كتاب عن عرعرة
عرض ومراجعة
ب.حسيب شحادة
جامعة هلسنكي
وقع تحت يديّ مؤخرًا الكتاب: نهال عبد الرحيم أبو عقل، عرعرة - جذور وأغصان، حكايا وتراث. عرعرة: دار الأماني للطباعة والنشر، ط.١، ١٩٩٩، ١٥٤ ص. من القطْع المتوسّط.
أوّلًا يجب التنويه بأن المؤلّفة، نهال عبد الرحيم أبو عقل، ابنة عرعرة، قد أعدّت مادّة هذا الكتاب في نطاق بحث قدّمته، حينما كانت في الصفّ التاسع في مدرستها الإعدادية، وعمرها خمسة عشر ربيعًا، ونالت عليه علامة كاملة. بين دفتي الكتاب ثمانية وثلاثون بابًا بمعدّل أربع صفحات في كل باب. من عنوانين تلك الأبواب نذكر: الموقع؛ مبنى القرية العربية؛ أسلوب البناء في الماضي؛ عادات زراعية؛ الزيتون؛ المقاثي؛ الزي الفولكلوري؛ أمثال شعبية؛ الحزازير؛ المطبخ والمأكولات القديمة؛ مقامات وأولياء في عرعرة؛ التعليم؛ قريتي عبر التاريخ، حارات وعائلات؛ عادات وتقاليد؛ سمات الأغاني الشعبية؛ العادات والمعتقدات؛ القهوة السادة في تراثنا.
اعتمدت الطالبة في إعداد هذا الكتاب على بعض المصادر المكتوبة ذكرتها في ذيل الكتاب وعلى إجراء مقابلات مع بعض الأشخاص في عرعرة (ص. ٥، ١٥٣-١٥٤). آنها كانت عرعرة التي في المثلث في منطقة وادي عارة قرية (هناك عرعرة النقب)، والآن أضحت مدينة حيث يبلغ عدد سكّانها قرابة الخمسة والعشرين ألفًا. ثمة رأي يذهب إلى أن الاسم ”عرعرة“ مستمدّ من شجر العرعر الموجود بكثرة في المنطقة (محمد عقل، المفصّل في تاريخ وادي عارة. القدس: مطبعة الشرق العربية، ١٩٩٩؛ نهال لم تستغل هذا المصدر إذ أنّه صدر في نفس السنة التي قدّمت فيها بحثها هذا). ومعلومة أخرى لافتة للنظر، وتهمّني شخصيًا، تشير إلى أن معظم سكّان عرعرة حتّى الفترة الصليبية كانوا، على ما يبدو، من السامريين، كما صرّح بذلك المؤرخ العربي أبو الحسن علي المسعودي المتوفي عام ٩٥٧م وكما يشهد على ذلك الكشف عن طرق دفن سامرية هناك.
لا ريب في أن عمل السيّدة نهال هذا جدير بالاحتذاء والتشجيع. حبّذا لو سار على النهج ذاته، طلاب آخرون في المرحلة الثانوية في مدارس عربية أخرى في البلاد، وقد يتعاون بعض الطلاب في إنجاز مثل هذه المهمّة البحثية بإشراف المعلمين ذوي الاختصاص. إنّ القيام بعمل ميداني من هذا القبيل، لذو مردود كبير للطلاب وللمجتمع على حدّ سواء. هناك حاجة ماسّة وهدف سام في جمع وتوثيق ألوان شتّى من التراث الشعبي الشفاهي من أفواه المسنّين والمسنّات في الجليل والمثلث والنقب من قصص، حكايات، حزازير، أغاني الأطفال والأفراح، أدعية، ألغاز إلخ. أو التركيز على موضوع معيّن مثل عادات وتقاليد معينة، الطعام، اللباس، الزراعة، الأعراس، الأمثال، الحداد، معتقدات، السوق، البيادر، الحصاد، المهن القديمة، الزيتون، الكنيسة، المسجد، الطلاق، العلاقات الاجتماعية، الطب الشعبي، وصفات طبية، اللهجة، فروق لغوية بين لهجة الرجل ولهجة المرأة؛ الأمثال، حماية العرض والشرف، العونة-العمل التطوعي القديم، الرقى والتعاويذ، الألعاب القديمة، الدبكة، الرياضة إلخ.
وأرى أن التشجيع هنا واجب لأهميته وضرورته، إلا أنّه يجب ألا نغضّ الطرف عن أخطاء ونواقص، أي لا بدّ من نقد بناء لتفادي الوقوع بمثلها في المستقبل. وعليه ارتأيت أن أسجّل بعض الملاحظات.
١) ترتيب فصول الكتاب يجب أن يكون وَفق خطّة مدروسة ومنطقية، أولا مثلا نبذة عامّة عن القرية من حيث الموقع والتاريخ والسكّان، وما فيها من مواقع هامّة ثم مثلا جانب التراث، الزراعة، العادات والتقاليد ولهجة القرية إلخ.
٢) ترتيب المراجع وفق الأبجدية ووفق اسم العائلة فالشخصي فاسم الكتاب فمكان النشر ودار النشر والسنة، ولا حاجة لاستعمال الأرقام اللاتينية (يمكن أيضا اتّباع طريقة وضع سنة النشر بعد اسم المؤلف مباشرة بين قوسين أو بدونهما) وتفادي التكرار ، ص. ١٥٣-١٥٤.
٣) من المفيد ذكر أعمار الأشخاص الذين أُجريت معهم المقابلات ولا بدّ من مقابلة النساء أيضا.
٤) الطباعة لا تمتاز بجودة عالية وكذلك الصور، حوالي ثلاثين صورة أدرجت بدون كلمة إيضاح، وهي لا تساهم كثيرا كوسيلة إيضاحية.
٥) أخطاء لغوية: إنها آفة عصرنا، وللأسف الشديد، ولا بدّ من وجود/إيجاد مدقّق لغوي في كل دار نشر! وهاك عيّنة من الأغلاط المصحّحة:
فلا تتردد عزيزي القارىء في الخوض، ص. ٦؛ معتقدا بدلا من معتقدة، ص. ٦؛ وتقع عليها قريتا عارة ومعاوية، ص. ٧؛ عدة ضواح، ص. ٧؛ التعريفات لا التعاريف، ص. ٩؛ إن هناك نوعين، ص. ١١؛ مسطحات، ص. ١٨؛ جاريا خلف فدانه، ص. ٢٠؛ يوم عمله، ص. ٢٠؛ بعض الخرب، ص. ٢١؛ واستقروا فيه، ص. ٢٢؛ وكما كان أصحاب رؤوس الأموال يشترون… ويزرعونها… ويؤتون، ص. ٢٣؛ ومساحته أكبر، ص. ٢٥؛ أكياس الخيش، ص. ٢٨؛ في جواب من الفخار، ص. ٣٠؛ تتواجد الجاروشة على شكلين لكنهما لا يختلفان، ص. ٣٥، والحصان والحمار والبغل والجمل تقوم بهذا، ص. ٤١؛ وما زال يشكل نسبة عالية، ص. ٤٥؛ في حين عملت المرأة، ص. ٤٥؛ حتى ثلاثة دونمات، ص. ٤٨؛ مسافة خطوة، ص. ٦٠؛ إن الكرامين، ص. ٦٢؛ مأكولات لذيذة يحبها الجميع، ص. ٦٧؛ بعد أربعين سنة وقال استعجلت، ص. ٨٠؛ بنو هلال في الشرق وبنو قرة في الغرب، ص. ٨٨؛ توجد صبية اسمها سعدة، ص. ٨٩؛ في أحد الأيام، ص. ٩٢؛ ثأر أخيها، ص. ٩٢؛ ويعمل أعمالًا دنيئة، ص. ٩٤؛ ٩٩ شخصًا وأصبح يتساءل أنه، ص. ٩٤؛ من ثلاث نسوة، ص. ٩٥؛ حيث يقترب من اليباس، ص. ١٠٤؛ عن مساكن القرية، ص. ١١٨؛ وأصبحوا يسمون كل عشرة بيوت، ص. ١٢٤؛ وهذا جانب من التراث، ص. ١٣٩؛ وليس له ممسك (أذن)، ص. ١٤٦؛ الأرض المعطاءة، ليست عاقرًا، ص. ١٥١، فهو محصّلة بحث، ص. ١٥٢.
تمتّعت في مطالعة هذا الكتاب، ولا سيّما في كل ما يخصّ اللهجة المحكية في عرعرة، التي لا تختلف كثيرا في معجمها عن لهجتي الكفرساوية. هل التلاميذ الذين بعمر نهال عندما أعدّت هذه المادّة، أي الذين تتراوح أعمارهم بين الـ ١٥-١٦ ربيعًا يعرفون معاني مثل هذه الألفاظ التي وردت في الكتاب:
يدغش، الملول، العرازيل، العراق، الصفار، إكوارة، المنزول، الخربوش، يوك/جاق، التشويف، قرقباشة، الحسيم، المنتعة، الليس، زغت، غبوة، ترماية، تتريحة/تغليقة، القمح الهايف، الدومرج، القاحوف، الدقران/القلاب/الشاعوب، البلانة، الكدانة، رياح الحيوان، الشبقات، الملقة، القمشة، ردايد، فرافيرة،المحاير، الروسية، حفشة، قحقيح/قرقيع، البدودة، طيشة البيضة، القرقة، طوالة الصبر، جليشة، الشخشير، الشمبر، ديماية، القهوة خص والشاي قص، اللطع، بصارة.