“الديناصور الأخير” وسلامة العربية
أ. د. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي
وقع تحت يدي مؤخراً كتاب “الديناصور الأخير”، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط. ١، ٢٠١٠، لسحر عبد العزيز يحيى السُّديْري السعودية وهو أوّل كتاب أقرأه لها. آمل أن يُدرج اسمها في الطبعة الثانية لمصادر الأدب النسائي في العالم العربي الحديث لجوزيف زيدان التي ستصدر قريبا.
الطبعة الأولى التي ضمت كاتبات الفترة الواقعة ما بين ١٨٠٠-١٩٩٦ صدرت عام ١٩٩٩. تقع رواية السديري هذه وهي الأولى في ١٤٤ صفحة متوسطة القطع والكتابة فيها “دلّيلة” والغلاف أعدته الفنانة الفلسطينية أنسام رزق. سحر السديري خريجة جامعة الملك سعود وكانت رسالتها للماجستير، الدرجة الجامعية الثانية، في قسم التغذية ، بعنوان “تأثير الشاي الأخضر (طازج - مجفف) والشاي الأسود على أكسدة دهون الدم، عام 2012. في الرواية محاولة طموحة لرسم مصير الجنس البشري فيما إذا استمر في نهجه الحالي حيث الشرورُ على أنواعها سيدة الموقف. بعبارة واحدة أمامنا دنصرة الإنسان وأنسنة الديناصور.
اعتمدت الكاتبة على الحوار في استنطاق الحيوانات والسرد في الرواية ضئيل ويبدو وكأن التقنية مسرحية. تدور أحداث الرواية في جزيرة زمردية في المحيط الأزرق وهي مقسمة إلى أربعة عشر فصلا مثل جزيرة الشمس، السدّ، محاولة فاشلة، شاطىء الموت، رقصة المطر، رقصة الموت، مملكة الإناث.
الديناصور، ذلك الحيوان الضخم والمخيف يمثل القوة والجبروت أي الهيمنة الذكورية. يبدو لي أن الأسماء الواردة في الرواية ليست مألوفة مثل: دوكا، سلبورن، طوبيان، سيريا، كرجون، سيدلانه، ماماس، دلدرونيان، جاكسيم، جاروكا، داربيال، جيلفا، ريزون، بالسي، جيردران، حسبر. لست هنا بصدد عرض شامل وتحليل هذه الرواية من حيث المضمون وعناصر الرواية بل أردت الإشارة فقط إلى الكم الهائل من الأخطاء اللغوية التي تخدش عيني القارىء. جهل كهذا في أسس قواعد اللغة العربية المعيارية لدى روائية وحتى في بداية مشوارها الأدبي أمر غير مقبول ولا بد من تفاديه. في عالم الأدب تلعب اللغة أكثر من دور طرح فكرة جيدة بشمولية وعمق، أي أن اللغة هنا ليست وسيلة فحسب بل وغاية في حدّ ذاتها.
من الأهمية بمكان أن تتجلى الفكرة الأصيلة بحلة قشيبة. في الأدب من المهم أن تعرف ما تقول أولا وكيف تقول ثانيا.
هذه عينة عشوائية من الأخطاء اللغوية، نحوية وصرفية: …
هو ليس صادق يقول ذلك للجميع. ص. ١٣
عندما وصلت الإثنتان إلى المكان، رأين ثلاثة ديناصورات، وعندما اقتربن أكثر، رأين…، ص. ١٨
- بالنسبة لذو الذيل القصير، ص. ٢٠
فمع أن معظم مياه الوادي تصب في البحر وجزءاً قليلا منها فقط يتجه، ص. ٢٢
الجميلة سيريا وأصدقائها هم المكلفون، ص. ٢٢
عيناك جميلتان، أجمل من عيناي، أجمل من عينين، ص. ٢٥
إن عينا سيدلانه أجمل من عيناي، ص. ٢٥
لم أرك منذ يومان. ص. ٣٨
-سيضيء قلبك وتضيء عينيك. ص. ٤٩
إستمر دوكا والباقين في مراسمهم … فمراسم الإحتفال تقضي بأن يقضون وقتاً في البحيرة ، ص. ٦٢
يبدوا أن البحر ابتلعهم جميعاً. ص. ٦٦ …
فلتذكر شيئاً ذو قيمة. ص. ٧٢
-يل قلي أنا أتجول كثيرا. ص. ٧٣ ...
يمكنك أن تفعلي اثنان منها فقط: ص. ٧٤
- سيموت هناك في يومان، ص. ٧٥
- عندما أفتح عيناي في مكان…، ص. ٨١ …
كان قد صحى للتو و لم (!sic) يتناول افطاره بعد. ص. ٨٣ …
وربما عينيك لن تستطع المقاومة. ص. ٨٧ …،
لم أرى الشاطيء الشرقي منذ مده. ص. ٩١، ١٢٩، ١٣٠ ...
ان لم أصدر قراراً جديد. ص. ٩٢
حتى سويرا و التي اعتزلت الجميع منذ أمد لم تسلم من الإثنان، ص. ٩٤، ١٢٥
لا تقتربن للشاطيء الغربي. ص. ١٠٩
-لو لم نكن نباتيون، ربما. ص. ١١٤
-فهمت سيدتي أن الإثنان ينويان على شر ما لم اعرفه. ص. ١١٩
لا أريد مشاكلاً مع سلبورن، ص. ١٢٣
ذهبت تحضر لك بعض الطعام، ستأتي حالاً. ص. ١٣١
-الحياة أجمل بدونهم (عن الدناصير) يا صغيرتي، ص. ١٣٥
لكن السماء مملوؤة بالغيم، ص. ١٣٨
لا اعتقد أن الأبله ذو الذيل القصير، ص. ١٤٢
إذا كان بنظرك ابلهاً دعيه وشأنه..، ص. ١٤٢
ظاهرة وجود الأخطاء في الأعمال الأدبية العربية الحديثة معروفة ناهيك عن الكتابات الصحفية ولا سيما الإلكترونية منها فهناك حدّث ولا حرج. يبدو أن الكتاب والقائمين على دور النشر لا يؤمنون بأهمية المدقق اللغوي. في الكتابات الأجنبية تكاد تكون هذه الظاهرة المقيتة شبه معدومة إن لم تكن معدومة بالكامل لدى الأمم الراقية.
“إذا ما الجهلُ خيّم في بلاد رأيت أسودَها مُسخت قرودا” (معروف الرصافي).