jalili عضو ذهبي
عدد المساهمات : 631 تاريخ التسجيل : 14/07/2010
| موضوع: كلمة في ذكرى مارتن لوثر كنچ (١٩٢٩-١٩٦٨) .. بروفيسور حسيب شحادة الأربعاء أبريل 03, 2013 3:45 pm | |
| كلمة في ذكرى مارتن لوثر كنچ
(١٩٢٩-١٩٦٨)
بروفيسور حسيب شحادة تصادف هذه الأيامَ، وعلى وجه التحديد، في الرابع من نيسان الجاري الذكرى الثانية والأربعون لاغتيال الزعيم بلا منازع لحركة الحقوق المدنية في أمريكا، القِسّ الدكتور مارتن (ميخائيل) لوثر كنچ (Martin Luther King, Jr.). كرّس هذا الزعيمُ الفذّ حياتَه القصيرة وضحّى بها من أجل انتزاع الحقوق المدنية للسود المقهورين في بلاد العم سام الديموقراطية. وُلد ميخائيل الذي عُرف فيما بعد بمارتن واختصاراً ب MLK في ١٥ كانون الثاني ١٩٢٩ في أطلنطا. كان أبوه وجدّه (والد أمه) قِسيسََيْن مَعمَدانيّيْن في كنيسة ابن عيزِر(Ebenezer) في أطلنطا، فالجدّ هذا A. D. Williams وصل إلى أطلنطا عام ٣٩٨١ وأقام هناك طائفةً معمدانية كبيرة. من أهمِّ ما تعلّمه مارتن وشقيقُه وشقيقتُه من والدهم هو: معاملة كافّة الناس بالتقدير والاحترام. كان مارتن طالباً لامعاً، فقد حصل على شهادة الباكالوريا (B. A.= Bachelor of Arts) في علم الاجتماع سنة ١٩٤٨ من جامعة أطلنطا وهو ابن ١٩ عاماً ثم على شهادة الدكتوراة Ph) (D. = philosophiae doctor في علم اللاهوت من جامعة بوسطن سنة ١٩٥٥. أحسّ مارتن لوثر كنچ منذ نعومةِ أظفاره بالتمييز العنصري بين البيض والسود (الملوّنين) في أمريكا. رأى مثلاً بأنه لا يحقّ له أن يشربَ من نفس الحنفيات التي يشرب منها زملاؤه البيض وقِس على ذلك بالنسبة لاستعمال المراحيض. كما وفرّقت السياسةُ هناك بينه وبين صديقِه الجار الأبيض الذي كان يلعب ويمرح معه إبّان دخول المدرسة.
يبدو أن بداية نشاط مارتن لوثر كنچ كداعية لحقوق الانسان الاجتماعية وكرئيس مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية (SCLC = Southern Christian Leadership Conference) تعود لحادثة اعتقال السيدة الافريقية - الامريكية روزا پاركس (Rosa Parks) البالغة من العمر ٧٢ عاما بسبب ارتكاب "جريمة" لا تُغتفر. إنها لم تقم في الأول من كانون الأول سنة ١٩٥٥ لتُخلي مقعدَها في الباص لرجل أبيض. قام الأفارقة - الأمريكيون بمقاطعة السفر في الباصات في مونتچومري لمدة ٣٨١ يوماً. لقد أثمر ذاك الاحتجاج إذ أعلنت ولاية ألاباما عن عدم شرعية التفرقة في أماكن الجلوس بين البيض والسود في الحافلات. في هذه العُجالة لا يتسنّى لنا التطرقُ إلى جميع جوانب النشاط الاجتماعي الذي مارسه مارتن لوثر كنچ في الخمسينات وأوائل الستينات. إلا أنه لا بدَّ من ذكر بيت القصيد في هدا الصدد وهو ممارسة أسلوب العصيان المدني (civil disobedience) واللا عنف (non-violence) في المظاهرات والاحتجاجات. أمامَنا نمطٌ من أنماط الممارسات السياسية المتمخّضة عن خرق متعمّد للقوانين بُغيةَ استقطاب الرأي العام إزاءَ الظلم والاضطهاد. ومن المرجّح أن أصلَ هذه الفكرة يرجع إلى الكاتب والفيلسوف الامريكي David Thoreau (١٨١٧-١٨٦٢) الذي كتب مقالاًَ بعنوان "العصيان المدني" Civil) (Disobedience سنة ١٨٤٨. وكما يعرف الكثيرون فقد مارس هذا النوعَ من النضال المثمر الزعيمُ الهندي مهاتما غاندي (١٨٦٩-١٩٤٨) (Mohandas Karamchand “Mahatma” Gandhi) الذي اغتيل هو الآخر. زار مارتن لوثر كنچ الهندَ عامَ ١٩٥٩ تلبيةً لدعوة رئيس وزراء الهند آنذاك السيد جواهِر لال نهرو وتباحث مع أتباع غاندي حول فلسفته النضالية. وقد اقتنع كنچ بان انتهاج أسلوب المقاومة السلبية أي اللاعنف في المعركة من أجل انتزاع الحقوق المدنية هو الأمثل. هذا ما يسمّى في الهند ب"سَطْيَچْراها" (Satyagraha) التي تعني حرفياً بالسنسكريتية "المسك أو التمسك بالحقيقة" - وهي فلسفة غاندي المتمثلةُ في المقاومة السلبية وعدم التعاون مع البريطانيين المستعمِرين قاد مارتن لوثر كنچ الكثيرَ الكثيرَ من المسيرات الاحتجاجية لا سيما في جنوب أمريكا وذاق هو والمشتركون معه طعمَ القسوة والحقد والكراهية التي تجسّدت باستعمال الشرطة خراطيمَ المياه والغازَالمسيّل للدموع والكلاب. كما وفُجِّر منزلُ كنچ وزُجّ صاحبُه في غياهب السجون مراتٍ عديدة. يجدرُ بنا التنويه بمسيرة واشنطن بالقرب من النُّصب التذكاري لابراهام لنكولن (١٨٠٩-١٨٦٥) في صيف ١٩٦٣ حيث اشترك فيها ما يقارب الرُّبع مليون شخص. ألقى كنچ خلالَ تلك المسيرة خطابَه الشهير "لديَّ حُلمٌ" (I Have a Dream) وإثرَ ذلك بسنتين أي في ٦ آب ١٩٦٥ حصل السودُ على حقهم في الاقتراع في أمريكا. ذلك الرئيس الامريكي قد قال مرةً "هذه الامةُ لا تستطيع البقاءَ على قيد الحياة طالما أن نصفَها عبدٌْ والنصف الآخر حرّ". حصل بطل الاخوّة والسلام، مارتن لوثر كنچ، على جائزة نوبل للسلام في العاشر من كانون الأول عام ١٩٦٤ تقديراً لنضاله وجهوده من أجل المساواة بين البيض والسود في الولايات المتحدة الأمريكية وهو أصغرُ الحائزين على هذه الجائزة سِنّا. تمّ اغتيال كنچ في الرابع من نيسان سنة ١٩٦٨ في فندقه لورين في مِمفيس في ولاية تِنسي. رَجلٌ أبيضُ من الجنوب باسم James Earl Ray اتُّهم باقتراف الجريمة وحُكم عليه بالسجن لمدة ٩٩ سنةً. دُفن جثمان مارتن لوثر كنچ في أطلنطا في التاسع من نيسان سنة ١٩٦٨. في الآونة الأخيرة تعالتِ الاصواتُ من طرف أرملة كنچ وأولاده الأربعة مطالبةً بإعادة التحقيق في عملية الاغتيال. لا بدّ من الإشارة إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالي كان يلاحق كنچ ويراقبه مراقبة تامة ودائمة في كل حركاته وسكناته. بعد حقبة معينة من الزمن سيكشف عن ملفات التحقيق السميكة وعندها ربما سيعرف العالم من قتل مارتن لوثر كنچ. حُوِّل الفندقٌ المذكور إلى "متحف الحقوق المدنية" وهو فريد من نوعه في العالم. لقِي مارتن لوثر كنچ حتفَه وهو في ريعان شبابه - ابن ٣٩ عاماً واليكم بعض المقتطفات مما ورد في مؤلفاته وخطاباته التي ستبقى حيّةً ونِبراساً يُهتدى بها في أصقاع المعمورة قاطبةً حيث التمييزُ والاضطهاد بأشكالهما المتعددة ما زالا حيين يُرزقان وينخران في عِظام البشرية في دول لا عدَّ لها ولا حصر.
١. المقهور على حق أقوى من المنتصر على باطل. ٢. إنه من الخطأ انتهاج وسائلَ غير أخلاقية لتحقيق أهداف أخلاقية. ٣. لو جلستُ لأردَّ على الكم الهائل من الانتقادات لما تبقّى لي وقتٌ للعمل البنّاء. ٤. أعلمُ من تجربتي المؤلمة بأن الحريةَ لا تُمنح أبدا بل تُنتزع انتزاعا من الظالم. ٥. أمم آسيوية وإفريقية تخطو خطواتٍ عملاقةً نحوَ تحقيق الاستقلال ونحن نحبو للحصول على فنجان من القهوة على مائدة الغَداء. ٦. هناك مسؤولية أخلاقية وليس قانونيةً فحسب ملقاة على كاهل المواطن لاحترام القوانين العادلة. ٧ القانون العادل هو ذلك الذي يرفع من قيمة شخصية الانسان. ٨. الحرية الاكاديمية لحدٍّ ما هي واقعٌ اليومَ لأن سقراط ٨٦٤-٩٩٣ ق.م.مارس العصيان المدني ٩. أنا أشياءُ كثيرةٌ لأناس كثيرين. ١٠. الصراع اليومَ بين اللاعنف واللاوجود. ١١. الحضارة والعنف مفهومان متضادان. ١٢. اللاعنف ليس السلبيةَ المحضة بل قوة أخلاقية جامحة. ١٣.إني أومن بجسارة بأن الشعوبَ في كل مكان يحقّ أن يكون لها ثلاث وجبات يوميا للجسم، تربية وثقافة للعقل، شرف ومساواة وحرية للروح. ١٤. سنكون قادرين بهذا الايمان أن ننحتَ حجرا من الأمل من جبل اليأس. ١٥. العشب الضار ينمو بسرعة، لذلك كان نمو النبات أسرع من نمو الصبيان. ١٦. لقد جاء الوقت الذي يصبح فيه الصمت خيانة وذلك هو الوقت الذي نعيشه الآن
| |
|