختلفت مواقفهم مع الحكومة أو رجال الأعمال الذين يملكون أو يمولون الصحف. وبغير هذه الضمانات سيظل الإعلاميون عرضه للفصل أو التضييق علي حريتهم في مقابل توحش رأس المال، وسيبدو وكأنهم استبدلوا سيطرة الدولة بسيطرة رجال الأعمال ومصالح أصحاب الإعلانات. أو أضافوا إلي سيطرة الدولة سيطرة وتحكم رجال الأعمال.
ومن الضروري أيضاً استحداث أشكال تنظيمية مستقلة للإعلاميين في الإذاعة والتليفزيون الحكومي والفضائيات الخاصة وإصدار قانون جديد للنقابة يلزم الإعلاميين بالحوار للاتفاق علي ميثاق شرف إعلامي ينظم أداء الإعلام المصري ويضع ضوابط مهنية وأخلاقية، وجزاءات رادعة تطبق بحزم وبمساواة علي كل المخالفين، فليس من المقبول أو المعقول أن يتطور الإعلام المصري وتتسع جماعة الإعلاميين دون أن يكون لهم تنظيمات نقابية فعاله للعاملين في الإذاعة والتليفزيون، أو مواثيق مهنية واضحة.
6- تنامي وانتشار وسائل الإعلام الجديد منذ انتخابات 2005، وزيادة أعداد مستخدمي خدمة الانترنت؟ حيث بلغوا 19.6 مليون (10)، ويفترض أنهم يستعملون وسائل الإعلام البديل، والتي تحظى بدرجة واسعة من الحرية، خاصة مواقع المعارضة غير الحزبية، كحملة البرادعي والمواقع التي تعبر عن الإخوان المسلمين أو ترتبط بهم، إضافة إلي مواقع المرشحين.
والواقع أن تطور الإعلام الجديد وتنوع خدماته، إضافة إلي تنامي اهتمام الفضائيات الإخبارية، بما فيها الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية كالـ"بي. بي. سي"، والحرة، تخلق تحديات لوسائل الإعلام المصرية، الحكومية والمعارضة والخاصة، تدفعها نحو تحسين خدماتها والعمل وفق قواعد مهنية وأخلاقية حتى تتمكن من المنافسة، ولعل النقاش الذي أثارته الصورة التعبيرية أو التركيبية للرئيس مبارك في مباحثات واشنطن للسلام يوضح ما أقصد، فقد كان المدونون أول من أثار الموضوع ثم التقطت الصحف الخاصة والفضائيات الأجنبية والعربية الموضوع وناقشته من مختلف الجوانب المهنية والأخلاقية. ولاشك أن الانتخابات قد تشهد أحداثاً وصور مماثلة قد تأخذ نفس السياق أو سياقات أخري مشابهة.
"خاتمة":
في ضوء المحددات الست السابقة يمكن تلمس ملامح الدور المتوقع لا المرغوب فيه لأدوار الإعلام المصري في انتخابات مجلس الشعب والانتخابات الرئاسية القادمة؟ حيث من المرجح أن تجرى انتخابات مجلس الشعب دون توفير ضمانات النزاهة والشفافية التي تطالب بها أحزاب وقوي المعارضة وجمعيات حقوق الإنسان، وقد يؤدي ذلك إلي تحقيق معدلات متواضعة من النزاهة تقل عن مثيلاتها في انتخابات 2005، ولاشك أن الصحف الخاصة والحزبية وبعض الفضائيات الخاصة والأجنبية ستلعب أدواراً مهمة في متابعة التجاوزات والظواهر السلبية، وفضحها، اعتماداً علي مراسليها وعلي تقارير وشهادات الجمعيات الحقوقية ونشطائها إضافة للمدونين، وقد تشارك الصحف الحكومية (القومية) والتليفزيون الرسمي في تغطية هذه التجاوزات سواء قبل أو أثناء عملية التصويت لكنها وكالعادة ستعمد إلي التقليل من شأنها وتصويرها باعتبارها تجاوزات فردية لا تغير من حقيقة المشهد الديمقراطي. أي أننا سنواجه وكالمعتاد باستقطاب حاد بين الإعلام الحكومي والإعلام الحزبي، وتوجيه اتهامات متبادلة لن تنجو منها الجمعيات الحقوقية والصحف والفضائيات الخاصة والأجنبية.
هذا الاستقطاب المعتاد بين الحكومة وقوي المعارضة، ستختلف معه الصحف والفضائيات الخاصة والأجنبية التي ستعمل علي لعب دور المراقب المحايد، والذي لن ينجو من هجوم واتهامات الإعلام الرسمي. باختصار نحن إزاء سيناريو تكراري لا يبشر بتغير أو تحول كبير في مواقف الأطراف الفاعلة في النظام الإعلامي؟ حيث سيقوم الإعلام الخاص وإلى حد كبير الصحف الحزبية بالكشف عن التجاوزات في العملية الانتخابية مدعومين في ذلك بتقارير ومشاهدات وربما صور الجمعيات الحقوقية التي ستراقب الانتخابات والمدونين، ولكن لن يؤدي ذلك إلى تحسين شروط العملية الانتخابية أو وقف إعلان بعض النتائج الانتخابية في الدوائر التي وقعت فيها تجاوزات أو ظواهر سلبية، وإعادة إجراء الانتخاب في هذه الدوائر من جديد. كما لن يؤدي كشف الإعلام للظواهر السلبية في الانتخابات إلي خروج مظاهرات احتجاجية كبيرة أو اتفاق قوى وأحزاب المعارضة علي رفض الاعتراف بنتائج الانتخابات والتشكيك فيها والعمل الجبهوي المشترك لإسقاطها.
لن يحدث شيئاً من ذلك لأن الإعلام يظل متغير ضمن متغيرات أخرى عديدة، لا يستطيع أن يعمل بمعزل عنها، لذلك من غير المنطقي تحميل الإعلام المصري علي اختلاف انتمائاته ومواقفه ما لا طاقة له به، فهو لن يتصدى وحيداً للمظاهر السلبية في الانتخابات ولن يتمكن من تغييرها، ولكنه قد يكشف ويفضح للرأي العام الداخلي والخارجي وبأمانه وقائع ما يجري ومن كافة الزوايا ووجهات النظر، كما أنه سيقترح الحلول المطروحة للحد من الظواهر السلبية في الانتخابات ويلقي الضوء على أهمية الضمانات المطلوبة لتحقيق نزاهة الانتخابات واحترام إرادة الناخبين وأهمية هذه الإجراءات لتحقيق إصلاح ديمقراطي حقيقي.
والإشكالية هنا أن هذا الإعلام وهو يؤدي دوره كرقيب قد يدعم من السلبية السياسية لدى قطاعات واسعة في الرأي العام، والتي لا تشارك في الانتخابات بسبب قناعتها بأن الانتخابات لا جدوى منها لأسباب كثيرة في مقدمتها التشكيك في نزاهتها، وبالتالي فإن دور الإعلام في كشف الظواهر السلبية في الانتخابات يدعم من هذه القناعة الثابتة ويشيع مزيداً من الإحباط واليأس بين كثير من المواطنين في إمكانية الإصلاح السياسي.
من زاوية أخرى فإن إدراك بعض الإعلاميين لهذه التأثيرات غير المتوقعة قد يثير لديهم بعض الإحباط والشعور بعدم الجدوى. لكن وفي المقابل قد تتأثر قطاعات أخرى من الرأي العام بشكل ايجابي، للمطالبة بتوفير ضمانات لنزاهة الانتخابات وعدم تكرار المظاهر السلبية.
حصاد ما سبق أنني أتوقع أن يقتصر دور الإعلام ـ علي نحو ما حدث في انتخابات 2005 وغيرها من الانتخابات ـ في تسجيل وقائع وتفاصيل الانتهاكات والظواهر السلبية واقتراح الحلول. ولاشك أن تفاصيل عملية التسجيل ولعب دور الرقيب قد يتطور في ظل التطور التكنولوجي وزيادة خبرة نشطاء حقوق الإنسان والمدونين، لكن كل هذه المجهودات ستظل بعيدة عن دائرة الفعل السياسي، وربما يكون تسجيل الظواهر السلبية وكشفها مفيداً فقط لأغراض الدراسة والبحث أو التأريخ لانتخابات الجمهورية الرابعة.
أما من يلتقط خيط الفعل، فالموضوع يبدو مؤجلا، فالحكومة لن تتخذ أي إجراءات للحد منها والقضاء عليها، كما أن قوى وأحزاب المعارضة غير قادرة علي الضغط لدفع الحكومة للمضي قدماً في طريق الإصلاح، لاسيما وأن الموقف الأمريكي والأوروبي لم يعد متحمساً للتدخل أو الضغط على الحكومة لإنجاز إصلاح ديمقراطي حقيقي. قد تبدو رؤيتي متشائمة لكنها تظل مجرد رؤية، وسأكون سعيداً إذا حدث في أرض الواقع ما يثبت عكسها.
المراجع:
(1) جيلمور، دان؟ ترجمة نفين نور الدين، الإعلام، أساس الصحافة من الجميع ومن أجل الجميع، القاهرة، الدار الدولية للاستثمارات الثقافية، 2010، ص ص 24- 25، 310.
(2) تصريح وزير التربية والتعليم، د. يسري الجمل، الأهرام 9- 11- 2008.
(3) (محمد سعد أبوعامود)، مشكلات العملية الانتخابية والنظام السياسي المصري، جماعة تنمية الديمقراطية، مؤتمر الأحزاب السياسية في مصر، الواقع والمستقبل، القاهرة 5- 6 مايو1999.
(4) معتز الفجيرى، الإعلام العربي والانتخابات: فقر المعايير القانونية وتغليب السياسي على المهنى، نشرة الإصلاح العربي، مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، 24 سبتمبر/ أيلول، 2006، الرابط:
http: //carnegieendowment. org/arb/?fa=show&article=21473&lang=ar
(5) لمزيد من التفاصيل، انظر هاني عياد، الإشراف والرقابة علي الانتخابات، عمرو هاشم ربيع، في التعديل الدستوري وانتخابات الرئاسة 2005، القاهرة، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام. 2005.
(6) عبدالغفار شكر، نتائج الانتخابات، رؤية تحليلية، تحرير عمرو هاشم ربيع، القاهرة، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، 2008، ص 175.
(7) الأهرام 4 يونيو 2010.
(Cool عمرو هاشم ربيع، انتخابات مجلس الشورى 2007، وعمرو هاشم ربيع، المحليات وانتخابات المجالس المحلية، القاهرة، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، 2008.
(9) محمد شومان، دور الإعلام في تنمية المشاركة السياسية، ورقة غير منشورة، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، 2010.
(10) نقلاً عن مؤشرات وزارة الاتصالات عن الربع الثاني لعام 2010، اليوم السابع، 21 سبتمبر 2010.
المصدر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com
 
دور الإعلام في التصدي للظواهر السلبية المصاحبة للانتخابات .. محمد شومان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الصمود الحر الشريف :: Votre 1ère catégorie :: Votre 6ème forume - المنتدى السياسي :: منتدى الإعلام :: منتدى الإعلام والاتصال-
انتقل الى: