واشنطن تبلور خطة «الأمن مقابل الغذاء» لغزة

واصلت هيئة «السباعية» الإسرائيلية، أمس، مشاوراتها لتجاوز الخلافات مع الإدارة الأميركية حول طبيعة التحقيق في ملابسات مجزرة «أسطول الحرية»، في وقت تحدثت صحيفة «دايلي تلغراف» عن اتفاق مقايضة اقترحته بريطانيا، ويقضي بتخفيف الحصار عن قطاع غزة في مقابل تساهل الأسرة الدولية في موضوع التحقيق الدولي، فيما ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن واشنطن تبلور خطة متكاملة حول غزة تتضمّن نشر قوات دولية ووقف إطلاق نار بشكل دائم وشامل بين إسرائيل وحركة حماس.
وعقدت هيئة «السباعية» الوزارية الإسرائيلية، أمس، جلسة جديدة للبحث في تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في النتائج الدموية للهجوم الإسرائيلي على سفن «أسطول الحرية»، لكنها لم تتوصل إلى قرار نهائي بسبب وجود خلافات مع الإدارة الأميركية حول طبيعة هذه اللجنة ومهامها.
وأشارت الإذاعة العامة الإسرائيلية إلى أنّ «الاتصالات مع الولايات المتحدة ستستمر، في محاولة لبلورة مسار تقصّي حقائق يكون مقبولاً من قبل جميع الأطراف». ونقلت الإذاعة عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن «التقديرات تشير إلى أن الإدارة الأميركية ستوافق على المبدأ الذي تطرحه إسرائيل، ويقضي بأن تستمتع اللجنة التي ستشكل لشهادات يدلي بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك ورئيس أركان الجيش غابي أشكنازي، وربما وزراء آخرون في (السباعية)، من دون أن يتم التحقيق مع الجنود الذين شاركوا في الهجوم».
وذكرت صحيفة «معاريف» أنّ المستشار القانوني السابق لوزارة الدفاع الإسرائيلية يوسف تشيخانوفير، الذي حقق في فشل الموساد في اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل عام 1997، مرشح لترؤس لجنة تقصي الحقائق الإسرائيلية، مشيرة إلى أنّ اللجنة لن تضم في عضويتها أي رجل قانون بمستوى عالمي، مثل رئيسي المحكمة العليا السابقين مائير شمغار أو أهارون باراك.
وفي السياق، أشار نتنياهو إلى أنّ اللجنة ستحقق في الجهة التي جندت وموّلت مشاركة «المتطرفين» في «أسطول الحرية»، في إشارة إلى منظمة الإغاثة الإنسانية التركية. ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن نتنياهو قوله: «أنا شخصياً ووزير الدفاع والوزراء الآخرون ورئيس الأركان سنكون مستعدين لتقديم كل الوقائع من دون أن نخفي شيئاً... وأريد أن تعرف الحقيقة كاملة، ومن اجل هذه الغاية، يجب أن يسمح التحقيق بإعطاء أجوبة عن أسئلة تفضل المجموعة الدولية تجاهلها، مثل من كان وراء المجموعة المتطرفة التي كانت على متن السفينة (التركية)؟ ومن كان وراء الأسطول؟ ومن الذي موّله؟ وكيف تم العثور على فؤوس وسكاكين وأسلحة بيضاء أخرى في السفينة؟ ولماذا كان مع ركابها مبالغ مالية ضخمة؟ ولمن كانت مرسلة؟».
وأضاف أنّ «إسرائيل ما زالت تجري مشاورات مع الولايات المتحدة وجهات دولية أخرى حول طبيعة عملية تقصي الحقائق لكي تكون مناسبة، وتؤدي إلى استيضاح الحقائق وتأكيدها».
حصار غزة
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «دايلي تلغراف» البريطانية أن إسرائيل ستقبل خطة اقترحتها لندن لتخفيف الحصار عن قطاع غزة، في مقابل موافقة الأسرة الدولية على إجراء تحقيق مخفف في جريمة الاعتداء على «أسطول الحرية». وأوضحت الصحيفة أنّ لندن قامت بـ«دور قيادي» في المفاوضات بشأن هذه المسألة، حيث أعدّت «وثيقة سرية» تعرض طرق تخفيف الحصار.
وبحسب «دايلي تلغراف» فإنّ إسرائيل ستوافق من حيث المبدأ على السماح بمرور المزيد من المساعدات من خلال المعابر البرية مع غزة، كما أنها ستتخلى عن قائمتها الرسمية، التي تضمّ 35 سلعة تسمح بدخولها إلى قطاع غزة، لمصلحة قائمة من السلع المحظورة. وفي المقابل رفضت إسرائيل جزءاً من الخطة البريطانية يقترح تخفيف الحصار البحري عن غزة، وتشكيل قوة بحرية دولية لتفتيش السفن قبل السماح بالتوجه إلى القطاع.
يأتي ذلك، في وقت أعلن مسؤول لجنة تنسيق إدخال البضائع إلى قطاع غزة رائد فتوح أنّ سلطات الاحتلال بدأت السماح بدخول بضائع كانت ممنوعة سابقاً، من بينها المشروبات الغازية والعصائر والفواكه المعلبة والبسكويت وأدوات الحلاقة.
إلى ذلك، نقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية عن مصادر أميركية قولها إن إدارة الرئيس باراك أوباما تعدّ خطة إستراتيجية متكاملة حول الأوضاع في قطاع غزة، تتضمن نشر قوات دولية ووقف إطلاق نار دائم وشامل بين إسرائيل وحركة حماس، مضيفة أنّ الخطة تتضمن أيضاً وجود قوات أمن تابعة للسلطة الفلسطينية في المعابر بين قطاع غزة وإسرائيل، وفي معبر رفح الحدودي، على أن يتم في مرحلة متقدمة رفع كامل للحصار المفروض على غزة.
وأشارت المصادر إلى أنّ إسرائيل لا تبدي معارضة حقيقية للخطة المذكورة، شرط ضمان عدم تنفيذ أي عمليات عسكرية أو تهريب أسلحة إلى قطاع غزة لفترة طويلة. وأشارت الإذاعة إلى أنّ الخطة الأميركية تشبه إلى حد كبير البرنامج الأميركي الذي طبق في العراق أثناء الحصار، المعروف باسم برنامج «النفط مقابل الغذاء»، بحيث ستحول في غزة إلى برنامج «الأمن مقابل الغذاء».
(«السفير»، أ ف ب، رويترز،
أب، يو بي أي، د ب أ، أ ش أ)