السامريّون
* ويعتقد السامريون أنهم الوحيدون من أبناء إسرائيل الأنقياء وغير المختلطين، وينحدرون من نسل يوسف الصديق وأبنائه، … يحاول السامريون البرهنة على أنهم الممثلون الحقيقيون الوحيدون لبني إسرائيل الذين دخلوا فلسطين بقيادة يوشع بن نون، وأن عائلة كاهنهم الحالي يقع نسبها في سلسلة غير منقطعة تصل إلى هارون؛ أول كاهن للأمة.
* السامريون يعيشون في نابلس فقط، على غرار الغيتو.
* كان عدد السامريين في العام 1855 مائة وخمسين فردا تابعين لأربعين عائلة. وبعد خمس سنوات لم يزدادوا إلا بشخص واحد.
* وإذا ما انتقلنا للحديث عن الشخصية السامرية؛ أشير أنني عايشت عرباً ويهوداً في المنطقة؛ ولكني لم أجد أحداً يمكن مقارنته بهم، إذ يتسم السامريون بالنبل، ويتميزون عن غيرهم بصفات شخصية فسيولوجية خاصة: طول القامة وشموخها، وبجبهة مستقيمة وعالية، وجبين كامل ممتلئ، وعيون كبيرة على شكل حبات اللوز، وأنف معقوف، وفم كبير إلى حد ما، وذقن حسن الخلقة، مع استثناءات قليلة.
* المسؤولون السامريّون: سلامة بن طابيه (غزال)، كاهن الربّ العليّ في نابلس، كما وقّع إلى جانب اسمه، زاول استحضار الأرواح والسحر، أضمر عداوة وحقدًا تجاه يعقوب الشلبي؛ عمرام بن سلامة المولود عام 1816 تزوج ثانية لإنجاب ذكر يخلفه وتم له ذلك. دأب ملز بالجلوس مع عمرام يوميًّا بضع ساعات؛ لقد كان الأفضل من بين جميع السكان الأصليين الذين التقيت بهم على اختلاف عقائدهم، باستثناء اثنين أو ثلاثة كانوا متأثرين بشدة بالحقائق الإيمانية الإنجيلية. وسأحتفظ لهذا الكاهن بكل آيات الشكر والاحترام، لأنني مدين له بكل المعلومات التي حصلت عليها حول الطائفة السامرية؛ يعقوب بن هارون ابن أخ عمرام.
* وتجدر الإشارة هنا أنه لا يوجد في العالم شعبٌ أكثر اهتماماً بموضوع النسل وشغفاً به من شعب فلسطين. وهذا ليس بجديد؛ فمسألة إنجاب الأطفال لم تزل تستحوذ على اهتمامه العاطفي والفطري منذ أقدم العصور. فهكذا كانت حنة -Hannah-في قديم الزمان (صموئيل الأول، 1: 5-6).
* التمييز بين الذكر والأنثى شائع في الشرق.
* ومن أهم الأيام التي تجلب الحظ الحسن لدى السامريين؛ يوم الخميس، وهو اليوم الوحيد الذي يحددونه للخطبة.
* اللغة العبرية القديمة الأصلية، وهي لغة لسانها غير معروف سوى لعدد قليل جداً من الناس.
* الطلاق ممنوع لدى السامريين، بعكس جيرانهم اليهود والمسلمين، ليس بسبب النظرة المجتمعية لقدسية رابطة العلاقة الزوجية، ولكن السبب يكمن في المقام الأول بندرة الإناث.
* يعقوب شلبي، الذي تحدثنا عنه، حيث قام السامريون بمنح عروسه خلال وجوده في إنجلترا لشخص آخر، وذلك بسبب سلوكه المخزي خلال سفارته كرسول لهم إلى إنجلترا.
* لا حليتساه عند السامريّين، أي زواج شقيق الزوج المتوفّى من أرملته.
* وأما بخصوص موضوع الطهارة؛ فهناك سبعة أشياء تنجس، أربعة تخص كلا الجنسين، وثلاثة تقتصر على الجنس الأنثوي: أولاً: الجِماع . ثانياً: الاحتلام الليلي، أي وقوع الجنابة بدون فعل جنسي حقيقي. ثالثاً: لمس جسد الميت. رابعاً: لمس الطيور غير النظيفة، ورباعيات الأرجل والزواحف. خامساً: الدورة الشهرية، وتبقى المرأة نجسة سبعة أيام. سادساً: الأنثى خلال النزف -Haemorrhage- إذا ما استمر بعد انقضاء أيام الدورة الشهرية لأكثر من سبعة أيام. سابعاً: الولادة، وتبقى الأم نجسة لمدة واحد وأربعين يوماً إذا كان الطفل ذكراً، وإذا كانت أنثى؛ لمدة ثمانين يوماً.
* صلاة السامريّ الصباحية كالعادة بالعبريّة القديمة طويلة ومملّة وهي قبل الطعام، الشرب أو التدخين. وهذه العبرية مقدّسة عند السامريّ والقِبلة نحو جبل جرزيم. والسامريون لا يميزون بين الذكور والإناث في صلاة الصبح كما يفعل اليهود. الفرق الوحيد بين الجنسين لدى السامريين هو أن صلاة الإناث أقصر قليلاً من الذكور.
* عندما يجلس السامريون لتناول الطعام تُعلن البركة، أي النعمة والشكر، قبل تناوله؛ ويشكرون الله مرة أخرى عند الانتهاء منه، وهذا الواجب يقع على عاتق ربّ الأسرة تمشياً مع شريعة موسى وسنّته.
* ويحرص السامريون على إعداد طعامهم بأنفسهم، لأنهم لا يأكلون أي طعام مطبوخ خارج بيوتهم، ولا يأكلون طعاماً أعده اليهود أو الوثنيون.
* وبعد خروج الروح تبدأ على الفور طقوس غسل الميت وتطهيره بعناية بالماء النظيف، على يد أشخاص من نفس الطائفة، مكلفين بهذه الخدمة؛ ويعتمد اليهود الطقوس نفسها، كما لا يستأجر الطرفان مسلمين أو مسيحيين لهذا الغرض. وبعد تغسيل الميت تقرأ آيات من الكتاب المقدس حتى الآية 1 من سفر العدد، إصحاح 30.
* ومن ناحية أخرى فإن السامريين لا يصلّون على الأموات أو من أجلهم في كل مناسبة كما يفعل اليهود. قال عمرام: نحن لا نصلي من أجلهم، ولا نصلي للأحياء أيضاً، نحن نصلي لله فقط.
* ومن الغريب أن نلاحظ أنه لا يوجد طائفة دينية أخرى تستخدم التوابيت غير السامريين. إنهم يفعلون ذلك تقليداً لما حدث مع أبيهم يوسف بعد موته (التكوين، 1: 26).
* ويُطلِق السامريون على المقبرة "بيت الموتى"، بينما يطلق اليهود بكل أقسامهم عليها "بيت الأحياء".
* ولعل أقدم الأماكن التي خصصت لدفن موتاهم (السامريون)، وفقاً لرواية عمرام، كانت عند أسفل سفح جبل عيبال، ليس بعيداً عن الطرف الشرقي من الوادي.
* من الصعب التمييز بين صلاحيات كل من الكاهن وراعي الطائفة أو إيجاد خط فاصل بينهما، إلا عندما يتعلق الأمر بالنطق بمباركة الكهنوت، وهذا من صلاحيات الكاهن وحده.
* وأما الأسماء التي يدعون بها الله؛ فهي: يهوه، إلوهيم، شاداي، وأدوناي. والأول هو الأكثر قداسة، يستخدمونه في معظم الأحيان، وعادة ما تبدأ رسائلهم بعبارة "باسم يهوه" -Beshem Jehovah-. (لا يذكر المؤلّف أنّ السامريّ لا يلفظ الاسم يهوه بل يقول شيما أي الاسم).
* الكاهن عمرام لفظ الكلمة שילה shalah, التكوين 49: 10، وسمع أن التاهب/المسيح سيأتي عام 1910.
* يؤمن السامريون بشدة بالحياة الأخرى.
* ومن الجدير بالذكر أن كنيسهم الحالي ليس قديماً، وأما السابق فيعود تاريخه إلى ما قبل العصر المسيحي، وكان، كما قيل لنا، مبنياً ببراعة وإتقان، وقبل 470 سنة صادره المسلمون منهم، وحوَّلوه إلى مسجد.
* وأثناء الصلاة يكون الوضع العام هو الجلوس على الأرض؛ نوع من القرفصاء. المسيحيون المحليون يقفون أثناء الخدمة الإلهية، باستثناء عدد قليل من البروتستانت الذين يتصرفون مثل السامريين عندما يجتمعون للصلاة.
* وخلال بعض أجزاء الصلاة يقف المصلون السامريون جميعاً، وفي أجزاء أخرى يسجدون نحو المذبح، ويمارسون عادة السجود في احتفالاتهم أيضاً. وأما اليهود فلا يسجدون أبداً إلا في يوم الغفران.
* خلال أداء الصلوات في الكنيس السامري يبقى المصلون معتمرين غطاء الرأس؛ فالرأس المكشوف وفق تقديرهم يشير إلى عدم إظهار الاحترام، كما أنهم لا يسمحون لأي زائر غريب بخلع قبعته أثناء تواجده في الكنيس، وفي هذا يتفقون مع اليهود، ومع جميع السكان المحليين الأصليين.
* وبالإضافة إلى ذلك، أخبرني عمرام أنه استحدث عادة لقراءة التوراة كلها مرة واحدة في الشهر.
* أما لغة الطقوس فهي العبرية القديمة، ولكنها تبدو كلغة ميتة، لأن المصلين لا يفهمون ما يسمعون، ما عدا الكاهن ورجال الدين المقربين وواحد أو اثنين من الحضور.
* وأما طابع طقوسهم فغريب جداً، ولكنه أكثر احتشاماً ولياقة مما هو متبع لدى المسلمين واليهود والمسيحيين، باستثناء بعض البروتستانت. ولم أر قط خلال العبادة الجماعية السامرية مشاهد عنيفة أو همجية كالتي شاهدتها في أماكن عبادة أخرى.
* فقد اقترحت مرة على عمرام أن القراءة البطيئة والأسلوب الأكثر هدوءاً ستكون مفيدة ومجدية أكثر. فأجاب أن الجماعة، وبعد أن اعتادت على هذه الطريقة؛ فمن الصعب إقناعها بأخرى.
* كان "شيوخ إسرائيل السبعون" قد ألفوا سبعين لحناً في زمن موسى، وفقا للرواية السامرية، وقيل لنا أيضاً أن هؤلاء كلهم كانوا موسيقيين.
* السامريون لا يقحمون الخدم والمساعدين من ديانات أخرى للقيام بأي عمل يخالف قدسية السبت، وأما اليهود فلديهم ما يعرف بالأغيار -Goim- يتخذونهم من غير اليهود، لإشعال النار وإيقاد الشموع (الخروج، 35: 3).
ففي أحد أيام السبت تلقيت رسائل من أصدقائي في القدس، ومنها واحدة لعمرام، فسلمتها له في ختام خدمة الصباح، ولم يتمكن من فتحها بسبب السبت، وعندما فتحت له؛ قام بقراءتها.
* والفكرة العظيمة المتمثلة في المحافظة على حرمة السبت هي أن يظلوا هادئين، وعلى السامري التزام الطاعة مهما كانت العواقب، حتى لو سرق اللصوص أغنامه، أو شبّت النار في بيته أو تعرضت حياته للخطر. بمعنى آخر؛ لا يجرؤ على التصرف بأي شكل من الأشكال من أجل الدفاع عن نفسه أو عن ممتلكاته.
* ولم أتمكن من معرفة إن كان لديهم طبق مميز بعينه ليوم السبت. ومن ناحية أخرى؛ لا يقلد السامريون طقوس اليهود في احتفالات كيدوش-Kidush- وهبدَلاه -Havdalah- وتوابعهما عندما يدخل السبت.
* آخر هذه الجداول المكتوبة كانت قد أُرسلت بواسطة سلامة، والد الكاهن الحالي في عام 1820م، إلى إخوانه المفترضين في أوروبا. إن طريقة الحساب السامرية بحد ذاتها مثيرة للفضول والاهتمام، وسأضيف إلى صفحات هذا الكتاب عينة منها، كتبها الكاهن السامري بنفسه.
* ومن الضرورة أن نعلم أن السامريين كاليهود؛ لديهم نوعان من السنوات، نوع مدني وآخر كنسي ديني. النوع الأول يبدأ مع شهر تشري، والثاني مع نيسان. ويتم تنظيم جميع الأحداث المرتبطة بشئون الحياة العامة وتوفيقها زمنياً بناء على التقويم السنوي المدني، وأما الأحداث والمناسبات الدينية فيربطونها بالتقويم السنوي الكنسي الديني.
* كان المسلمون قد منعوهم من إقامة الفصح على قمة الجبل لما يقرب من أربعين عاماً، فأقاموه في الحي الخاص بهم، في المدينة، إلى أن استعادوا حقهم في الصعود إليه منذ عشرين عاماً خلت، بوساطة السيد فِن -Mr. Finn-القنصل الإنكليزي في القدس.
* في وقت مبكر من صباح اليوم الرابع عشر، يغلق جميع أبناء الطائفة، مع بعض الاستثناءات القليلة، مساكنهم ويتسلقون جبل جرزيم، وينصبون خيامهم على قمته بشكل دائري، استعداداً للاحتفال بأكبر مناسبة قومية.
* وخلال إقامتي في نابلس في بداية عام 1860م، تلقيت دعوة من عمرام كاهن الطائفة السامرية لقضاء أيام الفصح في خيمته الخاصة. وبعد أن مكثت سبعة أيام في القدس، حضرت خلالها احتفالات المسيحيين بعيد الفصح؛ عدت إلى نابلس في الوقت المناسب لأشهده مع السامريين، وفي العام المذكور صادف حلول العيد يوم السبت، فكان لا بد من البدء بطقوسه يوم الجمعة الذي وافق الرابع من أيار. وهذا ما دفعهم إلى تقديم الإجراءات ساعة أقل من المعتاد حتى يتسنى لهم الانتهاء قبل دخول السبت.
* منع تصوير الاحتفال بعيد القربان.
* فتحت أقدامي توجد آثار المعبد الشهير المهدم، وعلى يساري، إلى الجنوب؛ الطريق، المكون من الدرجات السبع، الذي طرد منه آدم من الجنة. وإلى الجنوب قليلاً؛ المكان الذي عرض فيه إسحق للذبح. وبالقرب منه باتجاه الغرب كانت صخرة قدس الأقداس. وبالضبط، بالقرب من الحائط الذي وقفت بجواره، إلى الشمال الغربي منه، أحجار يوشع بن نون المشهورة.
* الفرن/حفرة الفسح عمقها ستة أقدام تقريبًا وقطرها ثلاثة.
* عدد المحتفلين البالغين الذكور 48 وعدد الخراف ستّة.
* النساء والأطفال الصغار بقوا في الخيام.
* وحينها (أي بعد نحر الأضاحي) قام الشبان بغمس أصابعهم في الدم وبدأوا يضعون جزءاً منه على جباه الأطفال وأنوفهم، ثم وضع الدم على جباه بعض الإناث وأنوفهن؛ أما الذكور البالغون فلا.
* وأزيلت أرجل الحملان الأمامية اليمنى التي تخص الكاهن، ووُضعت مع الأحشاء الداخلية فوق النار، وأضيف إليها الملح، وأُحرقت. وأما الكبد فتمت إعادته بعناية. ثم قاموا بإزالة أوتار عراقيب الحملان، ورشوا الملح في جوف كل منها. وبذلك تكون جاهزة للشيِّ.
* فنحاس بن إسحق تولّى توزيع اللحم المشويّ على المحتفلين. وطريقة تناوله مذكورة في سفر الخروج 12: 11. وفي أقل من عشر دقائق نفذ كل شيء ولم يبق سوى العظم والقليل من الفتات، التي نشطوا في جمعها، وفُحصت المنطقة بعناية، فالتقطت كل كسرة خبز أو بقية من طعام بالإضافة إلى العظام، وألقيت كلها في نار داخل حفرة أعدت لهذا الغرض: "وَلاَ تُبْقُوا مِنْهُ إِلَى الصَّبَاحِ. وَالْبَاقِي مِنْهُ إِلَى الصَّبَاحِ، تُحْرِقُونَهُ بِالنَّارِ" (الخروج، 12: 10).
* الخبز المستخدم في هذا العيد يطلق عليه السامريون: ماسات -Masat-، ويلفظونها بالعبرية: ماتسوث -Matsuth- وهو مطابق تماماً للماتسوث اليهودي، إلا أنه أكبر قليلاً، ومن أجل المزيد حول هذا الموضوع؛ يجب أن أحيل القارىء إلى كتابي "اليهود البريطانيون".
* السامريون مثل اليهود المتشددين يعلقون بعض الكعك في منازلهم حتى عيد الفصح التالي، بهدف الحماية وطرد السحر والشياطين، ومن أجل جلب البركة للبيت والأسرة.
* وفي اليوم التاسع (من الشهر السابع)، قبل ساعتين من غروب الشمس، يتطهر الجميع، ذكوراً وإناثاً، بمياه جارية نظيفة؛ وبعد ذلك يتناولون الوجبة الأخيرة قبل الصوم الكبير، وعملية التطهر هذه يجب أن تتم على الأقل قبل نصف ساعة من غروب شمس ذلك اليوم. وبعد الانتهاء من الوجبة؛ يبدأ الصيام الأكبر والأكثر صرامة حتى بعد انقضاء نصف ساعة من غروب شمس اليوم التالي، وبذلك يكونوا قد صاموا بشكل جماعي خمسة وعشرين ساعة (اُنظر سفر اللاويين 23: 27-32).
* وخلال فترة الصيام المذكورة (يوم الغفران)، لا يُسمح للرجل أو المرأة أو الطفل، ولا حتى المرضى أو الرضع، بتذوق أي كسرة خبز أو قطرة ماء، ولا يُسمح بأي تساهل، مهما كان تافهًا؛ صيام صارم جداً، وحتى الدواء ممنوع. وقبل حوالي نصف ساعة من غروب الشمس يجتمعون في الكنيس، حيث تبدأ الطقوس الدينية الخاصة بذلك اليوم ليوم واحد، ويتم أداؤها دون انقطاع في ظلام دامس طوال الليل، تتلى خلالها أسفار موسى الخمسة، إلى جانب الصلوات والأدعية التي تتم قراءتها بما يتناسب مع هذه المناسبة. وتتكرر هذه النصوص الدينية التوراتية من قبل الكاهن عمرام وابن أخيه بالتناوب، وأحياناً من قبل شخص آخر من المصلين. وتجدر الإشارة أن هذين المسئولين على دراية جيدة بطقوس المناسبة، وأنهما قادران على تلاوة التوراة عن ظهر قلب…
* وفي صباح اليوم التالي يخرجون في موكب لزيارة مقابر بعض أنبيائهم، ويقومون هناك بقراءة أجزاء من التوراة. وبعد عودتهم عند الظهر، يتم استئناف الطقوس في الكنيس كما كان من قبل. وعندما تقترب من نهايتها تقام أعظم المراسم لهذا اليوم، وذلك من خلال عرض الدَّرْج: اللفافة القديمة التي يؤمنون أن كاتبها هو أبيشوع (أڤيشع) الحفيد الأكبر لهارون.
* وبذلك تكون جميع طقوس يوم الغفران-Kibburim- المملة قد انتهت، وهنا يمكن أن نضيف أن المحتفلين يستخدمون العكازات ليميلوا عليها أجسامهم للاستراحة، وكذلك يفعل مسيحيو الشرق.
* في يوم الحادي عشر أي في الغد من يوم الكفارة، يبدأون ببناء المظال، التي يجب أن تكون جاهزة في صباح يوم الرابع عشر، ويجب أن تُنصب في الهواء الطلق، ولهذا الغرض يتم بناء ساحات لها. لم أتعلم طريقة بنائها، ولا الطريقة التي يستخدمون بها أربعة أنواع من الأغصان (اللاويون 23: 40، 42-43، ).
* في شهر شابات -Shabat- يحيي السامريون عيد فوريم أو بوريم -Porim-. أما اليهود فيحتفلون به في الرابع عشر من شهر آدار -Adar- إحياءً لليوم الذي أنقدت فيه الملكة اليهودية إستير -Esther- يهود فارس من المؤامرة التي دبرها زوجها لذبحهم. وكلمة بوريم تعني "جزء" أو "نصيب"، ولكن السامريين يحتفلون به في الشهر السابق، وتحديداً في السبوتات الثلاثة الأواخر من الشهر، ليس لخلاص اليهود على يد إستير، وإنما إحياء لذكرى الخروج من مصر بقيادة موسى. ولدى السامريين طقوس في هذا اليوم تستمر ست ساعات، تضم استعراضاً لتاريخ الحدث كما هو مسجل في التوراة، مع الصلاة، وترانيم البركات والأناشيد. والهدف من هذا العيد هو أن يكون إحياءً تذكارياً لمهمة موسى الكريمة والظروف المرتبطة بها. وهذا العيد غير إجباري كما قال الكاهن، الذي بدوره يسميه عيد الفرح.
* ويعد جبل جرزيم قِبلة السامريين الأولى والوحيدة في العالم. فمثلما يولي اليهودي في جميع أنحاء العالم وجهه في الصلاة شطر جبل الهيكل في القدس؛ كذلك يفعل السامري تجاه جريزيم، الذي هو جبل هيكلهم. ولا شيء يمكن أن يُعطي فكرة أفضل عن التقدير الكبير الذي يكنونه لهذا الجبل المقدس من الأسماء المختلفة التي يسمونه بها، وعددها ثلاثة عشر اسماً. وسوف اسميها كما وردت على لسان عمرام: …
* يُعدُّ أهالي نابلس أكثر أهل فلسطين المسلمين تعصباً وشراً، وما زاد الطين بلة؛ السياسة السيئة التي تنتهجها الحكومة المحلية تجاه شعبها، منذ عصور.
* ومن أهم العائلات المحلية التي نشطت في التنافس فيما بينها على الزعامة؛ عبد الهادي وجرّار وريّان وطوقان، فحققت نجاحات متفاوتة، ما خلق جواً من التوتر، وأبقى المنطقة في حالة صراع وحرب وسفك للدماء. فسجلت الفترة الواقعة بين 1805 و1842م إجراء ما لا يقل عن ثلاثة عشر تغييراً للحكام، ما جعل منطقة جبل نابلس تضطرم بالصراعات والمؤامرات لفترات طويلة، فأضر ذلك كثيراً الوضع المعيشي للسكان، وبخاصة إذا ما علمنا أن كل تغيير كان يرافقه رشاوى ثقيلة، مما سيجعل الحاكم الجديد مضطراً لسد العجز في موارد خزينته من خلال فرض ضرائب باهظة على السكان.
* كان السامريون من أكثر الناس معاناة واضطهاداً على يد المسلمين في ظل الأوضاع المذكورة، لأسباب سياسية ودينية.
* وفي عام 1841م، تعرضوا لشتى أنواع التنكيل، ولم ينقذهم من محنتهم سوى الإعلان الذي أصدره الحاخام اليهودي الأكبر في القدس. وسأقدم القصة كاملة كما رواها أحدهم: قبل العام المذكور بقليل، كانت أرملة سامرية قد تعرضت للخداع من قبل بعض المسلمين المؤثرين، فاعتنقت الإسلام. وكان لديها ابناً وابنة بقيا يعيشان عند السامريين، فقرر العلماء المسلمون أن عليهما اتباع دين أمهما واعتناق الإسلام، إلا أن حاكم المدينة لم يوافق على هذا الإكراه، وعارضه بشدة. فغضب العلماء منه بسبب معارضته لهذا الأمر الديني، ما أدى إلى إحداث مزيد من الفوضى، فاستغل محمود عبد الهادي، عمّ الحاكم، هذا الأمر وذهب إلى دمشق بحجة السعي لإصلاح الأمر، وهناك، عن طريق الرشوة والتضليل، حصل على مرسوم يمنحه الحق في الحكم، ما أدى إلى عزل ابن أخيه. وعند وصول محمود إلى نابلس؛ أخبره العلماء أنه لن يحظى بتأييدهم ورضاهم ما لم يعمل تطهير المدينة من الديانة السامرية، وطلبوا منه أن يقوم قبل ذلك بإكراه ابني الأرملة السامرية على اعتناق الإسلام. فرضخ الحاكم الجديد لمطالبهم، ونجح في حمل الصبي، ذي الأربعة عشر عاماً، على اعتناق الإسلام، بعد أن سجنه لمدة أسبوعين، تعرض خلالها للتهديدات والجلد المتكرر، كما أُجبر على تغيير اسمه من إسحق إلى محمد، وهو معروف الآن في جميع أنحاء جبل نابلس باسم محمد بن أسعد. أما أخته فماتت بسبب الخوف والتعذيب. وبعد إسلامه، تجمع العلماء وتآمروا على قتل جميع أبناء الطائفة السامرية ما لم يعتنقوا الإسلام. ومن قبيل الصدفة أن سامرياً اسمه مبارك كان من بين الحضور، فانزعج مما سمع، وأخذت نفسه تسوله بإبلاغ إخوانه، ولكن المسلمين هددوه وأجبروه على اعتناق الإسلام، ثم حملوه على ظهور الخيل وطافوا به أرجاء المدينة ابتهاجاً، وصاروا ينادون على أبناء الطائفة يدعونهم للإسلام. فشعر السامريون بالخوف، ما دفعهم إلى الاختباء، وهرب البعض من المدينة.
* ومن الجدير بالذكر أن السامريين، خلال السنوات الأربعين الأخيرة، سُحقوا تقريباً بسبب بربرية عبد الهادي وموسى بيك، ما اضطرهم للسعي مراراً لطلب حماية فرنسا وبريطانيا؛… عمد الباب العالي إلى إسناد مهمة حكم المدينة لحاكم تركي عام 1855م، فتحسنت أحوال السامريين.
* (تفيد المخطوطة المكتوبة عام 1772 بقلم أحمد أفندي التي يملكها د. لي Lee: عمائم السمرة يجب أن تكون مصنوعة من مواد خشنة غليظة وملابسهم كذلك؛ منع السامريون من ركوب الخيول والاقتصار على الحمير بدون سروج وفي ظروف ملحّة فقط وعند مرورهم بمسجد عليهم الترجل وأُجبروا على تعليق أحذيتهم القديمة على أكتافهم وبها أجراس؛ لا يسمح للسامريّ برفع بنائه أعلى من بناء المسلم الجار وبالأصل لا يسمح للسامريّ مجاورة المسلم.
لا بد لي من الإضافة هنا أن عدداً قليلاً من السامريين يمارس بعض الحرف اليدوية، ولكن أغلبيتهم تجار، يتاجرون بسلع مختلفة، وهم كطائفة؛ فقراء نسبياً، ومضطهدين.
* لغات السامريين ثلاث؛ يستخدمون العربية والسامرية في واجباتهم الاجتماعية الداخلية، والعبرية في طقوسهم الدينية، وأما لغتهم المحكية خارج مجتمعهم فهي اللغة العربية.
* النسخة السامرية وكذلك اليهودية انبثقتا من المخطوط الأصلي الذي كتب بخط موسى، وأما اختلافهما فسببه أعمال التنقيح التي جرت على المخطوط من جانب كل من اليهود والسامريين، وبمعنى آخر؛ فإن النسخة الأصلية هي ذاتها. وما أوردناه باختصار هو الرواية غير السامرية، أما هم أنفسهم فيقدمون رواية مختلفة للغاية، كما سنرى. خلال إقامتي بينهم في عام 1860م، أعار لي الكاهن نسخة من أسفار موسى الخمسة، وأعتقد أن مثل هذه النسخ لا يتم إعطاؤها لأحد من خارج مجتمعهم إلا بإذن وتصريح رسميين، باستثناء واحدة أُرسلت إلى إخوانهم المفترضين بواسطة هنتنغتون-Huntington- مكتوبة على ورق شرقي، على شكل كتاب ينقسم إلى مجلدين؛ الأول يحتوي على سفر التكوين والخروج، والثاني يحتوي على اللاويين والعدد والتثنية.
فالنسخة السامرية ليست خالية تماماً من الحركات، إذ أنها تحتوي عدداً قليلاً منها، وبخاصة: النقطة، وهي الأكثر شيوعاً، توضع بعد كل كلمة، ولا يتم حذفها إلا في نهاية السطر. ومن الحركات الأخر: الشَّرطة الصغيرة توضع فوق الحروف، والتي لديها غير دلالة واحدة، وذلك من أجل تمييز الكلمات المتشابهة حرفاً، المختلفة لفظاً. على سبيل المثال: אֶל وتعني إلى، to or at، أما אל بشرطة فوق الألف؛ فتعني: الرب. وأحيانا توضع الشرطة فوق التاء في את لتكون بديلاً عن الهاء אתה، ومن الحركات الأخرى: نقطتان رأسيتان بينهما خط، توضع للإشارة إلى ترقيم معين أو تشكيل ما، وهذه شائعة بكثرة. لا توجد قاعدة على ما يبدو في اختيار هذه الإشارات، بل تعتمد على خيال الكاتب، حيث نجدها مختلفة في نسخ عديدة.
* لكن الميزة الخاصة التي يراعي السامريون التقيد بها، أن يبدأوا المخطوطات على الصفحة الداخلية وليس على ظهرها من الخارج بأي حال من الأحول، ويلتزمون بهذه القاعدة بدقة وصرامة لا متناهية، وتتم مراعاة هذه القاعدة على هذا النحو في النسخ المطبوعة أيضاً، إن كان بوسعهم طباعتها.
* وأما النسخة السامرية فتسمي الأسفار: الكتاب الأول، الكتاب الثاني، وهكذا. ولكن من الأهمية بمكان أن نضع في اعتبارنا أن الفكرة الأصلية والفعلية للكتابة هي، أنه كتاب واحد فقط، وثيقة واحدة، ولا يوجد في العقل السامري أي وجود لخمسة كتب منفصلة، بل قانون إلهي واحد اسمه التوراة.
* ومن الجدير بالذكر أن النسخة السامرية تختلف عن العبرية في أكثر من ألفي حالة، وأن "السبعونية" تتفق مع النصوص السامرية.
* وكانت ملفوفة (درج أڤيشع) بغطاء الساتان الأحمر، المزين بالنقوش السامرية المطرزة بأحرف من ذهب. وعندما أزال الغطاء وجدت أن اللفافة كانت محفوظة في علبة فضية أسطوانية، وتُفتح إلى دفتين، بينهما ما يشبه المفاصل، بحيث يتم عرض عمود كامل للقراءة. وحينها استأنفنا النظر إلى اللفافة القديمة مرة أخرى، وكانت الكتابات على العمود المكشوف مطموسة، غير ظاهرة، بسبب قيام الناس عبر الأزمنة المتعاقبة بلمسه وتقبيله. فطلبت من يعقوب السماح لي بفكها وعرضها، فوافق؛ وحينها قمت بإعداد بعض الملاحظات، ومضمونها كما يأتي: (الرق قديم جدا، طول العمود 13 إنشًا والعرض 7،5 إنش، الكتابة صغيرة إلى حد ما، في كل عمود من 70 إلى 72 سطرًا، في اللفافة 110 أعمدة، التشقيل في سفر التثنية داخل ثلاثة أعمدة، اللفافة مهترئة وممزقة في العديد من المواضع، مصححة في مواضع، ثلثا النصّ الأصلي لا يزال مقروءا.
* وأخيراً؛ النسخة العربية، التي كتبها أبو سعيد في مصر في حوالي عام 1000م.
* لا يمكن أبداً مقارنة أدب السامريين، في أزهى أيامه، مع أدب اليهود؛ فالسامريون، نسبياً، مجتمع صغير، لم يقدم كثيراً للمسيرة الأدبية.
* وفي خضم حملات الاضطهاد التي تعرضوا لها خلال القرون الأولى من العصر المسيحي، وخاصة في ظل نظام كومودوس -Commodus- الفاسد والقاسي؛ فقد تم تدمير معظم كتبهم. ثم أضاف الحكم الإسلامي لفلسطين والبلدان المحيطة المزيد من الدمار، مما جعلهم عاجزين عن استعادة نشاطهم السابق. وعلى الرغم من ذلك؛ ظهر بينهم عدد من المؤلفين، ولكنهم فضلاً عن ندرتهم؛ لم يكونوا يتمتعون بنفس القدرات التي كانت للقدامى من أسلافهم الحكماء.
* أخبرني الكاهن الحالي أنه خالٍ من روح الانتقام الشخصية تجاه اليهود، مع أنهم، كما يقول، ملعونون منذ أيام رئيسهم إيلي، ولهذا؛ فمن المحظور، من الناحية القانونية، التزاوج والأكل والتعامل معهم.