صحيفة الشرق القطريه السبت 2 شوال 1431 – 11 سبتمبر 2010
قبل أن تصدر فتوى أمريكيه – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2010/09/blog-post_11.html
هل يصح لنا أن نفرح ونبتهج بالعيد في حين نطالع كل يوم وقائع تدمير حياة 20 مليون مسلم في باكستان؟.
إن المرء حين يشاهد الجثث التي تستخرج من تحت أنقاض البيوت المنهارة، والغرقى الذين داهمتهم السيول ولم يستطيعوا منها فرارا، وجيوش اللاجئين الذين فقدوا كل شيء في حياتهم فهاموا في البراري باحثين عن مكان يأويهم وغذاء يقتاتون منه،
وحين نقرأ أخبار الأمراض والأوبئة، التي بدأت تتفشى بين تلك الملايين، سواء جراء الجثث المنتشرة أو المياه الملوثة..
حين يحدث ذلك وتلاحقنا صوره وأخباره طوال الأسابيع الأخيرة، فإنه لا يتخيل أنه يمكن للعالم العربي والإسلامي أن يقف متفرجا إزاءه.
ثمة أرقام منشورة تلخص الحدث ذكرت أن ضحايا الكارثة قدر عددهم بعشرين مليون شخص أغلبهم يعيشون في شمال باكستان (عدد سكانها 170 مليون نسمة) ــ أما ما تم تدميره فهو كالتالي:
5000 ميل من الطرق والسكك الحديدية
ــ ألف جسر تربط بين المدن والقرى
ــ نحو 7000 مدرسة
ــ 400 مركز صحي.
إضافة إلى ذلك فقد أصبح نحو خمس الأراضي الزراعية تحت المياه، الأمر الذي يعني نقصانا فادحا في المحاصيل والسلع الغذائية ينبئ بحدوث مجاعات لا يعلم إلا الله مداها،
كما يوفر ظرفا مواتيا لانتشار الأوبئة والأمراض الفتاكة.
ما الذي نستطيع أن نفعله؟.
أكرر أننا في كل الأحوال يجب ألا نقف متفرجين، لأسباب أخلاقية وإنسانية ودينية أيضا. وبمقدورنا أن نقدم صورتين من التضامن، إحداهما على سبيل المساندة، والثانية على سبيل العون والمساعدة.
فيما خص المساندة، فقد تمنيت أن تعلن الرموز الإسلامية، أشخاصا كانوا أم منظمات. عن مواساتها للشعب الباكستاني، وتتبنى الدعوة إلى تقديم مختلف أشكال العون لهم. وقد قيل لي إن شيخ الأزهر أصدر بيانا بهذا المعنى، ولكن الصحف المصرية أهملته.
ولست أشك في أن التعبير عن تلك المشاعر إذا ما صدر عن الإمام الأكبر ورئيس اتحاد علماء المسلمين ومنظمة المؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي والهيئة الخيرية العالمية مثلا، فإنه يمكن أن يشكل دعما معنويا كبيرا للمنكوبين، خصوصا إذا ما كانت تلك البيانات مقدمة لإطلاق حملة واسعة لتقديم العون والمساعدة إليهم، وهذا ينقلنا إلى المجال الثاني، الأكثر فعالية وتأثيرا.
من المفارقات في هذا الصدد أنني قرأت خبرا عن سعي بعض المؤسسات والحكومات الغربية إلى جمع نحو ثلاثة مليارات دولار للمساعدة على بناء البنية التحتية، التي دمرت في باكستان.
وفي ذات الوقت ظهر في مختلف الصحف العربية إعلان احتل صفحة كاملة حذر جماهير المسلمين من أن زكواتهم يمكن أن تذهب لصالح الإرهابيين، ودعاهم إلى تقديم الزكاة لمن يستحقها.
لا أعرف الجهة التي دفعت عشرات الألوف من الدولارات لنشر ذلك الإعلان في الصحف العربية. لكني لاحظت أنه اهتم بمشكلة يلح عليها الغرب منذ أحداث سبتمبر، ولم يتطرق بكلمة إلى كارثة يعاني منها 20 مليون مسلم هم أشد حاجة إلى العون في الوقت الراهن.
إن شعوبنا لا تتأخر عن البذل. والذين قدموا الكثير من دمائهم دفاعا عن الإسلام والمسلمين، أكثر استعدادا لتقديم الكثير من المال. وكل ما نحتاجه هو إرادة قوية تتحرك، وتضافر للجهود وتنسيق بينها، ورفع للقيود التي فرضت على جمع التبرعات، لكي تتم تحت إشراف جهات موثوق بها، وليت إعلامنا يسهم في الاستنفار وينشغل بإغاثة ملايين المنكوبين في باكستان، بنصف أو ربع انشغاله بمسلسلات رمضان.
لقد أفتى الإمام الجويني إمام الحرمين بحرمة ذهاب نظام الملك (الأمير) إلى أداء فريضة الحج إذا أدى ذلك إلى تعطيل مصالح الخلق.
الأمر الذي يشجعني على التساؤل عما إذا كان يجوز للمسلمين هذا العام أن يخصصوا أموال حجهم لإغاثة إخوانهم المضرورين والمنكوبين في باكستان، وعما إذا كانت الحجة تحسب لهم في هذه الحالة أم لا؟.
لقد خطر لي أن أبادر إلى طرح السؤال قبل أن تأتينا فتوى أمريكية من البيت الأبيض تقترح علينا ذلك!