منتديات الصمود الحر الشريف
زيارتكم تسرنا * ومشاركتكم لنا بالتسجيل والمساهمة في منتدياتنا تسعدنا * حللتم أهلا ونزلتم سهلا في منتدياتكم الصامدة الحرة الشريفة
منتديات الصمود الحر الشريف
زيارتكم تسرنا * ومشاركتكم لنا بالتسجيل والمساهمة في منتدياتنا تسعدنا * حللتم أهلا ونزلتم سهلا في منتدياتكم الصامدة الحرة الشريفة
منتديات الصمود الحر الشريف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الصمود الحر الشريف

هذه المنتديات تجمع الشرفاء والشريفات الذين يناضلون من أجل القضايا العادلة في فلسطين والعالمين العربي والإسلامي والعالم بأسره بالوسائل التعبيرية الشريفة والشرعية - لا تتحمل إدارة المنتديات مسؤولية ما ينشر فيها مما لا يعبر عن رأيها بالضرورة
 
الرئيسيةجديد اليوم*أحدث الصورالتسجيلدخول

وضع الأمريكان دستور العراق ........................... وضع الروس الآن دستور سوريا ..................... ربما هذا يعني أن سوريا من نصيب روسيا في مشروع الشرق الأوسط الجديد .............. لقد بدأ العد العكسي لزوال الدول العربية نهائيا من خريطة العالم

 

 مأزق الإسلاميين .. سيرج حليمي .. افتتاحية لوموند دبلوماتيك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد المالك حمروش
المدير العام
المدير العام
عبد المالك حمروش


عدد المساهمات : 5782
تاريخ التسجيل : 26/02/2010
الموقع : https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com

مأزق الإسلاميين .. سيرج حليمي .. افتتاحية لوموند دبلوماتيك Empty
مُساهمةموضوع: مأزق الإسلاميين .. سيرج حليمي .. افتتاحية لوموند دبلوماتيك   مأزق الإسلاميين .. سيرج حليمي .. افتتاحية لوموند دبلوماتيك I_icon_minitimeالسبت مارس 23, 2013 12:13 pm


مأزق الإسلاميين .. سيرج حليمي .. افتتاحية لوموند دبلوماتيك Mondiplo_Header


افتتاحية النشرة الفرنسية > آذار/مارس > 2013

افتتاحية النشرة الفرنسيّة

سيرج حليمي


مأزق الإسلاميين



مأزق الإسلاميين .. سيرج حليمي .. افتتاحية لوموند دبلوماتيك Arton4298

الجميع في تونس، أو تقريباً، يعتبرون أن إنجازات الثورة مهددة. يبقى أن نعرف مَن هو مصدر الخطر. هل هي المعارضة "العلمانيّة" التي ترفض أن تقبل الاعتراف بأنّ إسلاميي حركة النهضة المحافظين هم الذين فازوا بفارقٍ كبيرٍ في انتخابات الجمعية الوطنيّة التأسيسية التي جرت في تشرين الأول/أكتوبر العام 2011؟ أم هم هؤلاء الإسلاميون الذين يسعون إلى توظيف فوزهم من أجل الهيمنة على مفاصل الدولة من الداخل واستغلال الخوف الذي تثيره الميليشيات السلفيّة؟ أم بكل بساطة هي المناورات السياسية التي تذكّر بتلك الاستعراضات الوزارية في الجمهورية الفرنسيّة الرابعة، مع كتلها البرلمانيّة التي كانت تتفجّر بمجرد أن يفشل أحد النواب في الوصول إلى الوزارة، وبالمواقف المفاجئة المسرحيّة التي كانت تُنتَسى بعد أربع وعشرين ساعة، وبالمجموعات السياسيّة الصغيرة التي لا تُحصى والتي كانت تغيِّر اصطفافاتها باستمرار؟ وفي هذه الأثناء، يضعف إنتاج المناجم بشكلٍ كبير، وتترنّح السياسة، وتنتشر الفوضى الأمنيّة، وها إنّ مئات الشباب التونسيين يذهبون للقتال إلى جانب الجهاديين في سوريا والجزائر ومالي.

في 16 شباط/فبراير الماضي، ظهرت أعلام الجهاديين في تونس جنباً إلى جنبٍ تحديداً مع أعلام إسلاميي النهضة. وكانت حشود المتظاهرين كبيرة، لكن بقيت أقلّ من حشود خصومهم الذين اجتمعوا قبل ثمانية أيام لتشييع شكري بلعيد، المناضل اليساري الذي اغتالته مجموعة لم تُكتشف بعد. وقد أدّى قتل هذا المعارض إلى إضعاف مصداقيّة حركة النهضة شعبيّاً، وقرّبت بين خصومها وبثّت الخلافات في صفوفها. وسرعان ما فقد رئيس الحكومة والأمين العام للحزب الإسلامي ثقة أصدقائه، فاقترح تشكيل "حكومة كفاءات وطنية لا انتماءات سياسيّة لها". وقد لاقت هذه الفكرة تشجيعاً من عدّة أحزاب سياسية، ومن الاتحاد العام التونسي للشغل (UGTT) ومن الجيش وأرباب العمل والجزائر والسفارات الغربيّة؛ إلاّ أنّ هذه الفكرة تعني إقصاءاً مؤقتاً لحركة النهضة في انتظار قيام دستورٍ جديد وإجراء انتخابات جديدة. لكنّ متظاهري 16 شباط/فبراير (الإسلاميين)، رفضوا مثل هذا السيناريو ودافعوا، على العكس، عن "شرعيّة" حزبهم، مندّدين بمؤامرة وسائل الإعلام والخارج و"أعداء الثورة" و"بقايا النظام السابق".

وقد نستغرِب أن يأتي هذا الخطاب الثورويّ على لسان قوّة سياسيّة محافظة إلى هذه الدرجة. ذاك أنّه منذ انتخابات تشرين الأوّل/أكتوبر العام 2011 التي أوصلتهم إلى الحكم، لم يصدر عن إسلاميي حركة النهضة أيّ شيءٍ ينمّ عن استعداداهم لتغيير النظام الاقتصادي والاجتماعي القائم. فهم على غرار نظرائهم المصريين وداعميهم - غير الجديين حقّاً في ذلك - من أمراء الخليج، سعوا إلى الجمع ما بين رأسمالية متطرّفة [1] وتقاليد عائلية وأخلاقيّة بالية. ويجب ألاّ ننسى كيف يجري تهجين الخطابات التي تطيب لمناصري النظام الجديد عندما يصفون أولئك الذين يقاومونهم. حيث نسمع السيّد راشد الغنوشي يطلق أمام محازبيه: "لقد بدؤوا بقطع الطرقات، وإغلاق المعامل، وها هم اليوم يستمرّون في الهجوم على شرعيّة الحكم. إنّ حركة النهضة هي العمود الفقري لتونس. وسوف يقضي تحطيمها أو إقصاؤها على وحدة البلاد الوطنية". وفي الحقيقة، هذا ما يقوم حوله النقاش بالتحديد...
منح السلفيين ضمانات كي لا ينقلبوا إلى العنف المسلّح؟

المسألة هي أين تبدأ وأين تنتهي الوحدة الوطنية؟ وما هي التضحيات المفترض بالتونسيين أن يقدّموها، والمخاطر التي يرضون بها، من أجل القبول بالحفاظ عليها؟ وما كان للدور البارز لحزبٍ إسلامي يحكم البلاد أن يثير أيّ جدلٍ قبل عامٍ، عندما كان المفروض وضع دستور جديدٍ للبلاد، غير مختلف كثيراً عن سابقه، وإعادة التوازن إلى التنمية الاقتصاديّة لصالح المناطق المهملة منذ عقودٍ من الزمن. إلاّ أنّ السؤال لم يعُد مطروحاً بالطريقة نفسها تماماً مع فشل حركة النهضة، إذ إن الدستور لم يقرّ بعد، والنظام العام ما يزال مهدّداً، والمستثمرون نادرون، والمناطق المحرومة بقيت محرومة؛ وهذا الفشل هو الذي حرّض المجموعات الإسلامية الأكثر تطرّفاً والتي يجب ضمّها إلى اللعبة السياسية خوفاً من أن تنقلب إلى العنف المسلَّح. والحال أنّ هذه الشراكة ستدفع باتجاه تنازلات جديدة أمام المطالب الدينية.

من هنا تتولَّد الشبهات في أوساط المعارضة. فهي بدلاً من أن تسلِّم بأنّ الحوار والإقناع قد ساعدا حتّى الآن حركة النهضة على تفادي وصول السلفيين والجهاديين إلى ممارسات أكثر حدَّة، ترى أنّ الحدود متماهية بين كلّ هذه المجموعات التي تعتقد المعارضة أنّها تحمل المشروع السياسي والديني ذاته لإسقاط الدولة-الأمّة. وبحسب ما ظهر في شريط فيديو اشتهر في نيسان/إبريل العام 2012، نسمع السيد الغنوشي يشرح للسلفيين أنّ عليهم أن يتحلَّوا بالصبر، ما يوحي بأن الحزبين توزّعا الأدوار وحسب من أجل تحقيق هدفهما المشترك: حزبٌ يتولّى الخطابات المهدِّئة، والآخر ترهيب المعارضين. في حين يعزّز العمل الداخلي الغامض الذي يقوم به حزب النهضة تفسيراً من هذا النوع.

لكنّ الخطر يأتي عندها من الاستخفاف بالتوتّرات التي تسري في أوساط الحزب الحاكم، والتي أعطت الأزمة الحكومية الأخيرة مؤشّراً لافتاً عليها. ففي تقرير صدر مؤخراً غني جداً بالتحليلات والوثائق، عن التحدّي السلفي ، خلصت مؤسسة "مجموعة الأزمات الدوليّة" (وهي منظمة أبحاث غير حكوميّة) إلى أنّ "حزب النهضة يشهد نزاعات داخليّة جدية. إذ هناك فجوة كبيرة بين مواقف الزعماء السياسيّة التوافقيّة، التي يتمّ الإعلان عنها بانتظام عبر وسائل الإعلام، وخصوصاً الأجنبيّة، وبين القناعات الراسخة لدى القاعدة الحزبية". وهناك الصراع نفسه مع سائر الأحزاب السياسيّة والدينية: إذ هو "واقع بين نارين، ومحاصرٌ بين احتجاجاتٍ سلفيّة عنيفة أحياناً، ومعارضة علمانيّة تلاحقه على أدنى أخطائه"، وبالتالي على حزب النهضة أن يختار: "فإذا تحوّل إلى مزيدٍ من التبشير الديني، فسوف يثير مخاوف غير الإسلاميين، وإذا ما تصرّف بطريقةٍ سياسيّة وواقعية، فهو سيستعدي قسماً مهمّاً من قاعدته، ويولّد تجاذباً يفيد حركة السلفيين والأحزاب الواقعة على يمينه" [2].

إلاّ أنّ المعارضة ليست مستعدّة لكي تسلّم بأنّه أمكن تفادي الأسوأ حتى الآن بفضل حركة النهضة. ولا حتّى أن ترضى بأن تكون أسلمة المؤسّسات المدنيّة - التربية والثقافة والعدالة - في بلدٍ يعدّ أحد عشر مليون نسمة هي الثمن الذي يجب دفعه لإخماد بعض المحاولات العنفيّة من حوالى خمسين ألف جهاديّ. وهي في الوقت الحالي، بعد أن فارت بسبب اغتيال شكري بلعيد، ومتحمّسة بعد مشهد الحشود الضخمة التي تجمَّعت أثناء تشييعه، لا تصدّق كثيراً هموم زعيم حركة النهضة. هكذا يوضح لنا السيد رياض بن فضل، منشِّط مجموعة معارضة من وسط اليسار، القطب الديموقراطي الحداثي، قائلاً: " لم يسعَ الغنوشي قطّ إلى التنديد علناً بالسلفيين أو بالجهاديين. لقد قال إنّهم كانوا روح الثورة، وأنّهم ذكّروه بشبابه، وأنّهم يشكّلون جزءاً من أسرته الإسلامية، وأنّهم حملان ضالّة. ومعهم يتمتّع الغنوشي بخزّانٍ انتخابيّ ضخم، وخصوصاً بقوة تدخّل مناضلة تسمح له بأن يهاجم مباشرة المعسكر الديموقراطي بفضل ميليشيات منظّمة إلى أقصى حدّ، من دون أن تنكشف مباشرة. وهو يستخدمهم لكي يقوموا بالأعمال الوسخة مكانه. الآن سقطت الأقنعة".

ولا تكاد النبرة تكون أقلّ رحمةً من ناحية الاتحاد العام التونسي للشغل [3]. إذ أنّ الحرب معلنة ما بين القوّتين الرئيستين في البلاد. ففي شهر كانون الأوّل/ديسمبر الماضي، هاجمت روابط حماية الثورة (LPR)، المقرَّبة من السلطة، مقرّاً مركزيّاً للاتحاد النقابي. وقبل ذلك بستّة أشهر، تمّ استهداف مقرّ إقليمي للاتحاد العام التونسي للشغل في جندوبة، على يد السلفيين هذه المرة. وقد قال لنا السيد نصر الدين ساسي، مدير قسم الدراسات في النقابة: نحن مناضلون، متعوّدون على عدائيّة النظام والمجموعات العنيفة. لكنّها سابقة أن يهاجم الاتحاد العمال بهذا الشكل. والأمر يعكس خطاباً سياسياً رسميّاً شرساً ضدّ العمل النقابي، وحتّى من جانب العديد من الوزراء".

إذن بات اليسار التونسي السياسيّ أو التضامني أو النقابي يشكّل جبهةً ضدّ حركة النهضة. ومن أجل وصف هذه الحركة، لا يتورَّع اليسار عن اعتماد بعض العبارات مثل "اليمين المتطرِّف"، وحتّى "الحزب الفاشي". هكذا في غضون أشهر، تبخّرت ذكريات المحن المشتركة التي عاشها الديموقراطيون والإسلاميّون على السواء في زمن الديكتاتوريّة. وبالموازاة، يبدو أنّه قد تمّ رفع حالة الإقصاء التي كان يواجه بها مسؤولو النظام السابق.

وبدورها السيّدة إلهام بلحاج، تسخر رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديموقراطيّات (AFTD) عندما تعرض أمامها فرضيّة خيار الضمّ التشاركي السلميّ الذي يعمل عليه حزب الغالبية مع المتطرّفين دينيّاً: إذ "أنّه يدمجهم جيّداً لدرجة أنّ هناك معسكرات تدريب لهم في تونس، وهناك مئات التونسيين الذين يموتون في سوريا وفي مالي". وإذ تتوسّع في حديثها، تعتبر أنّ السياسات الاقتصادية للحزب الحاكم هي "نيوليبرالية أكثر من بن علي"، تزيد البطالة بين الشبيبة في الأحياء الشعبية، مع ما في ذلك من خطر تحوّل بعضهم نحو الراديكالية والانقلاب إلى العنف!

بدوره يعتقد فابيو ميرون، الأخصّائي هو أيضاً في السلفيّة التونسية وفي سائر الجهاديين، أنّ هذه السلفيّة هي نتاج ديناميّة اجتماعية. ويذكّرنا هذا الباحث في مؤسّسة "غردا هنكل" بأنّه في زمن السيد بن علي، كان "الحلم التونسي" ناشطاً لدى الطبقة الوسطى، لكنّه أقصى دوماً تونس أخرى، تلك التي كانت تهرب إلى إيطاليا أو انتظمت في مجموعات دينية. وبالإجمال، فإنّ السلفية "لم تأتِ لا من القمر ولا من السعودية: إنّها تعكس البنية السياسية لشبابٍ محرومين من التعبير عن أنفسهم، وفي حالة فشلٍ مدرسيّ". إلاّ أنّ الصحراء الثقافية في زمن بن علي قد فتحت أيضاً باب التفتيش عن الهويّة، وهو ما لبّاه الدعاة الوهابيّون.

في مظاهرة 16 شباط/فبراير الماضي التي دعت إليها حركة النهضة في تونس، ألقى أحد السلفيين، بشير بن حسن، الذي تلقّى تأهيله في السعودية، عظة. كان في عداد جمهوره خليطٌ من الحزب الحاكم والمجموعات الجهاديّة والوزارية، ومنها وزيرة شؤون المرأة (غير المحجّبة). ولم يتأخّر انتقاد هذا الأمر بضعة ساعات في مقر الاتحاد العمّالي، إذ عبّر أمامنا السيد ساسي قائلاً: "على هذه الحكومة أن تكون في وزاراتها، عاملة على حلّ مشاكل التونسيين، بدلاً من تنظيم المظاهرات وإرهاق الجماهير بالمواعظ".

يمكن اكتشاف "المشاكل المطلوب حلُّها" عبر الاطلاع على عروض فرص العمل في صحيفة La Presse de Tunisie. ففي 17 شباط/فبراير العام 2013 صدر إعلان كنديّ بسيط يشجّع على الهجرة الأشخاص القادرين على ممارسة مهنة "البناء والجزّار (اللّحام) والممرّض ومساعد طبيب أسنان". كما نجد شركة شحن بحريّة تونسية تطلب أمين مخزن "يحمل مستوى جامعيّ"...

ويعتبر السيد ساسي أنّ "الحكم لم يتقدّم في مجال حلّ المشاكل الاجتماعية، وخصوصاً البطالة. إنّه نموذج بن علي الاقتصادي نفسه". والاتحاد العمّالي، القلق بعد استنتاجه أنّه ليس هناك تنمية إقليميّة يشجّع الاقتصاد غير النظاميّ، "ويطالب الحكومة بتطوير بنية تحتية ملائمة في قفصة وسيدي بوزيد والقصرين، وفي المناطق الحدوديّة حيث تنشط أعمال التهريب". وفي الواقع، يقرّ الجميع بأنّ السلع الأساسية، التي التي يتمذ شراؤها غالباً بأسعار تدعمها الدولة [4] تتنقل بطريقة غير شرعيّة إلى ليبيا، حيث يباع كلّ شيء بأسعار أغلى: الحليب والطماطم والمعجّنات والمعلَّبات والمياه المعدنية. وذلك لدرجة أنّه حالات انقطاع لهذه المواد الأساسية تحدث في تونس، وأن أسعارها ترتفع بسرعة. ويكتب تامر مكّي، الصحافي وصاحب المدونة المستقلّة، متهماً: "لم يسبق لنا أن استوردنا الحليب منذ الحرب العالمية الثانية! والدولة تنفض يدها وتسمح بذلك. هم لا يراقبون أيّ شيء ويستعرضون أنفسهم في استوديوهات محطات التلفزة، بدلاً من أن يكونوا في مكاتبهم. وعندما يكونون فيها يعملون على أسلمة الدولة".

ويرى السيد الجيلاني الهمامي، الناطق باسم حزب العمال، ركيزة الجبهة الشعبيّة التي كان ينتمي إليها شكري بلعيد أنّه "كان من واجب الحكومة أن تبدأ كلّ شيء من نقطة الصفر. إلاّ أنه لم تطلق أيّ برنامج تصحيحيّ. وعادت إلى خيارات بن علي، واعتمدت على قطر والسعودية من دون أن تحصل علي شيء". وفي الواقع، لم يظهر بتاتاً التضامن "العربي الإسلامي" الذي حلمت به حركة النهضة. فبدلاً من الهبات من دول الخليج، لم تحصل تونس إلا على قروض، متواضعة (500 مليون دولار) وبفائدة مرتفعة نسبيّاً (2,5 في المئة. ويقول أحد المواقع الإخبارية الاقتصادية، أفريكن ماناجر، أنّه علِم أن السلطات التونسية كانت تتوقّع 5 مليارات دولار من قطر). وفي الوقت نفسه تقريباً، أعطتها اليابان مبلغ 350 مليون دولار بفائدة 0,95 في المئة...
تجميد سداد الدين للاتحاد الأوروبي بغية تأمين وظائف

كان صندوق النقد الدولي يُعطي "تقييماً إيجابياً جدّاً" على تونس في أيام بن علي: إذ اعتبر مديره العام دومينيك ستروس-كان في تشرين الثاني/نوفمبر 2008 أنّ "السياسات الاقتصادية المتّبعة في البلاد سليمة، وأظنّ أنه نموذج يُحتذى بالنسبة إلى الدول الصاعدة". لكن هل يمن للصندوق أن يعوّض عن خذلان دول الخليج؟ باستثناء بعض التحفّظات، لا ترى النقابة المركزيّة أيّ عامل سلبيّ في ذلك، حيث يوضح السيد ساسي قائلاً: "ليس عند الاتحاد العمالي العام أفكار مسبقة، ولا موقف معادٍ مجانيّ إزاء صندوق النقد الدولي. فقد استقبلت أمينته العامّة كريستين لاغارد وعدّة وفود من البنك الدولي في هذا المكان. ونحن ندرك أنّ البلاد لا يمكنها الصمود خارج النظام العالمي، لكنّنا نحاول أن نوجّه السياسات. لقد قلنا للبنك الدول: أنتم دعمتم بن علي. وعليكم اليوم أن تبرهنوا عبر مشاريع التنمية الرائدة في المناطق المحرومة عن رغبتكم في دعم الديموقراطيّة".

تبدو الجبهة الشعبية التي تشهد أسهمها تصاعداً مستمرّاً أكثر تصميماً. فهي تعارض من جهة وضعيّة الشريك المميّز للاتحاد الأوروبي المعطى لتونس. حيث يعتبر السيدّ الهمّامي: "إن اقتصاداً ذا إنتاجية هزيلة، يقوم على التصدير، ومرتهن لـــلمؤسسات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة الهشّة جداً، سيبقى مرتبطاً إلى ما لا نهاية بمراكز القرار الأوروبية". كما تطالب من جهة أخرى بتعليق تسديد الدين الخارجي لمدّة ثلاث أو أربع سنوات، بطريقةٍ تسمح بتخصيص الـ18 في المئة التي تحرّر من الموازنة التونسية لتوفير فرص عمل. هكذا يعلن السيد الحمامي أنّه "إذا كانت فعلاً فرنسا وألمانيا وبلجيكا وإيطاليا والولايات المتحدة ودول الخليج متعاطفة مع تونس، فليعلِّقوا دفع الدين". لكنّه لا يعوّل كثيراً على الاستجابة...

عندها يتخوّف تامر مكّي قائلاً: "إذا استمرّت القدرة الشرائية في التراجع، وزاد الإحساس بعدم الأمان، سيمكن القول وداعاً للانتقال نحو الديموقراطية: إذ أنّ الشعب التونسي لا يفهم في الوقت الحالي مَا سيفيده هذا الانتقال". وفي الواقع أنّ السلفيين، المتركّزين تماماً في الأحياء الأكثر حرماناً، ينوون الاستفادة من نقاط ضعف الدولة لكي يصبحوا فاعليّات أساسية في الحياة الاقتصادية، بما فيها غير النظاميّة والخفيّة، وذلك من أجل التبشير والتجذّر. "يقولون للناس: "أنظروا لا شيء يسير، وذلك لأنّ الناس لا يتّبعون سنّة الرسول". هم يريدون أن يدفعوهم إلى التخلّي عن الانتخابات والأحزاب السياسية، من أجل المطالبة عن طيبة خاطر بما يقدّمه السلفيون كحلٍّ أخير: وهو التطبيق الدقيق للشريعة الإسلامية" [5].

لكن هناك آخرون يبدون تفاؤلاً اكبر. إذ ترى السيّدة بلحاج أنّ حقوق المرأة قد أصبحت "محطّ إجماع، حتّى ضمن الأحزاب التي لم تكن ظاهرة كثيراً من قبل. وبفضل مقاومة المجتمع المدني، من اليمين واليسار، لم يحدث أيّ تراجع على مستوى القوانين". هذه اليقظة من القوى الشعبية، المتمثّلة بالجماهير التي اجتمعت يوم تشييع شكري بلعيد، وبداية تكتّل القوى التقدمية، والانقسامات في صفوف حركة النهضة، كلّها عوامل تشجّع أيضاً السيد بن فضل على الاعتقاد بأنّ "معركة أسلمة تونس خاسرة سلفاً".

[1] جيلبير أشقر: "الرأسماليّة المتطرّفة للإخوان المسلمين"، لوموند ديبلوماتيك النشرة العربيّة، شباط/فبراير 2013، http://www.mondiploar.com/article42...

[2] International Crisis Group, Tunisie : violences et défi salafiste, 13/2/2013, www.crisisgroup.org.

[3] هالة يوسفي: "النقابة التي تجسّد المعارضة التونسيّة"، لوموند ديبلوماتيك النشرة العربيّة، تشرين الثاني/نوفمبر 2012، http://www.mondiploar.com/article41...

[4] صندوق عام للتعويض مهمّته تثبيت أسعار المواد الأساسية. بلغت إنفاقاته التي تتزايد بوتيرة سريعة نسبة 15,7 في المئة من موازنة البلاد في العام 2013.

[5] من مقابلة مع أحد أفراد القوى الأمنية ورد في تقرير "مجموعة الأزمات الدولية غروب" المذكور أعلاه.

حقوق الطبع محفوظة لكافة البلدان

http://www.mondiploar.com/article4298.html
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com
 
مأزق الإسلاميين .. سيرج حليمي .. افتتاحية لوموند دبلوماتيك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لوموند دبلوماتيك/سوريا .. إلا إذا؟ .. عن الحرب الأهلية .. سمير العطية
» زمن الثورة من أجل العدالة .. سمير العيطة .. افتتاحية لوموند ديبلوماتيك
» عهدٌ وطنيّ سوريّ للتاريخ .. سمير العيطة .. افتتاحية لوموند ديبلوماتيك
» ثورات تجاوزت الإسلاميين
» مأزق من؟ – فهمي هويدي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الصمود الحر الشريف :: Votre 1ère catégorie :: رياح التغيير العربي-
انتقل الى: