فقه الأسماء الحسنى
اسم الله التواب /7
الاستغفار أداة فعالة في تنقية القلب وتطهيره، أخرج ابن ماجة في سننه (4244) من حديث أبي هريرة مرفوعًا
قال: {إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، فإن زاد زادت، فذلك
الران الذي ذكره الله في كتابه: (كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [سورة المطففين : 14]
ليس شئ أنفع للمغفرة من الاستغفار للمؤمنين عامة، والتائبين خاصة، فكم له من آثار جليلة عظيمة، سنقف
عند شيء منها في الرسائل القادمة، فكونوا معنا
الاستغفار سبب في أن يعيش التائب حياة طيبة، وعيشة هانئة، فعليك بالاستغفار، تأمل قوله تعالى: (وَأَنِ
اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) [سورة هود : 3]
مولد القوة في نفس التائب، ومقوي الإرادة، هو الاستغفار يقول الله تعالى:
(وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ
يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) [سورة هود : 52]
فتح أبواب الرزق، وإزالة الهم والحزن والغم، تكمن في المداومة على الاستغفار، يقول سبحانه: (فَقُلْتُ
اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ
وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) [سورة نوح ]
من هديه صلى الله عليه وسلم كثرة الاستغفار، وهو الذي غفر له ربه ما تقدم من ذنبه وما تأخر،
أخرج مسلم في صحيحه (2702) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
{إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة}
أما عدو البلاء، وأنفع دواء، فهو ياعبدالتواب الدعاء، يدافع ويعالج، ويمنع نزول البلاء ويرفعه، أو يخففه إذا
نزل، هو سلاح المؤمن، ومن ألهم الدعاء فقد أريد به الإجابة، فإن الله سبحانه يقول: ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ َ)
[سورة غافر : 60]
ويقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ
يَرْشُدُونَ) [سورة البقرة : 186]
إن عوفيت من ذنب أُبتلي به أخوك فإياك أن تعيره به، يقول ابن القيم: {تعييرك لأخيك بذنبه أعظم إثما من ذنبه
وأشد من معصيته، لما فيه من صولة الطاعة وتزكية النفس وشكرها والمناداة عليها بالبراءة من الذنب، وأن
أخاك باء به، ولعل كسرته بذنبه وما أحدث له من الذلة والخضوع والإزدراء على نفسه والتخلص من مرض
الدعوى والكبر والعجب ووقوفه بين يدي الله ناكس الرأس خاشع الطرف منكسر القلب أنفع له وخير من صولة
طاعتك} (مدارج السالكين 1/177)
يا عبد التواب لا تحتقر العصاة أو المقصرين من عباد الله، وتأمل ما جاء في الحديث الذي أخرجه مسلم في
صحيحه (2621) عن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن رجلاً قال: والله لا يغفر الله لفلان، وإن الله
تعالى قال: {من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك}"المتميزة"
مهما بلغت طاعتك فإياك أن تغتر بها، وأكثر من الدعاء بثبات قلبك على الحق، ففي حديث أم سلمة: كان أكثر
دعائه صلى الله عليه وسلم: {يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك} قالت: قلت/ يا رسول الله ما أكثر دعائك يا
مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك؟ قال: "يا أم سلمة إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله فمن
شاء أقام، ومن شاء أزاغ"، فتلا معاذ: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا
) [سورة آل عمران : 8]
3522
المصدر: جوال المتميزة
إشراف:د.نوال العيد