الرسوم المسيئة في السويد

شعور بالفرح غمرني قبل شهر ونيف وأنا أرى لافتة كبيرة وسط" استورا تورييت" في أوبسالا وعليها اسم نبي الهدى محمدا عليه الصلاة والسلام وحولها طاولات تعرض كتبا عن سيرته العطرة وشباب نشيط يشرح بإسهاب لكل سائل سويدي ما أشكل عليه في فهم نقطة ما .

كانت الجمعية الدولية للعلوم والثقافة التي يرأسها الدكتور شادي كسكين وراء التظاهرة التي هدفت إلى التعريف بالنبي محمدصلى الله عليه وسلم للسويديين وشغلت ليوم كامل أهم ساحة للمدينة وقلبها النابض...وبالرغم من أني كنت طوال اليوم مشغولا بمشفى أوبسالا لحدث شخصي إلا أني استطعت اللحاق بهذا التظاهرة في دقائقها الأخيرة على الأقل لأكون فكرة كيف يقبل السويديون على التعرف على كل شيء!وكيف تكون نظراتهم لو تعلق الأمر بأعز مخلوق لدينا كمسلمين!



السويد التي منحت الفرصة لهؤلاء الشباب في عرض اسم نبينا في مدينة من مدنها وفي حرية تامة بالرغم من كونها دولة ذات أغلبية مسيحية هي نفسها السويد التي تفسح المجال لمريض نفسي بعقدة البقاء تحت دائرة الضوء مثل" لارش فيلكس" لـ"يمارس حريته المريضة"... وهي نفسها التي تعيش فيها غالبية جنسيات الأرض وأديانها في انسجام مع القانون السويدي دون ترحيل أو تسفير لأحد بتهمة زعزعة عقيدة أحد كما تفعل الدول العربية و الإسلامية في ترحيلها واعتقالها للمبشرين المسيحيين.

لا ننكر الحرية كقيمة سويدية بالرغم من أننا نكتوي بها من مرضى نفسيين ...ولانبخس السويد حقها ودعمها للكثير من قضايا الأقليات وإيواءها للكثير من أبناء الأمة العربية والإسلامية الذين لجؤوا إليها هربا من ظلم أولي الأمر في أوطانهم فكانت الوطن الذي حسسهم بالأمان.ولا يستطيع إلا جاحد التنصل من ذلك .



استقبلنا خبر الرسمة الجديدة للرسام المسيء أو لنقل المريض لأنه الوصف الأصح ,من الأخ شادي كسكين باعتباره ناشطا مواظبا- والجمعية الدولية للعلوم والثقافة التي يرأسها- على رصد أية إساءات تصدر ضد النبي محمدا عليه الصلاة والسلام في الصحف السويدية ونشرناه دون تعديل أو تحوير لإيماننا بأن الخبر مقدس والتعليق حر...

وهو ما نحاول أن نفعله-أي التعليق- في هذه السطور كتعليق خاص لا يمثل أحدا غير كاتبه كما لا تمثل تلك الرسمة الجديدة غير صاحبها المريض.

دائما ماكنت ضد مواجهة أنواع من هؤلاء البشر الذين يصرون على الاستفزاز من اجل الاستفزاز بموقف أهوج ورد فعل له نتائجه السيئة أكثر ما له من ايجابيات مثل الذي حدث بجامعة اوبسالا أو محاولة حرق بيته أو اختراق موقعه..لأن أفعال مثل هاته جعلته بطلا في عيون من المفروض أن يُربحوا كرأي عام مناصر لقضايا العرب والمسلمين بشكل عام ولا يستطيع أي منكر-أيضا- طالما الحديث عن الرأي العام أن ينكر مواقف السويد المشرفة من القضية الفلسطينية مثلا . ولا يؤيد أحد استخدام هكذا وسائل طالما القانون والمنطق يضمن وسائل غيرها ..!!!



الرسام المسيء كشخص مستقل لا يمثل أحدا غير أناه المريضة التي توضح داؤها بتبريراته للرسمة الجديدة في كون رسمه لأشرف الخلق على شكل رجل مقعد على كرسي متحرك يقف حائرا أمام درج جاء بطلب من شخص ينشط في منظمة للعناية بالمعاقين يسأله إذا كان قادرا على رسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الشكل ...وبعد أن فكر قرر –يضيف في تبريره- أن يرسمه لأن رسمه في هذا الوضع لا يشكل اهانة له لأن الإعاقة الجسدية ليست اهانة والهدف كل الهدف من الرسمة أن يخلق جدلا جديدا حول حقوق هذه الفئة من الناس ولفت الأنظار لأحوالها!!!!!!

هل يقتنع عاقل بهكذا تبرير لرسمة يدرك تماما أنها ستجر الويلات إلا ذا كان فاقدا للعقل والرشد ؟



تبريرات إن كانت تبرر شيئا فهي تبرر كونه يعاني من عقدة واحدة ووحيدة هي الإعلام والبقاء محور اهتمام إعلامي وهو ما يتحقق له كل مرة بشكل أشبه بالتحالف البراغماتي- النفعي بينه وبين هذا الإعلام الذي يروج له.



وللحقيقة بعد أن استقبلنا الخبر من رئيس الجمعية الدولية للعلوم والثقافة ظللت لأكثر من ساعتين أبحث عن الخبر والرسمة في مكان ثاني غير موقع الرسام والمدونات الشخصية التي يجاهر أصحابها بمواقفهم العنصرية لم أجد ولا جريدة واحدة مهمة ولها وزنها في السويد قامت بالإشارة للرسمة أو إعادة نشرها . مما يجعل الرسام نفسه يدرك مدى عقم هذه الاستفزازات بفعل بسيط فقط وهو التجاهل...التجاهل ....ثم التجاهل..لأن التجاهل يقتل هذه الداء!

لرسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام رب يحميه ولا يقل أحدا منا عن الآخر في حبه ونصرته له بالفعل الحسن والخلق الجيد والقدوة الحسنة والمواقف المشرفة والسلمية وليس باستثارة الناس علينا واستثارتنا عليهم من أجل مريض نفسي كـ"لارش فيلكس".

فالسويد التي فيها "لارش فيلكس" هي نفسها التي فيها "دونالد بوستروم" ويستحيل قطعا وضع الاثنين في سلة واحدة فما بالك بوضع كل السويد مسؤولة عن الإساءة المريضة للرسام ذاك؟

قاطعوها اقتصاديا فما يخيف دولا كالسويد هي المقاطعات الاقتصادية لأنهم مدركون مدى استهلاكنا ويخافوننا لأننا أمة مستهلكة أولا وأخيرا..لكن هل تنجح المقاطعة كليا أولا؟ وهل ستدفع السويد إلى تغيير قوانينها من أجل ذلك؟ الجواب نتركه للتجربة إن حدثت المقاطعة أصلا؟؟؟...أن لا تستقبلوا السويديين في فنادق الأردن مثلا؟ مستحيل ...عن يقين أن أرباب الفنادق في كل الوطن العربي يصغرون للكرونة السويدية وأكثر حبهم لجيوبهم وما فيها!

حتى وان رفضتهم كل فنادق الأرض ...ونجحت المقاطعة التي يدعون لها على كل المستويات للسويد! هل سنحقد على كل السويديين لأن قانونهم يسمح للمرضى من أمثال "لارش فيلكس" باهانتنا في أشرف خلق الله كما يسمح لـ"دونالد بوستروم "نصرتنا؟نترك لكم الجواب !!!



شخصيا لن أقاطع جيراني السويديين الذين يبتسمون في وجه أطفالي كل صباح بود وحبور ويصرون على قول "المرحبا "بلغة أولادي...ولن أسمح لهم بالإقامة في فندق لأني سأستضيفهم في بيتي وبالرغم من أني لست لاجئا لديهم وان كان اللجوء إليهم شرف لا أدعيه!

فذاك يجعلني أؤمن أن واحدا مثل "لارش فيلكس" بعينيه الزائغتين الخائفتين وقت يرى كل ذي شعر أسود ليس هو نفسه" دونالد بوستروم" الذي يصافحك بكل ود ...وليس كل السويد !!!