الضفدع العربي المسلوق "ديما"
http://www.echoroukonline.com/ara/author/Habib_rachedine/
حبيب راشدين
الآن يمكن الحديث عن نهاية مسار الشرق الأوسط الأمريكي الجديد، وبداية تهيئة الأرض لميلاد شرق أوسط آخر، لم تتحدد بعد معالمه، لكنه حتما سيكون بتواجد دائم لأكثر من لاعب دولي واقليمي، من بينهم إيران، التي نجحت أخيرا في التوصل إلى تسوية مع الولايات المتحدة والغرب.
الاتفاق الذي لم يفصح الطرفان عن بنوده السرية الكثيرة، رحبت به الدول الكبرى، ومعظم دول العالم التي ليس لها نصيب في قرار الحرب والسلم العالمي، باستثناء اسرائيل التي كانت تراهن منذ شهور قليلة على حسم الملف الإيراني عسكريا، انطلاقا من عدوان أمريكي غربي على سورية أحبط في اللحظات الأخيرة، وموقف سعودي مضطرب، معزول عربيا وحتى خليجيا.
وفي نفس اليوم يعلن رسميا عن ميعاد انعقاد مؤتمر جينيف اثنين لمعالجة الملف السوري، وترحيل المواجهة بين الأقطاب الدولية إلى أجل غير مسمى، وربما الانتقال إلى مرحلة جديدة يتم التفرغ فيها لمرافقة التراجع الأمريكي من جهة، ومعالجة الأزمة الاقتصادية العالمية، المقبلة على زلزال عظيم أواسط العام المقبل.
ما يعنينا كعرب وقد صرنا مثل الضفدع المسلوق ينقل من قدر إلى آخر، هو إبعاد شبح حرب إقليمية، كانت ستدمر المنطقة ومقدرات الشعوب والدول فيها، سواء عبر إطالة عمر الحرب الدائرة في سورية، أو عبر توسيعها إلى حرب اقليمية، يدفع العرب والمسلمون وحدهم كلفها، لكن يعنينا أيضا أن نبحث عن نصيبنا من التهدئة القادمة، وفي تداعياتها على مصالح العرب وقضيتهم الأولى في فلسطين.
من المؤكد أن الطرف العربي الذي كان ساحة ووقودا لحرب كونية بالوكالة في سورية، وخسر المواجهة على الأقل من جهة الأطراف الخليجية، التي ورطت في العدوان على سوري كما ورطت من قبل في تفكيك العراق، سوف تكون الخاسر الأكبر في ترتيبات السلم، بعد ان تكتشف الثمن الذي سوف يقبضه الإيرانيون، من حرب لم تكلفهم الكثير، كما غنموا من العدوان الغربي على العراق، ووظفوه بدهاء لإعادة بسط النفوذ، كما وظفوا الحرب على سورية لتثبيت موطئ قدم لهم كلاعبين رئيسيين في ملفات الشرق الأوسط مستقبلا.
غير أن الخاسر الأول والأخير هي الشعوب العربية، التي ابتليت بقيادات فاشلة من الحكام والمعارضة، غير قادرة على إدارة ملفات الحرب والسلم، لأنها قيادات غشيمة جاهلة، لا تعرف كيف تحول الانتصارات التي تحققها قواها المقاومة إلى أوراق تفاوضية، وإلا كيف نفسر عجزها في توظيف الانهزام الأمريكي الغربي في العراق على يد المقاومة، وهزائم اسرائيل في لبنان وغزة، وأخيرا هزيمة الغرب في سورية، وانهيار مشروع الشرق الأوسط الجديد مع إحباط فعاليات الربيع العربي الموجه؟
وفي انتظار مآلات التسوية في سورية، وحصة أعاجم الإقليم من التسوية، حري بنا أن نلتفت إلى القدور التي يتم نصبها الآن في مصر، وليبيا، واليمن، وحتى في دول الخليج والمغرب العربي، لمواصلة سلق الضفدع العربي الذي لا يعلم أنه يسلق.
http://www.echoroukonline.com/ara/articles/186237.html