ربيع عربي
13 نوفمبر 2012 - آخر تحديث - 10:11
كيف ينجح أو يفشل الإئتلاف المُعارض الجديد في سوريا؟
بقلم : سعد محيو - بيروت- swissinfo.ch
يوم 11 نوفمبر 2012، انتخب الشيخ مُعاذ الخطيب في اجتماع الدوحة رئيسا جديدا للإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية. (Keystone)
ماذا حصل إذن؟ هل تمكنّت أطراف المعارضة السورية أخيراً، وبعد صراعات ونزاعات مريرة (شخصية ومالية وإيديولوجية على حد سواء) في ما بينها، أن توحِّد صفوفها حقاً، وتعثر على الوصفة السحرية للتواصل مع القواعد المُنتفضة في الداخل السوري؟
اتفاق الدوحة، الذي أعلن تأسيس "الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، يُوحي بذلك، وإن كان ذلك للوهلة الأولى. فقد ذُكِر أن الإئتلاف يُمثِّل 90 في المئة من أطياف المعارضة وفصائلها في الداخل والخارج، وأنه لن يكون (كما كان المجلس الوطني السوري) مجرد تجمّع لعناصر المعارضة المنفية، بل سيكون ربع أعضائه الـستين (60) ممثلين للمحافظات الـأربع عشرة (14) في الداخل السوري.
فضلاً عن ذلك، يُنتظر الآن أن يحظى الائتلاف باعترافات إقليمية ودولية تعطيه شرعية إضافية بصفته الممثل الشرعي للشعب السوري. وهذا قد يبدأ مع احتمال احتلاله لاحقاً (إذا ما فشلت جهود التسوية الجديدة المحتملة مع النظام السوري) مقعد سورية في الجامعة العربية، وربما أيضاً العديد من السفارات في الخارج. هذا إضافة إلى نيل دعم دبلوماسي قوي من مؤتمر أصدقاء سورية الذي يُعقد في المغرب أواخر شهر نوفمبر الجاري، والحصول على الأصول السورية المجمدة في الخارج، وصولاً إلى احتلال المقاعد السورية في هيئات الأمم المتحدة، إذا ما تمكّن الإئتلاف بعد حين من تشكيل حكومة مؤقتة.
دعم مشروط
يوم الإثنين 13 نوفمبر 2012، خطت جامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج الخطوة الأولى في اتجاه الإعتراف، حين أعلنتا أن الإئتلاف هو "الممثل الشرعي لتطلعات الشعب السوري والمحاور الرئيس لجامعة الدول العربية".
بيد أن هذه كانت " نصف خطوة" أو على الأقل "خطوة أولى"، لأنها يمكن أن تكون مفتوحة على واحد من خيارين: إما الإعتراف لاحقاً بالإائتلاف ممثلاً شرعياً وحيدا للشعب السوري، وبالتالي إسقاط ما تبقى من شرعية للنظام السوري الراهن، أو إبقاء الباب مفتوحاً مع هذا الأخير باعتباره هو أيضاً ممثلاً، وإن غير أوحد، للشعب السوري، وبالتالي التفاوض معه لايجاد تسوية سياسية وفق بيان جنيف (الصادر في يونيو 2012) الذي أشار إليه أيضاً بيان مؤتمر وزراء جامعة الدول العربية الصادر يوم 12 نوفمبر الجاري.
ماذا يعني كل ذلك؟ إنه يعني أن الإيجابيات التي تحققت من توحيد قوى المعارضة السورية (وهو توحيد بدا إلى حد بعيد قسرياً على يد قوى إقليمية ودولية) قد تبقى حبراً على ورق، وقد تكون أشبه بالإعترافات المتلاحقة التي نالتها منظمة التحرير الفلسطينية في المحافل الدولية من دون نتائج ملموسة على أرض الواقع، إذا لم يُثبت الإئتلاف الوطني قدرته على الإنجاز في مجال أول حاسم: توحيد معظم فصائل وكتائب المعارضة المسلحة في إطار جسم واحد يشرف عليه هو إشرافاً فعلياً لا شكليا، ما يحد من توسّع نفوذ العناصر الجهادية المرتبطة أو القريبة من تنظيم القاعدة.
الشرط الأول
قد يتساءل البعض: لماذا هذا الأمر هو الأهم؟ لأنه الشرط الأول الذي وضعته الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي لمد المعارضة الجديدة الموحّدة بالسلاح المتطور والمال، والذي يبدو أن حلفاء أمريكا القطريين والسعوديين والأتراك والمصريين يلتزمون به، كما بدا ذلك واضحاً في نصف اعتراف الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي بالإئتلاف الوطني الجديد.
فالرئيس أوباما كرر قبل إعادة انتخابه، ثم خلال الحملة الإنتخابية، أن "الولايات المتحدة تريد أن تتأكد بشكل مُطلق عن الأطراف التي تساعد قبل أن تبدأ بتقديم الدعم المادي". وواشنطن بوست قالت الإثنين الماضي (12 نوفمبر 2012) أن "الداعمين الدوليين للمعارضة السورية يريدون أن يروا الإئتلاف الجديد وقد قلّص النفوذ الصاعد للجماعات المتطرفة في البلاد. إن تشكيل المجلس العسكري الذي سيضم ممثلين عن الجيش الحر والميليشيات والمنشقين، هو أهم خطوة يجب أن يقوم بها الإئتلاف الجديد".
وهذه اللازمة، أي أولوية السيطرة على الكتائب المسلحة، كررها أيضاً ديلوماسيون غربيون حضروا مداولات مؤتمر الدوحة، إذ قالوا إن البلدان الغربية "تأمل أن يتمكّن الإئتلاف الجديد من منح المجالس المحلية المعارضة الشرعية اللازمة لوضع المقاتلين تحت جناحه وسلطته، الأمر الذي سيوازن القادة الجهاديين حسني التسليح".
والأرجح أن انتخاب الداعية والخطيب السابق لمسجد دمشق معاذ الخطيب، جاء هو أيضاً في هذا السياق. فهذا الشيخ الذي عُرِف عنه الإعتدال والإنفتاح، هو الأقدر على جذب المقاتلين المؤمنين بعيداً عن الجماعات المتطرفة. وقد كان ملفتاً أن يركّز الشيخ الخطيب في أول تصريح له بعد انتخابه بالاجماع، على ضرورة توقف التجاوزات التي يقوم بها بعض المسلحين (ويقصد بذلك جبهة النصرة وغيرها من الكتائب الجهادية).
وهذا أمر قد يكون في متناول الخطيب الآن، لأنه، وإلى جانب أوراق اعتماده الدينية - الإديولوجية، قد يحوز على القدرات المالية والتسليحية التي وعدت بها دول أصدقاء سورية، خاصة إذا ما وفت كل من قطر (التي تسلّح وتموِّل عناصر الإخوان المسلمين) والسعودية (التي تسلِّح وتموٍّل السلفيين) بوعودهما، وجعلتا المساعدات تمر عبر الإئتلاف الوطني الجديد.
فرص ومخاطر
كل هذه المعطيات تشي بأن الدعم الأمريكي والأوروبي للمعارضة السورية ليس شيكاً على بياض، كما حدث مثلاً مع المجلس الوطني الليبي الذي حاز على الدعم منذ اللحظة الأولى، على رغم أن قدرته التمثيلية كانت هشة للغاية. إذ أن هذا الدعم جاء مشروطاً بأمرين: قدرة الإئتلاف على إثبات وجوده في الداخل السوري، كما أشرنا أعلاه، وقدرته أيضاً على تخطي الخلافات والصراعات المتوقعة حين يبدأ وضع اتفاق الدوحة موضع التنفيذ، خاصة تشكيل الحكومة المؤقتة والمجلس العسكري، عبر تحديد التفاصيل التي يعشعش فيه الشيطان دوما.
فهل سيكون في وسع هذا الإئتلاف تحقيق هذين الأمرين؟ فلننتظر قليلاً لنر، وإن كانت حظوظ الإئتلاف تبدو أفضل قليلا من حظوظ المجلس الوطني الذي لم تساعد الظروف الذاتية والموضوعية طائرته على الإقلاع ولو متراً واحداً طيلة السنة الماضية.
لكن، وكما أن نجاح أو فشل الإئتلاف في الإنجاز ستعتمد عليه، إلا أن هذا ينطبق بالقدر نفسه على مواقف القوى الكبرى. فإذا لم تتوقف هذه القوى عن استخدام تشظي المعارضة كشمّاعة تعلّق عليها رغبتها الحقيقية في عدم التدخل، فإن الإئتلاف قد يُنجز بالفعل، لكنه لن يتمكن من الحسم، خاصة بعد أن أصبح تدويل الأزمة السورية حقيقة واقعة.
سعد محيو - بيروت- swissinfo.ch
http://www.swissinfo.ch/ara/detail/content.html?cid=33946188&rss=true