بقلم نورالدين بوكروح
ترجمة بوكروح وليد
مسار الجزائر التاريخي هو حاليًا متعلّق بإرادة شخصين اثنين من بين 44.000.000.
الأول اسمه بوتفليقة، والثاني الطيب بلعيز، الذي هو المؤيّد المخلص للأول الذي قام بتعيينه على رأس المجلس الدستوري في 10 فبراير 2019، نفس اليوم الذي أعلن فيه بوتفليقة ترشحه لعهدة خامسة رغم عدم استيفائه الشروط اللازمة لذلك.
هذا التعيين جاء لهذا السبب بالذات، من أجل السماح بارتكاب فعل التزوير.
المادة 183 من الدستور تنصّ: " يعيّن رئيس الجمهوريّة رئيس ونائب رئيس المجلس الدّستوريّ لفترة واحدة مدّتها ثماني (8 سنوات)".
بينما سبق من قبل للطيب بلعيز أن شغل منصب رئيس المجلس الدستوري، ممّا يجعل تعيينَه مرة ثانية من قبل نفس الرئيس باطلا و لاغ.
و بهذا فإننا نواجه حالة صارخة من حالات التعيين المنافي للدستور.
بلعيز ليس فقط فاقدا لأهليّة رئاسة المجلس الدستوري، و هو ما يعني وجوب إقالته في أقرب وقت ممكن من قبل أقرانه، لكنه أيضا قد يجد نفسه في منصب رئيس الجمهورية بالنيابة إذا ما صادفت الظروف و حصل مانع للشخصية التي يكلّفها الدستور بنيابة بوتفليقة (رئيس مجلس الأمة) في نفس الوقت الذي يثبت فيه المانع عليه.
يمكن لهذا أن يحدث بموجب المادة 102 من الدستور التي كثر الحديث عنها هذه الأيام:
" وإذا اقترنت استقالة رئيس الجمهوريّة أو وفاته بشغور رئاسة مجلس الأمّة لأيّ سبب كان، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوبا، ويثبت بالإجماع الشّغور النّهائيّ لرئاسة الجمهوريّة وحصول المانع لرئيس مجلس الأمّة. وفي هذه الحالة، يتولّى رئيس المجلس الدّستوريّ مهام رئيس الدّولة . يضطلع رئيس الدولة المعين حسب الشروط المبينة أعلاه بمهمة رئيس الدولة طبقا للشّروط المحدّدة في الفقرات السّابقة وفي المادّة 104 من الدّستور".
الرجلان كانا يعرفان جيدا ماذا كانا يفعلان. و قد انتهكا القانون عمداً و مع سبق الإصرار و الترصّد، من أجل تحقيق غرض أنانيّ و مناف للمصلحة الوطنية، و قد فعلا ذلك دون التفكير في مصير البلد، في ظل ظروف مشكوك فيها و غاية في الخطورة، أمام أعين العالم كله و دون أيّ ضمير أو حياء أو عقدة.
ينص مبدأ قديم موجود في جميع قوانين العالم بما في ذلك قانون العقوبات الجزائري على أنه " لا يحق لأحد أن يتذرع بوقاحته". ما يعني بأنه لا يمكنك الاستفادة من القانون عندما تكون أنت نفسك منتهكا له.
الأمر الواقع لا تنتج عنه آثار قانونية شرعية.
و نظرًا لأن الطيب بلعيز ليس له الحق القانوني في رئاسة المجلس الدستوري، فإنه يمكن للأعضاء الأحد عشر الآخرين أن يجتمعوا برئاسة نائب رئيس المجلس (و هو المعين أيضًا من قبل الرئيس)، ليُثبتوا ما شَهدَت عليه المستشفيات الأجنبية وباقي الكَون منذ فترة طويلة : أن بوتفليقة عاجز عن ممارسة السلطة.
تنص المادة 74 من الدستور بأنّه " لا يعذر بجهل القانون. يجب على آيّ شخص أن يحترم الدّستور وقوانين الجمهوريّة."
القاضي الأول بوتفليقة والقاضي السابق الطيب بلعيز، اشتركا من أجل انتهاك الدستور، كما استندا لأحكامه الأخرى من أجل مواجهة الشعب الجزائري الذي يتظاهر منذ 22 فبراير ضد إرادتهما البقاء في السلطة، و ضد الجيش الذي دعت قيادته العليا إلى تفعيل المادة 102 لوضع حد للأزمة التي افتعلاها.
الانتهاكات العديدة و المتعددة للدستور من قبل رئيس الجمهورية، بما في ذلك الذي يضع اليوم مؤسستين سياديتين، المجلس الدستوري والجيش، وجها لوجه ؛ و ما ينجم عن ذلك من مخاطر هائلة على استقرار البلد والأمن يمكن تصنيفه في خانة الخيانة العظمى، وهي جريمة ينص عليها الدستور في المادة 177:
(تؤسّس محكمة عليا للدّولة، تختصّ بمحاكمة رئيس الجمهوريّة عن الأفعال الّتي يمكن وصفها بالخيانة العظمى)" .
يمكن تفعيل هذه المادة إذا تواصل رفض تطبيق المادة 102.
رابط المقال