الطلب المتزايد وتغير المناخ يهددان مصادر المياه العالمية حسب تقرير الأمم المتحدة عن تنمية المياه في العالم
© صور الأمم المتحدة/إسكندر دبيب - فتى في مخيم مسلخ في أفغانستان
الزيادة على طلب المياه بمستوى لم يسبق له مثيل، تهدد جميع الأهداف الإنمائية الرئيسية، هذا ما يحذر منه التقرير الجديد للأمم المتحدة عن تنمية الموارد المائية في العالم والصادر تحت عنوان "إدارة المياه في ظروف صعبة ومحفوفة بالمخاطر". يشير التقرير الى أن التكاثر في الطلب على الموارد الغذائية، و التوسع العمراني السريع وتغير المناخ تزيد الضغوط على إمدادات المياه العالمية بشكل كبير.
إن هذا الوضع المعقد يتطلب إعادة النظر بشكل جذري في الطريقة التي تتم بها إدارة المياه، يستنتج التقرير الذي سوف يطلقه الرئيس الحالي للجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية ميشيل جارو، والمديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا في المنتدى العالمي للمياه في مرسيليا (فرنسا) في 12 آذار/مارس 2012.
"إن النتائج واضحة" تقول إيرينا بوكوفا في مقدمة التقرير، "إن المياه العذبة لا تستخدم على نحو قابل للاستدامة، نظرا للاحتياجات وكثرة الطلب عليها. فإن المعلومات الدقيقة تبقى متباينة، والادارة متفككة. وفي هذا السياق، فإن المستقبل يزداد غموضا والمخاطر تزداد يوما بعد يوم".
"إن التحديات والمخاطر والشكوك التي تسد الطريق أمام التنمية المستدامة وتحقيق أهداف الأمم المتحدة الإنمائية للألفية، يتطلب ردا جماعيا من قبل المجتمع الدولي بأسره" صرح ميشيل جارو. "سوف تقدم لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية الرسائل المهمة المستخلصة من هذا التقرير في قمة ريو +20 في حزيران/يونيو 2012".
وحسب التقرير، إن عددا كبيرا من الناس، في مناطق كثيرة من العالم، باتوا يتمتعون بالحصول على مياه صالحة للشرب. وسوف يحصل ما لا يقل عن 86 في المائة من سكان المناطق النامية على مياه صالحة الشرب بحلول عام 2015. لكن لا يزال هناك ما يقرب من مليار شخص لا يستطيعون الحصول على المياه الصالحة، و تزداد هذه الأعداد في المدن. والبنى التحتية لمرافق الصرف الصحي لا تتماشى مع حاجات سكان المناطق الحضرية في العالم والذي من المتوقع أن يتضاعف الى 6.3 مليار نسمة بحلول عام 2050. واليوم، هناك أكثر من 80 في المئة من مياه الصرف الصحي في العالم، بات متروكا دون أن يجمع أو يعاد تكريره.
وفي نفس الوقت، يقدر التقرير أن هناك حاجة الى زيادة كمية الغذاء في العالم بنسبة 70 في المائة بحلول منتصف القرن، مع تزايد الطلب بالأخص على المنتجات الحيوانية. فان الزيادة الحادة في انتاج الطعام سوف تؤدي الى زيادة بنسبة 19 في المائة على الاقل من المياه اللازمة للزراعة، و التي تشكل بالفعل 70 في المائة من كمية المياه الصالحة للاستعمال. و يحذر واضعو التقرير من أن هذه الأرقام من المحتمل أن تتصاعد حتى اذا لم تتحسن كفاءة القطاع الزراعي بشكل ملحوظ.
إن مصادر المياه الجوفية تستغل بشكل متصاعد لتلبية الطلب المتزايد. فقد تضاعفت عملية استخراج المياه بثلاثة أضعاف على مدى السنوات الخمسين الاخيرة، لتتحول إلى "ثورة صامتة". فقد وصلت المياه غير القابلة للتجدد في بعض الأحواض الجوفية، إلى مستويات متدنية للغاية. ونظرا إلى الحاجات الزراعية المتزايدة فإن العديد من البلدان تلتفت إلى شراء أراضي قابلة للزراعة في بلدان أخرى تمتلك أراضي خصبة، خاصة في أفريقيا. وقد ارتفع مستوى شراء الاراضي خارج الحدود الوطنية من 15-20 مليون هكتار عام 2009 إلى أكثر من 70 مليون هكتار اليوم. أما موضوع إمدادات المياه فهو عادة موضوع غير موجه بشكل واضح في الاتفاقات المبرمة بين الدول المعنية.
سوف يؤثر تغير المناخ على موارد المياه في السنوات المقبلة بشكل أكبر. فإنه يغير نمط سقوط الأمطار، ورطوبة التربة، و ذوبان الأنهار الجليدية، وتدفق الأنهار، ويؤدي أيضا إلى تغييرات في مصادر المياه الجوفية. بالعفل فإنّ عدد الكوارث المرتبطة بالمياه كالفيضانات و موجات الجفاف بدأت تزداد وتيرة وحدة. و يشير معدو التقرير الى أن تغير المناخ سوف يؤثر بشكل كبير على الإنتاج الغذائي في جنوب آسيا وجنوب افريقيا في الفترة ما بين الآن وحتى عام 2030. وبحلول عام 2070، سيصبح النقص المائي ملموسا في وسط وجنوب أوروبا، بحيث يؤثر على حوالى 44 مليون نسمة.
يتوقع التقرير أن هذه الضغوط سوف تؤدي إلى تفاقم الفوارق الاقتصادية بين الدول، وكذلك بين القطاعات والمناطق داخل البلدان. و يشير الى أن أغلبية هذا العبء سوف يقع على عاتق الفقراء. فقد جعل النقص المتكرر في التمويل، المسؤولين عن إدارة المياه غير قادرين على التأقلم مع التعديلات المطلوبة. ما لم تصبح قضية المياه ذات أهمية مركزية في التخطيط التنموي، فإن المليارات من الناس، لاسيما في البلدان النامية، سوف يواجهون نقصا في موارد رزقهم وتراجعا في فرص نجاحهم في الحياة. والمطلوب إدارة الموارد المائية بشكل أفضل، بما في ذلك الاستثمار في البنى التحتية من قبل القطاعين الخاص والعام.
يأتي تقرير الأمم المتحدة عن تنمية الموارد المائية في العالم ثمرة عمل جماعي لوكالات الأمم المتحدة المعنية بالمياه وشركائها، قام بوضعه البرنامج العالمي لتقييم الموارد المائية.
المصدر