منتديات الصمود الحر الشريف
زيارتكم تسرنا * ومشاركتكم لنا بالتسجيل والمساهمة في منتدياتنا تسعدنا * حللتم أهلا ونزلتم سهلا في منتدياتكم الصامدة الحرة الشريفة
منتديات الصمود الحر الشريف
زيارتكم تسرنا * ومشاركتكم لنا بالتسجيل والمساهمة في منتدياتنا تسعدنا * حللتم أهلا ونزلتم سهلا في منتدياتكم الصامدة الحرة الشريفة
منتديات الصمود الحر الشريف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الصمود الحر الشريف

هذه المنتديات تجمع الشرفاء والشريفات الذين يناضلون من أجل القضايا العادلة في فلسطين والعالمين العربي والإسلامي والعالم بأسره بالوسائل التعبيرية الشريفة والشرعية - لا تتحمل إدارة المنتديات مسؤولية ما ينشر فيها مما لا يعبر عن رأيها بالضرورة
 
الرئيسيةجديد اليوم*أحدث الصورالتسجيلدخول

وضع الأمريكان دستور العراق ........................... وضع الروس الآن دستور سوريا ..................... ربما هذا يعني أن سوريا من نصيب روسيا في مشروع الشرق الأوسط الجديد .............. لقد بدأ العد العكسي لزوال الدول العربية نهائيا من خريطة العالم

 

 نافذة على السريان واللغة السريانية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
jalili
عضو ذهبي
عضو ذهبي
jalili


عدد المساهمات : 631
تاريخ التسجيل : 14/07/2010

نافذة على السريان واللغة السريانية Empty
مُساهمةموضوع: نافذة على السريان واللغة السريانية   نافذة على السريان واللغة السريانية I_icon_minitimeالخميس أكتوبر 31, 2019 5:05 pm

نافذة على السريان واللغة السريانية
أ. د‏. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي


السُّريان/السورايي، أحفاد آرام بن سام بن نوح (سفر التكوين ١٠: ٢٢-٢٣؛ أخبار الأيّام الأوّل ١: ١٧)، هم شعب ساميّ آراميّ مسيحي، يسكنون اليوم في شمال العراق، سوريا، لبنان،  تركيا، إيران وفي المهجر؛ لا سيّما في أمريكا وروسيا وأُستراليا وفي أوروبا وبخاصّة في السويد وألمانيا. منذ القرن الخامس للميلاد حلّ الاسم ”السريان“ محلّ ”الآراميون“. وقد عاش السريان في الشرق الأوسط منذ قرابة ثلاثة آلاف عام دون انقطاع.  يبلغ عدد السريان اليوم حوالي الثلاثة ملايين. قد تكون صحيفة ”الكواكب“ التي صدرت في أرمية في العام 1906، الأولى التي نادت باستخدام اللغة السريانية المكتوبة، فهي مبعث فخر السريان وقوّتهم، بدلًا من اللغات الأجنبية. يظهر أنّ فشل السريان في بلْورة كيان سياسي موحَّد لهم منذ القِدم، كسائر أقليات الإمبراطورية العثمانية، أدّى في نهاية المطاف إلى اندماجهم لغةً وثقافة بالشعوب التي عاشوا بين ظهرانيها، وهكذا تآكل الفكر القومي وخفت. استخدم السريان قبل الحرب العالمية الأولى عَلمًا ذا الألوان الثلاثة، الوردي والأبيض والأحمر، وبأعلى جهة اليسار تظهر ثلاث نجوم ترمُِز إلى الكنائس الرئيسة الثلاث: الأرثوذكسية والكلدانية والأشورية، ثمّ ٱستبدل العلم بصليب أبيضَ خلفيته حمراء تشير إلى دماء مجازر سيفو أو مذابح السريان أو الأشوريين بعد الحرب العالمية الأولى، التي حصدت أرواح ما يزيد عن الربع مليون إنسان، ثم تغيّر العَلم في أواخر ستّينات القرن العشرين، وبعد ذلك مرّة أخرى في أواسط ثمانينات القرن العشرين.

هناك تسميات عدّة لهذه الطائفة، تعود أسبابها لظروف تاريخية معروفة، أدّت إلى ٱنقسام طائفي في أعقاب مجمع أفسس عام 431 م، منها: السريان (ܣܘܪܝܝܐ)، أشوريون/ آثوريون (ܐܬܘܪܝܐ) الكلدان، الكلدو آشوريون (ܟܠܕܝܐ). انقسم السريان إثر ذلك المجمع إلى النساطرة، نسبة لنسطور (386-451 م.) بطريرك القسطنطينية، في الشرق، أي العراق ومقرّهم طيسفون -المدائن، واليعاقبة نسبة إلى القدّيس يعقوب البرادعي (يعقوب بار/بن ثيوفيلوس، 500-578 م.) في الغرب أي سوريا، ومقرّهم كان في أنطاكيا. نسطور مثلًا عارض تسمية مريم العذراء بـ ”أُمّ الله“ وفضّل تلقيبها بـ ”أُمّ المسيح“. واستمرّ التنافس بين هاتين الطائفتين قرونًا من الزمن. وفي أعقاب التبشير منذ القرن الخامس عشر، اعتنق الكثير من النساطرة الكاثوليكيةَ وسُمّوا بالكنيسة الكلدانية أو الكنيسة السريانية، والذين لم يغيّروا مذهبهم سُمّوا بالآثوريين. ويُذكر أن السريان كافّة، رغم ما بينهم من فروق، يرون في لغتهم السريانية لغةً كنسية مقدّسة ويتكلّمون بلهجات مختلفة.

السُّريان سُلالة آشور وآرام ابنَي‏ سام بن نوح، سكنوا منذ القِدم في بلاد ما بين النهرين وسوريا الكبرى، وتنصّروا منذ البداية في الرُّها على أيدي‏ أحد تلاميذ يسوع المسيح‏ السبعين، وهو القدّيس مار أدي أو أداي/تاديوس الرهاوي لدى السريان. وبمرور الزمن، أضحت الرُّها بؤرة التبشير المسيحي الأساسية في العالم بأسره، إذ كانت أوّل مملكة اعتنقت المسيحية رسميا. الاسم السُّرياني أو سوريايا/سوريويو بالسريانية حلّ محلّ التسميات الفرعية: الآرامي والبابلي والأشوري والكلداني، والتسمية مأخوذة من اسم الأشوريين باليونانية. وعليه فهذه الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، كانت الأولى التي‏ قامت في‏ أرض كنعان،‏ أورشليم واليهودية واستخدمت اللغة الوطنية،‏ اللغة السريانية، وهي‏ لغة سامية كالأكّادية بفرعيها الأشوري والبابلي، والعمورية والأوغاريتية والمجموعة الكنعانية التي تضمّ عدّة لغات مثل العبرية والفينيقية والمؤابية والعمّونية والإدومية، ثم الأمهرية والعربية، في‏ الصلوات، وهي‏ لغة يسوع المسيح‏. وقد كانت الآرامية لغة مكتوبة قبل مجيء المسيحية بكثير، واحتلّت مكانة مرموقة منذ نقل العهد القديم إلى السريانية، الپشيطتا أي البسيطة، السهلة، في القرن الثاني للميلاد تقريبا. وقد تمّت هذه الترجمة عن الأصل العبري، وفيها تأثير من الترجمة الإغريقية المعروفة باسم السبعينية (Septuagint)، وفي هذه الترجمة تُرجمت العبارة ”ملك آرام“ بعبارة  ”ملك السريان“. في الواقع لا علم لنا بهوية المترجمين، ومن المرجَّح أن يكون يهودًا ومتنصِّرين قد ساهموا في ذلك. أقدم مخطوط للتوراة (باستثناء سِفر اللاويين) بالسريانية محفوظ في المكتبة الوطنية في لندن ويحمل الرقم 11425 ويعود تاريخه إلى العام 464م.  وقد شاع ٱستخدام الپشيطتا منذ القرن التاسع.
وقد تبنّت هذه الكنيسة ليتورجية القدّيس‏ يعقوب أخي‏ يسوع وأوّل أساقفة أورشليم، وبهذه اللغة، على ما يظهر، دار النقاش عام 15م. في‏ المجمع الرسولي‏ الأورشليمي‏. وقد ذُكرت القبائل الآرامية للمرّة الأولى في الحوليات الأشورية-البابلية منذ القرن الرابع عشر ق.م. باسم ”أرم“؛ ويُعتقد أن تأثيل/تأصيل (etymology) اسم ”الآراميين“ يعود إلى ”أرم رمثا“ أي “الأرض المرتفعة”. ومن المعروف أن عدّة دويلات أو ممالك آرامية، كانت قد أُسِّست مثل الرُّها وآمد ونصّيبين وماردين وفدّان أرام وعاصمتها حرّان، وفدان أرام دمشق وآرام صوبا وفي سمأل وحماة والجزيرة ومعكة وتدمر وسنجار وحطرا وحدياب وميسان. وترجع أقدم النصوص الآرامية المعروفة إلى القرن العاشر ق.م. ويُمكن القول بأنّ العصر الذهبي للغة السريانية (يُنظر في: فيليب دي طرزي، عصر السريان الذهبي. بيروت: مطبعة جدعون، ١٩٤٦) كان من القرن الرابع وحتّى القرن السابع، وآونتَها خضع قسم من السُّريان وهم النساطرة لبلاد فارس، والقسم الآخر اليعاقبة والموارنة، كانوا تحت حكم الإمبراطورية الرومانية. ومن المعروف أنّ السريان كانوا قد فقدوا استقلالهم السياسي منذ القرن الثالث للميلاد.

وتقسّم هذه اللغة الآرامية إلى مجموعتين كبيرتين: الشرقية (العراقية وتشمُل: الآرامية اليهودية البابلية، لغة التلمود البابلي،  والمندائية/الصابئة)  والسريانية/ السورث، والغربية (سوريا وتشمُل: الآرامية اليهودية الفلسطينية والآرامية السامرية والآرامية المسيحية الفلسطينية). ومن المعروف أنّ ألفاظًا آرامية ظلّت كما هي في العهد الجديد مثل ”طاليثا قومي“  أي أيّتها الصبية قومي، إنجيل مرقس ٥: ٤١ وينظر أيضا في: ٤: ٧؛ ١٤: ٣٦؛ ١٥: ٣٤. وهنالك من يذهب إلى أن إنجيل متّى ورسالة بولس الرسول للعبرانيين كانا قد كُتبا في الأصل بالآرامية.

يُذكر أنّ الاسم ”السُّريان“ كان قد أُطلق على الآراميين بعد انتشار الديانة المسيحية في العراق، بعد وفاة الملفان أفرام/افريم السرياني عام 373 م. بقليل، أي في أواخر القرن الرابع للميلاد، ويبدو أنّ هذا الاسم مشتقّ من ”أشور“ ومنه انبثق الاسم ”سوريا“؛ أمّا العرب فقد سمّوا السُّريان ”النبط“ بمعنى أولائك الذين استنبطوا الأرض وأقاموا فيها. بعد ظهور الإسلام وفتوحاته في ثلاثينات القرن السابع  تأسلم الكثيرون من السريان، مثلهم مثل سائر الأقليات الأخرى، لا سيّما سكّان المدن، إلا أنّ اللغة السريانية ( Syriaque, Syrisch, Syriac) بقيت حيّة تُرزق حتّى القرن الثالث عشر في سوريا، وحتّى القرن السابع عشر في لبنان وفي بعض البلدات حتى يوم الناس هذا. وفي بداية القرن العشرين ظهرت بوادر نهضة في الثقافة السريانية، إذ صدرت صحف مثل ”مرشد الآثوريين“  في الجزيرة و”كوكب الشرق“ لصاحبها نعوم فائق في ديار بكر.

كانت مدينة أنطاكية،‏ عاصمة سوريا في‏ صدر النصرانية،‏ مركزَ الكنيسة السريانية الأُرثوذكسية حيث أقام بطرس الرسول كرسيه الرسولي‏ هناك وغدا البطريرك الأوّل‏. وممّا‏ يجدر ذكره أنّ هذا الكرسي‏ الأنطاكي‏ قد شمَل آسيا برمّتها وصودق على ذلك أولاً‏ في‏ مجمع نيقية عام ‏325 م.، ثمّ في‏ مجمع القسطنطينية سنة ‏381 م.،‏ وفي‏ بعض الفترات التاريخية المزدهرة، كان هناك اثنا عشر كرسيًا مطرانيًا ومائة وسبعة وثلاثون كرسيًا أُسقفيًا في‏ الشرق الروماني‏ وحده‏. وفي‏ الخلافة العباسية التي دامت قرابة الخمسة قرون، من عام 750 إلى عام 1258م. ،‏ امتدّت هذه الكنيسة العريقة من الصين إلى أورشليم فقبرص‏. ويُشار إلى أنّ السريان حملوا أسماء‏ يونانية ولاتينية تمشيًا مع هوية السلطة السائدة آنذاك، فالاسم‏ "أغناطيوس‏"،‏ على سبيل المثال،‏ يعني‏ "النوراني‏".

ولمدينة‏ "الرُّها‏"، [ܐܘܪܗܝ/أورهاي بالآرامية و Edessa  باللاتينية وتعني مدينة النور و Ἔδεσσα باليونانية] وحاليًا أورفا/أورفه أو شانلي أورفا بالتركية]، في غرب بلاد ما بين النهرين، عاصمة الأباجرة دور هامّ جدًّا بين المدن السريانية آنذاك،‏ فهي‏ من أقدم مدن الشرق، ومؤسّس مملكتها كان الملك الآرامي أَريو (أسد) عام ‏132 ق.م‏. وكانت عاصمة للأباجرة،‏ الملوك السريان مدّة أربعة قرون تقريبًا حتّى عام 242 م. وقد لُقِّب معظم ملوكها الثلاثين بالاسم ”الأبجر/ج. الاباجرة“ أي أَبْچورو بالسريانية ومعناه ”الأعرج، العُرج“. وفي‏ هذه المدينة كتب الفيلسوف السرياني‏ ططيانوس‏ من أربيل "دياطسرون‏" أي‏ مزيج الأناجيل الأربعة عام ‏127 م‏. كما عاش فيها الشاعر والفيلسوف السرياني‏ برديصان/ابن ديصان ت. 222م. (Bardesanes) في‏ أوائل القرن الثالث للميلاد، وقد انتشرت فيها وحولَها الأديرة ودور العبادة، ولا سيّما في‏ جبلها‏ "الجبل المقدّس‏"، وبلغ‏ عدد الصوامع والأديرة حوالي‏ ثلاثمائة، أمّا عدد الرهبان في‏ عهد الملك ثاودوسيوس الثاني‏ في‏ منتصف القرن الخامس للميلاد، فكان تسعين ألف راهب تقريبا. ونشأت أوّل مملكة مسيحية وهي مملكة الرُّها /سروينيا في سنة 132ق. م. ودامت قرابة ثلاثة قرون ونصف، ثم انضمّت للإمبراطورية الرومانية. والرها شهيرة بمدرستها التي أقامها مار أفرام السرياني، نبيّ السريان، 310-373 وبقيت حتى أغلقها الإمبراطور الروماني زينون عام 489 م.

لقد لعبت هذه الكنيسة دورًا مركزيًا في‏ التبشير بالإنجيل- البُشرى السارّة - في‏ القبائل العربية، مثل بني‏ طي‏ وعقيل والغساسنة والحميريين والتغالبة وبني‏ شيبان وبني‏ بكر وتنوخ وبني‏ وائل‏. وقد دامت مملكة تنوخ/اللخميين/المناذرة خمسة قرون تقريبا من 138م. ـ 628م،  وترأّسها ستّة وعشرون ملكًا أهمّهم النعمان بن المنذر.  وقد اهتمّت هذه الكنيسة بنشر لغتها الوطنية،‏ السريانية،‏ بين شتّى الشعوب كالعرب والفرس والهنود والأرمن‏. ويُذكر أنّ الأرمن كانوا قدِ ٱستخدموا الأبجدية السريانية لكتابة لغتهم المحكية، ويُروى أنّ اللاهوتي واللغوي الأرمني‏ ميسروب ماشودتس (361؟ -449؟ م.) الذي أتقن السريانية والإغريقية والفارسية، قدِ ٱخترع الرسم الأرمني‏ بمساعدة المطران السرياني‏ دانيال في الرها التي لقّبت بأمّ الحكماء‏. وفي‏ مطلع القرن الخامس للميلاد تعاون الاثنان وترجما الكتاب المقدّس من السريانية إلى الأرمنية. وفي‏ عام ‏634 م. نقل علماء من بني‏ طي‏ وعاقولا (الكوفة) وتنوخ الإنجيل من السريانية إلى العربية بأمر من البطريرك‏ يوحنّا الثالث أبي‏ السذرات المتوفّى عام 648 م.، وذلك استجابة لرغبة عمرو بن سعد بن أبي‏ وقّاص الأنصاري،‏ أمير الجزيرة‏. وفي‏ عام ‏1221 م. نقله من السريانية عن نسخة مصحّحة بيد البطريرك يوحنّا بن شوشان إلى الفارسية‏ يوحنا ابن القسّ‏ يوسف السرياني‏ التفليسي،‏ وكان ذلك برسم السلطان علاء الدين كيقوباذ. وفي‏ أوائل القرن التاسع عشر نقله الراهب فيلبس السرياني‏ الملباري‏ من السريانية إلى المليالم لغة ملبار في جنوب الهند، ويتكلّمها قرابة الستّة وثلاثين مليون إنسان،‏ وفي‏ الربع الأوّل من القرن العشرين ترجمه الملفان الخوري‏ متّى السرياني‏ الملباري‏ ثانية‏.

ممّا‏ يميّز هذه الكنيسة تلك الكوكبة الهائلة من الشهداء، وصل تعدادُها الألوف،‏ الذين قدّموا أرواحهم ذودًا عن إيمانهم وعن كنيستهم، ونكتفي في‏ هذه الفذلكة بذكر بضعة أسماء‏:

مار شربل (مكوّن من: شربا دايل/ܫܰܪܒܐ ܕܐܝܠ أي قصّة/خطاب الإله) الرهاوي‏ الذي‏ نُشر بالمنشار عام ‏105م.،‏ القدّيس سمعان أسقف أورشليم الذي‏ صلب عام ‏601 م.،‏ البطريرك الأنطاكي‏ مار أغناطيوس النوراني‏ الذي‏ كان فريسة لأنياب الوحوش في‏ روما عام ‏701 م.،‏ ومار فيلوكسينوس مطران منبج وملفان الكنيسة الذي‏ خنقه البيزنطيون بالدخان سنة ‏325 م‏.

ولهذه الكنيسة أيادٍ ناصعة بيضاء في‏ ميادين العلوم المختلفة، من لاهوتية وفلسفية وطبية ومنطقية ولغوية وفلكية وتاريخية ورياضية‏. فمن المدارس الهامّة في‏ تاريخ المعرفة والثقافة، لا بدّ‏ من التنويه بمدرسة أنطاكية اللاهوتية التي‏ أسّسها مار لوقيانوس/لوقيان السميساطي السرياني‏ في القرن الثاني ميلادي، ومدرسة نصّيبين التي‏ أقامها مار‏ يعقوب النصيبيني‏ في‏ الربع الأوّل من القرن الرابع للميلاد (يُنظر مثلًا في: أدي شير، مدرسة نصيبين. بيروت: المطبعة الكاثوليكية ١٩٠٥)،‏ ومدرسة الرُّها (ينظر مثلًا في كتاب الرها المدينة المباركة بقلم ج. ب. سيغال وترجمة يوسف إبراهيم وحول الأدب السرياني: مراد كامل ومحمد البكري وزاكية محمد، تاريخ الأدب السرياني من نشأته إلى العصر الحاضر، القاهرة ١٩٤٩؛ ويقول المستشرقون إنّ أوّل ملك مسيحي في الرُّها كان أبجر الثامن 177-212 م.) التي‏ وسّعها الملفان مار أفرام  السرياني (306-373 م.، Ephrem the Syrian, ܡܪܝ ܐܦܪܝܡ ܣܘܪܝܳܝܐ) الملقّب بكنارة/قيثارة الروح القدس وشمس السريان وتاج الأمّة الآرامية وبليغ السريان. وأنتج أغنى مجموعة شعرية ولاهوتية، كما أبدع في شرح الكتاب المقدّس وفي مجالات كثيرة في موضوع الإيمان. وبفضل ما قامت به هذه المدرسة من نقل مؤلّفات اللاهوت والفلسفة من اليونانية ومن لغات أخرى إلى السريانية، دُعيت باسم‏ "أثينا سوريا‏"، كما سُمِّيت باسم‏ "مدرسة الفرس‏" لكثرة طلابها من فارس،‏ ثم مدرسة‏ "دير قرتمين‏" منذ القرن الخامس ومدرسة‏/دير "قنسرين‏" منذ القرن السادس، ولها القدح المعلَّى في‏ اللاهوت والعلم على حدّ‏ سواء؛‏ وكذلك المدارس أو المراكز التالية: نصيبين، أنطاكيا، كونديشابور، ميافرقين/ميافارقاط، حران، قطسفون أو المدائن، مرو، الحيرة/حيرتا، بُصرى،  رأس العين، أمّ الفضائل، دير برصوما بمالطا، ومن النسّاك ذائعي‏ الصيت مار هيلاريون‏ الذي‏ أسّس الرهبنة في‏ سوريا وفلسطين‏.

ومن الذخائر المسيحية الفذّة، التي‏ احتفظت بها هذه الكنيسة الأرثوذكسية، صورة للسيد المسيح منقوشة على مِنديل، كانت قد أُرسلت إلى ملك الرُّها/اورهاي،‏ أبجر الخامس وقد بُني‏ لها هيكل فخم في‏ الرها‏. وفي‏ العام ‏942 م. طلبها ملك الروم من الخليفة المتقي‏ بن المقتدر مقابل تسريح سبيل عدد كبير من الأسرى المسلمين فأُرسلت إليه‏. وهذا المنديل محفوظ اليوم في في مدينة جنوا. ويقال إن زنّار مريم العذراء، الذي‏ كان في‏ حوزة مار توما الرسول، كان قد حُفظ أوّلًا في‏ الهند، ثم نُقل إلى الرها، ومنها إلى حمص في‏ أواخر القرن الخامس، وأُودع في‏ كنيسة السيدة العذراء التي‏ أُسّست عام 95 م. وعرفت تلك الكنيسة فيما بعد باسم‏ "كنيسة الزنّار‏"، وما زال فيها الزنّار المذكور ويحُجّ إليه البشر من مختلف النِّحَل والمِلل‏. وفي‏ العام ‏1953 قامت مديرية الآثار السورية بفحصه، وخلُصت إلى القول بأنّه‏ يعود إلى العصر الروماني‏. وهناك في‏ القدس دير مار مرقس وهو بيت مريم أم يوحنا الملقّب مرقس، وهناك أقام المسيح الفِسح الموسوي، وغسل أقدام تلاميذه واستودعهم سرّ‏ دمه وجسده، ونطق بخطابه الشهير‏. وهناك حلّ‏ الروح القدس، وكرّس المكان كنيسة باسم والدة الاله مريم‏.

وفي‏ أوائل القرن الخامس، بُذرت بذور الانشقاق الأوّل بظهور نسطور وبدعته، وفي‏ عام ‏415 م. انسلخ البعض عن الكنيسة السريانية، وتبعوا نسطور الذي‏ أيّده الملك مرقيان النسطوري‏ البيزنطي‏ في‏ المجمع الخلقيدوني‏، فأطلقت عليهم الكنيسة السريانية اسم‏ "الملكيين‏"، لأنّهم التحقوا برأي‏ الملك مرقيان تاركين إيمان آبائهم وأجدادهم، وكذلك بالأسماء‏ "روما،‏ خلقيدونيين ويونانيين‏". أما ابن العبري‏ فيطلق عليهم الاسم‏ "السريان الملكيين‏"، وبمرور الزمن تحوّلوا من الطقس السرياني‏ الأنطاكي‏ القديم إلى الطقس البيزنطي‏ الحديث، وكان ذلك في‏ القرن العاشر‏. وبعد ربع قرن من الزمان، وفي‏ العام 467 م. عاد الملكيون فاتّحدوا ثانية بأصلهم إلا أنّ ذلك الاتّحاد ما برح أن ٱنفكّ من جديد عام ‏519 م. واستقلّوا ببطاركة خلقيدونيين‏.

ويُشار إلى أنّه في مرسوم ميلانو سنة 313 م.  أعلن الملك قسطنطين الكبير، قيصر الإمبراطورية البيزنطية شرعية الديانة المسيحية واعتنق هو المسيحية. تعترف الكنيسة السريانية الأرثوذكسية بثلاثة مجامع مسكونية‏: النيقاوي‏ الذي‏ عقد عام ‏325 م. بأمر الملك قسطنطين الكبير وبرئاسة بطريرك أنطاكية أوسطاثاوس‏ (337 م.‏)، وذلك ضد بدعة أريوس التي‏ تُنكر أُلوهية المسيح‏. ثانيًا المجمع القسطنطيني‏ عام ‏381 م. بأمر الملك ثاودوسيوس الأوّل وبرئاسة بطريرك أنطاكية القديس ملاطيوس، وذلك ضد بدعة مقدونيوس، التي‏ أنكرت أُلوهية الروح القدس‏. وثالثًا   المجمع الأفسسي‏ الأوّل عام ‏431 م. بأمر الملك ثاودوسيوس الثاني،‏ وبرئاسة القدّيس كيرلس بطريرك الإسكندرية، وذلك ضد بِدعة نسطور القاضية بالطبيعتين والأقنومين في‏ السيّد المسيح، وبأنّ العذراء مريم ليست والدةَ الاله‏. ثم عُقد عام ‏449 م. المجمع الأفسسي‏ الثاني،‏ ثم المجمع الخلقيدوني‏ عام ‏451 م. كما أسلفنا, وهو الذي‏ قسّم جسد المسيح إلى اثنين بتأييده هرطقة نسطور‏. ثم عقدت فيما بعد مجامع أخرى‏.

تعترف الكنيسة السُّريانية الأرثوذكسية بأقنوم واحد ومشيئة واحدة وطبيعة واحدة كما كان قبل العام ‏451 م‏. كما تعترف بأنّ الروح القدس منبثق من الآب فقط كما ورد في‏ الإنجيل، وكما صُرّح به في‏ المجمع المسكوني‏ عام 381 م‏. أضف إلى ذلك بُتولية مريم العذراء في‏ كلّ الأحوال،‏ قبل الإنجاب وخلاله وبعده، كما أنّ إخوة الربّ‏ يسوع،‏ يعقوب ويوسي‏ وشمعون الخ‏. المذكورين في‏ العهد الجديد، هم من زوجة‏ يوسف السابقة،‏ وعليه فالكنيسة تؤمن بتجسّد الإله من العذراء مريم وعليه فهي‏ "والدة الربّ‏". كما تعتقد هذه الكنيسة بصلب المسيح وتألمه وموته ودفنه وقيامته، ولاهوته كان معه على الدوام‏. كما تؤمن الكنيسة بالأسرار السبعة وبعدم تناسخ الأرواح وبالقيامة العامّة والدينونة، حيث الثوابُ أو العقاب الأبديين‏. وترى الكنيسة أنّها في‏ جهاد متواصل مع الشيطان والعالَم تحت راية المسيح، وعليه فأتباعها‏ يرسُمون علامة الصليب على وجوههم، ويصلّون سبع مرّات‏ يوميًّا وهم متّجهون نحو الشرق، بالإضافة إلى أيّام الآحاد والأعياد السيدية والخمسين بعد القيامة‏. والكنيسة كباقي‏ الكنائس الشرقية تستخدم البَخُور في‏ القدّاس، وتعترف بما‏ يسمّى بأبو كريفا وهي‏ الأسفار الخارجية عن الكتاب المقدّس المعروف‏. وتقدّس الرهبنة وبتولية الرهبان والأساقفة، وتفرِض الزواج على الكهنة لخدمة الرعية ولا زواج آخر لهم عند الترمّل‏. وهناك خمسة صيامات‏: صوم الميلاد والباعوث‏ (أو نينوى‏) والأربعين والرسُل والسيدة العذراء، فضلًا عن‏ يومي‏ الأربعاء والجمعة على مدار السنة باستثناء أيام الخمسين‏. وفي‏ سرّ‏ الأوخارستيا‏ يُستعمل الخمير لا الفطير، واليوم‏ يقوم البطريرك بنفسه بتقديس الميرون ويمسّه به المتعمّد فور رفعه من جُرن المعمودية‏.

وهناك ما‏ يُسمّى بالانشقاق الثاني،‏ كان قد وقع في‏ القرن السابع، حيث ٱنسلخ عن الكنيسة السريانية الأرثوذكسية رهبان دير مار مارون، أبي الكنيسة المارونية وشفيعها، الذي عاش في القرن الرابع للميلاد‏. وفي‏ النصف الثاني‏ من القرن السابع عشر ٱنفصلت جماعة في‏ حلب عن الأمّ برئاسة أندراوس أخيجان الأرمني المارديني الساحر الذي‏ أصبح بطريركًا وذلك بمساعدة القنصل الفرنسي‏ فرنسيس بارون، إلا أنّ هذا الانسلاخ لم‏ يعمّر طويلًا، وعاد إلى أرومته قبيل انسلاخ القرن ذاته‏. وفي‏ المنتصف الثاني‏ من القرن الثامن عشر، برزت إلى الوجود‏ "الطائفة الكاثوليكية السريانية‏" برئاسة ميخائيل بن شكور بن ميخائيل بن جبرائيل بن إلياس ضاهر (1761-1822) مطران حلب، وساعدتها الحكومة الفرنسية في‏ الاستيلاء‎ على العديد من الكنائس والأديرة الأرثوذكسية في‏ كلّ من العراق وسوريا‏.

لمحة عن اللغة السريانية

تضمّ الآرامية الحديثة مجموعة متنوّعة من اللغات واللهجات التي يتكلّمها مسيحيون ويهود ومسلمون ومندائيون/صابئة؛ معظم الناطقين بالآرامية قد غادروا مواطنهم الأصلية في جنوب شرق تركيا، الجزيرة السورية، شمال العراق وغرب إيران، وهم يعيشون في الشتات لا سيّما في الغرب كما نوّهنا أعلاه.  جميع لهجات الآرامية تقريبًا معرضة للانقراض في غضون العقود القادمة وفق الاستطلاعات.

ظهرت الآرامية وهي لغة سامية شمالية غربية، أُمّ السريانية، في الألف الأوّل ق.م. وهي لغة سامية تنتمي إلى المجموعة الشمالية الغربية وفيها العبرية والفينيقية ولهجات كنعانية أخرى، حلّت محلّ اللغات: الأكادية، أقدم اللغات السامية، منذ عام 2700 ق.م.، والعبرية، والفينيقية حوالي العام 100 ق.م. وغدت الآراميةُ التي يعود أقدم نصّ لها إلى حوالي ألف عام ق.م  اللغةَ الرسمية  (lingua franca) ولغة الدبلوماسية والتجارة في الشرق القديم في جغرافيا مترامية الأطراف في الشرق من أفغانستان إلى الهند وآسيا الصغرى وشمالي إفريقيا،  في غضون عشرة قرون تقريبًا، لا سيّما في أعقاب ظهور المسيحية وانتشارها. شعوب كثيرة  مثل اليهود تبنّت الآرامية كلغة الكلام المحكي بعد خروجهم من مصر وبعد العودة من السبي البابلي، وظلت العبرية لغةَ القراءة والكتابة حوالي سبعة عشر قرنا من الزمان. وثمّة أوجه شبه كثيرة بين السريانية وسائر اللهجات الآرامية من جهة واللغة العبرية القديمة من الناحية الأخرى. من تلك الأوجه، مفردات مشتركة، منوال مشابه في صياغة الأفعال وسمات قواعدية أخرى. وهنالك أوجه شبه كثيرة بين السريانية والأكادية (اللهجات المتنوعة في الأشورية والبابلية) والعربية. وعلى الناطقين بلهجات آرامية حديثة أن يعوا أنّ معاني كلمات كثيرة عندهم لا تحمِل المعاني ذاتها في السريانية الكلاسيكية، والأمر ذاته ينسحب على باقي اللغات السامية القريبة من السريانية كآرامية سفري عزرا ونحميا والآرامية اليهودية البابلية والمندائية. مثلا لفظة ”كْمُو“ في السريانية تعني ”كم، كم هو كبير، كم بالأحرى“ أمّا في العبرية فالمعنى ”مثل“. مثل آخر الفعل السُرياني الناقص ”ܦܰܢܝ/ فَني“ يعني ”يُرجع، يُجيب، يكافىء، يمنح، يُدير “  وفي العربية معنى ”فني، يفنى“ معروف أما في العبرية فمعنى هذا الجذر”التفت، انتبه لـ، نظر، وجّه، ترك العمل“.
ومن الصفات المميّزة للسريانية تأثّرها الواسع باللغة اليونانية، ويتجلّى ذلك في المفردات مثل پرولوچيا، أكولوثيا وفي بعض الحالات يلفظ الأولَف ياء في مثل هذه الألفاظ الإغريقية الأصل: غراماطيقي، لوغيقي، قاثوليقي. وكانت خصائص لغوية يونانية قد دخلت السريانية عبر الترجمات  وينسحب الأمر ذاته بالنسبة للغة العبرية.

من المألوف تقسيم أنماط الآرامية إلى خمس حِقب رئيسية وهي:

أ) الآرامية القديمة 925– 700 ق.م. فيها كان الصوت قاف الذي قُلب عينًا في الآرامية التالية مثل: أرْقا > أرْعا أي الأرض.
ب) الآرامية الرسمية/المعيارية 700– 200 ق.م.
ت) الآرامية الوسطى 200 ق. م._ 200م.
ث) الآرامية المتأخّرة  200–1000ܠ.
ج) الآرامية الحديثة 1000 م. – إلى اليوم

يعتبر أحيقار الحكيم (ينظر في: المطران غريغوريوس بولس بهنام، احيقار الحكيم. بغداد: منشورات مجمع اللغة السريانية، 1976)، وزير سنحاريب أوّل من ألّف كُتب الحكمة بالآرامية، حِكم أحيقار حوالي العام 500 ق.م؛ وفي القرن الأول للميلاد أخذت اللغة الآرامية في مدينة الرُّها، حيث المؤسّسات اللاهوتية فيها وفي نصّيبين، تطغى على أخواتها من اللهجات، واتّخذت الاسم السريانية لنشوئها في سوريا وغدت السريانية الكلاسيكية لغة أدبية رئيسية في أرجاء الشرق الأوسط من القرن الرابع ميلادي ولغاية القرن الثامن للميلاد؛ وهنالك كم هائل من الكتابات بهذه اللغة الهامّة بالنسبة للديانة المسيحية، كاللغتين الكلاسيكيتين اليونانية واللاتينية. وهذه السريانية الكلاسيكية هي لهجة آرامية متأخّرة كانت سائدة في ما يُدعى اليوم بجنوب شرق تركيا، سوريا، العراق وإيران منذ بداية التقويم المسيحي.  وهنالك آلاف المخطوطات السريانية القابعة في مكتبات ومتاحف شتّى في الڤاتيكان، لندن، باريس، برلين، أكسفورد، لوران، كمبردج وفي أمريكا. ويمكن القول إنّ الحقبة الواقعة ما بين القرنين الرابع والسابع ميلاديين، تُعتبر العصر الذهبي للغة السريانية كما ذكرنا. لا يحيد المرء عن جادّة الصواب إذا قال إنّ جلّ الأدب السرياني قد دُوّن في القرن الثاني للميلاد في كنف الديانة المسيحية. وقد ظلّت السريانية لغة الدواوين حتّى زمن عبد الملك بن مروان، 646-705 م. وقد حلّت العربية محلّ السريانية تدريجيًا في أزمنة مختلفة وَفق طبيعة وموقع الأمكنة والتركيبة السكّانية فيها. وقد لا يحيد المرء عن جادّة الصواب إذا قال أنّ نجم اللغة السريانية أخذ يأفل بشدّة ابتداء بالقرن التاسع بعد قرون عديدة من الحيوية والعطاء. وفي القرن التاسع عشر قام بعض المبشّرين بجهود محمودة أنعشت لغة السريان ثم جاء ما يمكن تسميته بالاستشراق السرياني.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نافذة على السريان واللغة السريانية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الصمود الحر الشريف :: Votre 1ère catégorie :: منتدى jalili الأستاذ الدكتور حسيب شحادة-
انتقل الى: