مرجعية الشيعة تؤذن للحرب المذهبية
http://static.echoroukonline.com/ara/dzstatic/thumbnails/author/aklam/Habib_Rachedine_354747292.jpg
انشغال العالم بالكرة صرف أنظار الأكثرية عن أحداث العراق الخطيرة، التي انتقلت في بحر أيام قليلة، من مواجهة مزمنة بين السلطة التي جاءت محمولة على ظهر الدبابة الأمريكية، وبقايا الجيش العراقي المحل، إلى تنور يوشك أن يوقد الحرب الشيعية السنية التي اشتغل عليها الأمريكان قبل وبعد سقوط بغداد.
فقد حرك سقوط الموصل بيد المقاومة العراقية عفريت الطائفية على لسان أعلى مرجعية شيعية بالنجف، حيث وظف السيستاني ـ وهو في أرذل العمر ـ ليعلن الجهاد الشيعي ضد "النواصب" من السنة، في أول دعوة لـ"الجهاد" تصدر عن مرجعية شيعية منذ ثورة العشرين.
غير أن أخطر ما في الأمر، أن دعوة السيستاني قد جاءت متزامنة مع تصريح للرئيس الإيراني يعلن فيه صراحة استعداد إيران للعمل اليد باليد مع "الشيطان الأمريكي" من أجل حماية حكومة المالكي الطائفية، وقد ورد على لسان الناطق باسم البيت الأبيض والخارجية الأمريكية، ما يفيد أن الولايات المتحدة على استعداد للعمل مع "محور الشر" الإيراني لقطع دابر "الأشرار" من السنة، وبدأ بتحريك قطعه البحرية.
وفي الوقت نفسه حركت الآلة الإعلامية الغربية والعربية الموالية لشيطنة المقاومة العراقية، بتصوير ما جرى في الموصل على انه من صنع "داعش" حتى تسوق الحرب القادمة على سنة العراق كحرب على الإرهاب، فيما أن الاقتتال الأهلي الذي تديره الولايات المتحدة في سورية لم ينتج الحرب المذهبية التي أرادتها الولايات المتحدة في المنطقة، فإن العراق يوفر اليوم أفضل الفرص لتوطين صراع سني شيعي مستديم.
صور رجال الدين الشيعة بالزي العسكري، وهم "يعمدون" المتطوعين من سواد شيعة العراق لقتال أبناء عمومتهم من سنة الفلوجة والرمادي والموصل، تكون قد قضت على عقود من جهود العقلاء من النخب الدينية والفكرية السنية والشيعية، في اتجاه تطويق الاحتقان المذهبي الذي زرعه الاحتلال الأمريكي في العراق والمنطقة، ولن يكون بوسع أي رجل دين سني عاقل أن يقنع العامة من السنة: أن إيران الشيعية لا تشكل تهديدا للعرب والمسلمين السنة، من كوالالمبور شرقا إلى نواقشط غربا.
وبقدر ما رفض كثير من العرب التسويق المذهبي للحرب الغربية القذرة على سورية، وشجب كثير منا الخطاب الطائفي لبعض مشايخ السنة، فإن مساندة المقاومة العراقية التي ولدت في اليوم الموالي للاحتلال الأمريكي، كانت وستبقى واجبة، ليس لأن الغالب من فصائل المقاومة العراقية كانوا من السنة، بل لأن العالم العربي والإسلامي، بل والعالم كله، يدين لهذه المقاومة العراقية البطلة بإحباط مشروع التمدد الإمبراطوري الأمريكي ,
فالذين تابعوا وقائع سنوات الاحتلال الأمريكي للعراق يعلمون أن الجسم الصلب للمقاومة العراقية قد تشكل من أفراد الجيش العراقي المحل وأبناء العشائر العربية، وأن "داعش" كانت منذ البداية أداة بيد الاستخبارات الأمريكية، توظف لإشعال الحرب المذهبية، سواء في سورية أو الآن في العراق، وأن الخطيئة التي ارتكبتها مرجعية السيستاني والرئاسة الإيرانية قد فتحت القمقم من حيث ستنطلق عفاريت الحرب المذهبية التي لن تتوقف عند حدود العراق.
http://www.echoroukonline.com/ara/articles/207914.html