يوم طويل وكر وفر في أشغال اللجنة المركزية بين أنصار بلخادم والتقويميين
جبهة التحرير تبحث عن أمين عام
السبت 02 فيفري 2013 الجزائر: عثمان لحياني
عبادة: ليس من حق بوتفليقة التدخل في شؤون الحزب
ثلاثة أعضاء من اللجنة المركزية يعلنون ترشحهم لمنصب الأمين العام
عادت أزمة حزب جبهة التحرير الوطني إلى نقطة الصفر، وتجدد الاشتباك السياسي بين طرفي الصراع، أمس، في فندق الرياض بالجزائر العاصمة، بعدما أقدم التقويميون، الذين كسبوا معركة الصندوق، على رفع الأشغال وتأجيل استكمال الدورة إلى أجل غير مسمى، فيما أقدم بلخادم على استئناف الأشغال صباح اليوم وسط غموض في المآلات السياسية والتنظيمية للحزب.
لم تنته أزمة حزب جبهة التحرير بسحب الثقة من بلخادم، لكنها دخلت فصلا آخر أكثر تشنجا، حيث أقر التقويميون بتشكيل مكتب توافقي لدورة اللجنة المركزية يضم خمسة من التقويميين، وهم أحمد بومهدي وعلي مرابط وصليحة لرجان وبناي أحمد وحود مدني، وثلاثة من الموالين لبلخادم هم حنوفة أحمد وقمامة محمود وجمال ولد عباس، وتمت تزكية المكتب من الحاضرين في القاعة، على أن يدير هذا المكتب الشؤون اليومية للحزب ويكلف بالتحضير لاستئناف أعمال أشغال اللجنة المركزية في فترة 15 يوما لانتخاب أمين عام جديد. وبرر كبير التقويميين، عبد الكريم عبادة، بأن ''هذه الفترة ضرورية لتهدئة النفوس والخواطر واستشارة كل الأطراف قبل انتخاب أمين عام جديد''، مشددا على أن ''بلخادم سيمنع من الترشح لهذا المنصب، بحكم سحب الثقة منه''. كما تقرر خلال هذه الجلسة رفع أشغال الدورة وإبقائها مفتوحة إلى أجل غير مسمى، ورفض الاعتراف بأي إجراء يلي ذلك ويقوم به بلخادم، وتم تحرير محضر أرسل إلى وزارة الداخلية.
غير أن هذا المكتب سرعان ما تفكك، عندما رفض الممثلون الثلاثة لجناح بلخادم الاجتماع مع نظرائهم، ليبدأ الكر والفر ومفاوضات بين الطرفين انتهت إلى الانسداد، خاصة بعدما أبدى الوزراء عمار تو والطيب لوح ومحمود خوذري ورشيد حراوبية موقفا متصلبا بعدم منح بلخادم أي حق للتصرف في الحزب بعد سحب الثقة منه. كما حصل تلاسن بين بلخادم وزياري، ووجه هذا الأخير كلاما قاسيا لبلخادم، وبدا أن الوزراء، خاصة أعضاء المكتب السياسي منهم، يحاولون البحث عن موقع لهم مع التقويميين.
لكن الأمين العام السابق، بلخادم، الذي لم يستوعب نتيجة التصويت لسحب الثقة، رفض الاستلام لخصومه، وتراجع عن التسليم بالهزيمة في الانتخابات، وحاول استعادة زمام المبادرة، بعدما أقنعه الموالون له بعدم التسليم بالأمر الواقع، وبإمكانية فوزه بالمنصب مجددا في حال ترشح بالاعتماد على كتلة ناخبة متماسكة تضم 156 صوت لصالحه، أخذا بعين الاعتبار ترشح عدد من الشخصيات من التقويميين، ما يعني تشتت كتلتهم الناخبة البالغ مجموعها 160 صوت على هؤلاء المرشحين.
بلخادم يستعيد زمام المبادرة
هذا الأمر شجع بلخادم على الدخول في اتصالات، يبدو أنها مع شخصيات من مستويات عليا، يرجح أن تكون من محيط الرئيس بوتفليقة. وظل يتصرف كمسؤول أول في الحزب، وأعلن أن ''سحب الثقة لا ينقص من شخصي، لكنني لن أترك الحزب في حالة شغور''، قبل أن يقرر استئناف الأشغال مساء أمس لفترة وجيزة تحت إشراف المحضرة القضائية، واقترح مخرجا من الانسداد، قائلا: ''وحتى لا نترك الحزب في أزمة، أقترح تشكيل لجنة ترشيحات مكونة من 12 عضوا، ستة منهم وستة منا، يستقبلون الترشيحات من أجل انتخاب أمين عام''، مشيرا إلى أنه في حال ''تعذر الأمر، فسيكون اتفاق على إبقاء الدورة مفتوحة ويحدد لها تاريخ يراه الإخوة مناسبا لانتخاب أمين عام جديد''، غير أن بلخادم اشترط أن يبقى الحزب في عهدة ''المكتب السياسي الذي لم تسحب منه الثقة''.
وبالاستناد إلى المادة التاسعة من النظام الداخلي للجنة المركزية، التي تنص على أنه في حالة شغور منصب الأمين العام، يدير دورة اللجنة المركزية الأعضاء الأكبر والأصغر سنا في المكتب السياسي، وهما عبد القادر زحالي وعبد الرحمن بلعياط، قرر بلخادم مجددا استئناف الأشغال مساء. وتم خلال هذه الجلسة تزكية أعضاء لجنة ترشيحات ضمت ستة أعضاء من الموالين لبلخادم هم قمامة محمود رئيسا والطيب هواري والصادق بوقطاية وولد الحسين ولخضاري سعيد ومحمد لبيض. وزكى سعيد بركات ورشيد عساس وسعيد بوحجة، وكانوا محسوبين على التقويميين، مقترح بلخادم لتشكيل لجنة ترشيحات وشاركوا في الاجتماع.
وقد شرعت اللجنة مباشرة في استقبال المرشحين لمنصب الأمين العام، حيث أعلن ثلاثة من أعضاء اللجنة المركزية ترشحهم، وهم النائب نور الدين السد والسيناتور جعفر نور الدين وباية خلاف نسيمة. ولم يتقدم الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم لترشيح نفسه، لكنه لم ينف رغبته في ذلك، حيث قال للصحفيين: ''لم أقرر ذلك بعد، لدي مشاورات أجريها مع أطراف عدة قبل أن أقرر''، لكنه لمح إلى إمكانية ذلك، قائلا: ''في السياسة من ينزل عليه أن يحاول صعود السلم مجددا''. وتسربت لـ''الخبر'' معلومات تتصل بتحضير مجموعة من أعضاء اللجنة المركزية لائحة تدعو بلخادم لترشيح نفسه اليوم، بالاستفادة من حالة التشتت في المواقف التي تسود التقويميين بسبب طموحات بوحارة وزياري وسعيداني للفوز بالمنصب.
وخلال اليوم الطويل، سعى عبد القادر حجار للوساطة بين الطرفين للتوصل إلى مخرج من المأزق، لكنه فشل في ذلك بسبب تصلب المواقف، ما دفعه إلى دعوة ''الرئيس بوتفليقة، بصفته رئيسا شرفيا للحزب، للتدخل لإنقاذ الحزب من هذه الوضعية الكارثية''، غير أن عبد الكريم عبادة رد على ذلك بقوله إن ''الرئيس بوتفليقة يستشار ويعلم، لكن ليس له الحق في التدخل في شؤون جبهة التحرير''.
وفيما كانت تدور المعركة على منصب الأمين العام، كانت معركة أخرى تدور للسيطرة على المقر المركزي للحزب، حيث أشعرت قيادة الحزب وزارة الداخلية بضرورة تأمين المقر، بعد ورود معلومات عن رغبة البعض اقتحامه.
http://www.elkhabar.com/ar/politique/321119.html