تفاعلات أسطول الحرية المجيد

أتت الأخبار بهذه الصورة الحية من التفاعلات والأصداء التي خلفها أسطول الحرية المجيد, لقد أطلق هذا الاسطول الأسطوري الشرارة الأولى للإطاحة بالحصار الآثم الذي يريد إبادة شعب بأكمله من أجل أن تبقى أكبر عصابة إرهابية في العالم آمنة مطمئنة تروع الناس من حولها وفي العالم قاطبة.
نسمع الآن عن مشاريع السفن والأساطيل والقوافل وحتى الطائرات المتجهة للإجهاز على ما تبقى من حصار غزة الجائر. والذي كان مسكوتا عنه كما لو كان أمرا طبيعيا, الآن يتحدثون كلهم عن ضرورة رفعه, الإسرائيليون يصدرون قرارا بتخفيف الحصار كمناورة تهدف إلى عدم رفعه كلية حتى لا تقوى المقاومة من جديد, وهم يتحدثون عن أن التخفيف يشمل المواد غير الممنوعة, التي يسمح بدخولها إلى غزة, وإبقاء المواد المحظورة ممنوعة من الدخول, ومن المعروف أن من بين هذه المواد الكثير من الاحتياجات الأساسية لإعادة الإعمار خاصة, حيث يدعي الصهاينة أنها تدخل في صناعة الأسلحة أو المخابئ الحربية, وما إلى ذلك من الحجج الواهية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الحصار العار أو على الأقل محاولة ذلك, ومن الجانب الأمريكي يتبين أن المحاولات جارية للحد من الخسائر السياسية والديبلوماسية للكيان الصهيوني وذلك بمحاولة عرقلة العمل الدولي في مجلس الأمن ومنعه من إصدار عقوبات وحتى مجرد إدانات للكيان الصهيوني على قرصنته وجريمته بقتل الأبرياء من المدنيين الحاملين لمواد إغاثة إلى شعب محاصر, يموت أطفاله وشيوخه ومرضاه جوعا ومعاناة من المرض وغيره, وها هم نواب في الكونجرس الموقر يحذرون تركيا من معاداة إسرائيل قائلين للعالم عليكم أن تحبوا إسرائيل المجرمة المقرصنة لقوافل الإغاثة المدنية في عرض المياه الدولية. وعلى الجانب الآخر هناك صمت عربي رسمي, لكن هناك حركة شعبية نشيطة تهيء القوافل والسفن والأساطيل, حتى أن هناك حديث عن استعداد أحرار أمريكان لاستخدام طائرات لكسر الحصار, يتحدثون عن صعوبة تعرض إسرائيل لها.
لقد أدى الإرهاب الصهيوني وقرصنته لأسطول الحرية في المياه الدولية إلى نتائج معاكسة لرغباته وتوقعاته المريضة, فزادت الحملة استعارا والتصميم اصرارا على كسر الحصار على غزة مهما كان الثمن, ليس من طرف تركيا وحدها أو النشطاء العرب وغيرهم من دول كثيرة شاركوا في رحلة أسطول الحرية المجيد, بل إن الأمر هذه المرة يرقى إلى مستوى عالمي, كرد فعل على القرصنة الإسرائيلية للأسطول التاريخي, وارتكابها الجريمة الشنعاء بقتل العديد من ركابه, وجرح الكثير منهم. وقد أحسنت بقرصنتها وإجرامها صنعا, وهو عمل لها أعمي يندرج في سياق اعتمادها على العنف كطريقة للبقاء والهيمنة الأمر الذي كان يتلقى التأييد المطلق من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عامة, وصمت مطبق من الأنظمة العربية وما يشبه ذلك من مثيلتها الإسلامية, في ظل التعتيم الذي كان ممارسا على طبيعة الصراع, حتى جريمة حرب غزة الإبادية المدمرة مرت بسلام ولم تتحرك شعوب العالم لإدانتها ووقفها ومساعدة أهل غزة على استعادة حياتهم الطبيعية, إلا أن تضحيات الأسطول المجيد هذه المرة قد كشفت نهائيا طبيعة العدو العنصري الإجرامي العدوانية واللاإنسانية, لقد أصبح واضحا أمام كل شعوب العالم أن هذا الكيان أخطر بكثير من النازية التي يقتات من لعب دور ضحيتها, وهذه هي نقطة اللارجوع ليس في الإطاحة فقط بحصار غزة الجائر, بل بتحجيم هذا الكيان العنصري الخطير وإلزامه حدوده, وربما إذا تطورت الأمور إيجابيا إزالته نهائيا من الوجود أو على الأقل إزالته في صورة البشعة التي يوجد عليها الآن. كل ذلك كانت بدايته وشرارته الأولى رحلة أسطول الحرية التاريخية الرائدة, بقيادة تركية عظيمة وبشجاعة نادرة من كل نشطائه وأعضائه وبتضحيات لهم أسطورية بحمل أرواحهم على أكفهم فداء للحرية المهدورة وللإنسانية المعذبة في غزة المجاهدة الشريفة الصامدة. فلا نامت عيون الجبناء, وتحية عرفان وإكبار إلى أعضاء أسطول الحرية المجيد وإلى تركيا العظيمة وشعبها الأبي ورئيس وزرائها البطل طيب رجب أردوغان. عاشت فلسطين الحبيبة حرة أبية والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار.

شكرا لك سيدتي الفاضلة روزانا على المرور وإبداء الرأي الحصيف.