رمادٌ أم خيطُ دخان
دُلّيني يا أمّي.. قبل أنْ أقطِف خيْط الدُّخان
وقبل أن تُبْحِر قواربُ حبِّي في طَيِّ النِّسْيان
دُلِّيني وأخبِريني.. كيف أرْسو على شواطئ المرجان
فأنا يا أمي كما تعرفين... حين تعْصِفُ الريحُ لا أبالي
وأقولُ سرعانَ.. ويَأتي يُسْرُ الرحمن
وأنسى دائما يا أمي أني أطارِدُ خيْط دخّان
هل أنا أعمى..؟؟؟
فالأعْمى يرى أحسن مني شواطئ بِرِّ الأمان
لأنّه عاش في الظلام ..فهو يراهُ دائما وفي كل مكان
أما أنا يا أمي ..فبالنور عِشتُ وبه سُقيتُ حتى الأذقان
هل عرفت لماذا أنا .. أطاردُ خيط دخان..؟؟؟
أنا وأنا وَحْدي أُجَابِهُ سلطان النسيان
وَحدي ..ووحدي أنا المجنون الولهان
آآآآه يا أمي مِنْ ظَمإ لا تُطْفئُهُ دموعُ الأحزان
ولا حتى مياه البحر والوديان
..ظَمَأٌ يا أمي لو وُزِّع على العالم أجمع
لبات منه كل وحشٍ وكل إنس عطشان
سأدركُ بعد الصفعةِ والصفعة بل الصفعات ..
أني أطارد خيط دخان
الآن يا أمي أقول : ..لا حبَّ في الدنيا ،سِوى حبِّ الرحمن
وأنه لا أمن يا أمي في الدنيا من شرِّ الإنسان
وأنها لكبيرة ..وكبيرة حين يدرك المرء
أنه صار في جوفِ النسيان
وأن المكر يا أمي شيمة ورثتها بنتُ حواء عبر كل الأزمان
******
..أنا لا أبكي يا أمي ..فبُكاءُ المَيْت هذَيان
أنا أتمزقُ وهل للمُمَزَّق كيان
المُمَزَّقُ أشْلاءٌ والأشلاءُ تعصف بها يدُ النسيان
فهل عرفْت أشْلاءَ ثوب تنفع بعد أن عافها الزمان
قالوا الخيانة شهوة في الطبع تُحركها يَدُ الشيطان
قلت: الخيانة أن تتمزّق أشلاءً ..وتتمزَّق الأشلاءُ أشلاءً
فلا تصلُحُ حتى للنسيان
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه يا أمي
فأنا خبرٌ ما كان ولن يكون في أيِّ من الأزمان
هل أبكي يا أمي أم أنتحِب ؟؟
أم ..أضحك ..أم أواصل مُطاردة الدخان
لا أحد يموت ناقص عمرِ
كما لا أحد يولدُ في غيرِ إبَّان
لكني أنا سأثبتُ أني طاردت الدخان
وقطعتُ أبْحُرَ النسيان
ودَقَّيْت طُبول الوهم ..وشربت كل ماء العِميان
***
للحب ولدت وبالحب أموتُ .. فلا تكترثي لموتي
واكتُبي على قبري بماء النسيان
حَبَّ فمات ..وهذا مصير من يطارد خيط الدخان
سأموت يا أمي حتى لا أُعكر صفْوَ العُمْيِ
وأكتب في ذاكرة الزمان .. عاش من لم يعرف الحب
ومات من أحب ظمآن
خذيها مني ..لا حب في الدنيا سوى حب الرب
وكُفرٌ حبُّ الإنسان.
سلاوي