قصة غاندي الفلسطيني في فيلم يولاند نيل
بي بي سي- القدس
النساء من سكان القرية الفلسطينية وقفن في وجه الجرافات لمنعها من تدمير أرضهم
تتجه الكاميرا في المشاهد الأولى من الفيلم الوثائقي الفلسطيني الجديد " بدرس" عبر طريق متعرج يقودها إلى منزل بطل الفيلم والشخصية الرئيسية فيه الناشط الفلسطيني عايد مرار.
وفي المشهد التالي يتحدث مرار إلى الكاميرا موجها حديثه إلى الجمهور الإسرائيلي قائلا "ليس لدينا وقت للحرب، نريد أن نربي أطفالنا في سلام وأمل".
مرار يعيش في قرية صغيرة ضمن ست قرى تقع على الحدود بين إسرائيل والضفة الغربية المحتلة وهي القرى التي كان من المفترض فصلها بسبب الجدار العازل الإسرائيلي منذ عام 2003 وهو ما كان سيؤدي لحرمان سكان هذه القرى من الوصول إلى 300 فدان من أراضيهم بل وتدمير أشجار الزيتون.
الفيلم مشترك الإنتاج بين فلسطيني وإسرائيلي ويتابع المظاهرات السلمية التي قام بها سكان القرى احتجاجا على بناء الجدار الإسرائيلي.
ويعد الفيلم الذي يعرض الآن في العديد من المدن في أنحاء العالم مثل نيويورك ولندن وإسرائيل دراسة لها جانب إيجابي عن أن إيجاد الحلول السلمية لأي صراع يمكن أن تسفر عن نتائج.
وتقول مخرجة الفيلم جوليا باشا وهي عضو بجماعة ناشطة هي "جست فيجين" إن الفيلم الوثائقي يتناول سؤالا لطالما طرحته الجماعة التي تنتمي إليها.
وأضافت " السؤال كان أين هو غاندي الفلسطيني، لماذا لا يلجأ الفلسطينيون إلى المقاومة السلمية؟ إذا قاموا بذلك فربما سيتحقق السلام".
واستطردت المخرجة قائلة " نحن نعرف أن الأوضاع على أرض الواقع أكثر تعقيدا ولكننا كنا نبحث عن قصة نجاح عندما صنعنا الفيلم".
في قرية بدرس نظم المزارعون 55 تظاهرة على مدار عشرة أشهر.
وفي أحد مشاهد الفيلم تظهر التزام ذات 15 عاما وهي ابنه بطل القصة مرار وهي تتصدى لجرافة إسرائيلية وتجبرها على التراجع ثم نرى الفتاة تتحدث إلى الكاميرا قائلة " إنه إحساس جيد أن تشعر وأنك تستطيع أن تفعل شيئا على الرغم من أنك صغير".
كما نرى ضمن مشاهد الفيلم الذي شاركت فيه جموع كبيرة من ناشطي السلام الإسرائيليين المواجهات التي تقع بين المتظاهرين والجنود الإسرائيليين الذي يطلقون عليهم قنابل الغاز والرصاص المطاطي.
وهناك مشاهد أخرى مؤثرة في الفيلم عندما يحاول سكان القرية قطع الأسلاك الشائكة المحيطة بهم بعد اعتقال الجنود الإسرائيليين أحد الشبان في جو كئيب نظرا لحظر التجوال المفروض علي القرية، كما أنك تستطيع مشاهدة الجنود الإسرائيليين وهم يستخدمون الرصاص الحي للسيطرة على الوضع.
ونتيجة للتظاهرات الفلسطينية تصدر الحكومة الإسرائيلية قرارا بتغيير مسار الجدار العازل بدعوى أنه قرار"سياسي" وهو ما ممكن سكان القرية من الوصول إلى 59 بالمائة من مساحة حقولهم.
وقد لاقى الفيلم عند عرضه في القدس الشرقية الكثير من المديح والثناء، هاني وهو أحد سكان القدس العرب اعتبر الفيلم بمثابة "مصدر إلهام" وقال " يتوجب علينا الآن أن نطور من شكل المقاومة وهو الخيار الصحيح".
وأضاف " يجب علينا أن نظهر للعالم أننا لسنا إرهابيين ولا من دعاة العنف ولا نريد أن نقتل الإسرائيليين بل نريد فقط حريتنا".
أما سيفي وهو إسرائيلي فيرى الفيلم " ممتعا" ويقول " لقد سلط الفيلم الضوء على أحد الجوانب الهامة وهي عواقب الاحتلال من وجهة نظر صانعيه".
من بين المتحدثين في الفيلم جندية إسرائيلية تم إرسالها لمتابعة مسار الجدار و التصدي لهذه التظاهرات حيث أبدت ابهارها بشجاعة المتظاهرين وتصميمهم.
وتقول " النساء لم تكن لديهم مشكلة حتى ولو تعرضن للضرب أو إطلاق النار فقد كن مصممات على التمسك بأرضهم".
فيلم بدرس يظهر في نهايته سكان بودروس الذي نجحوا عن طريق تظاهراتهم في الحفاظ على أراضيهم وهم يتجهون للانضمام لجيرانهم في القرى الأخرى ومساندتهم.
ويقول عايد مرار الذي منع من دخول القدس لمشاهدة العرض الافتتاحي إن الفيلم أعجبه للغاية متمنيا أن تصل رسالته بوضوح.
وأضاف " عبر مقاومتنا السلمية أثبتنا إنه إذا أردت تدعيم أمنك والحفاظ على سلامتك فيمكنك أن تفعل ذلك دون تعذيب وإيذاء الآخرين بل وتشجيعهم على الانتقام".
وقال أيضا " أعتقد أنه إذا قامت أي قرية فلسطينية بما قامت به بدرس فهم سينجحون كما نجحت قريتنا".