السهرات الفكرية في صفحة مالك بن نبي الجديدة
رؤوف بوقفة
ندوة الخميس:الملك والملكة
دوما نسمع عن فضائل الصدق وانه باب النجاة من الهلاك وان الكذب وان منعك من الوقوع في ورطة فهو يمنعك عنها بورطات اكثر واكبر , فيكون السقوط مؤجل بعض الوقت وضرره اكبر وأشد هذا ما تخبرنا به الحكمة الصينية القديمة في هذه القصة الشيقة المفيدة :
كان أمير منطقة هونان الصينية على وشك أن يُتوج ملكاً ولكن كان عليه أن يتزوج أولاً, بحسب القانون الصيني آنذاك وبما أنّ الأمر يتعلق باختيار الملكة مُقبلة كان على الأمير أن يجد فتاةً يستطيع أن يمنحها ثقته العمياء. وتبعًا لنصيحة أحد الحكماء قرّر أن يدعو بنات المنطقة جميعًا . أخبرتِ الخادمةُ العجوزُ ابنتها التي تكنّ حباً دفيناً للأمير وو جدت بأنّ ابنتها تنوي أن تتقدّم للمسابقة هي أيضًا . لفّ اليأسُ قلبَ المرأةِ وقالت :وماذا ستفعلين هناك يا ابنتي ؟ سيتقدّمن أجمل الفتيات وأغناهنّ
اطردي هذه الفكرة السخيفة من رأسك! أعرف تمامًا أنكِ تتألمين
ولكن لا تحوّلي الألم إلى جنون!
أجابتها الفتاة :يا أمي العزيزة أنا لا أتألم أنا أعرف تمامًا أنّي لن أُفوز
ولكنّها فرصتي في أن أجد نفسي لبضع لحظات إلى جانب الأمير , فهذا يسعدني حتى لو أنّي أعرفُ أنّ هذا ليس قدري.
وصلتِ الفتاةُ وحينها كانت أجملُ الفتيات يتوافدن إلى القصر
وهنّ يرتدين أجملَ الملابسِ وأروعَ الحليّ وهنّ مستعداتٍ للتنافسِ بشتّى الوسائل من أجل الفرصة التي سنحت لهن. أعلن الأمير بدء المنافسة وقال :سوف أعطي كل واحدة منكن بذرةً ومن تأتيني بعد ستة أشهر حاملةً أجمل زهرة ستكون ملكة الصين المقبلة.
حملتِ الفتاةُ بذرتها وزرعتها في أصيص من الفخار
اعتنت بالتربة بكثير من الأناة والنعومة مرّت ثلاثة أشهر , ولم ينمُ شيء
جرّبت الفتاة بشتّى الوسائل وسألت المزارعين والفلاحين فعلّموها طرقًا مختلفة جدًا ,
ولكن لم تحصل على أية نتيجة. يومًا بعد يوم أخذ حلمها يتلاشى،
رغم أن حبّها ظل متأججًا. مضت الأشهر الستة , ولم يظهر شيءٌ في أصيصها.
ورغم أنها كانت تعلم أنها لا تملك شيئًا تقدّمه للأمير، فقد كانت واعيةً تمامًا لجهودها المبذولة ولإخلاصها طوال هذه المدّة ,
وأعلنت لأمها أنها ستتقدم إلى البلاط في الموعد والساعة المحدَّدين.
كانت تعلم في قرارة نفسها أن هذه فرصتها الأخيرة لرؤية حبيبها.
وهي لا تنوي أن تفوتها من أجل أي شيء في العالم.
حلّ يوم الجلسة الجديدة، وتقدّمت الفتاة مع أصيصها الخالي من أي نبتة، ورأ ت أن الأخريات جميعًا حصلن على نتائج جيدة.
وكانت أزهار كل واحدة منهن أجمل من الأخرى، وهي من جميع الأشكال والألوان.
أخيرًا أتت اللحظة المنتظرة. دخل الأمير ونظر إلى كلٍ من المتنافسات بكثير من الاهتمام والانتباه
وبعد أن مرّ أمام الجميع أعلن قراره وأشار إلى ابنت خادمته على أنها الملكة الجديدة
احتجّت الفتيات جميعًا قائلات إنه اختار تلك التي لم تزرع شيئًا.
عندها فسّر الأمير سبب هذا التحدي قائلاً :
هي وحدها التي زرعت الزهرة تلك التي تجعلها جديرة بأن تصبح ملكة فكل البذور التي أعطيتكنّ إياها كانت عقيمة ولا يمكنها أن تنمو بأية طريقة