الإصبع المفقودة - قصة ملهمة
ترجمة حسيب شحادة
جامعة هلسنكي
كان لأحد الأباطرة وزير في بلاطه، اعتاد على إسداء النصح والمشورة له دائما لئلا يبتئس وليكون دائما إيجابياً مهما كان الوضع، و كان يقول له إن كلّ ما يفعله الله مثالي والأفضل بالنسبة لنا.
ذات يوم، رافق الوزير الإمبراطورَ في رحلة صيد في الغابة. هناك هاجم الإمبراطورَ نمر إلا أن الوزير تمكّن من قتل النمر وإنقاذ حياة الإمبراطور، لكنه لم يستطع منع فقدان إحدى أصابعه. اغتاظ الإمبراطور بشدّة عارمة ودون أية كلمة تقدير أو عرفان التفت ناحيةَ وزيره وقال: “ أنت تقول لي دائما: الله عظيم، وهو الكمال، ولا يمكن أن يخطىء، وأن كلّ ما يفعله هو الأحسن بالنسبة لنا، فإذا كان ذلك حقّاً صحيح لما تعرضتُ للهجوم في المقام الأول، وفقدت إصبعي”. ردّ الوزير: “على الرغم ممّا حدث معك فإنّي ما زلتُ اعتقد أن الله عظيم وكامل، وأن كل ما يفعله هو لمصلحتنا ”. اشتاط الإمبراطور غضباً من هذه الإجابة وأمر جنوده باعتقال الوزير وزجّه في السجن. في طريقه إلى السجن صاح الوزيرُ بصوت عال: “الله عظيم، الله كامل” .
مرة أخرى انطلق الإمبراطور في رحلة للصيد في الغابة ولكن لوحده هذه المرة، فأسره البرابرة الذين كان من عاداتهم تقديم البشر قرابين لآلهتهم. تمدّد الإمبراطور على المذبح وتمّت كلُّ الاستعدادات لتقديمه قرباناً ولكن عندما لاحظوا أن إحدى أصابعه مفقودة ،سرّحوه لأنه أعتبر غير كامل ولا يليق تقديمه لآلهتهم .
عاد الإمبراطور إلى قصره سعيداً وأمر بإطلاق سراح وزيره، وقال: “في الواقع كنتَ صادقاً محقّاً ، كان الله جيداً حقاً معي. كدت أُقتل، ولكن لأنني فقدت إصبعاً واحدة سلمت وسُرّحت”.ما زال الإمبراطور مضطرباً وسأل الوزير ”اذا كان الله جيّداً إلى هذا الحدّ، فلماذا سمح لي بسجنك؟ كان باستطاعته إنقاذك بسهولة”. ردّ الوزير: “ يا جلالة الإمبراطور، إذا لم أكن قد زُججتُ في السجن، لرافقتك اليوم ولقُدّمتُ قرباناً بدلاً منك إذ لا إصبع ناقصة فيّ.
هكذا كل ما يقوم به الباري مخططٌ له، كاملٌ وهو الأفضلُ.