نعمة التأمل
::::::::::::::
أترككم الآن مع الرسالة الرائقة الجميلة. التى أتمنى أن تنسيكم - ولو بصفة مؤقتة - الهموم. تقول الرسالة: «كنت فى حديقتى أتأمل الكون من حولى، والطيور التى أعتبرها أجمل مخلوقات الله. منذ طفولتى وأنا أراقبها عن كثب وأتأملها. أتعجب: مَن علّمها أن تنسج الأعشاش المحكمة لتحتضن البيض وتحفظه من كل غريب.. من علّمها ذلك الغزل الرقيق.. من ألهمها وضع البيض فى مكان آمن، بعيدا عن العيون.. تغدو إليه ذهابا وإيابا لتطعم تلك الأفواه المفتوحة الجائعة المنتظرة للطعام؟!
إنه الله ربى وربها، فسبحان الخالق العظيم.
اعتدت منذ وقت طويل أن أبدأ يومى مع الطيور كى أنعم بباقى اليوم بالسلام. أضع بعضا من فتات الخبز فى الحديقة، كى تأكل منها وأراقب كل تصرفاتها. وحينها يمتلئ المكان بأنواع مختلفة منها، كالعصافير الصغيرة رمادية اللون، التى أطلقت عليها اسم (الأولاد) لشقاوتها وخلافها مع بعضها على رزقها المقسوم تحت أرجلها، ، تردد عددا من النغمات تقول: (وحدوا ربكم)، فلغة التسبيح لا تخلو من ذكر اسم الخالق الذى وسع كرسيه كل شىء علما، تعاليت وتنزهت ربى .. سبحانك.
سيمفونية رائعة من أصوات الطيور وزقزقة العصافير مع حفيف الأشجار، وتداخل الرياح بين أوراقها، كلٌ يؤدى دوره بانتظام جميل. كل ذلك مع أصوات الطيور بمختلف أنغامها لأنتقل معها إلى عالم من الروحانيات الحالمة، حتى ولو لمدة دقائق معدودة، فتكون إجازة قصيرة أعيش فيها مع طبيعة الله الخلابة وما بها من روعة ورونق وجمال.
أكتب لك الآن وأنا جالسة فى الشرفة العلوية من منزلى أتأمل طيورى وهى تأكل، ترفرف عن يمينى وشمالى، حتى إنى سميت بعضها بأسماء أحبها. هذه هى عائلتى كثيرة العدد، صغيرة الحجم، كبيرة المعانى، أعيش معها كل صباح مع فنجان الشاى والجريدة.
أحمد الله على (نعمة التأمل)، التى أصبحت معلمتى الجديدة، التى أتطلع إليها كل صباح مع بداية يوم جديد، تظهر فيه أشعة الشمس الذهبية التى تنعكس على أجنحة الطيور، بعد تناولها وجبة الإفطار. وها هى الآن تسبح فى برك صغيرة من الماء كى تطير من جديد وتتحرر، فما أجمل الحرية وما أروع مخلوقات الله!».[b]