قصيدة الشاعر نزار قباني ((يا تونس الخضراء))
الاربعاء, 16 يونيو, 2010
يا تونس الخضراء جئتك عاشقاً .............. وعلى جبيني وردة وكـتــــــــاب
إني الدمشقي الذي احترف الهوى............... فأخضوضرت لغنائه الأعشاب
أحرقت من خلفي جميع مراكبي...............ان الهوى ان لا يكون إيـــــــــاب
أنا فوق أجفان النساء مكســــــــر............... قطعاً فعمري الموج والأخشـاب
لم أنس أسماء النساء وأنمـــــــا ............. للحسن أسباب ولي أسبــــــــــــاب
يا ساكنات البحر في قرطاجــة ...............جف الشذى وتفرق الأصحـــــاب
أين اللواتي حبهن عبــــــــــــــادة .......... وغيابهن وقربهن عــــــــــــــــذاب
اللابسات قصائدي ومدامعـــــي .............عاتبتهن وما أفاد عتــــــــــــــــــاب
أحببتهن وهن ما أحببننـــــــــــــي ......... وصدقتهن ووعدهن كــــــــــــــذاب
إني لأشعر بالدوار فناهــــــــــــد........... لي يطمئن وناهد يرتــــــــــــــــاب
هل دولة العشق التي أسستهــــا ........... سقطت علي وسدت الأبــــــــــواب
تبكي الكؤوس فبعد ثغـر حبيبتي ............ حلفت بأن لا تسكر الأعنــــــــاب
أيصدني نهد تعبت برسمــــــــه ............وتخونني الأقراط والأثـــــــــــواب
ماذا جرى لممالكي وبيارقـــــــي .......... أدعو رباب فلا تجيب ربـــــــــاب
أأحاسب امرأة على نسيانهــــــا ............ ومتى أستقام مع النساء حســـــاب
ما تبت عن عشقي ولا أستغفرته .............ما أسخف العشاق لو هم تابـــــوا
*********************************
قمر دمشقي يسافر في دمـــــي ............. وبلابل وسنابل وقبــــــــــــــــــاب
الفل يبدأ من دمشق بياضــــــه ................ وبعطرها تتطيب الأطيــــــــاب
والماء يبدأ من دمشق ..فحيثمـا.............. أسندت رأسك جدول ينســــــــاب
والشعر عصفور يمد جناحــــه ............فوق الشآم وشاعر جــــــــــــــــواب
والحب يبدأ من دمشق فأهلنـــــا............ عبدوا الجمال وذوبوه وذابــــــــــوا
والخيل تبدأ من دمشق مسارهـا........... وتشد للفتح الكبير ركـــــــــــــــــاب
والدهر يبدأ من دمشق وعندهــا........... تبقى اللغات وتحفظ الأنســـــــــــاب
ودمشق تعطي للعروبة شكلهـا ..............وبأرضها تتشكل الأحقـــــــــــــاب
بدأ الزفاف فمن تكون مضيفتي........... هذا المساء ومن هو العـــــــــــــراب
أأنا مغني القصر يا قرطاجـــة ........... كيف الحضور وما علي ثيــــــــــاب
ماذا أقول فمي يفتش عن فمــــي......... والمفردات حجارة وتـــــــــــــــــراب
فمآدب عربية وقصائـــــــــــــد........... همزية ووسائد وحبــــــــــــــــــــــاب
لا الكأس تنسينا مساحة حزننا............ يوماً ولا كل الشراب شــــــــــــــراب
من أين يأتي اللشعر يا قرطاجة .......... والدين مات وعادت الأنصــــــــــاب
من أين يأتي الشعر؟حين نهارنا.......... قمع وحين مساؤنا ارهــــــــــــــــــاب
سرقوا أصابعنا وعطر حروفنــا.......... فبأي شيء يكتب الكتـــــــــــــــــــــاب
والحكم شرطي يسير ورائنــــا ......... سراً فنكهة خبزنا أستجــــــــــــــــــواب
والشعر رغم سياطهم وسجونهم.......... ملك وهم في بابه حجــــــــــــــــــــاب
من أين أدخل بالقصيدة يا ترى؟......... وحدائق الشعر الجميل خــــــــــــــراب
لم يبق في دار البلابل بلبـــــــل............. لا البحتري هنا... ولا زريـــــــــاب
شعراء هذا اليوم جنس ثالــــــــث...........فالقول فوضى والكلام ضبـــــــــــاب
يتكلمون من الفراغ... فما هــــــم..........عجم اذا نطقوا ولا أعـــــــــــــــــراب
اللاهثون على هوامش عمرنــــا................ سيان أن حضروا وأن هم غابوا
يتهكمون على النبيذ معتقــــــــاً........... وهم على سطح النبيذ ذبــــــــــــــــاب
الخمر تبقى أن تقادم عهدهــــا.............. خمراً وقد تتغير الأكــــــــــــــــواب
**********************************
من أين أدخل في القصيدة يا ترى؟......... والشعر فوق رؤوسنا ســــــــرداب
إن القصيدة ليس ما كتبت يـــدي .......... لكنها ما تكتب الأهـــــــــــــــــــداب
نار الكتابة أحرقت أعمارنــــــــا............ فحياتنا الكبريت والأحطــــــــــاب
ما الشعر؟ ما وجع الكتابة ؟ ما الرؤى؟... أولى ضحايانا هم الكتـــــــــــــــاب
يعطوننا الفرح الجميل .... وحظهـــم...... حظ البغايا .... ما لهن ثــــــــواب
يا تونس الخضراء هذا عالــــــــــــــم.... يثرى به الأمي والنصــــــــــــــــاب
فمن الخليج الى المحيط قبائـــــــــــل..... بطرت فلا فكــــــــــــــــر ولا آداب
في عصر زيت الكاز يطلب شاعر....... ثوباً وترفل بالحرير قحـــــــــــــاب
هل في العيون التونسية شاطــــــــئً ...... ترتاح فوق رماله الأعصــــــــــاب
أنا يا صديقة متعب بعروبتـــــــي.......... فهل العروبة لعنة وعقــــــــــــــــــاب
أمشي على ورق الخريطة خائفــــاً ...... فعلى الخريطة كلنــــــــــــــــا أغراب
أتكلم الفصحى أمام عشيرتــــــــــــي.... وأعيد ... لكن ما هناك جــــــــــــواب
لولا العباءات التي التفـــوا بهــــــــا .... ما كنت تحسب أنهم أعـــــــــــــــــراب
يتقاتلون على بقايا تمــــــــــــــــــرة... فخناجــــــر مرفوعــة وجحـــــــــــــراب
قبلاتهم عربيــــــــة ... من ذا رأى..... فيما رأى قبل لها أنيــــــــــــــــــــــــاب
************************************
يا تونس الخضراء كأسي علقـــم...... أعلى الهزيمة تشرب الأنخـــــــــــــــاب
وخريطة الوطن الكبير فضيحــة.... فحواجز ومخافر وكـــــــــــــــــــــــــــلاب
والعالم العربي أما نعجــــــــــــة .... مذبوحة أو حاكم قصــــــــــــــــــــــــــاب
والعالم العربي يرهن سيفـــــــــه....فحكاية الشرف الرفيع ســــــــــــــــــــراب
والعالم العربي يخزن النفــــــــط..... في خصيتيه وربـك الوهــــــــــــــــــــــاب
والناس قبل النفط أو من بعـــده ......مستنزفون فســــــــــــــــــــــــــادة ودواب
**************************************
يا تونس الخضراء كيف خلاصنا؟..... لم يبقى من كتب السمــاء كتــــــــــــاب
ماتت خيول بني أمية كلهــــــا....... خجلاً وظل الصرف والأعـــــــــــــــراب
فكأنما كتب التراث خرافــــــــة....... كبرى فلا عمر ولا خطـــــــــــــــــــــاب
وبيارق أبن العاص تمسح دمعها....... وعزيز مصر بالفصام مصـــــــــــــــاب
من ذا يصدق أن مصر تهودت........ فمقام سيدنا الحسيـن يبـــــــــــــــــــــــاب
ما هذه مصر ... فأن صلاتهــا ...... عبرية وإمامها كـــــــــــــــــــــــــــــــذاب
ما هذه مصر؟ فإن سماؤهـــــا.......... صغرت وأن نساءها أســــــــــــــــــلاب
أن جاء كافور فكم من حاكـــم......... قهر الشعوب وتاجه قبقــــــــــــــــــــاب
**************************************
بحرية العينين يا قرطاجــــــة........... شاخ الزمان وأنت بعد شبـــــــــــــباب
هل لي بعرض البحر نصف جزيرة...... هل للدفاتر يا ترى أعصــــــــــــــــاب
حزني بنفسجة يبللها النــــــــــــدى....... وضفاف جرحي روضة معشــــــــاب
لا تعذليني أن كشفت مواجعي.......... وجه الحقيقة ما عليه نقـــــــــــــــــــــاب
إن الجنون وراء نصف قصائـدي...... أوليس في بعض الجنون صــــــــــــواب
فتحملي غضبي الجميل فربمـــا........ ثارت على أمر السماء هضـــــــــــــاب
فأذا صرخت بوجه من أحببتهــــم..... فلكي يعيش الحب والأحبـــــــــــــــــــاب
وأذا قسوت على العروبة مــرة..... فلقد تضيق بكحلها الأهــــــــــــــــــــــداب
فلربما تجد العروبة نفسهـــــــــا...... ويضيء في قلب الظلام شهــــــــــــــــاب
ولقد تطير من العقال حمامــــة ...... ومن العباءة تطلع الأعشـــــــــــــــــــــاب
************************************
قرطاجة....قرطاجة....قرطاجة...... هل لي لصدرك رجعة ومتـــــــــــــــــاب
لا تغضبي مني إذا غلب الهـوى إنــــــ الهوى في طبعه غـــــــلاّب
فذنوب شعري كلها مغفـــورة....... والله جل جلاله التـــــــــــــــــــــــــــواب
منقول ...