ما يجب القيام به قبل الكارثة..!
خالد رواسكي
ح.م
ملحق المقال
كيف تُقيّم الأسابيع الأولى من حكم الرئيس عبد المجيد تبون؟
تصويت!
هذا ما يتوجب علينا القيام به في الجزائر على المستوى الكلي والجزئي قبل وقوع الكارثة..
تطرقنا في مقال سابق (الحلقة المفقودة للحد من تفشي الوباء..!) إلى كيفية انتشار فيروس كورونا المتجدد (COV-19) وتوزعه عبر مختلف الفئات، حيث أن المجتمع الإحصائي للمصابين ينقسم إلى ثلاثة فئات:
الفئة الأولى: وهي فئة أصحاب الأعراض الخفيفة، أو ما يصطلح عليهم فئة حاملي الفيروس والتي تمثل نسبة 80 في المائة من عدد المصابين (الفئة الصامتة).
الفئة الثانية: وهي فئة أصحاب الأعراض المتوسطة، والتي يؤثر فيها الفيروس بدرجة أكبر من الفئة الأولى وتحتاج لرعاية طبية وتمثل نسبة 15 في المائة من عدد المصابين.
الفئة الثالثة: وهي فئة أصحاب الأعراض الخطير وتشمل غالبا كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة وغيرها من الفئات الضعيفة، والتي تحتاج لرعاية طبية كبيرة تصل إلى حد الإنعاش الطبي وتمثل 5 في المائة من عدد المصابين.
ومنه أردت التنبيه إلى وجوب استشراف سياسة شاملة على المستوى الكلي كحكومة وجماعات محلية وعلى المستوى الجزئي كأفراد و عائلات، لاستباق انتشار الوباء ومحاولة الحد من درجة فتك الفيروس.. وذلك بالتزامن مع الحجر الصحي الجزئي والكلي المعلن.
أولا: على المستوى الجزئي كأفراد وعائلات
تخصيص غرف خاصة ومعزولة على مستوى كل عائلة لأصحاب الفئة الهشة (وتشمل غالبا كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة وغيرها)، ومنعهم من الخروج أو الالتقاء ببقية أفراد العائلة الصغيرة والعائلة الكبيرة طوال فترة الحجز الصحي..
يجب الإستفادة من التجارب العالمية في مكافحة الوباء وهو ما وقفت عليه أثناء تحليلي للتجربة الألمانية على المستوى الجزئي، إذ أستشرف مسؤولو الصحة في ألمانيا توقعات نشاط الفيروس، فأعلنوا عن الحجر الصحي الوقائي لكل أفراد الفئة الثالثة (الفئة الهشة والتي تمثل 5 في المائة من المجتمع الإحصائي للوباء)، حيث تم عزلهم تماما سواءا على مستوى دور الرعاية الصحية أو المستشفيات أو على مستوى المنازل. وهو ما يعرف باستراتيجية منع الفيروس من الوقود.
فالفئة الثالثة هي وقود الفيروس لزيادة درجة الفتك (عدد الوفيات)، وهو ما يفسر النسبة المنخفضة جدا لعدد الوفيات في ألمانيا (أكثر من 63929 مصاب بالفيروس يقابله 560 حالة وفاة، أي بنسبة أقل من 0,1 في المائة). و هو النموذج الذي عملت به الدول الاسكندينافية وبعض دول أوروبا الغربية.
وهنا نحاول الاقتباس من التجربة الألمانية لمواجهة الفيروس في الجزائر، فيمكن تطبيق استراتيجية الحجر الصحي الوقائي على المستوى الجزئي كعائلات، بتخصيص غرف خاصة ومعزولة على مستوى كل عائلة لأصحاب الفئة الهشة (وتشمل غالبا كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة وغيرها)، ومنعهم من الخروج أو الالتقاء ببقية أفراد العائلة الصغيرة والعائلة الكبيرة طوال فترة الحجز الصحي. حماية لهم ومساهمة منا كأفراد في التقليل من درجة فتك الفيروس، وكذلك على مستوى دار العجزة والمسنين.
أما أصحاب الأمراض المزمنة على مستوى المستشفيات فيجب وضعهم في أماكن معزولة تماما، مع محاولة المحافظة على نفس الطاقم الطبي الذي يتعامل معهم لحمايتهم من انتقال العدوى حفاظا على حياتهم.
ثانيا: على المستوى الكلي كحكومة وجماعات محلية
يجب إعلام محيط المصاب ليتم التعرف على كل الأشخاص الذين كانوا على علاقة مباشرة مع المصاب، حيث يتم عزلهم ووضعهم في الحجر الصحي الإلزامي، ويتم التعامل معهم كحاملين للفيروس..
وهنا يجب الإستفادة من التجربة الكورية في مكافحة تفشي الفيروس، حيث لجأت إلى إستراتيجية الفحص الشامل لكل شخص كان على علاقة مباشرة مع شخص مصاب بالفيروس للتحكم في عدد حاملي الفيروس من الفئة الأولى (فئة أصحاب الأعراض الخفيفة، أو ما يصطلح عليهم فئة حاملي الفيروس والتي تمثل نسبة 80 في المائة من عدد المصابين)، ليوسع بعدها الفحص التلقائي لبقية المجتمع (أكثر من 30 ألف فحص تلقائي يوميا). وهو ما يفسر النسبة المنخفضة لعدد الوفيات في كوريا الجنوبية (أكثر من 9661 مصاب بالفيروس يقابله 158 حالة وفاة، أي بنسبة أقل من 1,7 في المائة). وهو النموذج الذي اعتمدته كذلك ألمانيا على المستوى الكلي إضافة للإجراءات السابقة الذكر على المستوى الجزئي، حيث قامت بأكثر من 500 ألف فحص تلقائي أسبوعيا.
و هنا نحاول الإقتباس من التجربة الكورية حيث يجب إعلام محيط المصاب ليتم التعرف على كل الأشخاص الذين كانوا على علاقة مباشرة مع المصاب، حيث يتم عزلهم ووضعهم في الحجر الصحي الإلزامي، ويتم التعامل معهم كحاملين للفيروس (وهنا نستعمل المنطق الرياضي أنه كل شخص كان على علاقة بشخص مصاب فهو حامل للفيروس إلى غاية إثبات العكس)، والعكس في الحالة الجزائرية هو نتيجة سلبية للفحص الطبي، ومنه نربح مجالا زمنيا قدره 14 يوما، لأن الشخص تم تحييده، وهو ما يعني الرفع من قدرة معهد باستور 14 ضعفا عكس المعادلة الإحتمالية: (كل شخص مشبوه هو حامل للفيروس) (نظرية الوقت العائم) مع تحييد الخطر..
وهنا يجب الإشارة لعوامل نجاح الإستراتيجية وهي المسؤولية العالية للمشتبه المحتمل بالفيروس وتوفر أماكن الحجز الصحي الإلزامي بكل ما تتطلبه من شروط.
– – –
أ.د. خالد رواسكي
أستاذ جامعي وباحث بالمدرسة الوطنية العليا للإحصاء والإقتصاد التطبيقي (الجزائر)
الحجر الصحي
الكارثة
فيروس كورونا
رابط المقال