فصل الخطاب فيما اعترى العرب من محنة وضباب
للأسف لم أعثر على القسم الأول من هذا المقال الحاسم الفاضح لما يجري في الساحة من تدليس وتضليل وتتويه ولو أن الجزء الثاني وهو الأكبر والأهم يفي بالغرض ومن شاء ذلك القسم الأول فليبحث عنه في الشروق أون لاين ليوم 2014/10/01 فقد أعياني البحث دون جدوى
السُّنة من العرب في عين إعصار الدجال
http://static.echoroukonline.com/ara/dzstatic/thumbnails/author/aklam/Habib_Rachedine_354747292.jpg
الكاتب: حبيب راشدين
* حق لنا أن نسأل كيف حدث هذا التغيير في الإستراتجية الأمريكية من دعم علني لا محدود لمفردات الربيع العربي، ولوصول قوى إسلامية إلى السلطة، إلى حرب مفتوحة مشبعة بالروح الصليبية أكثر مما كانت عليه في زمن بوش الابن؟
* ما زلنا داخل الحرب الكونية التي أطلقها أرباب "النظام العالمي الجديد" منذ تدبير أحداث 11 سبتمبر تحت راية كاذبة، والتي أريد لها أن تستهدف آخر معقل معوق لقيام "دولة الدجال الأعور" قد حددته أدبياته في العرب السنة.
من حرب بوش الصليبية على الإسلام نفذت تحت راية كاذبة: اسمها "الحرب على الإرهاب" وأسلحة الدمار الشامل، إلى حرب أوباما الكاذبة على صنيعته الحقيقية "داعش" تحت العنوان الكاذب نفسه، في مسار حرب تلمودية مسيحية متواصلة، تستهدف المسلمين العرب السنة تحديدا، قبل تخريب المسجد الأقصى، واستكمال العبث العمراني بالبيت الحرام.
الحرب المعلنة على الإسلام والمسلمين في المشرق تحت عنوان كاذب اسمه الحرب على "داعش" لم تأت بجديد قد يحمل المشككين بشأن هوية "داعش" على تغيير الموقف من هذا الكيان، الذي تولد بين ظهرانينا في العراق وسورية تحت الرعاية السامية لذو السويقتين أوباما، بل يفترض أن يزيدهم يقينا بأنه حتى لو وجد في صفوف "داعش" شباب يؤمن حقا بأنه يؤدي فريضة الجهاد، فإن قيادة هذا التنظيم إنما عملت وتعمل حتى الآن تحت إمرة الولايات المتحدة، وأنها في الحد الأدنى قد وفرت لها فرصة للعودة إلى المنطقة بعد الهزيمة في العراق وأفغانستان.
دعونا نتابع عن قرب وقائع الحملة العسكرية الجارية، والتي التحقت بها حتى الآن قرابة ستين دولة، منها عشر دول عربية دعيت لضمان التغطية والتمويه، ثم توفير التمويل للحملة ليس إلا. فحتى الآن وبعد مرور أكثر من شهر منذ بداية القصف اليومي، لا يبدو أن قادة "الدولة الإسلامية" منزعجون منها، بل كانت نعمة على التنظيم، ساعدته على توحيد الصف مع غريمه الأخطر في سورية: جبهة النصرة، كما ساعدته في استدعاء الطابع الصليبي مرة أخرى، يستعين به على تنشيط حالة من التعاطف في الأوساط الإسلامية في العالم الإسلامي، بعد أن كان السلوك الهمجي لـ"داعش" قد نفّر كثيرا من المسلمين.
عملياً، لم تغير حملة القصف شيئا على الأرض، ولن تغير شيئا حتى لو استمرت سنوات، خاصة وأن القوى العظمى المنخرطة فيها قد أعلنت استبعاد تدخل قواتها البرية على الأرض، وتركت النافذة مفتوحة لتدخُّل بري عربي إسلامي مسموح به من دول الخليج وتركيا، لأن المستهدف هم المسلمون السنة، وتحديدا العرب السنة، كما كان الحال في جميع الحروب الإمبراطورية الصليبية التي شنت على المنطقة قبل وبعد 2001.
لقد حق لنا أن نسأل: كيف حدث هذا التغيير المفاجئ في الإستراتيجية الأمريكية من دعم علني لا محدود لمفردات الربيع العربي، ولوصول قوى إسلامية إلى السلطة، إلى حرب مفتوحة مشبّعة بالروح الصليبية أكثر مما كانت عليه في زمن بوش الابن، الذي هدّم دولة وطنية مثل العراق قبل تسليمها لمجاميع "إسلامية" شيعية وسنية، وتواصل الخطة في زمن أوباما بالمساعدة على إسقاط الدولة في ليبيا، ومحاولة إسقاطها في سورية؟
الجواب قد نحصل عليه بالعودة إلى تدبّر ما جرى في مصر من خروج القيادة العسكرية المصرية عن النظام المنظم، وتدبير الانقلاب على الإخوان بدعم خليجي سعودي إماراتي واضح، ليسقط معه مسار الربيع العربي بالكامل، وتسقط كثير من الرهانات التي كان قد رسمها أوباما في خطابه الشهير بالقاهرة عشية اندلاع فعاليات الربيع العربي، وكان يعول على الإسلام السياسي الإخواني لقيادة شعوب المنطقة نحو "الاندماج" والتنسيق في تنفيذ السياسة الأمريكية في المنطقة، تنتهي بتبريدٍ كامل للملف الفلسطيني، وخلق حالة من السلم حول الكيان الصهيوني.
سقوط هذا المسار في مصر، وتعثره في سورية، لم يكن يعني سقوط مسار الفوضى الخلاقة، بل حمل الطرف الأمريكي على التسريع بتحريك الخطة البديلة، التي نراها تُنفذ الآن في العراق وسورية عبر توظيف تنظيم "داعش"، الذي هُيئَت له كل الفرص ليتحول بين عشية وضحاها إلى قوة عظمى تخوف بها الدول الخليجية، ويُروَّع بها الرأي العام الغربي، فكان سقوط الموصل ثاني أكبر مدن العراق حدثا لا يُصدق، حتى مع اعتبار ضعف الجيش العراقي إلا إذا قبلنا بفرضية تواطؤ الحكومة الشيعية في بغداد، وخضوعها لأمر جاءها من السيدين: أوباما وخامنائي.
دعونا نذكر أن نفس الحكومة الشيعية في بغداد كانت قد فقدت منذ زمن السيطرة على مدينة الفلوجة ومنطقة الأنبار، ولم تُجبر على طلب التدخل الأمريكي الجوي، وكانت الفلوجة أقرب إلى العاصمة بغداد من الموصل، وكانت بغداد تتعرض يوميا إلى التفجيرات والعمليات الانتحارية، فيما نراها اليوم قد توقفت بقدرة قادر، وكأن أمرا ما قد وجه لـ"داعش" بصرف النظر عن بغداد والتوجّه شمالا، كما صرف نظرها عن أربيل وأكراد العراق، لتتفرغ لأكراد سورية.
بقي أن نتدبر الدور الذي أوكل لإيران وتركيا في هذا المسار الجديد من إدارة الفوضى الخلاقة، والعبث بالعرب السنة بالطول والعرض؛ فقد رفع الحرج عن القيادة الإيرانية باستبعادها من "الحرب الكاذبة" على داعش، ليس كرها في دولة لا زالت تصنف على مستوى الخطاب كـ''دولة مارقة" لا مانع من التفاوض المريح معها منذ سنوات حول الملف النووي، ولكنها استبعدت لأن الغاية لم تكن إلحاق الهزيمة بـ"الدولة الإسلامية" بقدر ما أن هذه الحرب الكاذبة تريد صناعة "قوة سنية افتراضية" متحكّم فيها من العدم، تُسوَّق كبعبع مخيف مرعب، يحتاج إلى تحالف دولي يشترك فيه ضِعف عدد الدول التي أطاحت بعراق صدام حسين، كيان تسمح الحرب عليه بتخويف الرأي العام الغربي الذي كانت الأزمة الاقتصادية قد بدأت تدفع به نحو الاحتجاج، وخاصة نحو استهداف النخبة الأوليغارشية المالية مثل ما حصل في حركة "احتلوا وول ستريت".
نحن كما نرى ما زلنا داخل الحرب الكونية التي أطلقها أرباب "النظام العالمي الجديد" منذ تدبير أحداث 11 سبتمبر تحت راية كاذبة، والتي أريد لها أن تستهدف آخر معقل معوق لقيام "دولة الدجال الأعور" قد حددته أدبيات المسيحيين الجدد ومجاميع "بيدلبيرغ ـ والتريلاترال ـ ومؤسسات "الثينك تانك" البحثية التي تعمل لصالح "الدجّال'' حددته في الكيان الإسلامي، مع تخصيص "الإسلام السني العربي" بالأولوية في المعالجة، وعلى هذا المستوى لم تكن أيّ دولة إسلامية مستهدفة لذاتها، بقدر ما كانت الشعوب العربية السُّنية هي المستهدف في جميع حروب "العقب الحديدي" وليست هذه الشعوب العربية السُّنية مستهدفة في ثرواتها، ولا في أراضيها، بقدر ما هي مستهدَفة في معتقدها، فلماذا يُستهدف العرب السُّنة دون سواهم وهم على هذا القدر من الضعف والهوان بالمقاييس العصرية للقوة والضعف؟
سؤالٌ يستدرجنا إلى طرح أسئلة فرعية أخرى: لماذا لم يُستهدف المسلمون السنة في إندونيسيا: أكبر دولة إسلامية سنية، أو باكستان: الدولة السنية النووية الوحيدة، أو تركيا: الدولة الإسلامية القوية؟ وقبل ذلك ما سرُّ نجاة الدولة الشيعية الإيرانية، مع تهديدها على مستوى الخطاب منذ أكثر من ثلاثين سنة، بل رأيناها تُمنح كل الوقت لاستكمال بناء قوتها العسكرية، فيما رُفع عنها التهديد العراقي الذي حرمها في عهد الشاه كما في عهد الخميني من تهديد الفضاء العربي، ونراها تُمنح اليمن بتواطؤ من الوساطة الأممية، وغفلة أو تواطؤ من سلاطين الخليج؟
أسئلة كثيرة ينبغي لنا أن نحرِّرها بدم بارد لنعلم أين نحن في هذه القصة، وحتى لا نُخدع مجددا بخطاب إسلامي يُصنّع لنا اليوم في المخابر الغربية، ويسوّق له علماء ورجال دين موظفون عند "الدجال" هم من أفتى للشباب العربي السني في ليبيا وسورية بجواز التحالف مع "النيتو المشرك" ومع اليهود والنصارى "بعضهم أولياء بعض" في خروج صريح عن أمر الآية 51 من المائدة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى_ أَوْلِيَاءَ _ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ _ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ _ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" وهم نفس العلماء الذين أفتوا بأصالة الجهاد في سورية ضد الدولة "النصيرية" قبل تحريم الجهاد تحت راية داعش والنصرة "السنيتين".
وفي الجملة ماذا يريد "الدجال الأعور" من المسلمين بالجملة، ومن المسلمين العرب السنة تحديداً؟ الأجوبة عن هذا السؤال وعن الأسئلة السابقة لن نعثر عنها في ما يُتداول من أحداث ومواقف وتحليلات في الإعلام العالمي الخاضع بالكامل لسيطرة الدجال، ولا في ما تجترّه بعض النخب العربية والإسلامية، التي تنكّرت لتراثها الثقافي، ولدروس التاريخ، وما حصل فيه من مواجهة مستدامة مع أعوان الدجال من الغرب التلمودي المسيحي، وأعطت ظهرها لما ورد في كتاب الله وسنة رسوله من تحذيرات، ومنها هذا التنبيه العجيب في الآية 51 من المائدة، الذي استشرف لنا حالة من التحالف بين اليهود والنصارى لم تكن موجودة لا في زمن نزول القرآن الكريم، ولا في زمن الحروب الصليبية الأولى، ولا حتى في صدر العصر الاستعماري، لكنها ظهرت مع بداية سفور وجه الدجّال بداية القرن العشرين، والتأسيس لتوليد دولة بني إسرائيل في وعد بلفور، الذي ينسى الجميع أنه كان رسالة وُجّهت للصيرفي اليهودي روكفلر وليس للقائد الصهيوني وايزمان، وأنه يتعين علينا اليوم الالتفات إلى ما يُدبر للكعبة المشرفة من مسخ عمراني، وتأسيس للعرش الماسوني الذي سوف يجلس عليه الدجّال على عتبة الكعبة، قبل القلق على المسجد الأقصى المهدّد بالهدم قبل حلول سنة 2017؛ تاريخ احتفال بالعيد السبعين لميلاد دولة بني إسرائيل وموعد حلول "المشيخ" التلمودي الاسم الآخر للدجال الأعور.
http://www.echoroukonline.com/ara/articles/217879.html