عبد المالك حمروش المدير العام
عدد المساهمات : 5782 تاريخ التسجيل : 26/02/2010 الموقع : https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com
| موضوع: مغامرة ربط الحب بالزواج في المجتمع العربي .. عبدو المعلم الأربعاء أكتوبر 17, 2012 1:49 am | |
| مغامرة ربط الحب بالزواج في المجتمع العربي ... عبدو المعلم ربط الحب بالزواج في المجتمع العربي مغامرة خطيرة علينا أن ننشر الوعي بين الشباب بأن الحب لا يعني التتويج بالزواج حتما, وما يلي ذلك للمحظوظين من كفاح مستميت لاستمرار الحب بعد الزواج, بالتعاون الوثيق والتجاوب الواعي بين الزوجين, من أجل حماية الأسرة الناشئة وترعرع الحب في كنفها, وضمان وجود البيت السعيد واستمراره. كوارث تحدث بين الشباب الذين يندفعون في حب عاصف مطمئنين إلى أنه سيخلد بالزواج حتما, في حين أنهم في مجتمع لا يسمح بالحرية الفردية ولا بالعلاقات العاطفية بين الجنسين, ولا بتوفير أسباب الحياة المستقلة ولا بضمان المستقبل والشغل بعد التخرج للطلاب, ولا بمجرد امتلاك قرار الارتباط مع شخص آخر بعيدا عن تدخل الأهل من الجانبين, بل عن اتخاذ القرار من قبل الأولياء وحدهم خاصة فيما يتعلق بالبنت وإن كان الأمر لا يختلف كثيرا بينها وبين الولد, فكلاهما لا يملك حق التصرف في مستقبله خاصة من ناحية الارتباط بالشخص الذي يفضله ويحبه. لهذه الأسباب وغيرها كثير يرتكب الفتى أو الفتاة مغامرة خطيرة عندما يقع في الحب ويندفع فيه بكل عفوية دون أن يعلم أنه لا يستطيع ترجمته إلى رابطة زوجية فما بالك عن كونها رابطة ناجحة وسعيدة, من أجل هذا ومن أجل تخفيف الصدمات القاتلة, التي قد تؤدي إلى الانتحار, وإلى الانحرافات الخطيرة على الفرد والمجتمع بكل أنواعها ومنها الجريمة بكل أصنافها وأحجامها والمغامرات الانتحارية من قبيل ركوب البحر طلبا للهجرة غير الشرعية في قوارب الموت هروبا من مجتمع لا يرحم إلى جنة الضفة الأخرى كما يظنون, وهي في الحقيقة إن كانت شيئا من ذلك فإنما بالنسبة إلى شبابها وأهلها, وليس إلى المهاجر الجنوبي الذي قد ينجو من أخطار الموت في رحلته الانتحارية ليلتحق بالضفة الشمالية, حيث تنتظره السجون والمعتقلات والمحتشدات والمعاملات القاسية التي قد تسبب العاهات بل الموت أحيانا و تنتهي عادة بإرجاعه من حيث أتى, إلى الجحيم الذيي فر منه بجلده, ربما بسبب صدمة عاطفية, وحب يستحيل دوامه لاستحالة الزواج الذي هو قرار بيد أهل الطرفين, ثم لأن الشاب الذي لم يحصل على عمل لا يمكن له أن يفكر في الزواج مجرد التفكير, وحتى لو فاز بمنصب العمل شبه المستحيل, فهل يوفر له أسباب الزواج وشروطه ومستلزماته؟ كأنما الزواج في مجتمع فاشل متخلف وخاصة منه الزواج القائم على الاختيار الحر والحب والذوق والانسجام أصبح مستحيلا, مما يعني أن الفناء والانهيار أصبح يدق أبواب هذا المجتع التعيس بعنف, إن هو لم يدرك حقيقة أوضاعه ويسارع إلى تدارك أمره قبل فوات الأوان. على الشباب من الجنسين أن يكونوا على وعي تام بضرورة فك الرابطة بين الحب والزواج, ومن سار في طريق الحب منهم, فعليه أن يدرك بأن ما هو بصدده إنما هو حب من أجل الحب فقط, وليس من أجل الزواج ثم السعادة الزوجية, حتى لا يقع فيما لا تحمد عقباه, وعلى جهات الوعي والإرشاد والتوجيه أن تنشر هذه الحقيقة بكل أبعادها ومخاطرها لدى الشباب حتى يكونوا على بينة من أمرهم, ولا ينخرطون في الأوهام المدمرة, التي قد تكلفهم حياتهم, وبطبيعة الحال فإنه لا أحد يستطيع أن يمنع أمرا طبيعيا وحقا من حقوق الإنسان الطبيعية, وهو إقامة علاقات عاطفية صحية وسليمة, لكن الظروف الاجتماعية والتاريخية التي تحيط بنا لا تسمح لنا أيضا بأن نترك الأمور غامضة, علينا أن نبين لشبابنا أن الحب يجب أن يكون لذاته مفصولا عن الزواج إلا في الحالات الممكنة النادرة, بمعنى لدى الطبقة المحظوظة في المجتمع, وهي الأقلية التي توجد على رأس الهرم, وتملك كل شيء, مما يسمح لشبابها بالحب والزواج الذي يمكن أن يكون سعيدا ومستقرا إن هو أحسن التصرف, وربما أيضا هناك البعض من شباب الطبقة المتوسطة التي أخذت تضيق وتنمحي يوما بعد آخر, بسبب طغيان الطبقة الأولى وأنانيتها المفرطة, هؤلاء أيضا من الشباب أبناء الطبقة المتوسطة التي تتميز بالتعلم وبمستوى مقبول من العيش الكريم, تعترف بالحرية الفردية وتسمح لأبنائها بالعلاقات العاطفية أو تعترف بها, وبالإمكان أن توافق الأسر فيها لأنها على قدر متقدم من الوعي بالزواج القائم على الحب وتساعد أبناءها من الجنسين على تشييد حياتهم الأسرية على هذا الأساس العاطفي وتقدم لهم المساعدات المادية وغيرها, غير أن الأمر مع تناقص نسبة الطبقة المتوسطة في المجتمع يبقى محدودا جدا ويكاد يكون كما مهملا. وما عدا ذلك على شبابنا أن يعرف أن الحب يجب أن يبقى مفصولا بوضوح وصرامة عن الزواج إلى أن تتهيأ الظروف المناسبة, وإلا فلا ينبغي أن تتسبب عاطفة سامية في كوارث مدمرة قد تكلف حياة أحد الطرفين وبئس المصير. أود أن أقول في النهاية إنه إذا كان ليس بإمكاننا الآن أن نقلب الوضع الاجتماعي ونطوره نحو الأفضل, في الآجال المنظورة, فلا أقل من أن نقدم الرعاية الكافية الممكنة لشبابنا, ومنها رفع وعيهم إلى الدرجة القصوى بالوضع الاجتماعي القائم, حتى لا يسيرون دون شعور وفي ظلام اللاوعي لارتكاب زلات كبرى في حق أنفسهم وفي حق المجتمع والمحيط من حولهم, مما يزيد الطين بلة وينتهي إلى مآسي كبرى نحن في غنى عنها لأن لدينا ما يكفي من أسباب البؤس والتعسف والحرمان وسوء الحال. | |
|