ندوة السبت : الماء
الماء له شكلان , شكل مادي وهو الماء الطبيعي وماء روحي وهو الإسلام الحضاري, وان كان الماء المادي هو مظهر الحياة ومبينها ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ الأنبياء (30) -
فان الحضارة الرسالية هي ماء الأرواح و الأنفس , هي الماء الزلال الذي يروي ظمأ البشرية التائهة , وهناك ماء مالح أجاج , انه الحضارة المادية , انه المادة التي إن تشرب منها البشرية فإنها تزداد عطشا ولن تروى أبدا , تصبح تعيش في تعاسة ﴿ تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة إن أعطى رضا وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش ﴾ (صحيح البخاري)
لن تعرف الراحة ولا الطمأنينة ولا السكينة , إنها الحضارة المقدسة للمادة بأشكالها المتعددة والمختلفة , تسفك من أجلها الدماء وتفسد
لنتصور معا شخص يسقي الزرع بماء النار (حمض النيتريك او الازوت) , وهو يرى ونحن نرى كيف الزرع يموت فورا وكيف يحترق , وكيف يحدث التفاعل بين الزرع والحمض , وهو يهدئنا ويقول لا عليكم , هذا تأثير الماء في بعض الزرع , فليس كل الزرع يكون له نفس التفاعل مع الماء
هذا الساقي بماء النار حتى وان كان يسمي حمض النيتريك ماء زمزم ويقسم على ذلك فان ماء النار يبقى ماء نار ولن يتحول الى ماء زمزم ولا ماء حنفية مهما أقسم وسيبقى تأثيره قاتل ومدمر على كل ما لمسه
ان حضارتنا الرسالية ماء عذب زلال بارد منعش , حوله البعض بسبب فهمه الخاطئ إلى ماء مالح أجاج , وهو يحسب أن ملح أفكاره الذي اختلط بماء الإسلام كلاهما من صميم الإسلام , وهذا الماء المالح لا يصلح للسقي ولا للشرب , هو ماء حفظ وليس ماء حياة , قد يمنع الأشياء من التحلل والتعفن لكن لا ينبت زرع ولا يروي ظمأ