هكذا نتحكم بكم، وكذا يمكنكم النهوض
سياسة الراية الخداعة
طبعا اننا ما بلغنا هذه النجاحات الكبرى في تدمير العراق خصوصا كنموذج لبلدان الشرق الاوسط، الا لاننا استعنا بخلاصة تجاربنا السابقة التي نفذناها في العالم، والتي اطلقنا عليها تسمية (سياسة الراية الخداعةـ False Flag) والتي تعني قيامنا نحن انفسنا بعمليات ارهابية ضد مصالح بلادنا وننسبها الى خصومنا لكي نعطي التبرير لاعلان الحرب عليهم. وقد انجزنا عمليات ناجحة كثيرة في هذا الخصوص، من ابرزها هجومنا نحن ضد اسطولنا(Pearl Harbor) عام 1941 الذي منحنا الحجة لمهاجمة اليابان والقاء القنبلتين الذرتين عليها ثم احتلالها. كذلك التخطيط لعملية(opération Northwoods) عام 1962 بتكوين ميليشيات كوبية تقوم بعمليات ارهابية ضد قاعدتنا في كوبا من اجل اعطاء الحجة لمهاجمة كوبا واحتلالها. لكن الرئيس كندي اعترض، ثم اعترض كذلك على مشروع مهاجمة فيتنام، فاضطررنا للتخلص منه ونسبنا اغتياله الى شخص معتوه.كذلك تجربتنا بتنظيم ميليشيات سرية في انحاء اوربا بعد الحرب العالمية الثانية تحت اسم(Stay- Behind) من اجل مكافحة النفوذ الشيوعي وتنفيذ عمليات ارهابية تنسب الى اليسار المتطرف، فتمنح حجة لتدخلنا وتجبر الحكومات الاوربية للاعتماد علينا. وضمن هذا السياق في اعوام الستينات والسبعينات طبقنا خصوصا في ايطاليا وتركيا سياسية اسميناها (ستراتيجية الاضطراب ـ Strategy of Tension) خلقت التوتر والعنف من خلال العمليات السرية ودعمت انصار امريكا وبررت تدخل العسكر لتحجيم اليسار وقمعه.وكانت ذروة نجاحاتنا في تطبيق سياسة (الراية الخداعة) في الشرق الاوسط، هي عملية تدمير برجي نيويورك عام 2001 وخلق اسطورة(بن لادن والقاعدة)، ثم نجاحنا الفائق في العراق بتأجيج الحرب الطائفية ونشر العنف والاحقاد، من خلال فرضنا سياسة (اجتثاث البعث) التي كانت لأجتثاث الدولة العراقية نفسها. بالحقيقة نحن ليس لدينا أي مشكلة مع البعث، فهو كان حليفنا السري لسنوات طويلة، وكان من السهل جدا الابقاء عليه مع بعض التغييرات الشكلية بالاسم والشعارات، ليلعب دورا ايجابيا ضمن الدولة الجديدة، كما حصل في الانظمة الاشتراكية السابقة حيث ابقي على الشيوعيين ضمن الخارطة الجديدة. لكننا كنا ندرك ان الابقاء على البعث يعني الابقاء على الدولة وعلى البلد قويا مستقرا، وهذا خطر علينا لانه يعني سهولة تمكن العراقيين من توجيه حقدهم علينا وتخريب مشروعنا. لهذا اقنعنا عملائنا وحلفائنا بتبني سياسة الاقصاء والاجتثاث، ثم تنفيذ عمليات الاغتيال للكوادر والعلماء والقادة العسكريين والحزبيين من خلال (فرق الموت الشيعية) المدعومة من قبلنا، بذلك تهيأت الاجواء الكاملة لـ(الميليشيات السلفية السنية) لكي تلعب دورها الارهابي المطلوب. وقد ساعدنا حلفائنا القوميين الاكراد كثيرا في تنفيذ سياستنا هذه لقاء فرضنا على (الارهابيين)عدم شمول المنطقة الكردية بعملياتهم التخريبية.الاعلام اخطر اسلحتنا الحديثة
كما قال رئيسنا (ريغان) ان فشلنا بحرب فيتنام كان بسبب فشلنا بأستخدام الاعلام)! لهذا فأننا شرعنا منذ اعوام الثمانينات، ثم مع الثورة التكنلوجية العظمى في مجال الاعلام في اعوام التسعينات دخلنا بقوة بأستخدام وسائل الاعلام في التأثير الحاسم على الحكومات والتحكم بمواقف الشعوب. وقد نجحنا الى حد كبير في المزج العلمي الفائق الدقة بين (فن الاعلام) و(فن المخابرات)، إذ خلقنا شبكات سرية واسعة من العملاء والمنتفعين في معظم بلدان العالم، وخصوصا في الشرق الاوسط، تتكون من الصحفيين والمثقفين المرتبطين بالاعلام بما فيهم الكتاب والسينمائيين وغيرهم. وخصصنا ميزانيات كبرى في تشييد المؤسسسات الاعلامية المرتبطة سريا بنا: (صحف وفضائيات ومواقع انترنت ووكالات انباء ومراكز دراسات، وغيرها)، ودعم وشراء الكوادر النشطة في الاعلام من اجل تنفيذ سياستنا الاعلامية ـ الثقافية ونشرها على اوسع نطاق.ان اعظم الخدمات التي لم تكن محسوبة، قدمتها لنا تلك الفضائيات التلفزيونية التي دعمنا اقامتها في منطقة الخليج، والتي بحجة تفعيل الديمقراطية وحرية الرأي، تمكنت من تأجيج الصراعات من خلال التركيز على العناصر المتطرفة من كل التيارات، وخلق الجدالات الفضائحية العنفية وبث اخبار الحركات السلفية والطائفية والبرامج ذات (الاتجاهات المعاكسة) المبتذلة المحرضة المؤججة للتطرف والأحقاد بكل انواعها. فمثلا، اننا بفضل هذه الفضائيات تمكنا من اقناع العالم كله بحقيقة دور(القاعدة) واسطورة(بن لادن) من خلال نشرها تلك البيانات والتسجيلات الصوتية والصور المفبركة. كذلك فضائياتنا هي التي جعلت من (نصر الله وحزبه) اسطورة بطولية عربية اسلامية بوجه اسرائيل، لكي نبرز رموزا شيعية قوية تابعة لايران تخيف وتحفز القوى السلفية السنية التابعة للسعودية. كذلك تمكنا من تهيأة وتغذية اجواء الحقد والصراع الطائفي في العراق من خلال تسليط الاضواء على الشخصيات المتطرفة من كلا الجهتين، وخلق الجدالات العنيفة وابراز الاخبار والمشاهد المؤججة للمشاعر.التيار التدميري والتيار السلمي
هنالك حقيقة مخفية مزعجة لنا لا يدركها الا قادتنا، وهي ان هنالك تياران مختلفان في داخل فدراليتنا كما في عموم النخب الامريكية والغربية السياسية والثقافية، اقواهما (التيار المتعصب) الواضع والمدافع عن هذه الستراتيجية التدميرية، وهو الغالب والمتحكم بالدول والمؤسسات العسكرية والمخابراتية والاعلامية، ثم (التيار السلمي المعتدل) وهو الاضعف، لكنه الاكثر شبابية وحيوية وطموح.لقد نجح (التيار المتعصب) ان يفرض ستراتيجيته التدميرية الخاصة بالشرق الاوسط، بالاعتماد على الحجة التالية: ((ان شعوب الشرق الاوسط بطبعها وتاريخها عنفية حقودة متصارعة، ولا يمكن تجنب شرها ضد نفسها وضد العالم وضد المصالح الغربية، الا باضعافها من داخلها ومنعها من التوحد والاستقواء))!والمشكلة ان هذا التيار المتعصب، نجح باستمرار ان يغذي حجته هذه، من خلال تشجيعه لروح وثقافة الاحقاد والعنف والارهاب في الشرق الاوسط. فكلما حاول (التيار السلمي) ان يطالب بالانسانية والتعقل مع شعوب الشرق، صرخ المتعصبون بحجة الاحقاد السائدة والعمليات الارهابية المنتشرة.لكن (التيار السلمي) لا يكل عن محاولة الدفاع عن اطروحته بضروة مساعدة الشرق الاوسط على تحقيق السلام والاستقرار، بناء على المبررات التالية:لنفترض حقا ان شعوب الشرق الاوسط حقودة ومتصارعة وعنفية، لكنها مهما بالغت فأن تاريخها يثبت بأنها اقل عنفا وتطرفا وحقدا من شعوب اوربا الغربية التي، فقط خلال الحربين العالميتين، قتلت حوالي ستين مليون انسان اوربي بأيادي اوربية مع تدمير مدن واوطان اوربية بكاملها واقتراف عمليات ابادة منظمة لملايين اليهود والغجر، ناهيك عن التاريخ الاستعماري والعبودي الطويل ضد الشعوب الضعيفة. لكن مع كل هذا فأن امريكا، ومن اجل ضمان سلامة مصالحها وابقاء اوربا بجانبها، جهدت من اجل مساعدتها وبنائها وتحقيق الوحدة السلمية الانسانية بين هذه الاوطان التي ظلت على مدى التاريخ متصارعة الى حد الابادة: المانيا وفرنسا وانكلترا! اذن لماذا لا تستحق شعوب الشرق الاوسط مثل هذه الجهود لكي تبني اوطانها وتحقق وحدتها وتتحالف انسانيا وسلميا مع جارتها اوربا وكذلك امريكا؟!من اجل ستراتيجية شرق اوسطية جديدة
بعد هذه الاعترافات والكشوفات الخطيرة لصاحبي الحكيم الامريكي، من الطبيعي ان يطرح ابناء الشرق الاوسط السؤال المشروع التالي:ـ اذن، ما العمل، امام هذه الستراتيجية الجهنمية التي نعيشها ونعاني منها منذ سنوات طويلة. هل هي قدر خارق ومحتوم علينا الخضوع له، ام ماذا؟بعد مداولات وجدالات طويلة وعميقة مع هذا الحكيم، يمكنني بكل ثقة وقناعة ان اخبركم بالخلاصة التالية:لا ابدا، ان هذه الستراتيجية الشيطانية ليست قدر محتم، بل هي بكل بساطة لعبة خطيرة يقوم بها بشر مثلنا، لهم مصالحهم وعقيدتهم ونقاط قوتهم وضعفهم، مثل كل البشر. ونستطيع نحن الضحايا ان نجد الستراتيجية المضادة التي تساعدنا على الخلاص. يمكن اختصار وتحديد هذه الستراتيجية المقترحة على الاصعدة التالية:اولا، على الصعيد العالمي، اقامة تحالف وحوار شعبي ونخبوي شرقي ـ غربي ان اشد ما يخشاه(التيار المتعصب) الماسك بالـ (IFB) ان تدرك شعوب ونخب الشرق الاوسط حقيقة هذه الستراتيجية الخفية. لهذا يتوجب على النخب والقيادات والحكومات الشرق اوسطية ان تعمل كل مستطاعها لكشف وفضح خفايا هذا المخطط الجهنمي الذي يقوده (التيار الغربي المتعصب)، والتقرب والتحالف مع (التيار الغربي السلمي) ومع جميع القوى والنخب السلمية والانسانية الامريكية والاوربية، الثقافية والحزبية والحكومية والدينية والاجتماعية. أي التخلص من تلك السذاجة والثقة الخنوعية التي تمارسها حكوماتنا ونخبنا بتصديق الخطاب الامريكي ـ الاوربي الدبلوماسي الذي يدعي جلب الديمقراطية والتحضر للشرق الاوسط. كذلك العمل على كشف كل المخططات السرية الجارية وفضح جميع المؤسسات والاحزاب والشخصيات والحكومات المتورطة فيها. وبنفس الوقت، العمل على اقامة شبكة واسعة من العلاقات مع كل الاطراف والمؤسسات واللوبيات والشخصيات الامريكية والاوربية التي تؤمن بصدق بضرورة اقامة علاقة سلم وتعاون وتحالف بين الشرق والغرب.على القوى العلمانية الليبرالية واليسارية في الشرق الاوسط ان تدعم علاقاتها مع القوى الليبرالية واليسارية الغربية التي تحترم خصوصية المجتمعات الشرقية ولا تبرر التدخل السياسي والهيمنة الثقافية الغربية على الشرق.كذلك ان تشرع القوى والنخب الدينية الاسلامية الى الانفتاح على جميع القوى والنخب الدينية الغربية، مسيحية ويهودية وغيرها. من اكبر الخطايا التي ترتكبها المؤسسات والنخب الدينية الاسلامية انها لم تنتبه الى القيمة الحاسمة للتحالف مع النخب والكنائس المسيحية في اوربا وامريكا. لان هذه النخب المسيحية، وخصوصا الكنيسة الكاثولكية، تعاني كثيرا من الحروب الاعلامية والثقافية التي تشنها ضدها القوى الشيطانية المتطرفة المتحكمة بالغرب التي تدعي العلمانية والعلم والالحاد، لكي تحرم المجتمعات الغربية من بقايا الروحانية وسلطة الله، وبالتالي تسهل عملية إخضاعها بشكل كامل لسلطة المال وثقافة النهم والتفسخ النفسي والاجتماعي وتقديس الاستهلاك الوحشي. لقد نجح المتعصبون في الشرق والغرب حتى الآن من منع أي تقارب (مسيحي ـ اسلامي ـ يهودي) عالمي من خلال دعم القوى السلفية الاسلامية المعادية للمسيحية وبنفس الوقت تعزيز مخاوف المسيحيين واليهود من الاسلام والمسلمين من خلال التشديد على معانات المسيحيين (واليهود)في الشرق الاوسط، وعلى الخطر الارهابي الاسلامي ضد شعوب الغرب.ثانيا، على الصعيد الشرق اوسطي، العمل على اقامة سوق ووحدة شرق اوسطية مشابهة للوحدة الاوربية على شعوب ونخب الشرق الاوسط ان تتخلص من تعصبها القومي الانعزالي وتحتذي بتجربة الوحدة الاوربية، التي رغم كل الاحقاد والحروب العالمية المدمرة بينها، واجهت الحقيقة التالية: اما ان تستمر بخضوعها للمنافسة التاريخية القومية وشن الحروب المدمرة بينها، اما ان تتوحد! وقد اضطرت ان تختار الحل الثاني. ان الوحدة العربية قد فشلت وستفشل دائما لأنها قائمة على اساس قومي عرقي يعزل ويخيف اهم دول الشرق الاوسط غير العربية: ايران وتركيا واسرائيل، كذلك الجماعات القومية الاخرى التي تعيش مع العرب: اكراد وتركمان وسريان واقباط وبربر وافارقة، وغيرهم..لقد نجح المتعصبون في الشرق والغرب، بمنع أي توحد شرق اوسطي من خلال الابقاء على الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني، وجعله العقبة الكبرى امام أي سلام وتقارب. وتمكنوا من فرض العقيدتين التاليتين: جعل غالبية النخب العربية ترفض بصورة مطلقة أي حوار وانفتاح وتقارب مع المجتمع والنخب الاسرائيلية واليهودية. وبنفس الوقت، تقديم الدعم بكل الوسائل السرية للتيار اليهودي المتعصب الذي يبتغي طرد جميع الفلسطينيين وبناء المستوطنات في كل مكان. ونجحوا خصوصا بجعل الفلسطينين والاسرائيليين يرفضون ذلك الشعار الواقعي والوحيد القادر على حل المشكلة: (دولة واحدة لشعبين، يهودي وفلسطيني). ثم اعتبار الوسيلة الوحيدة للحوار العقيم بين اليهود والعرب هي الحكومات وحدها، مع الاشراف الكامل من قبل امريكا لضمان عدم نجاح الحوار.لهذا، فأن ان الحوار الشعبي والنخبوي المباشر بين العرب واليهود عموما، والفلسطينيين والاسرائيليين خصوصا، وحده القادر على تحقيق السلام الحقيقي. حوار شعبي ونخبوي مباشر على كل الاصعدة الثقافية والسياسية والدينية والاقتصادية والسكانية، من دون تدخل ولا اشراف الدول الغربية. ان هذا الحوار واالسلام هو الذي سيكون اساس تحقيق الحل الوحيد الممكندولة واحدة لشعبين)، ثم استقرار وتوحد بلدان الشرق الاوسط، على الطريقة الاوربية.ومن المهم جدا ضمان الموقف الايجابي للغرب من هذا المشروع. ان التجربة التركية افضل نموذج ناجح لبلدان الشرق الاوسط. فهي تتميز بخصال عديدة تمنحها قوة وشمولية نادرة: مركز عسكري علماني ماسك بالدولة ويلعب دور الضامن لحسن سير العملية الديمقراطية، مع حزب اسلامي تجديدي ومعتدل يجمع بحذاقة بين الاصلاح الديني والتعددية الديمقراطية، مع سياسة وطنية توحيدية واستقلالية تتوافق بحنكة مع انتماء تركيا لحلف الاطلسي!ثالثا، على الصعيد العراقي، ليكن العراق مركزا للسلام والحوار والتقارب الشرق الاوسطي والعالمي، وليس مركزا للمؤامرات والحروب والآيدلوجيات التوسعية والامبراطورية!ان طبيعة العراق، تاريخيا وجغرافيا، فرضت عليه دائما اما ان يكون محتلا من قبل الجيران او هو الذي يحتلهم. لهذا فأن الروح والحضارة العراقية، (عكس الروح المصرية الوطنية الانغلاقية)، ظلت دائما توسعية خارجية من جميع النواحي: ثقافيا وسياسيا وسكانيا وعسكريا. وهذه الطبيعية الانفتاحية الخارجية، هي سر العبقرية العراقية وسر الخراب ايضا. فهي التي منحت العراق والعراقيين هذا الخصب الابداعي والدور الحضاري الحاسم في التاريخ، ولكن هي ايضا التي جلبت على العراق والعراقيين هذه التبعية للقوى الخارجية وسهولة التخلي عن الهوية الوطنية والانقسام والتصارع بتأثير هذه التبعية. ان هذه الروح الخارجية العراقية سليقة لا يمكن ابدا التخلص منها. لكنها طاقة، مثل أي طاقة، يمكن استخدامها للتدمير او للبناء، حسب وعي النخب وقدرتها. ومشكلة العراق منذ تاسيس الدولة في العصر الحديث ان نخبه لم تنتبه لهذه الخاصية التوسعية التاريخية، بل خضعت لها بصورة سلبية وغير واعية، من خلال رفض مفهوم(الهوية الوطنية والامة العراقية) وتبني آيدلوجيات قومية ودينية واممية توسعية امبراطورية تدعو للحروب والتعصب والسيطرة على دول الجوار. فليس صدفة ابدا، ان جميع القوميات العراقية تبنت بشكل صريح دعوة الغاء الحدود العراقية الحالية وبناء دول قومية كبرى على حساب دول الجوار: الوطن العربي الاكبر، كردستان الكبرى، الخ. كذلك الاسلاميين الشيعة والسنة، كل منه يدعو الى دولته الاسلامية الكبرى. ناهيك عن الشيوعيين الذين قدسوا الاممية العالمية بصورة خنوعية وتبعية كاملة لعواصمهم المقدسة، مثل موسكو وبكين والبانيا وكوبا، وهلم جرا. بالاضافة الى عقائد تقديس العنف المسلح وشن الحروب الصبيانية باسم تحرير كردستان وفلسطين والجولان والاحواز والاسكندرونة والكويت والصومال وزنجبار، وهكذا دواليك. حتى بدى العراق في العصر الحديث وكأنه سوق شعبية كبرى لبيع وشراء العقائد والشعارات الثورية الامبراطورية العنفية والمؤامرات الداخلية والاقليمية!آن اوان النخب العراقية ان تدرك هذه الحقيقة: ان آيدولجيات التوسع والامبراطوريات القومية والاسلامية والاممية، هي التي جلبت كل هذه الكوارث الى بلادنا، وهي التي تخيف جيراننا الايرانيين والاتراك والسعوديين والكويتيين والسوريين والاردنيين، كذلك اسرائيل وباقي القوى الغربية، وتدفعها لعمل المستحيل من اجل التدخل في العراق وشراء ذمم قادته ونخبه وتدبير المؤامرات وتأليب بعضهم ضد البعض وتوريطهم بحروب داخلية وخارجية.آن اوان النخب العراقية ان تجعل من (ثقافة الهوية الوطنية) محور كل برامجها وافكارها، وبنفس الوقت تعمل على تحويل الطاقة التوسعية الخارجية العراقية الى طاقة ايجابية للتوسع السلمي الانساني الصداقي والمصالحي. لنجعل من شعار: (السلام والحوار مع اسرائيل)، و(والوحدة السلمية الديمقراطية لشعوب الشرق الاوسط ) شعاراتنا الكبرى المقدسة الثابتة التي نكتبها بكل صراحة في برامجنا الحزبية ودستورنا، ونتبناها رسميا وشعبيا ونجهد بكل صدق لتحقيقها. نعم ان سلام ووحدة الشرق الاوسط وحده فقط الكفيل بتحقيق السلام والاستقرار في بلادنا. لتكن ثقافة السلام واحترام حدود الوطن والسلم مع الجيران ثقافة سائدة في المدارس ووسائل الاعلام. وان يصبح من العار والخيانة لأي حزب يتبني شعارات قومية ودينية توسعية تحتقر حدود الوطن وتبرر الحروب مع الجيران، كشعار(كردستان الكبرى) و(حق تقرير المصير) الذي يعني بكل بساطة وصراحة حق تقسيم العراق ودول الجوار وشن الحروب القومية الانفصالية ضدها، وبالتالي تغذية المخاوف والتوترات والاحقاد بين شعوب الشرق الاوسط! ********************