أطفال فلسطينيون من سوريا يحكون حكاياتهم
أ. د. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي
وصلتني ثلاثة دفاتر صغيرة دُوّنت فيها اثنتان وثلاثون حكايةً قصيرة حكاها أطفال فلسطينيون نزحوا من سوريا إلى لبنان، بسبب الحرب الدائرة في بلادهم منذ ثلاث سنوات. أعمار الأطفال من الذكور والإناث، تتراوح بين الثلاث والخمس سنوات. حكى الأطفال قصصهم، كلٌّ بلهجته وحوّلتها مربيات صفوف الروضات إلى العربية المكتوبة. تمّ ذلك وفق البرنامج “إحك لي حكاية أو قصّة، سأسجلها تماماً كما تحكيها لي. وفي النهاية سأقرأ لك قصتك وبإمكانك بعد ذلك تغييرها أو تصحيحها حسبما ترغب”. هنالك مشروع فنلندي على الشبكة العنكبوتية بهذا الخصوص بعنوان Children are Telling “الأطفال يحكون”، وتحت هذا العُنوان صدرت سلسلة من النشرات (http://www.edu.helsinki.fi/lapsetkertovat/lapset/In_English/Storycrafting_method/storycrafting.html).
وصلتني هذه الحكايات عن طريق الصديقة الفنلندية المختصّة بعلم النفس، السيدة سيركّو كيڤيستي، منسّقة مشروع التطوير لدى جمعية الصداقة الفنلندية العربية (Finnish-Arab Friendship Society, FAFS، وبالفنلندية AKYS) التي تسلّمتها في بيروت في التاسع من حزيران هذا العام. النصوص التي وصلتني لا تظهر أية علامات تعديل أو حذف.
بلغ عدد النازحين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان أكثر من خمسين ألف إنسان. هنالك عشرة مراكز باسم أطفال الصمود، منتشرة في المخيمات الفلسطينية في أنحاء لبنان. أنشئت المؤسسة الوطنية للرعاية الاجتماعية والتأهيل المهني بتاريخ ١٢ آب عام ١٩٧٦ وأقيم “بيت أطفال الصمود” لاستقبال الأطفال اليتامى في أعقاب مجزرة تل الزعتر. ومنذ بداية عام ١٩٨٣ قُبل أطفال مخيمي صبرا وشاتيلا، الذين فقدوا معيليهم. وبمرور الوقت أصبح هذا المشروع شاملا لكل الأطفال الأيتام في مخيّمات لبنان.
يذكر أن السفارة الفنلندية في دمشق والموجودة حاليا في بيروت بسبب حالة الحرب في دمشق، تموّل خمس روضات مخصّصة للفلسطينيين من سوريا، الذين نزحوا إلى لبنان. هذه الروضات تضمّ خمسة صفوف وهي موزّعة على مركز عين الحلوة وفيه صفان؛ مركز برج الشمالي وفيه صفان أيضا ومركز الرشيدية وفيه صفّ واحد فقط. يشار إلى أن السفير الفنلندي السيد كاري كاهيلوتو (Kari Kahiluoto) والسكرتير الثاني السيد يوها راينّي (Juha Rainne) هما المسؤولان عن هذه المساعدة المادية الحيوية.
في ما يلي عيّنة من هذه الحكايات كما هي، ولا أشك في أن كل من يعرف العربية سيفهم المقصود بيسر، رغم بعض الصيغ المغلوطة سهوا:
١) قصة الطفل يوسف الـ…
“بيتنا باليرموك، كان يصير هناك ضرب قذائف كثير، لما ضربوا اليرموك رحنا على منطقة تانية اسمها التضامن قعدنا هناك يومين وارجعنا على اليرموك. أنا كنت نازل اشتري من الدكانة قام زتوا قذيفة كانت بعيدة بس أنا سمعت صوتها كان/الصوت عالي الكثير، أنا ركضت بسرعة على البيت، رجعنا رحنا على التضامن نمنا هناك وكنت أشوف زلام كثير معهم أسلحة.
بعدين ردينا رجعنا على اليرموك بعد كم يوم حتي هدي الوضع هناك بابا كان رح يجيب حفاضات لأخوي حمودة، قام اجت قذيفة/بنص الشارع، اجتوا قذيفة ومات بابا نحنا كنا بالملجىء يلي بالمدرسة ما كنت اعرف انو بابا مات. أمي كانت حاملة أخوي حمودة، داخت راحت على المستشفى، بعدين راحت على المقبرة تشوف أبوي أنا ما رحت كنت نايم.
بابا كان يشتغل حتى يجيبلنا مصاري/”.
٢) قصة حدث مع يوسف في الصف
“أنا المعلمة آمنة كنت أقوم بنشاط مع الأطفال عن الهوية الشخصية. كان يوسف يقوم بتطبيق النشاط وعندما قام بكتابة اسمه واسم والده شعر بسعادة كبيرة عند ذكر اسم ابيه وأخبر أمه أني كتبت اسم بابا بالروضة وفرحت أمه”.
٣) قصة الطفلة نايا …
“كان عنا بالبيت كُتب. كانت الماما تدرس أخوي. أجى الجيش الحر وصاروا يفتشوا البيوت اسمعنا هيك ورحنا على بيت عمي. نحنا رحنا عند بيت عمي بنت عمي تحكي انو قتلو واحد هي شافتوه. شافتهم عم يقتلوا الزلمة. كان رايح يجيب خبز /وقتلوه هني شافوه ولاد عمي كانوا عم يشتروا من الدكانة صاروا يركضوا بسرعة عالبيت بعدين رجعنا ع البيت صار ينزل قذائف كثير بابا جابنا على لبنان./”
٤) قصة الطفل محمد …
“نحنا كنا بالبيت وكانوا كل أهلي بالبيت فجأة نزل برميل وقذائف، رحنا بعدين عند بيت ستي وكان في هناك مشاكل كثير فجأة نزلت قذيفة وماتت خالتي، أمي صارت تركض عند خالتي وستي بعدين أخدوها ع المستشفى بس خالتي ماتت ودفنوها بعدين اجينا ع لبنان/”.
٥) قصة الطفل عمران
“نحنا كنا ساكنين بالتضامن أول شيء كانوا يقصفوا عاليرموك. بعدين صاروا يضربوا كنت أوقف عالشباك أشوف الدبابة وهي عم تضرب عاليرموك وكانوا مسلحين معهن بواريد ومسدس. خفت صرت أركض. أمي سألتني شو مالك قلتها شفت واحد معه بارود بعد كم يوم كنا قاعدين بالبيت كانت تنظف البيت وأنا كنت قاعد مع اخواتي، اخواتي كانوا يدرسو وأنا كنت ألعب/ أمي كانت بالمطبخ، سمعنا صوت قوي ركضت أمي لعنا عالغرفة، بعدين نزلت قذيفة بالغرفة التانية وقع السقف علينا وصار البيت كله غبرا ما شفت حدا من أهلي كنا نصرخ بعدين صار يروح الغبار ومسكتني أمي أنا واخواتي وطلعنا لبرا البيت، رحنا عند بيت عمي وكان في هناك بيت عمي الثاني كنا كتار بالبيت وابن عمي عصبي كتير تخانق هو وأخوي/ مسكو من رقبته كان بدو يخنقه أنا صحيت وصرت أصرخ أمي أخوي اخوي ركضت امي فكت اخوي من ايد ابن عمي.
بعدين رحنا عند بيت جد امي قعدنا يوم ورجعنا بعدها عالبيت نشوف شو صار فيه اجى الجيش الحر وقلنا اطلع من البيت كانوا متخبين ببيتنا. بعدين أبوي جابنا لهون على لبنان؟”.
٦) قصة الطفل محمد …
“امي كانت عم تساويلنا ذرة، طلع صوت رصاص بعدين صوت خبطة قوية تركت امي الطنجرة عالنار بيتنا بالمزيريب (درعا) اجى بابا أخذنا بالسيارة على ضنيعة وقعدنا شوي للمساء حتى وقف الضرب لما رجعنا عالبيت كان في حدا من بيت جيرانا مات وبيتهم تهدم بيتهم بحد بيتنا، وكان رمضان كنا نتسحر/ واجت الطيارة وضربت وأمي أخدتنا تحت الدرج تخبينا هناك حتى طلع الصبح ولما وقف الضرب طلعنا عالبيت أبوي جابنا على لبنان عند قرايينا. وبعدين جبتني ماما عالروضة ألعب مع رفقاتي”/.
٧) قصة بدون اسم
“رحت على روضة الصمود وكتير مبسوطة هلا بالروضة بس بس حابب ارجع على بيتنا الى بتضامن مشان العب بألعابي” دمشق - مخيم اليرموك/”.
٨) الطفل أحمد …
“كنا نحن بالبيت ام سمعنا صوت الطخطخة ام طلعنا رحنا على البيت الثاني ام اجو المسلحين صاروا يقوصوا علينا ام نحنا هربنا مو البيت الثاني كنت صغير رحت لعند ماما وكنت خايف اقول اريبة اريبة الطيارة والصوت قوي كثير وعمو علاء اخذوا الجيش وقتلوا هو ما سوى شيء هو عنده ولاد انا صرت ابكي على عمو علاء وعلى ولادو انو انا حابب انو يخلص الطخطخة ونرجع على سوريا”/ حلب - الصالحين.
٩) قصة الطفلة مروة …
"كان يا مكان في قديم الزمان كان في غسان قالتوا اموا روح صلي قبل ما ينام بصلي اجت حمامة بيضة اخذتوا لفوق لفوق لفوق ظل يبكي لحتى يجي ابوه وامه واخواته وراحت الحمامة نزلت دقت الباب قالو مين قال انا الحمامة قالتن اطلعوا لعند غسان”/ (النيابية).
١٠) قصة الطفل عبد الجبار …
"كان يا مكان كان في وحدة قلتلا امى روح ودي الكعكات لستك لانا مريضة، شافى الذئب الا يا حلوة وين رايحة قالتو بدي أودي الكعكات لستي/ قالى شو رايك اروح من الطريق القصير وانت تروحي من الطريق الطويل قالتو امي اقلت لاء روحي من الطريق هداك ام قال طيب بس هلمرة وبس اليوم سبقنى واكل ستي وام وصلت على بيت ستى ام دقيت الباب قلتها الباب مفتوح/قلتلى جبتلك الكعكات ام قالت هلا بطني عم يوجعني خليه على المجلى ام قالتى ليه اذانك كبار عشان اسمعك فيهن ليه انفك كبير عاشان اشمك فيه ليه تمك كبير عاشان اوكلك فيه واكلا تووتة تووتة الحتوتة؟” (إدلب).