رغم تصريحات المسؤولين المصريين عن عودة الهدوء إلى شواطئ شرم الشيخ بعد هجوم سرب من أسماك القرش المفترسة، إلا أن التساؤلات حول أسباب هذا الهجوم مازالت غامضة.وكشف الخبراء في علوم البحار والبيئة البحرية عن مفاجأة في الحوادث الأخيرة، حيث سجلت مصر 15% خلال أقل من 10 أيام من نسبة الهجوم العالمي السنوي لسمك القرش في بحار ومحيطات العالم والتي كانت تقدر بنحو 20 هجوماً تقريباً في العام الواحد، مؤكدين أن من أسباب هذا الهجوم إجراء تجارب نووية في خليج العقبة ينتج عنها إشعاعات ترفع درجة الحرارة ما يثير سمك القرش.
وقال عالم البحار المصري مدرس علم البيئة البحرية بكلية العلوم جامعة القاهرة الدكتور عمرو محمد ناصف: "تأثر البيئة البحرية لخليج العقبة بتأثيرات إشعاعية أو حرارية جراء تجارب نووية تمت تحت مياه خليج العقبة قد يكون من أهم أسباب هجوم سمك القرش على شواطئ شرم الشيخ بجنوب سيناء خلال الأيام الماضية، وأفادت تقارير ودراسات عديدة عن وجود مواد مشعة في تلك المنطقة يحويها مخزن متقدم لحفظ القنابل النيترونية أسفل مياه الخليج، وذلك يؤثر في بيوكيميائية وفسيولوجية أسماك القرش، وبالتالي أنماطها السلوكية".
وأكد ناصف وجود علاقة قوية بين الإشعاع والانبعاث والاحتباس الحراري وتغير المناخ وارتفاع درجة حرارة الماء التي يتبعها ارتفاع معدل التمثيل الغذائي في أسماك القرش، وبالتالي تزيد سرعة الهضم ومن ثم احتياجها للغذاء، فالإشعاع النووي والانبعاث الحراري كلاهما له دور كبير في رفع درجة الحرارة في المحيط البيئي الذي يحيط بسمك القرش والذي من شأنه أن يعمل على تغير الخواص الطبيعية للمياه والبيئة البحرية.
عدم التوصل لأسباب الهجوم وأفاد ناصف بأن هناك أسباباً أخرى قد تكون وراء هذا الهجوم المتكرر لأسماك القرش، منها الكثافة العالية والنشاط السياحي البحري الزائد والأهم زيادة معدل كثافة الغطس على الشعاب المرجانية في هذه المنطقة البحرية عن النسب المسموح بها عالمياً وبما يفوق طاقة النظام البيئي وقدرته على الاستيعاب والتجدد، ما يتطلب إعادة النظر في إجراءات الإدارة البيئية والتنموية لتلك المناطق.
ومن الأسباب الخطيرة أيضاً إلقاء الأغنام والحيوانات البرية النافقة وتأثير الانزيمات والهرمونات الحيوانية كنمط غذائي غير مألوف على فسيولوجية وسلوك أسماك القرش.وفي سياق متصل، قال نائب وزير السياحة المصري هشام زعزوعة ": "لا يمكن حتى هذه اللحظة اكتشاف الأسباب الحقيقية وراء هذا الهجوم لأسماك القرش، فقد قام الخبراء بمسح المنطقة وإعداد الدراسات اللازمة حول هذه الحوادث، واستقدمنا 3 خبراء أمريكيين للمساعدة في عملية المسح".وأكد نائب وزير السياحة المصري "أن حركة الغوص حول الشواطئ في شرم الشيخ تم تحجيمها ولن تعود الى طبيعتها إلا بعد 3 أيام، ونحن نبهنا على السائحين بألا يغوصوا منفردين، وبالنسبة للمصابين فقد تم ترحيلهم الى بلادهم مساء أمس".
ويرى الباحث والكاتب المتخصص في أسماك القرش رجب سعد "أن المنطقة يمكن أن تكون قد تعرضت لتلوث إشعاعي ما، فالمعروف أن أسماك القرش حساسة لأي تغير في كيميائية المياه ويمكنها أن تشعر بدرجة فائقة بتغيرات الأنظمة الصوتية الموجودة في المياه، ولهذا أعتقد أنه حدث تغير في المحيط الصوتي بالمنطقة، فربما تم استقدام أنواع جديدة من القوارب الآلية أو أن هناك آليات حفر في عمق المنطقة، ولكن في ظني أن السبب الأقوى لهجمات القرش هو شعوره بارتفاع درجات الحرارة التي قد تكون ناتجة عن تغيرات مناخية أو نتيجة إشعاعات معينة ولكن للأسف ليس هناك ما يؤكد ذلك".
ويتفق في ذلك رئيس قسم البيئة بجامعة الأزهر الدكتور خالد غانم، حيث قال "إن هذه الهجمات من الفك المفترس ليست طبيعية، ومرجعها إلى أن هناك خللاً بيئياً حدث في الأعماق وعلى الدولة التوصل الى أسباب هذا الخلل، التي قد تكون ارتفاع درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية لأسباب مختلفة، أو أن هناك تهديداً ما يتعرض له سمك القرش بالإضافة الى عمليات الصيد الجائر في المنطقة".
ويطالب الدكتور عمرو محمد ناصف بإنشاء مكتب ميداني لأسماك القرش على السواحل البحرية يديره علماء وباحثون وأطباء يتناوبون على الخدمة الوطنية فيه كمبادرة علمية لاكتساب الخبرة وتقديم الدعم والمشورة والاستفادة العلمية والبيئية في المناطق السياحية والمناطق ذات الأهمية، مثل مكتب هجوم القرش للولايات المتحدة.
وتبذل الحكومة المصرية محاولات جادة لصيد أسماك القرش، وقد يكون هذا الحادث نوعاً حديثاً من الحرب البيولوجية الذي يستهدف تدمير الاقتصاد والاستقرار الوطني من خلال تدمير السياحة. يُذكر أن أكثر الأوقات خطراً على السابحين عند ارتفاع درجة حرارة ماء البحر لأكثر من 21 درجة مئوية، ما يحفز سمك القرش على الهجوم بناء على ارتفاع معدل الهضم لديه.
ويطلق على البحر الأحمر اسم "بحيرة القروش" لوجود 25 نوعاً من إجمالي عدد أنواع سمك القرش في العالم الذي يصل الى 350 نوعاً، أي 8% من أسماك القروش المسجلة حول العالم، وليس من 350 ًنوعا إلا حوالي 30 نوعاً فقط التي تعد من الأنواع الشرسة مثل: "النمر ورأس المطرقة والقرش الأبيض والقرش آكل لحوم البشر وقرش ماكو وسمكة القرش الشرسة الملقبة بالممرضة الرمادية وقرش الثور، وأكثرها شراسة على الإطلاق هو قرش رأس المطرقة، وهو نوع شائع في البحر الأحمر لدرجة أنه تم حفظ عينات في متحف الأحياء المائية بالغردقة منذ عشرات السنين رغم أنه يفضل تجنب البشر وهو لا يهاجم إلا حين يُستفز.
والعجيب أن الإنسان نفسه قد يمثل خطورة على سمك القرش أكثر مما يمثله سمك القرش من خطورة على الإنسان، حيث يقتل الإنسان سنوياً حوالي 300 سمكة قرش، بينما تذكر سجلات معاهد سميشونيان لدراسة القرش أن عدد مرات هجوم القرش على الإنسان لا تزيد على 20 هجوماً في السنة بكل محيطات العالم، والأكثر غرابة أن القرش لا يستسيغ طعم لحم الإنسان لكن غرائزه تتحرك استجابة للمثيرات كالدم والحركة المضطربة.