«فورين بوليسي»: الغرب يجب أن يستفيد من الإسلاميين أعداء تنظيم «القاعدة» للقضاء عليه
الثلاثاء 07-01-2014 02:39
كتب: امانى عبد الغنى
قالت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية إن المجتمع الغربي يجب أن يستفيد من العداء القائم بين الجماعات الإسلامية والميليشيات الجهادية في خدمة مصالحه الأمنية، وإنجاح مساعيه للقضاء على تنظيم «القاعدة» والمنتمين إليه.
وأوضحت المجلة طبيعة الاختلاف بين هذه الحركات بأنه فيما ترفع الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» شعار الجهاد بشكل عام في العالم كله وفرض الخلافة الإسلامية، فإن مقاتلي الجيش السوري الحر هدفهم الوحيد هو معارضة النظام وتحرير سوريا من نظام بشار الديكتاتوري، وفيما يستخدم العناصر الإسلامية بالجيش السوري الحر كلمة «سوريا» فإن عناصر الدولة الإسلامية في العراق وسوريا يستبدلون سوريا بـ«بلاد الشام».
وأشارت المجلة إلى أن «العداء مع (دولة الإسلام في العراق والشام) لا يقتصر فقط على عناصر الجيش السوري الحر، وإنما يشمل الكثير من الجماعات الإسلامية الأخرى، والمقاتلين السُّنة من أصحاب الفكر المعتدل الذين تتلاقى أفكارهم ومناهجهم مع إسلاميي الجيش السوري الحر ويرغبون فقط في إزاحة بشار الأسد عن الحكم، والذين يختلفون مع رغبة الدولة الإسلامية في تحويل سوريا إلى إمارة إسلامية، مضيفة إلى حالة العداء مع الدولة الإسلامية احتدمت بقيام دولة الإسلام بتهجير العناصر الإسلامية المختلفة معها قسرًا خارج سوريا».
وأكدت المجلة أن «ثمة مخاوف لدى المجلس العسكري السوري الأعلى، الذي يمثل القوة المعارضة الأكبر للنظام السوري، ويتخذ من تركيا مقرًا له، من عجزه عن ضمان استمرار تدفق التمويل إلى الجيش السوري الحر، الأمر الذي أضعف معظم فرق المعارضة السورية، وجعل الكثير من إسلاميي الجيش السوري الحر يراهنون على الجبهة الإسلامية الجديدة».
وأوضحت المجلة أن الجبهة الإسلامية الجديدة عبارة عن تحالف تم الإعلان عنه نوفمبر الماضي ويضم 7 من الجماعات الإسلامية الأقوى في سوريا من بينها جماعة «أحرار الشام، وجيش الإسلام ذات الوجود القوي في ضواحي دمشق، وجماعة التوحيد»، واستثنى جماعتين من المنتمين للقاعدة من الانضمام إليه، ويُعتقد أن المملكة العربية السعودية هي الراعي الرئيسي للجبهة الجديدة، وتهدف من خلالها إلى إضعاف الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، والقضاء على نفوذها المتطرف.
وأشارت المجلة إلى أن الكثيرين يرون في التحالف الإسلامي الجديد ترياقًا وسبيلاً للخلاص من سيطرة دولة الإسلام في العراق والشام المتزايدة في المنطقة، ذلك إن النسبة الأكبر من التحالف الجديد هم من المقاتلين السلفيين المستاءين من التطرف الفظ لدولة الإسلام، والذين رغم تزمتهم في تفسير معاني القرآن إلا أن الشعب السوري يراهم الفريق الأكثر مرونة والذي لن يجد غروًا في تعديل مواقفه أو منهاجه، لكي يحافظ على قاعدته الشعبية.
ولفتت المجلة إلى أن «الإدارة الأمريكية حاولت أن تلتقي ممثلي الجبهة الإسلامية، وكلفت مبعوثيها بالسفارة بعقد اجتماع معها لإقناعهم بالدخول في مباحثات سلام مع نظام الأسد، ومنعهم من التواصل مع عناصر القاعدة، ولكن التحالف رفض الالتقاء بمبعوثي الولايات المتحدة من دون تفسير واضح لأسباب الاجتماع وأهدافه».
ورغم أن الكثير من المطلعين على الملف السوري يرون أن المواجهة بين دولة الإسلام والجبهة الإسلامية الجديدة محققة، وستحدث لا محالة، فإنهم غير متيقنين من الدور الذي قد تلعبه جبهة النُصرة، التي يعتبرها السوريون امتدادًا لدولة الإسلام، والتي يعتقد أنها قد حلفت يمين الولاء لزعيم القاعدة أيمن الظواهري، والتي حاولت التقرب من الجبهة الإسلامية الجديدة في الشهور الأخيرة الماضية، حسبما زعمت الجبهة.
وحذرت المجلة من خطر اتصال «الجبهة الإسلامية» بـ«القاعدة» وعناصرها، بعدما أغلقت الجبهة الباب في وجه الاتصال بالولايات المتحدة، كما حذرت من مساعي الجبهة الإسلامية الجديدة المحتملة لتسوية الخلافات مع «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، موضحة أنه رغم أن الجبهة الإسلامية تحاول تجنب أي صدامات مع دولة الإسلام، فإن دولة الإسلام لا تجد غروًا في توجيه النقد اللاذع لحليفها المستقبلي «الجبهة الإسلامية».
وانطلاقًا من تلك المعطيات فسرت المجلة أن ثمة مشكلة تواجه الولايات المتحدة، صاحبة الدعوة الأكبر في القضاء على الإرهاب وتنظيم القاعدة تحديدًا، في التواصل مع الجبهة أولها أنها أعلنت مؤخرا عن «جبهة النصرة» جماعة إرهابية، هذا فضلًا عن الخلاف الحادث بين بعض فصائل التحالف الإسلامي الجديد نفسه وذراعها في سوريا المتمثل في جبهة الجيش السوري الحر، وهو الخلاف الذي يؤكده قيام فصائل التحالف الشهر الماضي بضرب مستودعات أسلحة غير مميتة قدمتها الولايات المتحدة لحركة الجيش السوري الحر، ولجوئها إلى الخطاب المتطرف في الحديث عنها.
وأضافت المجلة أن «الجبهة الإسلامية الجديدة على الجانب الآخر أكدت أن علاقاتها متأزمة بدولة الإسلام في الشام والعراق، وأن طبيعة العلاقة بينهما تختلف باختلاف المناطق والصراعات الموجودة فيها، ففي محافظة الرقعا شمال سوريا يوجد صراع بين أحرار الشام المنتمية للجبهة الإسلامية ودولة الإسلام، ولكن أحرار الشام في الوقت ذاته لا تثق بجبهة النصرة، وفق شهادة أحد الناشطين بالمحافظة».
وأشارت المجلة إلى أنه «من الصعب، بل من التعقيد بمكان، التوصل لنموذج واضح يحكم العلاقات بين الجبهة الإسلامية بمختلف جماعاتها ودولة الإسلام، وتوضيح مواضع التنافر والالتقاء، ففي القوطا بدمشق توجد عمليات مشتركة بين جبهة النصرة وجيش الإسلام، ما جعل ثمة علاقات تعاون وثيقة بين الجماعتين، وذكرت المجلة أن الشيء الوحيد الواضح هو ضعف الجيش السوري الحر نتيجة تراجع قدراته التمويلية».
واختتمت المجلة، أنه على الرغم أنه من التعقيد بمكان فك شفرة العلاقات المختلفة بين الجماعات الإسلامية، ورغم الاختلافات البينية التي تحول دون تمكن الجبهة الإسلامية من تبني موقف موحد إزاء «دولة الإسلام في العراق والشام» و«جبهة النصرة»، فإن تشكيل تحالف إسلامي يجمع الجماعات الإسلامية الأكثر قوة في سوريا تحت مظلة واحدة متمثلًا في الجبهة الإسلامية يخلق حالة نوعية من الانسجام والتجانس يمكن للغرب الاشتغال عليها من أجل محاربة عدوها الأول المتمثل في «القاعدة».
http://www.almasryalyoum.com/News/Details/371871