صاحبي.. لا يريد إسقاط النظام ــ 2

صاحبي.. لا يريد إسقاط النظام ـــ 2



في اليوم الثاني جلس صاحبي إلى جانبي، فقدمت له كأساً من الشاي، ووضعت فيه حبة هال منشطة، كي تتجوْهر في باله الآراء والأفكار، ويسترسل بالكلام المتّزن.. الموزون.. ولكن إياكم أن تظنّوا أن حبة الهال التي أضعها في كأس الشاي، هي نوع من حبوب الهلوسة.. فهي ليست موجودة إلا عند القذافي، وأبنائه.. وسمعت مؤخراً إشاعة تقول: إن بعضاً من هذه الحبوب وصلت بالبريد المضمون إلى عدد من المعلّقين السياسيين الذين يظهرون على بعض الفضائيات.. ويعلكون اللغو والهذيان والكلام الفارغ فقط.. دون أن يتفوّهوا بجملة مفيدة، أو يقولوا كلمة صدق واحدة.

المهم.. سألت صاحبي: هل أنت مصرّ على رفع دعواك الثانية..!!؟.

فقال لي باقتضاب: كلَّ الإصرار..

فقلت: ولكن.. لم تعد بحاجة لرفع لا دعوى ثانية ولا ثالثة.. ما دمت ستربح القضية التي رفعتها ضد الفساد، ويتم الحكم على هرم السلطة كله؛ إما بالإعدام أو بالسجن.

فقال: لا.. لا.. بل من الضروري أن أرفع الدعوى الثانية ثم الثالثة..

فسألته: وما الغاية من ذلك..!!؟.

فأجابني: لو تمّ الحكم بالإعدام على أحد المفسدين.. فسوف يحكم عليه في الدعوى الثانية بإلاعدام مرة ثانية.. فيُنفّذ فيه حكم الإعدام مرتين.. وربما ثلاث مرات.. وهذا هو العدل، ولو حُكم عليه بالسجن المؤبد في القضية الأولى فقد يُحكم عليه بالإعدام في الثانية أو الثالثة.. ومن حُكم عليه بالسجن خمسة وسبعين عاماً، فربما سيحكم عليه فيما بعد بثلاثمائة وخمسة وسبعين عاماً.. ثم كرر مقولته: هذا هو العدل.. ورشف رشفة طويلة من كأس الشاي، وقال.. هدفي أولاً وأخيراً هو تحقيق العدالة المطلقة يا صاحبي.. والقرار أولاً وأخيراً للمحكمة الموقرة.. فهي التي تقرر.. وهي التي تحكم.. فأنا لا علاقة لي بذلك.. وكما تعرف، أنا يا صاحبي رجل درويش.. مسكين.. أمشي الحيط.. الحيط، وأقول سترك يارب..

فضحكت وقلت له: لقد أفحمتني.. فهاتِ حدثني عن الدعوى الثانية..

فقال: الدعوى الثانية تتضمن المطالبة بتسريح أكثر من مليون من المخلوقات التي يطلق عليهم الناس؛ الأمن والشبيحة والمخبرين، وتجريدهم من أعمالهم الموكلة إليهم.. فهؤلاء كلهم عمال غير منتجين.. يستهلكون المليارات من بيت مال الوطن.. ولا يقدمون أية مادة إنتاجية يستفيد منها العباد والبلاد..

فقلت له: ولكن هؤلاء الذين تذكرهم يقومون بأعمال جليلة..!!!!!.. يزجّون الناس في السجون، ويقومون بتعذيبهم تعذيباً أقسى من عذابات جهنم.. ويطلقون النار على المتظاهرين هنا أو هناك فيقتلون ويجرحون دون وازع أو رادع.. كل ذلك بهدف حماية النظام وتمتين دولة الممانعة والصمود بوجه العدو الخارجي... أليس هذا كله أعمالاً جليلة..!!!!!.

فقال صاحبي: أجل إنها أعمال جليلة حقاً..!!!.. وسوف يحاسَبون على هذه الأعمال عندما أرفع دعوى ثالثة بتهمة القتل العمد والهيمنة على الوطن وشعب الوطن بالقهر والغلبة والطغيان.. أما الآن فذهني ينصبّ على رفع هذه الدعوى المطالبة بتسريح كل ذلك القطيع غير المنتج.

فقلت: ولكن هناك أفواجاً غير منتجين إضافة إلى أولئك الذين ذكرتهم.. فهل تشملهم في دعواك..!!؟.

فسأل: من تعني..؟.

أجبت: أعنى الذين يتَمَدْمَدون ويُبَرْبِرون ويُبَسْبِسون وهم يتثاءبون في المقرات الأيديولجية.. لا شَغْلة ولا عَمْلة.

فقال لي بعدم اكتراث: دعهم في تَمَدْمُدِهم وتَبَرْبُرِهم وتَبَسْبُسِهم وتثاؤبهم يا رجل.. فهؤلاء دراويش ومساكين.. يكفيهم عقوبة أنهم يتمَدْمَدون ويُبَرْبِرون ويُبَسْبِسون ويتثاءبون ليلاً.. نهاراً فقط، وهذه عقوبة أشدّ على النفس " من وَقْع الحسام المهنّدِ ".

فقلت له: طيب.. ولكن.. من تطالب بتسريحهم هم أجنحة النظام وعماد دولته وأركان بقائه ووجوده، وبدونهم لا يستطيع أن يستمرّ بالتحليق في فضاء السلطة لمدة أسبوع واحد.. ثم قلت له بشكل اتهامي؛ لو حكمت المحكمة الموقرة بتسريح كل هؤلاء، فالنظام سوف يسقط، وهذا يعني أنك تدعو إلى إسقاط النظام..!!.

فأسرع صاحبي للرد: لا.. لا تغلط.. أرجوك.. أنا لا أدعو إلى إسقاط النظام، فأنا إنسان درويش.. مسكين.. وأمشي الحيط.. الحيط ، وأقول سترك يا رب..

تحية عز واكرام للكاتب القدير عبد الرحمن
مقال جدا هام تناول اهم ثلاث قضايا معاصرة
سردتها باسلوبك المعتاد الممتع ,الساخر المتهكم
البسيط البريئ,ههه ما اروع سردك
واسلوب طرحك
هل يا ترى اصبح المنال قريبا
هل ممكن ان ينزاح الكابوس عن النفوس
وتتنفس الصدور
ويقطع ادبار الفساد
وتختفي الشبيحة وتصبح بخبر كان
وتاخد معها اخواتها
وترجع اللمة للامة ويعيشوا بهنا
هل احلم انا ام اهذي؟؟ والله ما تناولت حبة هلوسة
لان القذافي احتكرهم لنفسه
ولكن ممكن احلم انا المارد سيخرج من الفانوس السحري
ويحقق الامنيات الثلاث لصاحبك؟
اعتقد اصبح الان المارد ممثلا بارادة الشعب العظيمة
لك اعظم شكر واسمى وفاء ودمت بهذا القلم الساحر
فما جف مداده ودام ودمت بتالق
تحياتي وتقديري