عبد المالك حمروش المدير العام
عدد المساهمات : 5782 تاريخ التسجيل : 26/02/2010 الموقع : https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com
| موضوع: في الجنس إفلاس العرب .. بقلم: عبدو الملعم الأربعاء نوفمبر 14, 2012 2:40 pm | |
| في الجنس إفلاس العرب .. بقلم: عبدو الملعم
الاربعاء, 22 يوليو, 2009
أنقل الموضوع عن مدونتي في "جيران" تعميما للفائدة
http://elmouallim.arabblogs.com/archive/2009/7/913327.html
في الجنس إفلاس العرب إنهم لا يدركون – واحر قلباه_ أن السياسة وغياب الديمقراطية هو سبب بلائهم الأكبر, فكيف يعلمون أن المسكوت عنه الذي يكوي جنباتهم هو السبب الثاني لمصيبتهم؟ كان عرب الجاهلية يئدون بناتهم خوفا على شرفهم, وجاء الإسلام ليحمي البنات من زهق أرواحهن في المهد, بسبب هواجس مرضية, لا مبرر لها إطلاقا, لكن الدين الحنيف على ما فيه من مواعظ وإنسانية ضاربة الجذور، لم يمح الجاهلية من هذه النقطة بالذات, لأسباب عميقة في الذهنية العربية ذات الجذور الجاهلية, بالرغم من الانتشار الأفقي لدين الله الخاتم. ولا زال العرب يراوحون مكانهم, حتى يوم الناس هذا, يفنون جل أعمارهم, من الطفولة إلى المراهقة إلى الشباب, وشيء لا يستهان به من الكهولة والشيخوخة, ولا هم لهم غير الجنس, ضائعين في متاهات لا يجنون من ورائها غير الخسران المبين, فلا هم أطفأوا النار المتأججة بداخلهم, والموروثة منذ الجاهلية الأولى, ولا هم التفتوا إلى شؤون دنياهم من علم وعمل, وبناء المجتمعات الرائدة والدول السائدة. إنها بلاهة ما بعدها بلاهة, منشؤها عدم المواجهة المسئولة لمشكلة حيوية طبيعية, لا مفر منها لبني آدم, بحكم تكوينه البيولوجي والسيكولوجي, الذي أنشأه عليه بارئه سبحانه. ولحد الآن لا زال النفاق هو سيد الموقف, مع جهل الأسباب والمسببات أو تجاهلها, والنتيجة واحدة, وهي خراب الديار, وشغور النفوس وتصحرها. نعم نحن مجتمع له ديانات ومذاهب تنظم علاقة الجنس فيه, ذلك حل عظيم للمشكلة, لكن كيف السبيل إلى التطبيق؟ لقد قامت حضارة العرب بفعل الإسلام وترعرعت وازدهرت, وسادت الدنيا طولا وعرضا, مثل ما هي أمريكا الآن, أو أعظم, لمدة حوالي ثمانية قرون كاملة, وبالتأكيد لم تكن لديهم هذه المشكلة المزيفة, ذلك لأنهم لم يجهلوها ولم يتجاهلوها, بل وجدوا لها الحلول كما وجدوا وأبدعوا لمختلف مناحي حياتهم. لكن التراكمات السلبية بدأت منذ حوالي عشرة قرون, بعد غلق باب الاجتهاد في التشريع وفي غير التشريع, وعم الجهل وساد الظلام, وعشش التخلف والانحطاط والهوان, ثم جاء الاستعمار, فزاد باب الاجتهاد واليقظة والانبعاث إغلاقا, ليؤبد مصالحه في أرضنا, وذهب الاستعمار شكليا, لكنه تغلغل أكثر عمليا وحياتيا. ذلك أن الذهنية القبلية الجاهلية سرعان ما طفت على السطح مع الانحطاط, ثم تعمقت بفعل الاستعمار, ولا زال الأمر عما هو عليه, منذ سقوط بغداد على يد التتار والمغول, فهل يكون سقوطها على يد مغول العصر الأمريكان إيذانا بوثبة جديدة لحضارة العرب؟ ربما, لكن ذلك إنما يكون بتغيير ما بالنفس, كما هي الآية الكريمة, فالتغيير لا يكون إلا متزامنا في مجالات النفس والمجتمع, أو لا يكون. أتذكر بالمناسبة قول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فيما معناه: "واقعتان في الجاهلية,عندما أتذكر إحداهما أضحك, وهي أني أشتري تمثالا للوثن الذي أعبده مصنوعا من الحلوى, وعندما أجوع آكله. والثانية, هي أنني وأنا أحفر قبرا لابنتي لوأدها, كانت تزيل التراب الذي يتناثر على لحيتي بيديها, فعندما أتذكرها أبكي", وقد أسلم عمر وأعز الله الإسلام به, وصار خليفة المسلمين, ومثال العدل في تاريخ البشرية قاطبة, حتى أن رسول الإمبراطور عندما جاءه وأخذ يبحث عن كيفية الوصول إليه, قيل له ها هو نائم تحت الشجرة, فقال: عدل عمر فنام مطمئنا, أو كما قال. ومجتمع يقوده عمر لا يمكن أن يتضور جوعا أو يتلوى حرمانا من أي شيء, ولذلك انطلق ليشيد الحضارة, التي جعلت هارون الرشيد, فيما بعد, يقول للسحابة العابرة فوق بغداد, اذهبي حيثما شئت, فسوف يأتيني خراجك. إننا نعيش في مجتمع من شقين لا يعرفان الكثير عن بعضهما, مجتمع الرجال ومجتمع النساء, ينشأ أطفالنا على الفصل منذ المراهقة المبكرة, وعلى الزجر والمنع والتخويف من الجنس الآخر, بدعوى حماية الشرف, وتبقى المشكلة بركانا يغلي تحت السطح, كالنار المغطاة بالرماد, ونحن أفرادا ومجتمعا نضع رؤوسنا في الرمال, كما تفعل النعامة أمام الخطر الداهم, تقولون وما الحل؟ لقد قال بعض المتعبقرين من العلمانيين الجزائريين, في سبعينيات القرن الماضي, إن الحل في الاختلاط في المدارس منذ الابتدائي, وفعلوا, والحق أقول إنهم كانوا محقين بعض الشيء, ولكنها رمية من غير رام, فقد كان قصدهم في الحقيقة, هو الكيد للإسلام, وتحطيم المجتمع الإسلامي التقليدي القائم, بنشر الانحلال والرذيلة, غير أن قصدهم لم يتحقق, ونشأ الجيل الجديد أكثر اتزانا, وأيضا أكثر تمسكا بالإسلام, وأكثر إقبالا على دور العبادة. غير أن المشكلة الأساسية لا زالت قائمة, فالاختلاط لم يؤد إلى النتائج التي كان هؤلاء يحلمون بها, حيث كانوا يظنون أنه سيؤدي إلى إشاعة الفاحشة, ومن ثم تفجير المجتمع الإسلامي التقليدي, ونصبح مثل المجتمعات الغربية تماما, وهو ما لم يحصل. هذه تجربة فشلت لأنها لم تكن مدروسة, ولم تكن نزيهة أو خيرة, ولكنها مكيدة ماكرة كان مآلها الخيبة وبئس المصير، فقد انتشر التعليم كثيرا, ولم يتزعزع المجتمع المسلم كما يظنون. أنا هنا لا أدعي ملكية الحل, لا أبدا, وإنما أدعو إلى طرح المشكلة بطريقة صريحة وعلمية, من الناحيتين الشرعية والطبيعية, فليس هناك من حل خارج شريعتنا وخارج العلم الموضوعي البيولوجي والسيكولوجي وغيرهما من العلوم ذات العلاقة. وهذه مهمة الدولة والمجتمع, وأيضا وبشكل أساسي, كما في السياسة, مهمة النخبة المثقفة طليعة المجتمع, ورائدة الشعب في مسيرة الخروج من التخلف والتحديث والعصرنة. المشكلة أعزائي قائمة ولا يمكن تغطية الشمس بالغربال, فهناك طبيعة بشرية, يجب أن تحترم, وهناك غريزة يجب أن تلبى كما هو الأمر تماما بالنسبة لغريزة الأكل والشرب, وهناك تربية صحية, تماما مثل التغذية الصحية, يجب أن يعتنى بها علميا, بعيدا عن المتاهات والمخاطر والخرافات المؤدية إلى البلاء الأعظم على الفرد والمجتمع, ومن المضحك المبكي أن يقول قائل, إن اعتبارات ما أي كانت تحول دون نشر الثقافة الجنسية والوعي الجنسي الصحيح عن طريق المدارس ووسائل الإعلام والاتصال, بل وفي دور العبادة, حيث الوعظ والإرشاد, فالصحة الفردية والاجتماعية، هي الهدف الذي لا يعلو عليه أي اعتبار, وليس لنا عن العلم في كل المجالات بديلا. إن جحيم الجنس يبدأ منذ البلوغ, وعلى المجتمع أن يجد الحل الشرعي والعلمي والصحي السليم له, ولا يجهل أو يتجاهل حالة أبنائه المكتوين بنار الجحيم الجنسي. وليتدبر أمره بكل الوسائل الممكنة, تقولون هل يمكن مثلا تزويج الأطفال منذ البلوغ؟ وكيف؟ نعم إن هؤلاء الأطفال يبلغون سن الخمسين, ولا زال آباؤهم يسمونهم أطفالا, ويظلون مراهقين مدى الحياة, ذلك لأن معاناتهم الطاحنة، تترك جرحا غائرا في أنفسهم المعذبة حتى بعد الزواج والإنجاب والكهولة والشيخوخة, لأن المرض أصبح لديهم بفعل قسوة الحرمان مزمنا, وهل هذه التسمية السحرية للكهول والشيوخ بالأطفال تحل المشكل؟ لا, أبدا. هنا أعرض حلا تقليديا قائما لدى مجتمع مصغر في الجزائر, هو المجتمع الإباضي, نسبة إلى المذهب الإباضي, والذين نسميهم " المزابيون", نسبة إلى منطقة إقامتهم "وادي مزاب" في شمال الصحراء الكبرى, في الجنوب الجزائري. هذا المجتمع الفرعي, يقوم على التجارة, وهو مجتمع تقليدي صارم التنظيم, يزوجون أبناءهم باكرا, لكن عندما يكون المراهق أو الشاب من أسرة متواضعة, ذات دخل محدود, تبقى الزوجة في بيت أهلها, إلى أن يصير الزوج المراهق أو الشاب ذا دخل كاف لفتح بيت, عندها تلحق به زوجته, والحكمة هو أن مشكلة الجنس تجد حلها, والشرف على المستويين الفردي والاجتماعي يصان. ورغم هذه التدابير الحكيمة والصارمة في المجتمع المزابي, فإنه لا يخلو من الانحرافات والتشنجات التي تعصف بالفرد في المجتمع التقليدي المتخلف, نتيجة المعاناة الجنسية. على أي حال هذا المجتمع الشديد التدين أيضا هو أحسن من غيره داخل المجتمع الجزائري, غير أن حل المشكلة ليس كاف بالطرق التقليدية وحدها, وفي غياب الحلول العلمية الشرعية والطبيعية. إن الكلام في هذا الموضوع لا نهاية له, ومهمتنا هي طرح المشكلة, والباقي على الجهات المختصة والمسئولة, وسنقوم بالكثير إذا نحن أفلحنا بنشر الوعي الصحيح بوجود هذه المشكلة العويصة. هناك أيضا المقارنات بين المجتمعات, خاصة مع المجتمعات المتطورة الحديثة في أمريكا وأوروبا, حيث إن أفكارنا عن الوضع عندهم في هذا المجال وهمية, وغير صحيحة إطلاقا, فليس من المعقول أن يكون المجتمع المنحل أخلاقيا – كما نتوهم – قويا, ورائدا, ويسيطر على كل شيء في العصر, هذا وهم, لكن هذه مسألة أخرى, فليس بالإمكان طرح كل الجوانب في مقال واحد, ربما سنحت الظروف للعودة إليه مرة أخرى, والمهم هو أن مشكلة الجنس عندهم محلولة بشكل كاف, بحيث لا تعرقل الحراك الاجتماعي, ولا التقدم الفردي والرقي عامة, وإلا لما استطاعوا أن يذهبوا بعيدا, تماما مثل الديمقراطية السياسية, التي أكسبتهم طاقة جبارة في النمو والتحضر والازدهار والقوة والمناعة. فلا يمكن وليس من المنطق أو المعقول أن يزدهر مجتمع يتضور شبابه جوعا ويتلوى من نار الحرمان الجنسي, ويسبح في ظلمات الجهل, وتعصف به البطالة, ويكبل حركته الاستبداد والتعسف والظلم. فالطابوهات السياسية والجنسية هي المضاد القاتل لكل مسعى نحو الازدهار والكرامة والحداثة, ومن غير كسرهما لفائدة الفرد والمجتمع والأجيال الصاعدة, لا يمكن الحلم بأي شيء ذي بال. لا بد من التحرك, وعلى النخبة المثقفة أن تكون في الطليعة، فهذا هو دورها التاريخي, دون غيرها, وإذا لزم الأمر تضحيات فلتفعل دون تردد, وإلا فلنتسمر فيما نحن فيه من ظلام دامس, ومن ليل بهيم إلى ما لا نهاية, وعلى أمتنا السلام. فليس أمامنا غير مواجهة الواقع بكل صراحة ووضوح, وعلى النخبة المثقفة أن تطرح المشاكل القائمة, وتجتهد في تصور الحل العلمي لها, ومنه الحلول العلمية الشرعية, التي يجب أن يتجند لها دعاتنا وعلماء الدين لدينا, بالتنسيق الكامل مع العلماء ذوي الاختصاص في المجالات ذات الصلة بالمشاكل المطروحة, عندها يرتفع الوعي وتتضح الرؤية, وتضطر السلطات للتعامل الصحيح مع الموضوعات ولو بنسب مختلفة من بلد إلى آخر, لكن خطوات التطور, تكون قد بدأت ويستحيل إيقافها, أقول أين أطباؤنا وعلماؤنا البيولوجيون والسيكولوجيون, لماذا لا يتدخلون في نقاشاتنا, ولماذا لا ينشرون الثقافة والتربية الجنسية الصحيحة في هذه الوسائط الإعلامية العملاقة؟ لماذا يتركون أبناءنا يتهافتون -من فرط الإهمال- على المواقع الإباحية الرخيصة؟ ولماذا لا تسعى السلطات بدل البحث عن كيفيات غلق هذه المواقع المدمرة لنشر الثقافة الجنسية العلمية والشرعية الصحيحة؟ ولماذا لا يتصدى دعاتنا لهذا الموضوع الخطير بطرق مستحدثة جذابة تغني أبناءنا عن الوقوع في براثن المواقع الإباحية؟ أليس من مهمتهم تحصين شبابنا من الانحراف والضياع وسوء العاقبة؟ إن سلسلة الأسئلة طويلة, قد نتناول منها ما هو في المقدور, وعلى الله قصد السبيل. http://elmouallim.arabblogs.com/archive/2009/7/913327.html | |
|