نص ندوة الخميس: المجتمع الحي
الأستاذ رؤوف بوقفة
المجتمع الحي هو المجتمع الرسالي , هو المجتمع الواعي بدوره الحضاري ويقوم به دون تكليف ولا توجيه الا من فطرته الجمعية , المجتمع الحي نجده متجسدا في سورة العصر ﴿وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) ﴾
فخصائص المجتمع الحي هي :
- مجتمع مؤمن
- مجتمع يعمل لأجل الصالح العام
- مجتمع يمارس الرقابة الذاتية على نفسه
- مجتمع يمارس الرقابة على مؤسسات دولته
فهو مجتمع مؤمن بما يعتقده , مؤمن برسالته الحضارية , مترجما إيمانه القلبي هذا بعمل صالح جمعي , يمارس الرقابة الذاتية الفردية من طرف الرجال والنساء الوجهاء والعامة فكل واحد يأمر بما تعارف عليه أفراد المجتمع وينهى على ما تناكروا عليه , كلهم يد واحدة على الظالم حتى يرجع عن ظلمه وكلهم على قلب واحد مع المظلوم حتى يأخذ حقه وهذا هو التواص بالحق فالحق هنا هو حق المجتمع , حق الإنسان على أخيه الإنسان وحق المجتمع على مسؤوليه وهو العدل .
فالمجتمع المؤمن العامل لكل صالح المراقب لنفسه ولأفراده والمعين لمسؤوليه وفق قيمة العمل الصالح و العمل الصالح هو كل قيمة تحقق العدل وتؤدي إليه هو المجتمع الحي , المجتمع الخليفة الذي يؤدي الخلافة الحضارية وفق قيم رسالية .
المجتمع الحي , هو مجتمع الفكرة , الفكرة الحضارية , المؤمن بفكرته والمترجم لها ترجمة واقعية جمعية في شكل عمل صالح , والعمل الصالح هو العدل والعمل على تحقيق العدل والصبر على هذا النضال
وبالتالي فالمجتمع الحي هو فعاليات المجتمع المدني الذي ينضال من أجل نصرة القضايا العادلة والوقوف معها في مطلق الأحوال بايمان وصبر , فالمجتمع الحي هو المجتمع المؤمن , المجتمع العامل للصالحات , المجتمع الصابر , المجتمع العادل .
و يجب ان ننتبه هنا أن الخطاب القراني , يفرق بين التبليغ والتغيير , فالتبليغ عمل فردي ,أما التغيير فهو نتاج مجهود جماعي , فالتبليغ وظيفة الفرد ,أما التغيير فمسؤولية المجتمع , فالمجتمع هو الذي يصنع حياته ولا ينتظر من غيره أن يصنعها , والمجتمع هو الذي يجسد قيم العدالة , ولا توهب له تكرمة لا من السماء ولا من الأرض فالعدل قضية انسانية بحتة يجب على المجتمع أن ينشدها ويشيدها ويحميها وحده فمسؤولية العدل مسؤوليته وحده.