نهاية مُفجِعة للثورة المصرية
الكاتب حسين لقر ع
بعد مُرور عامين ونصف عام فقط على ثورة 25 يناير 2011، وضع الجيشُ المصري نقطة النهاية لها بالانقلاب على الشرعية الشعبية وتعليق العمل بالدستور الذي صوّت لصالحه ثلثا الشعب واعتقال الرئيس المنتخَب واغتصاب الحكم وتعيين رئيس يقبل أن يكون مجرد واجهة لجنرالات الجيش الذين سيحكمون البلد من وراء الستار، بغطاء ديني مهترئ ومدني علماني يمثله البرادعي وموسى والصباحي وغيرهم من "الديمقراطيين" المزعومين الذين أيّدوا الانقلاب على الشرعية، وبتواطؤ مخجل لدول العالم التي طالما رددت أكذوبة "قداسة إرادة الشعوب".
والغريب أن هؤلاء الأزلام لا يكفون عن تضليل العالم والترويج لفكرة أن ما حدث في مصر ليس انقلاباً على الإرادة الشعبية، بل هو فقط "تصحيحٌ لمسار ثورة 25 يناير" وإنقاذٌ لمصر مما أسموه "استبداد الإخوان؟".
مُرسي المتهم بالاستبداد، لم يوقف أيَّ قناةٍ فضائية أو صحيفة، على كثرة الفضائيات والصحف التي كانت تهاجمه وهو في الحكم بشراسة منقطعة النظير وتتكالب عليه بحملات تضليلية مسعورة مليئة بالتهجم والذاتية المقيتة وقلب الحقائق، ولم يعتقل أي رئيس حزب ولم يقمع أي مظاهرة شعبية خرجت ضده وتعامل حتى مع الفلول بتسامح.. ولكم أن تقارنوا ذلك بما يقع حالياً للإخوان وقادتهم وفضائياتهم ومتظاهريهم لتعرفوا من هو الديمقراطي ومن هو المستبد الحقيقي.
أيُّ مصيبة أصابت قيادة هذا الجيش ودفعتها إلى الانحياز المفضوح للأقلية العلمانية المدحورة في الانتخابات التشريعية والرئاسية الماضية، بدل أن تنحاز إلى الشرعية وتدافع عنها؟ كيف تسمح هذه القيادة لنفسها بالانقلاب على الرئيس المنتخَب واغتصاب الحكم وتعيين شذاذ الآفاق من العلمانيين وفلول النظام السابق في الحكومة الجديدة غير الشرعية؟ أليس هذا فشلاً ذريعاً لثورة 25 يناير وعودة إلى الوراء؟
لقد سمعنا من يقول إنه فشلُ الإخوان ونهايتُهم وليس نهاية الثورة، وهذا الكلام ينطوي على مغالطات وتضليل؛ فالثورة قامت لإنهاء حكم مبارك الاستبدادي الفاسد الذي كبت أنفاس المصريين وقزَّم دور مصر الإقليمي الرِّيادي والحضاري وأخرجها من خندق الأمة وجعلها مجرد بيدق تابع لأمريكا والكيان الصهيوني، وسمح لأولاده وبطانته الفاسدة بنهب خيراتها وإفقار الشعب على نطاق واسع، ولكن فلوله تعود إلى الحكم الآن باستعمال المتظاهرين كغطاء للانقلاب السافر على الشرعية الشعبية المعبَّر عنها بوضوح في انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، والجيش الآن سيحكم من وراء الستار وسيعيد ديمقراطية الواجهة إلى مصر مجدداً وبمباركة فاضحة من العلمانيين المتهافتين على الاستوزار في حكومة الأمر الواقع.
أما الإخوان الذين يراهن الكثيرون على إنهائهم عسكرياً واجتماعياً من خلال جرِّهم إلى العنف ومواجهة الجيش في معركة غير متكافئة، فلن ينجرّوا، على الأرجح، إلى فخ الجيش والعلمانيين وحلفائهم من فلول الطغيان والفساد، ولن يخرجوا عن إطار الدفاع عن الشرعية بالمظاهرات والاعتصامات السلمية مهما كان حجمُ التنكيل بهم.
ليس هناك جماعة سياسية في العالم تعرّضت للقمع والتنكيل والمطاردات وشتى صنوف الأذى والقهر والاضطهاد مثل ما تعرّضت له جماعة الإخوان منذ تأسيسها في عام 1928 إلى الآن، ولكن كل محاولات الاحتلال الانجليزي، ثم الملَكية، ثم عبد الناصر والسادات ومبارك انهاء هذه الجماعة انتهت إلى الفشل الذريع، ورحل كل هؤلاء الجبابرة غير مأسوف عليهم، وبقي الإخوان إلى اليوم وتجذّروا أكثر في المجتمع، فهل ينجح السيسي وأزلامُه من العلمانيين والفلول فيما فشل فيه كل هؤلاء طيلة 85 عاما؟
والجواب القاطع أن زبد الأنظمة الاستبدادية الفاسدة يذهب هباء، أما إرادة الشعوب وما ينفع الناس فيمكث في الأرض؛ رُفعت الأقلام وجفّت الصحف.
http://www.echoroukonline.com/ara/articles/170449.html