عبير البرازي مديرة
عدد المساهمات : 7200 تاريخ التسجيل : 02/03/2010 الموقع : https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com
| موضوع: يأجوج العصر الحديث الثلاثاء أغسطس 31, 2010 8:13 am | |
| يأجوج العصر الحديثفهد عامر الاحمديبعض المفسرين المتأخرين يرون أن الصينيين هم "يأجوج ومأجوج" وأن سور الصين العظيم هو "السد" الذي جاء ذكره في سورة الكهف. فمن وجهة نظرهم لم يبق مكان في الأرض لم يستكشف؛ وان هذه المقاربة المجازية هي أقرب تفسير لمكان السد وصفة يأجوج ومأجوج!! وبصرف النظر عن صحة هذا الافتراض فإن الصينيين في نظري هم يأجوج العصر الحديث؛ فحين وصل المستعمرون البيض الى جنوب شرق آسيا اكتشفوا ان الصينيين سبقوهم الى تلك المنطقة وحققوا فيها نجاحاً عظيماً. ففي عام 1621قال الرحالة البريطاني توماس هيربرت ان الصينيين في تلك الأصقاع يذكرونه بـ "يهود أوروبا" حيث يكسبون رزقهم بشتى الطرق ويحتكرون حرفاً لا يجيدها غيرهم. فقد سيطر الصينيون في آسيا على المجالات التجارية المهمة وقاموا بدور الممولين والمرابين والسماسرة وتجار الجملة. وفي جميع الدول الآسيوية يتمتع المواطنون الصينيون بمستوى دخل وتعليم يزيد كثيراً عن السكان المحليين. كما أن أول عشرين بليونيراً على مستوى آسيا كلها من أصل صيني.. ويقدر عدد الجاليات الصينية في جنوب شرق آسيا بخمسين مليون نسمة. ورغم أنهم لا يشكلون سوى 10% من السكان إلا انهم يسيطرون على قطاعات تفوق نسبتهم بكثير.. فالجاليات الصينية في ماليزيا واندونيسيا والفلبين وتايلند تملك زمام المبادرة وتتركز في أيديها أسباب الازدهار الاقتصادي؛ ففي تايلند مثلاً يمتلك الصينيون 90% من الشركات الناجحة؛ وفي الفلبين يسيطرون على أربعة أخماس تجارة الجملة. وفي اندونيسيا (حيث لا يشكلون سوى 5% من السكان) يمتلكون 75% من المؤسسات الاقتصادية. وفي ماليزيا يديرون مجمل الصناعات التكنولوجية ويمتلكون ستة أضعاف ما يمتلكه الماليزيون من الشركات الناجحة.. وبسبب هذا التميز لا يحظى الصينيون بمودة الشعوب المحلية ـ ويشيع بينهم المثل الساخر "لا يهتم الصينيون بمن يملك البقرة طالما يحلبونها بأنفسهم"!!. وفي الحقيقة لا يقتصر نجاح الشتات الصيني على آسيا، بل يمتد ليشمل أوروبا والأمريكتين، فجميع المدن الكبرى هناك لا تخلو من "مدن صينية" مصغرة تضم جالية نشطة. وما يثير الإعجاب حقاً ان العائلات الصينية هناك تهيئ أبناءها ـ أسرع من أي جالية أخرى ـ للاندماج في المجتمع الجديد من خلال التعليم الممتاز والزواج المختلط.. بل إن الصينيين تحت الاستعمار البريطاني كانوا أول من أجاد اللغة الانجليزية وأول من أرسلوا أبناءهم الى جامعات عريقة كأكسفورد وكامبردج وهارفارد. ولاحظ هنا أن حديثنا حتى الآن كان منصباً على الجاليات الصينية في الخارج في حين ان الصين ذاتها بقيت اسيرة القيود الماركسية حتى وقت قريب.. ولكن بعد سلسلة من الاصلاحات الجذرية حقق الاقتصاد الصيني خلال التسعينات نسب نمو تفوق بثلاثة أضعاف أمريكا وكندا وكامل أوروبا. وتنبأ البنك الدولي بأن الصين ستصبح رابع أكبر اقتصاد عالمي بعد عقدين فقط ان استمر نموها بهذه السرعة المخيفة ـ أما الدول التي يطغى عليها العرق الصيني اصلا (كتايوان وسنغافورة وهونج كونج) فلا يخفى مدى التقدم الصناعي والازدهار الاقتصادي الذي وصلت إليه!! .. وبالطبع لم يغب عنكم ان الصين ذاتها تضم عدداً هائلاً من السكان (,,, 1173659000نسمة). وإذا ضربنا هذا العدد الهائل بذلك القدر من العزيمة والإصرار لعلمنا كيف ستزيح الصين امريكا عن الصدارة بنهاية القرن الحالي!! | |
|