التحول الديمقراطي هل هو ممكن دون عامل خارجي؟ الجزء الأول
Submitted by عدنان الحسناوى on Sun, 01/17/2010 - 11:41
Print
Share
[View]
هذه الورقة في الأصل تعقيب على الأوراق المقدمة في اللقاء السنوي الخامس عشر بجامعة أكسفورد
بريطانيا، 27 أوت 2005 حول : " تعزيز المساعي الديموقراطيـة"
إعداد : عدنان الحسناوى
التمهيدنلاحظ أن التعامل مع "العامل الخارجي" فيه ما هو مشروع , و فيه ما هو جريمة من وجهة نظر قانونية.و أن التجريم يتعلق بأعمال الجاسوسية و هي أعمال القصد منها تقديم معلومات أمنية سرية إلى دولة أجنبية بمقابل مالي. وماعدا الجاسوسية و التعامل من اجل القيام بأعمال إرهابية و القيام بالتحريض على الكراهية أو العنصرية أو التعصب على أساس الدين، فان التعامل مع الأجنبي مشروع.
و نلاحظ أن بعض الحكومات تقوم بتجريم التعامل مع الأجنبي وذلك بقصد إضعاف المعارضة .
إن القراءة التحليلية تكشف لنا أن الإشكاليات القائمة هي مرتبطة بالممارسة السياسية.
العالم العربي و الإسلامي في مرحلة انتقالية و نتيجة لانهيار الأنظمة التي شكلت في ما مضى الكتلة الشيوعية.
في هذه المرحلة و- إن كانت القوى الدولية تعمل من اجل الوصول إلى إلغاء استخدام العنف لتحقيق المكاسب السياسية , فإن الحرب تكون وسيلة لردع الحكومات التي تدفع بالمجموعات شبه العسكرية للقيام بالأعمال التخريبية و من هذه الحكومات المصنفة كدول داعمة للإرهاب العديد من الدول العربية و الإسلامية و كما هو معلوم فإنه و بعد هزيمة 1967 عمدت الدول" الثورية" إلى استخدام المجموعات الإرهابية للقيا م بحرب العصابات و قامت بالدعم اللوجستي و السياسي و الإعلامي لها و ذلك لضمان إدارة الصراع دون تورط مباشر للجيش في الحرب، مع العمل على امتلاك السلاح غير التقليدي- .
و الغريب أننا نشاهد في تاريخ الحركات الوطنية كيف أن من لم يتعامل مع الأجنبي و يقاوم الاحتلال يجد نفسه في صفوف أعداء النظام الجديد الذي" حرر" البلاد و هم الذين قاموا بالتعامل و الحوار مع الإجنبي .
و عليه فإن المحدد لما هو ايجابي و ما هو سلبي ليس الفعل في ذاته بل دوره و مدى تحققه في الواقع.
و لأن التصنيف القيمي القائم على الأخلاق و القانون لا يكشف لنا غير جزء بسيط من المسألة. و لأنها تتعلق بالتاريخ فإنها تحتكم للمنطق الخاص بحركة التاريخ أي حركة ميزان القوى.
ونلاحظ أن هناك حكومات قامت و تعمل بكل جد على التعامل مع العامل الخارجي في كل المجالات الأمنية و السياسية و الاقتصادية و التربوية، و تروج - حين تقو م المعارضة بالضغط عليها مع المنظمات الدولية للالتزام بما صادقت عليه و التزمت بالعمل على نفاذه في الدولة التي تقو م بإدارة شؤونها السياسية وفقا لنتائج صناديق الاقتراع - لمقولة استقلال القرار الوطني، وأن التدخل في الشؤون الداخلية هو الاستعمار الجد يد، و تلجأ لهذا لتبرير إنتهاكها لحقوق الإنسان و ذلك في نفس الوقت الذي تروج فيه لدى المجموعة الدولية أنها تسعى فقط لسحب البساط من تحت التيارات المتطرفة و الحركات الإرهابية.
العامل الخارجي هو جزء من تفاعل الحضارات وآلية لدفع حركة التاريخ.
و الفرضية الأساسية لهذا التعقيب هو أنه لم يسجل في التاريخ المكتوب منذ الهجرة. في هذا الجزء من العالم أي تحقق لأي مشروع دون تأثير خارجي و أنه لا تحقق في المستقبل للتحول الديمقراطي دون دور أساسي للقوى الدولية الحرة.
وأطلب من خلال هذا الملتقى من الحكومات في العالم العربي و الإسلامي العمل على إرساء
الشروط القانونية
و المالية لضمان حرية الإعلام و الترويج للديمقراطية و حقوق الإنسان الكونية وذلك قصد تكريس ثقافة سياسية عقلانية و بهذا يتحول الرأي العام العاطفي والجاهل لأبسط الحقائق إلى سند للتحديث في هذا الجزء من العالم.
المدخل التاريخي
1. في العهد القديم
أ) الحركة المحمدية والتراث الديني (اليهوديّة والمسيحيّة)[1]
*في الشريعة الإسلاميّة:
جاء في كتب الأحاديث أنه
حدّثنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنّه قال جاءت اليهود إلى رسول الله فذكروا له أنّ رجلا منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله ما تجدون في التوراة في شأن الرجم فقالوا نفضحهم ويجلدون فقال عبد الله بن سلام كذبتم إن فيها آية الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم ثم قرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام أرفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم فقالوا صدق يا محمد فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله فرجما فقال عبد الله بن عمر فرأيت الرجل يحنى على المرأة يقيها الحجارة، قال مالك يعنى يحنى يكبّ عليها حتى تقع الحجارة عليه[2].
لكل واحد قراءته لهذا الحديث، لكن ملاحظتي هي أنّ الرسول في هذه القضية طبّق ما جاء في التوراة، وبعده، وإن نسخت آية الرجم في القرآن إلاّ أنّ المسلمين قاموا بتطبيق هذا الحكم بعده.
*في العبادات :
أمّا في العبادات فالحجّ الركن الخامس من أركان الإسلام هو تكريم للنبي إبراهيم وهذا ما هو مشترك مع اليهوديّة والمسيحيّة
*في تاريخ الإسلام
كانت الهجرة ودور الأنصار في فتح مكّة هو الدليل عن دور العامل الخارجي في تحقّق الحركة المحمديّة في التاريخ.
ب- تأثير الحضارات خاصة اليونانيّة والفارسيّة في الإنتاج الثقافي والعلمي للعصر الذهبي للحضارة الإسلامية.
أتيح لعلماء العرب[3] الإطلاع تقريبا على التراث العلمي والفلسفي اليوناني وكانت حركة الترجمة الكبرى في القرنين الثاني والثالث الأثر في وصول الأعمال العظيمة التي أنتجتها الحضارة اليونانية[4].
وقد نجح علماء مدرسة مراغة إلى وضع النماذج الفلكية غير البطلمية التي كررها كوبيرنكس.[5].
ج-أوروبا تتعلم على علماء من المسلمين في القرون الوسطى
إن العلم العربي أسهم بأكبر نصيب من الرأسمال الفكري الذي أدى إلى ظهور العلم الحديث في الغرب في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، وما بعدهما[6].
لكن السؤال المطروح اليوم لماذا عجز العرب عن إنجاب العلم الحديث والعقلانيّة ولماذا تراجع العلم بعد القرن الثالث عشر وإن تراجعت الحياة الفكريّة بعد العصر الذهبي.
العوائق:
فقد جاء في مقدمة ابن خلدون : "الفرس فكان شأن هذه العلوم العقلية عندهم عظيما ونطاقها متّسعا لما كانت عليه دولهم من الضخامة واتصال الملك (...) إلا أن المسلمين لمّا افتتحوا بلاد فارس وأصابوا من كبتهم وعلومهم ما لا يأخذه الحصر كتب سعد بن أبي وقّاص إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في شأنها و نقلها للمسلمين فكتب إليه عمر أن اطرحها في الماء فإن يكن ما فيها هدى فقد هدانا الله بأهدى منه وإن يكن ضلالا فقد كفاناها الله فطرحوها في الماء أو في النار و ذهبت علوم الفرس فيها عن أن تصل إلينا[7].
كان التزهّد في الدنيا والتقليد الساذج للرسول والاعتماد على الغنائم والانغلاق الناتج عن خيار الخلفاء، قد ولّد الظروف للصراع المدمّر داخل المسلمين أنفسهم لأن الرسول قد مات وعلى القيادة من بعده من البشر العمل على تحقيق الازدهار. في هذا الزمن أغفل المسلمون الذين تعاملوا بالذهب والفضّة وزنا ختم العملة بالنقوش كما هو الشأن عند العجم والفرس والحضارات السابقة فكان هذا الأمر السبب في ارتفاع ارتكاب جريمة الغشّ في الدنانير والدراهم[8].
كانت الفتنة الكبرى[9] لحظة ميلاد الملك والتحوّل من العقيدة إلى السياسة لكن الانغلاق ولّد نموذجين من نماذج الاغتراب الفكري والاستلاب الحضاري ووجد المسلمون أنفسهم إلى اليوم أمام ضرورة الاختيار : بين التقوقع في عقائد محنطة، وإمّا العمل على تجديد الاستبداد من أجل الحقّ في الحياة بالولاء للملك القائم على العصبيّة الدينيّة.
ولأن الفقهاء والخلفاء / الملوك و بقوّة السيف قاموا باغتيال العقل، فكان موت الإنسان وفساد الدين والدنيا، و لهذا كانت الأناسة في أقصى تجلياتها مع الرازي لا تخرج عن اللاهوت.
فالشريعة الإسلامية التي قام الشافعي بإرساء قواعدها وتنظيمها و التي تقر بالاجتهاد الذي هو بذل جهد بشري لسنّ مادة قانونيّة من أجل تنظيم وضع جديد خلقه الإنسان بالقياس و لقد كان تجميد الإجتهاد قد أدى إلى التخلّص من العقل باعتباره مصدرا من مصادر الشريعة[10].
وما قام به ناصر أهل السنّة وقامع المعتزلة الخليفة العباسي المتوكل والذي أمر الناس بتقليد أحد المذاهب السنية الأربعة[11] كما أمر المحدثين أن يحدثوا بأحاديث الصفات[12] يكشف أن السيف كان الوسيلة في تحقق الفكرة وتوسعها.
ظلّ حملة العلم ومعظمهم من العجم كأقليّة من السكان أحرار لا يخشون الأثر السلبي للعلوم العقلية والفلسفية الأجنبيّة على الفقه والملك. لكن على مدى قرون قلّت نسبتهم فتراجعت الحضارة وتقلّص الإبداع العلمي و الفلسفي والثقافي.
كانت مدافع نابليون[13] المنبه الذي أيقض هذا الرجل المريض من نومه ولأنه عجوز لم يبقى له غير الغرور، فلا بالتساؤل شخّص الداء[14] ولا بالتحرّك قام بتناول الدواء.
تحالف مع ألمانيا فكانت نهايته لأنه اختار الموت والفناء.
2. العقيد Lawrence والثورة العربية
رفضت بريطانيا مساعدة الشريف حسين ضد تركيا قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى لكن عندما دخلت تركيا الحرب مع ألمانيا عملت بريطانيا على التحالف مع العرب وذلك من أجل تفكيك الوحدة بين تركيا وألمانيا من خلال فتح جبهة بين تركيا والعرب وجبهة ثانية بين تركيا وروسيا لتخفيف الضغط على الجبهة الفرنسية.
فكان تبادل الرسائل بين هنري ماكماهون والشريف حسين[20] وقام المندوب السامي لبريطانيا بمصر بتقديم المال والسلاح وقام على الميدان كل من فيصل و [21]Lawrence بنشر الراية للثورة التي أعلنت في مكة في 10 جوان 1916 وفي توسيع نطاقها وأسدت هذه الثورة أعظم خدمة للحلفاء.
فقد قال الماريشال الألماني ليمان ساندرس L.Sandors في مذكراته لقد أدت الثورة خدمات عظيمة للجيش البريطاني.
وقال مدير المخابرات التركية لولا وجود جيش عربي وقف موقف العداء من الترك في جزيرة العرب وفي ساحة طولها ألف كيلو لما تمّ للجيش البريطاني إحراز ما أحرز بمثل تلك السرعة العظيمة وبدون كبير عناء.
وعلق ليدل هارت : "في الأسابيع الحرجة حين كان اللبنى يعد ضربته كان نصف القوات التركية تقريبا محصورا في جنوب دمشق على يد القوات العربية "
3. حركات التحرر الوطني وألمانيا النازية
جاء في الأمر اليومي رقم 30 الصادر عن مقر هتلر في 25/05/1941 "تعتبر الحركة التحرريّة في الشرق الأوسط حليفنا الطبيعي في نضالنا ضد بريطانيا وفي هذا المجال تكتسب الثورة في العراق أهمية خاصة وستتجاوز الشرق الأوسط وستقطع المواصلات البريطانيّة وستحول السفن البريطانيّة عن مناطق الحرب الأخرى[15].
وتكفي الإشارة إلى:
*أنّ السادات ذكر في مذكراته أنّه عمل بانسجام تام مع القيادة الألمانية في ليبيا[16].
*أنّ حركة مصر الفتاة كانت واقعة تحت تأثير النازيّة والفاشيّة وأن الدكتور مصطفى الوكيل نائب رئيس جمعية مصر الفتاة انضم إلى ثورة رشيد عالي الكيلاني وبعد فشل الثورة هرب مع الحاج أمين الحسيني مفتى فلسطين وفوزي القاوقجي إلى برلين[17] ومات في إحدى الغارات التي قام بها الحلفاء على برلين.
وحين قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني توجّه عزيز المصري[18] بطائرة حربية مصريّة إلى العراق مع الضابطان حسين ذو الفقار صبري وعبد المنعم عبد الرؤوف[19] أحمد أعضاء اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار وعضو مجلس قيادة الثورة وأحد مؤسسي الجهاز السري لحركة الإخوان بمصر.
ونلاحظ غياب البحوث والدراسات الجامعية والأكاديمية لهذا الموضوع الذي يكشف لنا الأسس التي تقوم عليها الإيديولوجيات العربية المعاصرة.
4. الدول الوطنية والأمم المتحدة:
عندما كانت قوات الثورة العربية تقاتل الترك والألمان إلى جانب الحلفاء صدر البيان الفرنسي البريطاني الذي جاء فيه "يتعهد الحلفاء بتحرير الشعوب المظلومة التي
طالما رزحت تحت أعباء استعباد الترك تحريرا تاما نهائيا وتأسيس حكومات وإدارات وطنية تستمّد سلطتها من رغبة السكان الوطنيين أنفسهم ومحض اختيارهم[22].
واجتمع ممثلو الدول الكبرى: فرنسا وبريطانيا وايطاليا والولايات المتحدّة في مؤتمر فرساي[23] بعد سماع الوفدين العربي برئاسة الأمير فيصل والصهيوني برئاسة حاييم وايزمن لتقرير مصير البلدان العربية في جلسة سرية وكان موقف كلمنصو هو تطبيق اتفاق سايكس بيكو وقدّم لويد جورج وجهة النظر البريطانية في النقاش تدخل ولسون Wilson الذي أعلن أن أمريكا ترفض كل اتّفاق سرّي كما ترفض اتفاق سايكس بيكو[24] وأضاف أن الولايات المتحدة ليست مستعدة أن تعير أي اهتمام لمطلب بريطانيا وفرنسا في بلاد لا ترضى بحكمهما وفي 7 نوفمبر 1918 كان ولسون هو الذي دعى إلى تأكيد حسن نية الحلفاء وحرصهم على ضمان مبدأ حرية السكان في تقرير مصيرهم[25].
وقد قامت الجمعية العامة لعصبة الأمم في آخر اجتماع لها في 18 أفريل 1946 بإقرار إنهاء الانتداب بالنسبة لشعوب شرق الأردن والعراق وسوريا ولبنان والاعتراف باستقلالهما وجاء قرار الجمعيّة العامة للعصبة مذكرا بدور العصبة في معاونة العراق على الانتقال من وضعه كإقليم خاضع لانتداب إلى مرتبة الاستقلال الكامل ومرحبا بانتهاء الانتداب على سوريا ولبنان وشرق الأردن[26].
وبعد قيام الأمم المتحدّة ودعوة الولايات المتحدة التي شددت على تطبيق مبادئ روزفلت وميثاق الأطلسي في القضاء على التوسع الاستعماري وحقّ الشعوب في تقرير المصير أصدرت الأمم المتّحدة في عام 1960 قرار بتصفية الاستعمار وشكلت لجنة من 17 دولة لتنفيذ هذا القرار.
أ-العراق :
كان العراق أوّل بلد عربي يحصل على الاستقلال ويدخل في عصبة الأمم في 3 أكتوبر سنة 1932 بطلب من بريطانيا[27]. وكان أيضا أول بلد عربي عاش مع بكر صدقي أول انقلاب عسكري في 29/10/1936.
ب-المملكة العربيّة السعوديّة :
كانت شبه جزيرة العرب عند اندلاع الحرب العالميّة الأولى مجزأة إلى دويلات عديدة الحجاز وعاصمتها مكّة تخضع لحكم الشريف حسين من البيت الهاشمي أما نجد فكانت موزّعة بين إمارة شمّر وعاصمتها حايل تحت حكم آل الرشيد، وبين الوهابيين وعاصمتهم الرياض وكان تاريخ آل الرشيد حافلا بالمنازعات العائلية، وقد توفّق محمد بن عبد الله ابن الرشيد (1872-1897) بمساعدة الأتراك على القضاء على سلطة آل سعود وهم الأعرق في الرياض.
وفي عام 1902 استطاع عبد العزيز آل سعود بعد عودته من منفاه عند الشيخ مبارك في الكويت أن يسترد الرياض[28].
وكان عبد العزيز قد وفق ببعث الروح الوهابية القديمة وتأسيس جماعة الإخوان وهم مقاتلون من بدوى الصحراء سنة 1910 إلى تحويل الصراع العائلي على السلطة إلى جهاد ديني[29].
وفي سنة 1913 استفاد من ضعف الخلافة العثمانية فاستولى بدعم من حكومة الهند البريطانية على مقاطعة الإحساء المحاذية لممتلكاته.
وبعد أن رفض الشريف الحسين التوقيع على معاهدة صلح فرساي ورفض الموافقة على الانتدابات, مع ما كان له من توتر في علاقاته بفرنسا وإيطاليا أدرك آل سعود أن الوقت مناسب فكانت الحرب الوهابية الهاشمية[30] إثرها كان سقوط مكة في أوائل أكتوبر 1924 وتنازل الحسين عن الملك. ويذكر أن الأمير عبد الله طلب من المندوب السامي إرسال قوات حكومة شرق الأردن إلى الحجاز للإشراك في قتال الوهابيين وصدهم عن الأراضي المقدسة إلا أن المندوب رفض طلب الأمير وسعت بريطانيا إلى التفاوض بشأن الحدود مع العراق والأردن وكانت اتفاقية الحيرة بتاريخ 1 نوفمبر 1925 الخاصة بالحدود مع العراق ولاتفاقية حداء في 2 نوفمبر1925 الخاصة بالحدود مع الأردن و في 1932 أسس الملك عبد العزيز المملكة العربية السعودية .
ج-مصر :
مصر هي نقطة هامة في طريق المواصلات البرية والبحرية بين أوروبا وجنوب آسيا وكانت بريطانيا تعارض انفصال مصر على الخلافة العثمانية[31].
لكن عندما دخلت تركيا الحرب إلى جانب ألمانيا ضد الحلفاء أعلنت الحماية البريطانية على مصر وفصلت عن تركيا بإلغاء السيادة التركية وعزل الخديوي عباس حلمي الذي كان موجودا في تركيا والذي عين بفرمان سلطاني منذ عام 1892 وعينت مكانه حسين كامل (1919-1917)[32].
وبعد ثورة 1919 صدر تصريح 28 فيفري 1922 الذي ألغى الحماية واعترف باستقلال مصر دون السودان[33].
وبعد إصدار دستور عام 1923 وتشكيل أول وزارة دستورية هي وزارة سعد زغلول في عام 1924 بعد أن فاز حزب الوفد في الانتخابات[34].
كان الاتفاق المصري البريطاني في معاهدة 1936 ينص على أن إدارة الأمن هي مسؤولية تقع على عاتق الحكومة المصرية وحدها وأكد أن مصر مستقلة ذات سيادة و أصبح المندوب السامي البريطاني في مصر سفيرا وفي هذه المعاهدة ظلت السودان خاضعة لاتفاقية الحكم الثنائي وكما ظلت القوات البريطانية متواجدة بقناة السويس وفي 19 أكتوبر 1954 عقدت معاهدة بين مصر وبريطانيا نصت على جلاء القوات البريطانية[35].
د-تونس:
في الحرب العالمية الثانية أعطى الحبيب بورقيبة أوامره للحزب في رسالة بعث بها من السجن إلى الدكتور حبيب ثامر و مفادها أن تأييدنا للحلفاء يلزم أن يكون بلا قيد أو شرط [36]وقد توصل مع فرنسا إلى اتفاقيات الحكم الذاتي وفي 20 مارس 1956 وقع الاتفاق الفرنسي التونسي ونصت الاتفاقية على اعتراف فرنسا بالاستقلال التام وأيضا أنه في إطار احترام سيادة الدولتين يقوم تعاون في السياسة الخارجية و الدفاع.[37]
لقد أقام الزعيم بورقيبة بناء الدولة على نظام جمهوري يقوم على رئاسة مدى الحياة[38] و أحادية حزبية أيديولوجيا تحديثية[39] و بعد فشل التجربة الاشتراكية عملت الحكومات المتعاقبة على صياغة مقاربة تنفيذية لمبادئ الاقتصاد الحر.
و كان عملهم يهدف تحقيق النمو الاقتصادي دون إحداث إصلاح سياسي يضمن التداول على المناصب السياسية العامة والتشريك السياسي و كانت نتائج الضغوط الدولية من أجل القيا م بالإصلاحات السياسية هو قيام حكومة محمد المزالي التي لا تعترف قانونيا بحركة الاتجاه الإسلامي وفقا لمبادئ الأمم المتحد ة التي تكافح التعصب على أساس الدين بفتح المجال الإعلامي لكي تروج هذه الحركة لخطابها التعبوي تحت غطا ء الخصوصية[40] التونسية فكا ن ما كان. و بعد السابع من نوفمبر كانت مقاربة الرئيس بن على هي تحقيق النمو الاقتصادي[41] و كانت الإستراتيجية للتقدم في الإصلاح السياسي كما كتب .د.الصادق شعبان للوصول إلى التعددية تقو م على د عم المعارضة اليسارية و القومية "التونسية" ؟ بعد ترويضها ؟؟؟ [42]
اليوم تونس قطعت شوطا هاما في مجال النمو الاقتصادي[43] ووصلت إلى صناعة أكثر منافسة وأكثر اندماجا في السوق الدولية[44] لكن هنا ك تعثر في الإصلاح السياسي وتكريس الحريات على الأقل بالمستوى المطلوب[45].
و أنه للوصول إلى الإصلاح السياسي يجب على الحكومة و الأحزاب، وبضمان من القوى الدولية التي كانت وراء نجا ح الإصلاح الاقتصادي[46] العمل على:
1) الترويج للديمقراطية وحقوق الإنسان الكونية و مكافحة الدعاية للكراهية
2) إرساء قواعد الحكم الر شيد و هو كما عر فته المؤسسات النقدية الدولية ممارسة السلطة بشكل يحترم حقوق وكرامة وحاجيا ت الجميع في الدولة و هد فه تعبئة أفضل القدرات والمزايا من أجل إدارة أكثر رشد ا و تر شيدا لشؤون المجتمع والحكم.
3) المساواة أمام القانون و تطبيق على الجميع بما في ذلك على شخص رئيس الجمهورية
4) المساءلة وطنيا و دوليا.
5) الشفافية في العملية الانتخابية .
و أنه على المعارضة عد م الوقوع في الفخ الذي نصب لها من أعداء الديمقراطية الذين لم يبقى لهم غير الإعلام
كوسيلة لتهميش و تعطيل الإصلاح السياسي. وعليها في هذا الصد د الضغط على الحكومة من أجل القيا م بتطبيق القانون ضد من يروج للكراهية في الصحف اليومية[47] التي لا تقو م بأي نقد لسياسة الحكومة.
وأنه على المعارضة أن لا تعارض على أسا س أيديولوجي فتكون بذلك قد قدمت للحكومة التعلات التي تقو م بالترويج لها لتبرير بطء عملية الإصلاح السياسي لدى الأطراف الدولية .التي تتدخل وفقا لمبادئ الشراكة والتعاون التي صادقت عليها و أيضا وفقا للمبادئ التي جاءت بها الاتفاقيات الصادرة عن الأمم المتحد ة التي انضمت لها تونس والتي لها نفاذ القانون الوطني بمقتضى الدستور و على رئيس الجمهورية ضما ن ذلك.
ه-الجزائر :
كان الجنرال ديغول اقترح في جوان 1960 كحل وسيط بين جزائر مسلمة تقتضي القطيعة التامة مع فرنسا وجزائر فرنسية جزائر جزائرية أي حكم الجزائريين بالجزائريين معتمد على مساعدة فرنسا وبإتحاد وثيق معها في الاقتصاد والتعليم والدفاع والعلاقات الخارجية.
وفي 8 جانفي 1961 قام باستفتاء ليحصل من الشعب الفرنسي على حق وضع نهاية للقضية الجزائرية وحصل على 75./. من نعم في فرنسا و 65./. من نعم في الجزائر فقام جنرالات في الجزائر بانقلاب ليلة 21 أفريل 1961.
وبعد إخفاق ثورة الجنرالات قام بمفاوضات جديدة بين فرنسا وجبهة التحرير الوطني.
في 18 ماي 1961 كان الرأي العام الفرنسي معاديا لمنظمة الجيش السري ومع منح الاستقلال للجزائر وفي الاستفتاء الشعبي يوم 8 أفريل 1962.
قالت الأكثرية نعم بـ: 90./. لصالح استقلال الجزائر وكانت نهاية حرب الجزائر والاستعمار الفرنسي الذي دام 132 عاما.
5. اليسار العربي والاتحاد السوفياتي :
منذ فشل السيد لوكهارت القنصل العام لبريطانيا بموسكو في القيام بالثورة المضادة في روسيا[48].
وبعد تعهد لينين بنشر الشيوعية في العالم[49] اعتمد الاتحاد السوفياتي على البوليس السياسي للتسلط على الشعب الروسي وعلى المخابرات والجيش الأحمر في التوسع.
كما عمل على الترويج للايدولوجيا[50] الماركسية اللينينية والستالينية وعلى تكوين ودعم الأحزاب الشيوعية والحركات الثورية[51] الاتحاد السوفياتي يتحرك وفقا لمصالحه في التوسع.
فقد كانت الغاية من أمر لينين إلى تروتسكي بنشر الوثائق السرية التي وجدها البلاشفة في أرشيف الحكومة القيصرية هو إثارة الكراهية ضد بريطانيا وفرنسا عند العرب[52].
وقام باضطهاد الشيوعيين المصريين[53] الذين التحقوا بجامعة ستالين لكادحي الشرق في أواخر العشرينات الذين طلبوا بتعريب الماركسية ودخلوا في صراع مع يهود سوفيات موالين للصهيونية عندما كان الاتحاد السوفياتي يتصور أن مشروع دولة إسرائيل الطريق للدخول إلى الشرق الأوسط ولهذا كانت الكتلة الشيوعية أول من اعترف بقرار التقسيم داخل الأمم المتحدة وجاء في كلمة ممثل الاتحاد السوفياتي أن اسرائيل هي دولة تقدمية في مجموعة من دول إقطاعية.
في الستينيات وبعد ما حصل في بكين وبراغ عمل الاتحاد السوفياتي من أجل التواجد في الشرق الأوسط.
وكان يعمل على لإقامة علاقات مع الحكومات أكثر من الأحزاب الشيوعية التي ليست لها تأثير.
فخلق الأيديولوجيون السوفيات مفاهيم الطريق الرأسمالي[54] وكانت المساعدات الاقتصادية[55] ونفخ في رماد الصراع العربي الإسرائيلي[56] العناصر الأساسية التي قامت عليها النجاحات للدبلوماسية وعمليات KGB. وتكفي الإشارة إلى أن سامي شرف مدير مكتب استعلامات الرئيس عبد الناصر ورئيس مصالح المخابرات المصرية كان يعمل لصالح KGB والذي كشف هذا السر هو الدبلوماسي السوفياتي الذي وظفته KGB ويعمل لصالح CIA فلاديمبر نيقولا يفيتش ساخاروف[57].
وفي هذا الإطار طلب الاتحاد السوفياتي من الأحزاب الشيوعية في الدول الثورية حل نفسها والانخراط في الحزب الحاكم."الصديق"
ولهذا تخلى على الشيوعيين في مصر والعراق وسوريا الذين كان مصيرهم القتل والسجن في صراع داخلي على السلطة[58].
لكن وبعد موت عبد الناصر وقيام السادات بالثورة المضادة اعتبر KGB قادة الحزب السوداني القادة الأشد إخلاصا وتفانيا من أجل القضية الشيوعية في الشرق الأوسط وعمل على دعم وصول الشيوعيين إلى السلطة في السودان.
وبعد محاولة الانقلاب التي قام بها ضباط في الجيش السوداني بدعم من الشيوعيين في 1971 التي قمعت بعنف وأعدم كل من السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني عبد المحجوب وأحمد الشيخ الحاصل على جائزة لينين وآخرين من النميري الذي تلقى الدعم والمساعدة من السادات والعقيد القذافي[59].
اكتفى الروس بدعم الحكومات الرسمية في العراق وسوريا وبدرجة أقل ليبيا والجزائر ثم إيران بعد الثورة الإسلامية.
6. القومية العربية والاتحاد السوفياتي
أ) الناصرية
الملك فاروق الذي منح لقب الباشا لعبد الرحمان عزام أول أمين عام لجامعة الدول العربية (1945-1952) الذي هو جد الإرهابي أيمن الظواهري[60].
ودفع بالجيش المصري إلى حرب على دولة لها الشرعية القانونية بموجب قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة[61].
لم يعد يحظى بالدعم من القوى الدولية خاصة بعدما أقدمت حكومة الوفد في إطار الرد على الضغوطات من أجل الانضمام لقيادة البحر الأبيض المتوسط بإعلان إلغاء معاهدة 1932 الأنجلو مصرية والتي تقضي بقبول مصر وجود القواعد البريطانية بمنطقة السويس والحكم المشترك للسودان[62] وتورط الجيش والشرطة بقيادة عزيز المصري في العصيان الجماهيري ضد المنشآت والجيش البريطاني في القنال وكان الإخوان والشيوعيين هما القوى السياسية المحركة للجماهير الغاضبة في الميدان[63].
عبد الناصر الذي حصر في عراق المنشية مع لواء الفلوجة التابع لجيش الإنقاذ تحت قيادة القواقجي في حرب 1948[64] اقتنع أن النصر يكون بإزاحة النظام الملكي لهذا كان عبد الناصر في ما بين عام 1951-1952 يشك في جدوى التصارع مع البريطانيين وركز إهتمامه على المسائل الداخلية والعمل على الإطاحة بالملك فاروق و لذلك اقتصر دور الضباط الأحرار على تدريب وتزويد المتطوعين بالسلاح والذخيرة[65] وكان عبد القادر عودة، هو: ظابط الإتصال بين الإخوان وعبد الناصر والضباط الأحرار[66]. وفوجئت الدوائر الحاكمة بتصاعد المد الجماهيري فقررت كبح جماح الجماهير، فأقيلت وزارة الوفد لكن الاستقرار لم يتحقق وأصبح النظام الملكي يحتضر[67].
كان اهتمام المخابرات الأمريكية بالضباط يعود إلى نجاحهم في إزاحة مرشح الملك من رئاسة نادي الضباط التي فاز بها اللواء محمد نجيب[68].
وقام الضباط بالاتصال بالأمريكيين على يد علي صبري قائد الأسراب بسلاح الطيران، وفي 19 جويلية ألمح الضباط إلى زملائهم الأمريكيين بعزمهم على الإطاحة بالملك فاروق وقد دهشوا لرد الفعل المشجع من جانب الأمريكيين وفي صباح يوم 23 جويلية أبلغ على صبري نائب الملحق العسكري بالسفارة الأمريكية نبأ الانقلاب وبلغه باسم الحكام الجدد تأكيد بضمان أرواح وممتلكات الأجانب بمصر[69].
وفي صيف 1954 بدأت المحادثات الانجليزية المصرية للاتفاق حول جلاء القوات البريطانية عن قواعدها في منطقة قناة السويس ووقع ناصر معاهدة جاء في فقرة الثالثة أنه في حالة وقوع هجوم مسلح من دولة من الخارج على أي بلد يكون طرفا في معاهدة الدفاع المشترك بين دول الجامعة العربية أو تركيا تقدم مصر لبريطانيا من التسهيلات ما قد يكون لازما لتهيئة القاعدة للحرب وإدارتها[70].
وبعد أن شن الإخوان والشيوعيون والوفد حلمة شرسة ضد المعاهدة وفي 26 أكتوبر وبينما كان عبد الناصر يخطب في الإسكندرية أطلق عليه محمود عبد اللطيف من الإخوان ثماني رصاصات أخطأت الهدف فقبض على الجاني وانتهز ناصر تلك الفرصة لمحاسبة الإخوان فحل الجماعة واعتقل قادتها الذين عذبوا وقدموا إلى محاكمات سياسية[71] وأيضا عمل على إزاحة أول رئيس للجمهورية المصرية محمد نجيب[72].
في 1955 صدم الغرب حين أعلن عبد الناصر نيته شراء كميات كبيرة من السلاح السوفياتي[73] بواسطة تشيكوسلوفاكيا.
وفي عام 1956 أمم قناة السويس[74].
وعام 1958 وبعد زيارته للاتحاد السوفياتي لمدة 3 أسابيع رجع وصرح أن الاتحاد السوفياتي بلد صديق دون قصد سيء[75].
وتلقت مصر لوحدها من (1954/1971) 43./. من مجمل مساعدة الاتحاد السوفياتي للعالم الثالث[76].
وكان السوفيات يتصورون أن النصر سيكون لمصر في الحرب مع إسرائيل بمساندة سوريا والأردن بفضل التجهيزات الروسية والتدريب الذي أشرف عليه الخبراء السوفيات[77] ويكون أيضا نهاية النظامين المواليين للغرب في السعودية والأردن.
وبالتالي تفوق الإتحاد السوفياتي في صراع النفوذ مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
ب-البعث:
في شهر أوت 1970 كان صدام حسين على رأس وفد عراقي هام يزور الاتحاد السوفياتي وفتحت هذه الزيارة السبيل للقيام بمفاوضات عسكرية في ديسمبر 1971 ومع زيارة الماريشال غريشكو لبغداد وقع اتفاق حول المساعدة العسكرية للعراق وفي فيفري 1972 استقبل صدام حسين في موسكو مثل الأبطال وتحدث البيان الختامي للزيارة عن حلف استراتيجي[78].
كان برنامج تطوير القدرة القتالية للقوات المسلحة العراقية بالنسبة للعراقيين يهدف الاستعداد لمواجهة عدوين : الحركة الكردية وإن تعهدت موسكو بالعمل على التقارب الكردي العراقي والثاني إيران فالشاه بتحريك قواته في اتجاه الإمارات كشف هدفه ومطامعه في الخليج.
أما بالنسبة للاتحاد السوفياتي فكان يهدف المحافظة على تواجده في المنطقة وفي بداية الثمانينات بدأ النفوذ السوفياتي في الشرق الأوسط في أدنى مستوى عرفه منذ عام 1955 ولم يحافظ إلا على مواقعه في سوريا وليبيا.
فكان توقيع معاهدة الصداقة والتعاون مع سوريا 1980 وقيامه ببيع السلاح إلى ليبيا بقيمة 12 مليار دولار.
فسوريا كانت تزداد سيطرة على لبنان وبقيت دولة المواجهة العربية الوحيدة لإسرائيل في حين أن ليبيا الموالية للاتحاد السوفياتي تهدد الجبهة الجنوبية لحلف شمال الأطلسي وتشكل تحديا لمصر السادات وساءت علاقات الاتحاد السوفياتي مع العراق عندما بقي الروس على الحياد بعد اندلاع الحرب بين العراق وإيران في سبتمبر 1980.
العراق اعتمد على فرنسا بعد الاتحاد السوفياتي في التزود بالسلاح، وفي إطار سياسة الاحتواء المزدوج[79] قدمت له دول الخليج العربي الأموال، قدم له الغرب المساعدات العسكرية في حربه مع إيران.
7 . المملكة العربية السعودية و الحركات الإسلامية
اعتمد الملك عبد العزيز آل سعود على جيش يتكون من حاضرة أهل نجد ومقاتلي الإخوان وأصبح في هيكل وزارة للدفاع في 6 مارس 1946[80].
ويتكون من أفواج للمشاة والمدفعية وقد شارك بفرقة في حرب 1948 ودخل أعضاءها في مدارس الجيش المصري للتدريب على مختلف الاختصاصات العسكرية ومختلف أنواع الأسلحة[81] وأسس الدولة على عقيدة والفكر السلفي وقال "عقيدتنا هي عقيدة السلف الصالح التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله وما كان عليه السلف الصالح[82].
نعم اضطر النظام على خوض معارك منذ الثلاثينات مع المؤسسة الدينية لكن النظام ذاته يتغذى بهذه المؤسسة[83].
و اللقاء الرئيس روزفلت والملك عبد العزيز بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في فيفري 1945 لم يدفع بتطوير العلاقات بين البلدين والذي ظل بطيئا[84].
وبعد تغير الأوضاع على الحدود مع اليمن نتيجة للوجود المصري منذ سنة 1962 وقيام الجيش المصري اليمني بغارات جوية على بعض المناطق الحدودية بين السعودية واليمن تم الاتفاق مع بريطانيا وأمريكا على تكوين برنامج لتطوير القوات المسلحة السعودية[85].
وتطورت العلاقات بين السعودية وأمريكا وكانت تقوم في المجال الأمني والعسكري والسياسة الخارجية على مبدأ أن المملكة تعتمد على الغرب وعلى الولايات المتحدة بوجه خاص لحمايتها من السوفيات[86].
وفي هذا الإطار طرح الملك فيصل عقد مؤتمر إسلامي دولي للبحث في الطرق الكفيلة لمواجهة الراديكالية والعمانية في العالم العربي والإسلامي[87].
وقام الحلف الإسلامي ليتصدى للقومية العربية ووراءها الشيوعية وعملت المملكة على الإطاحة بنظام جمال عبد الناصر بدعم الحركات الإسلامية خاصة حركة الإخوان المسلمين في مصر[88] التي تأسست في الإسماعيلية عام 1928 على يد حسن البنا، وقامت بتمويل الانفصال السوري عن مصر[89] وكانت وراء الانقلاب المضاد الذي قام به السادات على السوفيات[90].
كما دعمت المجهود الحربي ضد الاتحاد السوفياتي في افغانستان وبعد انخراط دول الخليج العربي في هذا المجهود توسعت دائرة الفعل لتصل التغطية معظم دول العالم.
وقد جاء في كتاب رسمي صادر عن وزارة الإعلام للمملكة العربية السعودية ما يلي : "وكذلك فرض الله على المسلمين الجهاد : "آذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير..." فالقتال إذا هو أحد قمم الجهاد ومراتبه العليا...
والجهاد القتالي الذي شرع في الإسلام لتمكين المسلمين من توصيل الأمانة وإبلاغ دعوة الحق يتطلب أيضا وجوها أخرى من الجهاد المساند، والحرب بين المسلمين وأعدائهم يلزمها جهاد آخر... سياسي...
... فالمجهود الحربي يلزمه إعداد وتجهيز يتكلف مبالغ طائلة لذلك تعتبر اقتصاديات الجهاد أعباء تتطلب دعما ومساندة متواصلة الأمر الذي يجعل الدول "المجاهدة" كالمملكة العربية السعودية تفرد جوانب كبيرة من ميزانياتها لدعم المجهود القتالي للمجاهدين المسلمين في كل مكان... والوجه الجهادي الثالث المساند للجهاد القتالي هو ما يمكن أن نسميه بالجهاد الإعلامي..."[91].
لقد كان قرار توظيف الدين في التعبئة النفسية والعقائدية في إطار الحرب بعد هزيمة 1967 والذي صدر عن المؤتمر الأول للاتحاد الاشتراكي العربي والذي انعقد تحت إشراف جمال عبد الناصر كان مثل فيروس "الإيدز" الذي حول المجهود السعودي للتصدي للشيوعية إلى أرضية خصبة لنمو هذا المزج بين العنصرية والتطرف الديني والكراهية الواقعة تحت تأثير النازية والشيوعية وهي شيوعية مقلوبة تسير إلى الوراء في رداء الدين وتتخذ من الإرهاب الوسيلة للتحدي في مستوى الرمز ودون القدرة على التأسيس والإنجاز في التاريخ.
ونلاحظ أنه بعد موت عبد الناصر أصبح القذافي راعي هذا الخيار، ثم قامت سوريا و إيران وعلى أرض لبنان بالدعاية لهذه الإيديولوجيا المدمرة
عدنان الحسناوى's blog Login or register to post comments Email this Blog entry