بسم الله الرحمن الرحيم
التعدديه الدينيه وإشكالية الطرح
أنتشر بالأونة الأخيره في الساحات الفكريه مصطلح التعدديه الدينيه وهو مصطلح غربي (البيرو ليزم) يدل على فكرة حرية أختيار وممارسة المعتقد ويمكن ملاحظة إنتشار هذه القكره بالساحات العربيه والإسلاميه , على أن الملفت للنظر أن منظري هذه الفكره هم من الإتجاه العلماني الثقافي , وهذا ما يدعونا إلى التأمل بحيثيات هذا الطرح واهدافه .
نظرية التعدد الديني :
منشا الفكره هي من المفكر الروسي ( أرثر سعيديف ) بكتابه فلسفة الدين , الذي يدرس فيه الدين الإسلامي سنة 1950 , حيث أنطلقت تلك النظريه من كتابه ناسبا إياها للأسلام مستمدا دليله من رسالة أخوان الصفا وهي فرقه إسماعليه تعتقد بأن الحق موجود بكل دين طالما البحث يكون عن الله , ومن بعده أتى جون هوك بكتابه الدين والفلسفه حيث طرح نظرية التعدد الدينى مقترحا بتاسيس شورى الأديان التى يدعو من خلالها إلى مصالحه تاريخيه بين الأديان ونسيان الماضي وعلى أثر تلك الفكره تم تبرئة اليهود من دم المسيح بالبيان الصادر من الفتيكان , ومن بعده تم طرح الفكره من قبل المفكر الإيراني سروش من خلال عرضها بكتابه ( الصرط المستقيم ) والذي بدوره كان متأثرا بكتاب جون هوك , إذاًجذور الفكره وصياغتها غربيه قلبا وقالبا.
المبنى الأساسي للنظريه :
تقوم هذه النظريه على مبنين أساسيان الأول منها حرية الأنسان والتي ولدت مع ولادته وهي حريه غير مقيده من قبل الغير ولقد نظر لها الغرب وعلى أساسها أنشئت المذاهب الفكريه والسياسيه المتعددة الإتجاهات ومن هنا نلاحظ تطور الفكره و إنسحابها على جميع جوانب الحياة .
أما الاساس الثاني من مبنى هذه النظريه هو عدمية الحقيقه المطلقه والأعترتف بوجود نسبية الحقيقه وهة بحث مستقل بنظرية المعرفه حيث ليسعنا المقام هنا لتفصيله .
اين تكمن فاعلية وحركية النظريه ؟
خلال فترة عصر الظلام الأوروبي أو ماسمي بعصر الكنيسه فقد مارست هذه الإخيره الغضطهاد الديني ضد المنهج العقلي واعتبرته كفرا أقامت على أساسه محاكم التفتيش التي حرقت الكتب وقتلت المفكرين الذين يخالفون نص الإنجيل , وهذا أنما يدل على عدم قابلية هذا الدين لهذا المنهج وعدم قدرت توجيهه نحو العقل وإعتقاده الراسخ بإمتلاكه الحقيقه المطلقه , وثار أخير مفكري النهضه العقليين من أمثال ( كانت – وفرنسيس يكون – وجون لوك –وهيغل وغيرهم من أعلام عصر التنوير الأوروبي )والحل كان فصل الدين عن الحياة الإجتماعيه وعزله داخل الكنيسه ومن هذا العصر تولدت فكرة العلمانيه الشعوبيه ( علمانية الدين – والسياسه – والإعلام – وعلمانية الثقافه ) ونظرية التعدد الديني هي أحد أعمدة العلمانيه الثقافيه وبالتالي وجدت هذه النظريه حركتها وفاعليتها في الفكر الغربي , الذي لم تمحى من ذاكرته الإضطهاد الكنسي بأسم الدين .
الإسلام ونظرته للتعدديه الدينيه :
أتى الأسلام دينا سماويا كاملا يمتلك خاصية دخوله إلى جميع جوانب الحياة من جيث علاقة الفرد مع الله ومع نفسه ومع مجتمع وضعا له دستورا يرسم منهج حركة الفرد من جميع الجوانب ألا وهو القرأن الكريم , وبالتالي قد كفل حرية الأنسان ولكن حريه ترتبط ببناءه على مستوى الفرد والمجتمع ومن غير تحول هذه الحريه لأداة يتم من خلالها إلغاء الأخر وتجرديه من حقوقه الإنسانيه .
الأسلام دين الحقيقه المطلقه حيث قال الله عزوجل في محكم أياته ( اليوم أكملت لكم دينكم ورضيت لكم الأسلام دينً)
وهذا مخالف لجوهر نظرية التعدديه الدينيه من حيث أنها تقول بنسبية الحقيقه وعليه ووفقا للنظريه لايمكن وضع الأسلام مقابل الأديان الأخرى كون أن تم ذلك فأنه سوف تجرده من خاصية الحقيقه المطلقه وهذا لايتم بشكلٍ من الأشكال .
وفي مقابل ذلك طرح الاسلام وللحفاظ على حرية المعتقد التعدديه السلوكيه , حيث أعطى مساحه من الحريه لممارسة المعتقد الديني لباقي الأديان التوحيديه , اما الأديان الوثنيه فلم يعطها هذه المساحه داخل المجتمع , كونها ليس دينا بل هي نتاج فكري بشري خاطئ سمي دينا , وهذا خارج عن صلاحيات الفكر البشري بتحديد الأله وأختياره وتشكيل المنظومه الدينيه وفقا لذلك .
ومن هنا نستطيع أن نستنتج إشكالية طرح هذه النظريه في ساحات الفكر الإسلامي , سوف تلغي ثابتا اساسيا مبانئيا وهي كمالية الدين الإسلامي المنطلق من خاصية الحقيقه المطلقه وهذا ماتهدف له العلمانيه الثقافيه لتجد لها حظا من الوجود بجانب باقي الأديان .
حسين شمس الدين ( جبريل)