8. 2. المرحلة الثانية (1900-1914م)الأمة الجزائرية هي قطعة من المجموعة الإسلامية العظمى من جهة الدين، وهي ثلة من المجموعة العربية، من حيث اللغة التي هي لسان ذلك الدين. فالأمة الإسلامية بهذا الدين وهذا اللسان وحدة متماسكة الأجزاء، يأبى الله لها أن تتفرق وإن كثرت فيها دواعي الفرقة، ويأبى لها دينها، وهو دين التوحيد، إلا أن تكون موحدة. فعلى الرغم من الحصار الذي فرضته فرنسا على الجزائر لعزلها عن بقية الأقطار الإسلامية، خاصة تلك التي لم تُبْتَل بما ابتليت به من محاولة طمس دينها ولغتها، فإنه مع إطلالة القرن العشرين بدأت الجزائر تعيش حركة فكرية شبه متواصلة مع الأقطار الإسلامية الأخرى، سواء عن طريق الطلبة الذين ابتعثوا للدراسة في جامعة الزيتونة والأزهر والجامعات الإسلامية الأخرى، أو عن طريق الدعوات الإصلاحية التي قامت في البلاد الإسلامية، مثل دعوة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده.
وهناك عوامل أخرى ساعدت على قيام هذه الحركة الفكرية، كتلك البوادر الإصلاحية الفردية التي قام بها في الجزائر بعض العلماء المتفاعلين مع حركة الإصلاح الإسلامي.. ولعل مما ساعد على قيام هذه النهضة أيضًا، تولي المسيو (شارل جونار) الولاية العامة في الجزائر.
وهنا نلقي بعض الضوء على جانب من تلك العوامل التي ساهمت في ظهور وانتعاش النهضة الفكرية في الجزائر:
1- عودة الطلبة الذين درسوا في الخارج:
وأقصد بهم الطلبة الذين درسوا في جامعة الزيتونة، وجامعة القرويين، والأزهر، وفي الحجاز والشام. ساهم هؤلاء المثقفون بعد عودتهم إلى الوطن بجهود عظيمة في النهوض بالحياة الفكرية والدينية، بما أثاروا من همم وأحيوا من حمية، وبنوا من مدارس في مختلف أنحاء الوطن، وبما أصدروا من صحف، معتمدين في ذلك على القرآن والسنة، فأصلحوا العقائد، وصححوا المفاهيم، ونقّوا الأفكار من رواسب البدع والخرافات التي علقت بها، وأحيوا الشعلة التي أخمدها الاستعمار في نفوس الأمة. ويوم اسوداد المآزم وتلاحم الخطوب، أعادوا ذكرى أسلافهم في الصبر والصمود. ومن هؤلاء الرواد الذين ساهموا في إثراء هذه النهضة الفكرية الإسلامية بالجزائر نذكر:
- الشيخ عبد القادر المجاوي [1848-1913م]: تخرج الشيخ المجاوي من جامعة القرويين بمدينة فاس، ويعتبر من العلماء القلائل الذين كانــوا على رأس الحركــة الإصلاحيــة في الجزائــر، فلا تجد واحــدًا من هــؤلاء المصلحين في الربع الأول من القــرن العشرين الميلادي إلا وهو من تلامذته. خرّج أفواجًا كبيرة من المدرسين والأئمة والوعاظ والمترجمين والقضاة، كان من بينهم الشيخ حمدان الونيسي القسنطيني أستاذ الشيخ عبد الحميد بن باديس. وقد ترك الشيخ المجاوي آثارًا علمية كثيرة في اللغة والفلك والعقيدة والتصوف، نذكر منها: كتاب "الدرر النحوية"، و"الفريدة السنيَّة في الأعمال الحبيبية"، و"اللمع في إنكار البدع"، و"نصيحة المريدين"، وغيرها مما يضيق المقام بسردها.
ومن بين رواد النهضة الإسلامية في تلك الفترة أيضًا :
- الشيخ عبد الحليم بن سماية (1866-1933): يعتبر الشيخ ابن سماية في مقدمة الأفاضل الذين أمدوا هذه النهضة بآثار فضلهم، ومن أوائل المصلحين الجزائريين الداعين لفكرة الإمام محمد عبده الإصلاحية، ومن رفاق الشيخ المجاوي في التدريس، كما يعدّ من أوسع علماء عصره علمًا وثقافة. فقد تخرّج على يديه جيل من المثقفين مزدوجي الثقافة، وخلّف مؤلفات كثيرة منها كتاب "فلسفة الإسلام".
ومما تجدر الإشارة إليه هنا، أن أغلب أعضاء البعثات العلمية التي ذكرنا سابقًا، قد ظهر تأثيرهم على الحياة الفكرية والحركة الإصلاحية بشكل ملحوظ، في العقدين الثالث والرابع من هذا القرن خاصة، مثل: الشيخ عبد الحميد بن باديس، والشيخ محمد البشير الإبراهيمي، والشيخ مبارك الميلي، وغيرهم. 2- الحركة الإصلاحية في العالم الإسلامي :
كان للدعوة التي قادها الأستاذ جمال الدين الأفغاني أثر كبير في نشر الفكر الإصلاحي السلفي في الجزائر، فرغم الحصار الذي ضربه المستعمر لعزلها عن العالم الإسلامي، زار الشيخ محمد عبده -تلميذ الأستاذ جمال الدين- الجزائر عام 1903م، واجتمع بعدد من علمائها، منهم الشيخ محمد بن الخوجة، والشيخ عبد الحليم بن سماية، كما ألقى في الجزائر تفسير سورة العصر. وقد كان لمجلة العروة الوثقى ومجلة المنار، تأثير كبير على المثقفين من أهل الجزائر، الذين اعتبروا دروس العقيدة التي كانت تنشرها (المنار) للإمام محمد عبده، بمثابة حبل الوريد الذي يربطهم بأمتهم. وقد استمر الاتصال الفكري بين الجزائر وغيرها من البلاد الإسلامية ولم ينقطع، فقد شارك الشيخ عمر بن قدور الجزائري بقلمه في جريدة (الحضارة) بالآستانة، و(اللواء) و(المؤيد) بمصر سنة 1914م، وقد كانت هذه الجرائد والمجلات تدعو إلى نهضة العرب والمسلمين، وكانت رائجة في بلاد المغرب العربي والجزائر خاصة.
ويعترف الفرنسيون بأن هناك مجرى سريًا، ولكنه غزير ومتواصل، من الصحف والمجلات الشرقية التي أعانت المغاربة في مجهوداتهم الإصلاحية، وجعلتهم مرتبطين أبدًا بالرأي العام العربي.
3- ظهور الصحافة العربية الوطنية في الجزائر:
ظهرت في الجزائر خلال تلك الفترة صحافة وطنية عربية، ساهمت مساهمة فعالة في بعث النهضة الفكرية والإصلاحية الحديثة. فقد عالجت في صفحاتها كثيرًا من الموضوعات الحساسة، منها: الدعوة إلى تعليم الأهالي، وفتح المدارس العربية لأبناء المسلمين، والتنديد بسياسة المستعمرين واليهود، ومقاومة الانحطاط الأخلاقي والبدع والخرافات. فهذا الأستاذ عـمـر راســم يجلجــل بآرائــه في غيــر مواربـة ولا خوف، فيقول: "أجل، يجب أن نتعلم لكي نشعر بأننا ضعفاء. يجب أن نتعلم لكي نعرف كيف نرفع أصواتنا في وجه الظلم. يجب أن نتعلم لكي ندافع عن الحق، وتأبى نفوسنا الضيم، ولكي نطلب العدل والمساواة بين الناس في الحقوق الطبيعية، وفي النهاية لكي نموت أعزاء شرفاء ولا نعيش أذلاء جبناء". كما ظهر في هذا الميدان كتّاب شاركوا بمقالاتهم وتحليلاتهم في تشخيص الداء الذي ألمّ بالأمة، واقتراح الدواء الناجع لذلك، من هؤلاء الشيخ المولود بن الموهوب، والشيخ عبد الحليم بن سماية، والأستاذ عمر بن قدور وغيرهم.
4- تولي (شارل جونار) الولاية العامة في الجزائر:
على الرغم من أن المسيو (جونار) فرنسي نصراني، إلا أن وصوله إلى منصب الحاكم العام في الجزائر، كان له أثر كبير على الحياة الفكرية في تلك الفترة. يُذكر أن هذا الأخير شجّع إحياء فن العمارة الإسلامية، وبعْث التراث المكتوب، والتقرّب من طبقة المثقفين التقليديين، وتشجيعهم على القيام بمهمتهم القديمة، كإقامة الدروس في المساجد ونحوها، كما اهتم بالتأليف ونشر الكتب العلمية وكتب التراث، مما كان له أثر هام على الحياة الثقافية في الجزائر. وقد أشرف (جونار) على فتح المدرسة الثعالبية سنة 1904م، بجوار مقام (سيدي عبد الرحمن الثعالبي) في حي القصبة بالعاصمة الجزائرية، وندب اثنين من الشيوخ للتدريس ونشر العلم بها، كما أمر بنشر كتابين هامين، أحدهما كتاب: "تعريف الخلف برجال السلف"، الذي صنّفه الشيخ أبو القاسم الحفناوي وطبعه سنة 1907م، والكتاب الثاني: "البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان"، لابن مريم الشريف التلمساني، الذي تولى إعداده للنشـر الأستاذ محمد ابن أبي شنب، المدرِّس بالمدرسة الثعالبية الدولية، وطبع سنة 1908م برعاية المسيو (جونار). هذه باختصار أهم العوامل التي ساعدت على قيام تلك الحركة الفكرية الإصلاحية بالجزائر، في الفترة التي ظهر فيها الشيـخ عبد الحميد ابن باديس.
وبهذا العرض المتواضع، تتضح لنا طبيعة الوسط الثقافي والفكري الذي تربى وترعرع فيه الشيخ ابن باديس، ويبقى أن نتعرف على شخصية الشيخ وأسرته ونشأته، ورحلاته، وشيوخه، ومكانته العلمية.
9. من أشعاره وخطبه9. 1. شعب الجزائر مسلمشَعْـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌ \\\وَإلىَ الـعُـروبةِ يَـنتَـسِـبْ مَنْ قَــالَ حَـادَ عَنْ أصْلِـهِ \\\أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَقَدْ كَـذبْ أَوْ رَامَ إدمَــاجًــا لَــهُ \\\ رَامَ الـمُحَـال من الطَّـلَـبْ يَانَشءُ أَنْـتَ رَجَــاؤُنَــا \\\وَبِـكَ الصَّبـاحُ قَـدِ اقْـتَربْ خُـذْ لِلحَـيـاةِ سِلاَحَـهـا \\\وَخُـضِ الخْـطُـوبَ وَلاَ تَهبْ وَاْرفعْ مَـنـارَ الْـعَـدْلِ وَالإ حْـسـ\\\انِ وَاصْـدُمْ مَـن غَصَبْ وَاقلَعْ جُـذورَ الخَـــائـنينَ \\\ فَـمـنْـهُـم كُلُّ الْـعَـطَـبْ وَأَذِقْ نفُوسَ الظَّــالـمِـينَ \\\ سُـمًّـا يُـمْـزَج بالـرَّهَـبْ وَاهْـزُزْ نـفـوسَ الجَـامِدينَ \\\ فَرُبَّـمَـا حَـيّ الْـخَـشَـبْ مَنْ كَــان يَبْغـي وَدَّنَــا \\\ فَعَلَى الْكَــرَامَــةِ وَالـرّحبْ أوْ كَـــانَ يَبْغـي ذُلَّـنـَا \\\ فَلَهُ الـمـَهَـانَـةُ والـحَـرَبْ هَـذَا نِـظـامُ حَـيَـاتِـنَـا \\\ بالـنُّـورِ خُــطَّ وَبِاللَّـهَـبْ حتَّى يَعودَ لـقَــومــنَـا \\\ من مَجِــدِهم مَــا قَدْ ذَهَبْ هَــذا لكُمْ عَـهْــدِي بِـهِ \\\ حَتَّى أوَسَّــدَ في الـتُّـرَبْ فَــإذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحـتـي \\\ تَحيـَا الجَـزائـرُ وَ الْـعـرَبْ
9. 2. إشهدي يا سمااشِهِدي يَا سَمَـا\\\
وَاكْتُبَنْ ياوُجـودْ
إنَّـنَـا للِحـمَـا \\\
سَنَكُونُ الجُـنُـودْ
فـنَـزيحْ البَـلاَ \\\
وَنَـفُـكُّالْقُيُـودْ
ونَنيلُ الـرِّضـا\\\
مِنْ وَفَّى بِالعْهُـودِ
ونُـذيقُ الـرَّدَى \\\
كُـلَّ عـاتٍكَنُودْ
وَيَـرَى جـِيلُـنَا \\\
خَـافـقَاتِالبُنودْ
ويَـرَى نجْمُنَـا\\\
لِلْعُـلاَ في صُعـودْ
هَكَـذَا هَـكَـذَا\\\
هَـكَـذاسَنَعُـودْ
فاشْهَدي يَا سَمَا \\\
واكتُبْن يا وُجـودْ
إنَّـنَـا للـعُـلاَ \\\
إنَّـنَـاللخُـلُـودْ
هذا النشيد ارتجله الشيخ عبد الحميد بن باديس في حفل أقامته مدرسة التربية والتعليم بقسنطينة يوم 27 رمضان 1356هـ بمناسبة إحياء ليلة القدر.
تحيةالمولد الكريم
. حـيـيـت يـا جـمعَ الأدب \\\ ورقـيـت سـامـيـةَ الرتبْ وَوُقِـيـتَ شـرَّ الكـائـديـ \\\ ن ذوى الدسـائـس والشغبْ ومُـنِـحْـت في العليـاء مـا //// تسـمـو إلـيـه مـن أربْ
أحـيـيـت مـولـد من بـه \\\ حـييَ الأنـام على الحِـقَـبْ أحـيـيـت مـولـوده بـما \\\ يُبرى النـفـوسَ مـن الوصبْ بالـعـلـم والآداب والـ \\\ أخـلاق في نـشءٍ عـجـبْ
نـشءٌ على الإســلام أسْـ \\\ سُّ بـنـائـه السـامي انتصبْ نـشءٌ بـحُـبِ مـحـمـدٍ \\\ غــذَّاه أشـيـاخٌ نـجـبُ فـيـهِ اقـتـدَى في سـيـره \\\ وإلـيـه بالحـق انـتـسـبْ وعلى الـقـلـوب الخافـقـا \\\ تِ إلـيـه رأيـتـه نـصـبْ بالـروحِ يَـفـديـهَـا ومـا \\\ يُـغـرى النّفـوسَ مـن النشبْ وبـخُلقـه يَـحـمِـي حـما \\\ هـا أو بـبـارقـة القُـضُـبْ حـتى يـعـودَ لـقـومــه \\\ مـن عِـزّهـم مـا قـد ذهبْ ويـرى الجـزائـرَ رجـعـت \\\ حـقَّ الحـيـاة المـسـتـلَـبْ
يـا نـشءُ يـا دخـرَ الجـزا \\\ ئـر في الشـدائـد والـكُـرَبْ صـدحـت بلابِـلُك الفصـا \\\ حُ فـعـمَّ مَجمعَنـا الـطـربْ وادقْـتَـنَـا طُـعـما من الـ \\\ فـصـحى ألـذَّ مـن الضـرَبْ وأريـت للأبـصـــار مـا \\\ قـد قـرَّرتْـه لـك الكـتُـبْ شَعْـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌ \\\ وَإلىَ الـعُـروبةِ يَـنتَـسِـبْ مَنْ قَــالَ حَـادَ عَنْ أصْلِـهِ \\\ أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَقَدْ كَـذبْ أَوْ رَامَ إدمَــاجًــا لَــهُ \\\ رَامَ الـمُحَـال من الطَّـلَـبْ يَانَشءُ أَنْـتَ رَجَــاؤُنَــا \\\ وَبِـكَ الصَّبـاحُ قَـدِ اقْـتَربْ خُـذْ لِلحَـيـاةِ سِلاَحَـهـا \\\ وَخُـضِ الخْـطُـوبَ وَلاَ تَهبْ وَاْرفعْ مَـنـارَ الْـعَـدْلِ وَالإ \\\ حْـسـانِ وَاصْـدُمْ مَـن غَصَبْ وَأَذِقْ نفُوسَ الظَّــالـمِـينَ \\\ سُـمًّـا يُـمْـزَج بالـرَّهَـبْ وَاقلَعْ جُـذورَ الخَـــائـنينَ \\\ فَـمـنْـهُـم كُلُّ الْـعَـطَـبْ وَاهْـزُزْ نـفـوسَ الجَـامِدينَ \\\ فَرُبَّـمَـا حَـيّ الْـخَـشَـبْ
يـا قـومٌ هـذا نـشـؤكم \\\ وإلى الـمـعـالي قـد رثـبْ كـونـوا لـه يـكـن لكم \\\ وإلى الأمــام ابـنــاء وأبْ نـحـن الأولى عرف الزمـا نُ \\\ قـديـمـنا الجـمَّ الحسـبْ وقـد انتبهـنـا للـحـيـا \\\ ة آخــذيـن لـهـا الأهـبْ لنـحـلَّ مـركـزنـا الذي \\\ بين الأنــام لـنـا وجــبْ فـتـزيـد في هـذا الـورى \\\ عضـوًا شـريـفًـا منتخَـبْ نـدعـو إلى الحسنى ونـولـي \\\ أهـلـهـا مـنـا الـرغـبْ مَنْ كَــان يَبْغـي وَدَّنَــا \\\ فَعَلَى الْكَــرَامَــةِ وَالـرّحبْ أوْ كَـــانَ يَبْغـي ذُلَّـنـَا \\\ فَلَهُ الـمـَهَـانَـةُ والـحَـرَبْ
هَـذَا نِـظـامُ حَـيَـاتِـنَـا \\\ بالـنُّـورِ خُــطَّ وَبِاللَّـهَـبْ هَــذا لكُمْ عَـهْــدِي بِـهِ \\\ حَتَّى أوَسَّــدَ في الـتُّـرَبْ فَــإذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحـتـي\\\تَحيـَا الجَـزائـرُوَ الْـعـرَبْ ألقيت ليلة حفلة جمعية التربية والتعليمالإسلامية بقسنطينة عن ش : ج4، م 13. قسنطينة يومالاثنين 13 ربيع الأول 1356 هـ / 11 جوان 1937 م.
9. 3. القومية والإنسانيةالحـمـد لله ثم المـجـد للـعـرب\\\
مَن أنجبوا لبَنِي الإنسـان خيرَ نبـِي
ونشـروا ملةً في النـاس عـادلـةً \\\
لا ظلمَ فيهـا على ديـن ولا نسَـبِ
وبـذلـوا العلم مجـانـا لطـالبه \\\
فنـال رُغْبَـاهُ ذو فقر وذو نشَـبِ
وحـرروا العقلَ من جهل ومن وهَم \\\
وحـرروا الدينَ من غِشٍّ ومن كذِبِ
وحـرروا الناسَ من رِق الملوك ومن \\\
رق القَـداسة باسـم الدين والكتب
قَـومي هـم وبنُـو الإنسـان كلُّهم \\\
عشيرتي وهـدى الإسـلام مطَّـلَبِي
أدعـو إلى الله لا أدعـو إلى أحـد \\\
وفي رضى الله ما نرجو من الرَّغَـبِ(1) ألقيت ليلة احتفال جمعية التربية والتعليم الإسلامية بالمولد الشريف - بقسنطينة 1- ش. ج3 : م14، غرة ربيع الأول 1357 هـ / فيفري 1938 م.
السياسة في نظر العلماء
هي التفكير والعمل والتضحية
أشعبَ الجزائرِ روحِى الفِـدى\\\
لمَـا مـن عِـزةٍ عـربيَّهْ
بَنَيْتَ على الديـنِ أركـانَهـا\\\
فكانتْ سلامًا على البشريَّـهْ
خَلَدتُم بهـا وبـكـم خلَـدَتْ\\\
بهذى الديارِ على الأبـدِيَّـهْ
فدُوموا على العهدِ حتَّى الفَـنَا\\\
وحتى تَنـالُوا الحقوقَ السنيَّهْ
تَنـالُـونَهـا بسـواعِـدِكُـم\\\
وإيمَـانِـكم والنفوسِ الأبيَّهْ
فضَحُّـو وهَـا أنـا بَينكُـمُ\\\
بِذاتِي ورُوحِي عليكم ضَحيهْ
بهذه الأبيات ختم الشيخ عبد الحميد بن باديس خطابه التاريخي في الجلسة الختامية للمؤتمر الثاني لجمعية العلماء في سنة 1937 م.
9. 4. التسامحسينحل جثماني إلى الترب أصله\\\
وتلتحق الورقـا بعـالمها الأسمـا
وذي صـورتي تبقى دليلا عليها\\\
فإن شئت فهم الكنه فاسنطق الرسما
وعن صدق احساس تأمل فـإنَّ\\\
في ملامح المرء مـا يكسب العـلما
وسامح أخـاك إن ظفرت بنقصه\\\
وسل رحمة ترحـم ولا تكتسب إثمـا(1)
1) منقول من كتاب مجالس التذكير من حديث البشير النذير، من مطبوعات وزارة الشؤون الدينية - الطبعة الأولى 1403 هـ/1983م.
في حوار مع أخ الشيخ عبد الحميد قال الأستاذ عبد الحق بن باديس أن الإمام الشيخ عبد الحميد قال هذه الأبيات وهو جالس فاتح بين يديه كتاب الله. رحم الله شيخنا وأسكنه فسيح الجنان مع المصطفى المختار.