مصر الشقيقة تعيش بالفعل لحظة ميلاد الدولة الحديثة .. يكتبها: سعد بوعقبة

مصر الشقيقة تعيش بالفعل لحظة ميلاد الدولة الحديثة.

الرئيس مرسي بالفعل أصغر من أن يقود مصر الكبيرة، وقد اتضح ذلك من خلال أخطائه المتكررة خلال فترة الأشهر الخمسة. فهو الذي أقال النائب العام ثم تراجع.. وهو الذي أصدر الإعلان الدستوري ثم ألغاه، لكن أكبر خطأ لمرسي هو أنه جعل الإخوان يدافعون عنه بالقوة في الشوارع ضد المتظاهرين ضده.!

لكن الإيجابيات التي سجلتها مصر الشقيقة وهي تعيش لحظات الميلاد التاريخي للدولة الحديثة، هي أن تقوم المعارضة بعمل سياسي يجبر الرئيس على التراجع عن قراراته.. وهي ظاهرة جديدة في السياسة العربية، حيث الرئيس مثل الإله، لا يمكن أن تناقش قراراته، لكن تراجع مرسي عن قراراته زادته قوة وليس ضعفا.. لأن الرئيس الذي يكون مرهف السمع إلى نبض شعبه هو رئيس قوي وليس ضعيفا، والمعارضة هي أيضا كشفت عن وعي كبير من خلال الدعوة إلى عدم مقاطعة الإنتخابات على الدستور.. ودعت إلى التصويت بـ ''لا''. وكيفما تكون نتائج هذا الإستفتاء، فإن مصر بدأت تكرس حالة الإحتكام إلى الشعب كمصدر للسلطة وحكم في حل النزاعات بين الخصوم السياسيين، وهذه مقدمة مهمة في بناء دولة القانون والحق. دولة السيادة ملك للشعب ويمارسها عن طريق الإنتخاب.

صحيح أن المعارضة ستبقى تقول: إن الدستور الذي طرحه مرسي إلى الشعب هو دستور ''سلوق''! وصحيح أن مرسي سيقول لخصومه قد فصل بيننا الشعب فيما نحن فيه مختلفون.. لكن مصر بدأت طريقها الصحيح في حل النزاعات حول السلطة بواسطة الإحتكام إلى الشعب، حتى ولو أن هذا الإحتكام في بداياته هذه هو بمثابة ''السلق'' للأمور كما تقول المعارضة.

وحتى في ظل انتصار مرسي بالتصويت على الدستور وإقراره من طرف الشعب، فإن مصر تكون قد ودّعت وإلى غير رجعة حالة الرئيس المقدس في قراراته.. وأرست حالة الحكم المراقب كما يجب من طرف المعارضة.

وقد تكون المعارضة ضعيفة أمام آليات الحكم في المرحلة الأولى. لكن أيضا، فإن الحكم لن يكون أبدا كما كان من قبل مطلق الحرية في العبث بالشعب وبالمؤسسات وبمقدرات البلد.

قوة النظام ليست في قوة وشعبية الحاكم، بل قوة النظام هي أيضا في قوة المعارضة كسلطة بديلة.. وهذا هو المهم في الإصلاح السياسي الذي تعيشه مصر الشقيقة.