عبد المالك حمروش المدير العام
عدد المساهمات : 5782 تاريخ التسجيل : 26/02/2010 الموقع : https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com
| موضوع: تونس: هل بدأ عصر الجماهير الرقمية؟ بقلم محمد السالك الثلاثاء يناير 18, 2011 9:42 pm | |
| تونس: هل بدأ عصر الجماهير الرقمية؟ كيف استطاعت ثورة تونس الأبية أن تطيح بنظام حكم تسلطي عتيد عمر أكثر من عقدين من الزمان؟ سام خلالهما البلاد و العباد صنوف العذاب و الخسف و الفساد.. فأرعد و أزبد.. و استبد و عبد.. هدد و ببد.. سجن و شرد.. استكبر و فجر.. ذبح و كسر.. طغى و بغى.... و لم يبق له إلا إن يقول "أنا ربكم الأعلى".. و لكن الله سلم.. استنهضت البلاد همم الشباب للخروج على طبائع الاستبداد.. و استحضر الشعب التونسي تمرد الشابي، و عبقرية ابن خلدون، و سرعة الإنترنت و رحابة الفيسبوك..و بساطة يوتوب.. و جرأة ويكيلكس.. و عزم فرحات حشاد.. وعنفوان محجوب العياري.. وغضب محمد البوعزيزي.. فكانت الملحمة الخالدة.. حضرت الثورة .. فغاب الشيطان..
هكذا، ستبقى ثورة تونس بكل المعايير تجربة فريدة حقا تستحق الكثير من الدراسة و التحليل. و هي بلا شك ستظل لأجيال قادمة مصدر إلهام و إغناء لكثير من شعوب العالم في مواجهة الإستبداد و الظلم و التعسف. و حالما ينجلي غبار الميدان و تهدأ الأمور في ذلك البلد الجميل بطبيعته الخلابة و أهله الطيبين و عظمائه من الرواد و المصلحين الأوائل و الشعراء العباقرة، ستعكف كبريات معاهد الأبحاث الدولية و مختبرات الأفكار المعروفة بـ "الثينك تانك" على فحص و تشريح هذه الثورة ليس فقط لمعرفة أبعادها و نتائجها و انعكاساتها المختلفة على المنطقة و العالم فحسب، بل للتعرف قبل كل شيء على الطبيعة الخاصة لهؤلاء الثوار الجدد و آلياتهم المبتكرة و الفعالة. و إلى أن تتأتى الظروف الموضوعية المناسبة لدراسة التجربة التونسية بكل أبعادها و حيثياتها و تفاصيلها في المستقبل القريب، سيظل التساؤل قائما حول حقيقة ما نشهده حاليا من تنامي الحراك الاجتماعي و التوتر في أرجاء كثيرة من العالم، بشكل يقترب يوما بعد يوم من الفوران و العصيان المدني و الثورة. هل هو مجرد امتداد لتراكمات إحتجاجية سابقة كانت مطمورة منذ عشرات السنين؟ أم هو ظاهرة جديدة كليا؟ و هل ما نشهده الآن، و نحن على أعتاب العشرية الثانية من الألفية الثالثة، هو حقا بداية "عصر الجماهير الرقمية" و قد انطلقت شرارتها من تونس؟
أجل، يبدو أن إخواننا التونسيين قد حزموا أمرهم و دشنوا ما يمكن تسميته بـ "عصر الجماهير الرقمية"، فقدموا بذلك للعالم نموذجهم الجديد في الثورة على طريقة البرمجيات المفتوحة المصدر(OPEN SOURCE) في مجال علوم الكومبيوتر. إن ثورة تونس هي بمثابة تلك التقنية الجديدة التي توفر النص المصدري للبرنامج بكوداته و أيقوناته المختلفة، و تمنح حرية توزيعه و تطويره من خلال إنتاج برمجيات أخرى مشتقة أو معدلة من البرنامج الأصلي مع حرية توزيعها أيضا. إنه جيل جديد من الثورات الاجتماعية تختلف جيناته الوراثية و خارطة حمضه النوويDNA عن كل ما سبق. جاءت ثورة تونس على طريقة البث المباشر "أونلاين ONLINE"، يغذيها سحر الإنترنت التواصلي الرهيب و تؤجج نارها فضائح ويكيليكس المجلجلة، و تنضجها أزمات البطالة و الغلاء المعيشي، و معاناة الفقر و التهميش و القهر؟ و لعل أهم ما يميز عصر الجماهير الرقمية هو "الواقعية الافتراضية" للثورات الجديدة، فهي لا يقودها تنظيم سري و لا معارضة سياسية لا داخلية ولا خارجية، ولا تعبئ لها دعاية صحافة كلاسيكية وطنية أو دولية. بل هي ثورات من صنع آليات أخرى جديدة كليا تتمثل في تكنولوجيات الاتصال الحديثة و تطبيقاتها التواصلية المختلفة مثل اليوتوب و الفيسبوك و تويتر و الديليموشن، و غيرها! إذ ما كان لهذه الثورة أن تنتصر، و ما كان للعالم أن يعرف شيئا عنها أو يتابع أخبارها على مدار الساعة لولا وجود شبكة الإنترنت والهواتف الجوالة المزودة بالكاميرات وآلات التصوير الرقمية و الويب كام، و غيرها من تلك الأدوات الإلكترونية الصغيرة و العجيبة. فهل يكون مفعول هذه الخلطة الثورية السحرية قد بدأ فعليا من تونس لكي تجر قاطرتها القوية بقية البلدان العربية التي تشترك معها في نفس الأوضاع و خاصة في المغرب العربي و الشرق الأوسط؟ و هل ستصدق أخيرا نبوءات المفكرين الاشتراكيين الأوائل حول التراكم الرأسمالي للاقتصاد الذي حقق في تونس نسبة نمو بلغت 4.6 %، رافقها تطور في حجم الإستثمارات بنسبة 14.8 % ليصل إلى حدود 24.9 % من إجمالي الناتج المحلي الخام؟ وها هي "الثورة الطبقية الرقمية" تتفجر في الحلقة الأقوى من سلسلة الرأسمالية في البلدان المغاربية ؟ بعد أن سجلت الإستثمارات الأجنبية في تونس رقما قياسيا، حيث ارتفع حجمها بحوالي 64 % ليبلغ 3.400 مليار دينار تونسي أي قرابة 2.59 مليار دولار أمريكي في السنة الماضية. كل شيء جائز الآن.. و كل الاحتمالات واردة.. لكن، لن يضير ثورة الكرامة في تونس هذا الوجوم و الصمت المطبق الذي يواجهها به النظام العربي الرسمي المتجهم، و قد فاجأته التطورات و تجاوزته الأحداث، وهو لما يستفق بعد من هول الصدمة و الذهول. و لعل "التخريفات" المثيرة للسخط التي طلع بها الزعيم القذافي أخيرا على الملأ في تعليقه على الموضوع، لأفصح تعبير عن انهيار النظام العربي الرسمي الذي دقت ثورة تونس آخر مسمار في نعشه المتهرئ، بعد أن أضحى تماما خارج حدود الزمن و المنطق.
كما لن تضير ثورة تونس تلك الأعمال الإجرامية التي تقوم بها حاليا بعض الفلول اليائسة لنظام قمعي بات في عداد الآفلين، بعد أن فقد توازنه بسبب الاختفاء المفاجئ لرأسه المدبر. بل، لعل في ذلك دروسا و عبرا تستحق الذكر. الآن فقط، و بعد أن سقط النظام التسلطي في تونس، بدأت فضيحة الأجهزة الأمنية في ظل شمولية النظام العربي الرسمي تتكشف على شاشات التلفزيون أمام العالم كله، حيث ظل همها المطلق هو حماية الأحكام السياسية المتعاقبة و التنكيل بأفراد الشعب العاديين. و ها هي بقايا النواة الصلبة للبنية التحية لترسانة إرهاب الدولة في تونس، التي كان النظام يصرف على تطويرها من خيرات تونس ليقمع بها أبناء الشعب في أقبية السجون المظلمة و في الشوارع و ساحات الجامعات، هاهي تلك الخفافيش تخرج الآن من جحورها لترهب الأهالي في بيوتهم الآمنة و تكرس الانفلات الأمني و تسرق فرحة الشعب بثورته التي تحققت بالدم و العرق و الصبر. و مرة أخرى تظهر من جديد المخططات السرية لمنظمات الكلاديو في تونس و هي تحاول إنقاذ نظام فاسد، آل إلى زوال بعد أن أعيته المراوغات و الحيل و الوعود الكاذبة و تخلص منه شعبه.
و لعل الطريف و المفيد في هذه الحالة رغم سلبيتها و بشاعتها، هو كونها تنعي إفلاس المفهوم البالي لعقيدة الأمن الوطني في ظل النظام العربي الرسمي، التي تنحصر فقط في تأمين السلطة الحاكمة على حساب أمن البشر والناس العاديين الذين هم المواطنون في دولة القانون. لقد قادت تلك العقيدة الأمنية العتيقة، و الجامدة والغامضة، و السلبية إلى شتى صنوف التجاوزات و التعسف، و خلفت سمعة سيئة في المخيال الجماعي لدى الأهالي. و هو ما أدى إلى أن تظل هياكل و وظائف الدولة المتصلة بالقطاع الأمني في البلاد العربية مختزلة في نواتها القمعية البشعة، بعيدا عن تنمية قدرات و خبرات أمنية وطنية حقيقة يستفيد منها الوطن و يضمن بها استقراره و يصون بها كرامة مواطنيه بين الشعوب و الأمم.
و لكن، حتى على هذا المستوى أيضا، ستقدم تونس النموذج للآخرين.. فالبشائر سارة و التوقعات متفائلة. و في هذا السياق، يبقى أهم شيء هو أن الجيش التونسي لم يقع في إغراء الانقلابات كعادة العسكر في البلاد العربية، و لم تخرج الجماهير إلى الشارع لتؤيد انقلابا و تهتف بحياة "الرجل القوي" الجديد، لتدخل البلاد في دوامة الانقلابات و الانقلابات المضادة.. في تونس لم يقرأ أحد من المهووسين البيان رقم واحد الشهير في التلفزيون و الإذاعة. بل إن الجيش في تونس امتنع تماما أن يحشر نفسه في شؤون السياسة و الحكم.. و اقتصر تدخله فقط على حفظ النظام و السلم الأهلي و حماية المواطنين من بطش بقايا المنظومة الأمنية المتهالكة لنظام للرئيس المخلوع. و قد رأيت بأم عيني في التلفزيون مشهدين معبرين سأظل أتفاءل بهما دائما. كان المشهد الأول هو صورة ذلك الجندي التونسي الذي يعانق بحرارة و عفوية أحد المواطنين المتظاهرين في الساحة العامة أمام وزارة الداخلية يوم سقوط الطاغية.. أما المشهد الثاني، فهو باقة ورد جميلة رأيتها اليوم، و قد وضعها أحد المواطنين على مقدمة عربة عسكرية مدرعة تقف قرب تمثال ابن خلدون في ساحة الاستقلال، لا شك أن أحدهم ابتاعها للتو من دكاكين الورد القريبة على شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس، هدية منه لذلك التلاحم بين المدنيين و العسكريين في هذه الثورة المدشة. فهناك.. من تلك الربوع الطيبة.. انبثقت أحلام و آمال الشعب التونسي.. من رحم المعاناة.. و هناك سجل التونسيون بطولاتهم و أمجادهم في أسفار الخالدين.. و من هناك.. سيبدأ عهد جديد.. و روح حديد.. و حلم جديد.. يعمل على تحقيق الإصلاح و التغيير و يفجر المفهوم السائد للأمن الوطني المقتصر على أمن الحاكم و أسرته و حاشيته و رموزه و زبانيته، ليصبح تركيز السياسات الأمنية الجديدة في البلاد العربية منصبا على التفكير و العمل الجاد على تحقيق أمن المواطن و تأمين احتياجاته أولا و قبل كل شيء، و لتجعل من حفظ كرامته و احترام حقوقه و تحقيق طموحاته في التنمية المستدامة و رعاية مصالحه الحيوية المشروعة نقطة مرجعية لرسم السياسات العمومية في مجال الأمن و الدفاع.
لن ينتزع أحد بعد الآن الحلم الرائع من شباب تونس و طلابها.. وشغيلتها و محاميها و صحفييها و مزارعيها.. عبق ورود ساحة الإستقلال.. و هيبة تمثال بن خلدون.. و ابتسامة ذلك الجندي الشاب.. و هدير الجماهير المتوثبة.. معالم لوحة الثورة و قد اتضحت ملامحها.. مضرجة بالدم الطاهر..و الياسمين.. إنها ثورة الشباب و ثورة الطلاب و ثورة الشارع أولا و أخيرا.. فهؤلاء هم من كانوا في مقصورة الدرجة الأولى، أما بقية الملتحقين بالقطار بعد أن بدأ يتحرك بقوة دفعه الذاتي، فهم العمال و المحامون.. و الصحفيون.. والمجتمع الأهلي.. و أخيرا... هرول السياسيون و الأحزاب نحو العربات الخلفية لقطار الثورة المندفع نحو رصيف الحرية و الكرامة و الخبز و "الهريسة"..
لوحة الثورة قد نضجت و اكتملت..و لم تعد قابلة للمحو و الزوال.. خلدها الإعلام المرئي قبل المسموع.. و احتضن أبطالها المجتمع الافتراضي على الفيسبوك .. و شدا بألحانها اليوتوب.. و هاهي أرواح الشهداء الذين روت دماؤهم عطش الشعب للحرية.. تنبلج شموسها الوضاءة فوق بساط أحمر مطرز بالياسمين.. وها هي طيورهم الجميلة الخضراء ترفرف حارسة ساحة الاستقلال المضمخة بجراح الحرية.. فمن لحن أغنيتها ستطلعُ كــرْمــةّ و سيحـطُّ فــوق جـبـيـنـها حبــقّ وتُــــوتُ.. لتهمس بأحلام مستقبل واعد.. لشعب أراد الحياة..
تصبحون على خير..
محمد السالك ولد إبراهيم 15 يناير 2011 | |
|
عبد المالك حمروش المدير العام
عدد المساهمات : 5782 تاريخ التسجيل : 26/02/2010 الموقع : https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com
| موضوع: هل بدأ عصر الجماهير الرقمية؟ بقلم محمد ولد السالك السبت يناير 22, 2011 3:29 am | |
| ليس في نيتي الرد على مقال من مستوى خمسة نجوم حسب المصطلح المتداول لدى المدونين, وإنما يحلو لي أن أرحب بأخ عزيز وكاتب كبير طل علينا فجأة من ثنايا الزخم الإلكتروني وتموجاته المتسارعة الكاشفة عن الجديد لحظيا, من موريطانيا الشقيقة منبت اليراع وموطن العبقريات ذات النكهة المميزة, لذا لا عجب أن يعلن ذلك التفرد عن هويته المتميزة منذ العنوان "هل بدأ عصر الجماهير الرقمية؟" ويا له من تساؤل معلن عن ميلاد حقبة تاريخية جديدة رسمها البطل الشهيد البوعزيزي بالدم الأحمر القاني على صفحة إلكترونية سابحة في الفضاء ساخرة من حواجز الاستبداد التي أغلقت الأوطان سجونا رهيبة على شعوبها عقودا طويلة بعد ليل الاستعمار البهيم الحالك, وسبحان مسخر الامبريالية الكونية لابداع تكنولوجيا الاعلام السحرية لترتد على نحرها وعملائها فتطيح بهم أرضا, ولا غرابة أن تكون تونس الخضراء وما أدراك ما تونس هي الموقع الاول لدحر الطغاة وهيمنة أسيادهم الصهيوأمريكيين غربيين, ولا أدل على ذلك من دموع الكيان الصهيوني المتدفقة وديانا على فقدان أعز عميل لها في منطقتنا المغاربية حتى أن كوميدي السياسة القائد القذافي فقد توازنه وراح ينوح مع زبانية تل ابيب على صديقهم المشترك المطرود بلا رجعة من تونس الخضراء بقرار حازم من محمد البوعزيزي رمز الشباب التونسي المسحوق المنكل به المغدور. كان النظام الطاغي المستبد الغبي قد أغلق مكتب الجزيرة بأرض الخضراء كما تعود منذ عقود خلت على غلق كل المنافذ حتى لا يدخل الهواء إلى تونس ولا يخرج منها ليمرح فيها وينكل وينهب ويسلب كما يحلو له. العجب العجاب هو أن يتصرف الطغاة العرب جاهلين أو متجاهلين تطورات تكنولوجيا الإعلام العملاقة؟ لو كان مكتب الجزيرة موجودا في تونس لما استطاعت أن تقود ثورة الجماهير كما فعلت أو على الأقل لعجزت عن أن تكون رافدها ومنسقها الإعلامي الحيوي ذلك أن وجودها الرسمي سيجعلها تلتزم بالحد الأدنى من شروط الاستضافة وتخشى على حضورها لا سيما أنها تكاد تفقد كل مكاتبها بالعواصم العربية, لكن غيابها القسري عن الخضراء جعلها تتصرف بحرية تامة وبدل مراسل واحد صار لها آلاف المراسلين وتمحضت بفضلهم لمتابعة ما يجري على الأرض آناء الليل وأطراف النهار بل تخبر المتظاهرين بالصوت والصورة بما يجري في مختلف المدن والمناطق التونسية, هل النظام المستبد جاهل إلى هذا الحد؟ ربما أنه يكون متجاوزا بطبعه إلى درجة العجز عن إدراك مستجدات العصر ومصرا على البقاء في حدود الظروف المزدهرة المثالية التي أوجدته لا يبرحها كالسمك تماما الذي لا ينفك عن المكوث في الماء. بهذا يكون النظام البائد وأشباهه قد ولجوا عتبة الموت موضوعيا وليس بإمكانهم التراجع لجمودهم التام وفقدانهم أسباب الحركة والتكيف, بينما الشعوب رغم ظروفها القاسية ولاسيما شبابها مندرجة في سياق التطور الكوني وبالذات في مستجدات تكنولوجيا الإعلام وقد نضجت الظروف واختل التوازن نهائيا بين طرف يتطور ويتكيف وآخر جامدا لا يقوى على الحراك وأصبح الانفصال بينهما ضرورة كونية لا محيد عنها, ولا يستغرب أن تكون تونس هي نقطة انطلاقة الطلاق بين النظام العربي المتعفن وشعبه المتجدد رغم ظروفه القاسية, ذلك أن النظام التونسي واحد من أقسى النظم العربية وأفسدها زيادة على أن الشعب التونسي من أرقى شعوب العرب إن لم يكن أرقاها على الإطلاق وأكثرها وعيا لما يجري في العالم من حوله خاصة بعد تطورات تكنولوجيا الإعلام والاتصال المعاصرة التي وجد فيها ضالته ومتنفسه بشيء من الحرية بالرغم من المنع والمراقبة والتنكيل حتى بمستعملي هذه الوسائط الإعلامية التكنولوجية بأنواعها, مما يمكن القول معه إن الطلاق كان تاما بين شعب تونس وشبابها والنظام المستبد الذي رفض الدخول إلى عصر تكنولوجيا التواصل رفضا قاطعا فبقي جامدا في عالمه المتجاوز المظلم بينما دخل الشباب التونسي إلى عصر الأنوار الجديد وراح يكتشف العالم ووضعه الخاص في بلده المحكوم بأبشع حكومات العالم وأكثرها تسلطا, راح يكتشف بسرعة مذهلة واكتملت لديه الصورة بمنشورات ويكيليكس الفاضحة بجلاء لممارسات نظامه المجرم الغارق في التنكيل والنهب والسلب, وكان أن عبر البطل الشهيد محمد البوعزيزي بعبقرية رائعة عن الوضع والمخرج الحتمي منه, وبهذا راح النظام المتهاوي ينهار بسرعة مذهلة لأنه كان مهيأ للسقوط بفقدانه نهائيا للعلاقات كل العلاقات السوية مع شعبه وأيضا العجز عن التكيف مع التطورات التكنولوجية الإعلامية الاتصالية الضرورية لكل وجود معاصر, وفي هذه النقطة التاريخية الحاسمة كان لا بد من البقاء للأصلح وذلك ما كان وسيسجل التاريخ بأحرف من نور أن فضل الانتقال ميدانيا إلى العصر الجماهيري والشعبي للمجتمع الرقمي كما تفضلت أخي الكريم كان من تونس وستظل الخضراء عاصمة أبدية للتحول الفاصل بين عصر الظلام وعصر التنوير الذي يرفض تماما وجود النظم المشابهة لهذا الذي هوى بشكل لا يتصوره الخيال الجامح, ولن يطول انتظارنا لتتابع انهيار النظام العربي الهش برمته كون الظروف واحدة والشعب واحد وقد أعطى الشعب التونسي الراقي المثل وخاض التجربة وسجل المنهج مما يجعل غيره في وضع مريح لتطبيق ما أصبح معروفا وجاهزا من طرق إزاحة النظم البالية, وبإمكاننا الآن أن نتوقع ما كان يبدو لنا منذ أيام مستحيلا وإذا به من أسهل ما يمكن ومن أقرب الوضعيات إلى التحقيق في كل البلدان كون الأسباب قائمة ولا ينقص سوى المبادرة والإقدام ودفع الثمن الضروري لذلك من التضحيات التي قد تختلف من بلد إلى آخر لكنها ضرورية لعبور عتبة المرحلة التاريخية الجديدة, وها أنذا أرى الآن إعلانا يتراقص أمامي أن شقيق الشهيد محمد البوعزيزي رفض بيع عربة أخيه المتواضعة - التي كان يمارس عليها بيع الخضر - إلى خليجيين بـ 10 آلاف يورو مما يعكس قيمة الرمز النضالي الاستشهادي الذي سارع فقهاء السلطان إلى تكفيره وتحريم تضحيته الكبرى بعد تكييفه واعتباره انتحارا وليس استشهادا كما فعلوا مع الفدائيين الاستشهاديين الفلسطينيين, إنهم يصرون على العيش في الظلام وفي ذلك هلاكهم المحتوم مع أسيادهم المستبدين وهيمنة أسياد أسيادهم الصهيوأمريكيين غربيين, وإن ساعة الحقيقة قد دقت وأنوار الفجر قد لاحت في الأفق, وإنا لمسرورين غاية السرور أخي الفاضل محمد السالك أن تكون بيننا خير منار لأمتك المجيدة في هذا الفضاء الإلكتروني الصامد الحر الشريف. مرحبا بك أخي الكريم | |
|
عبير البرازي مديرة
عدد المساهمات : 7200 تاريخ التسجيل : 02/03/2010 الموقع : https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com
| موضوع: رد: تونس: هل بدأ عصر الجماهير الرقمية؟ بقلم محمد السالك السبت يناير 22, 2011 10:12 am | |
| صباح الخير وطبعا صباح جميل بحضور الاخ العزيز محمد السالك فمن دواعي سروري اني قرأت الان جمال ما خط قلمه المنبثق عن فكره وثقافته العالية ليس اطراء ما اقوله , ولكن الحقيقة فرأت بهذه الفترة عدة مقالات ومواضيع تتناول الثورة التونسية بابعاده ومعطياتها وخلفياتها والخ ولكني الان وانا اقرا وجدت روح جديدة بالفكر والطرح المميز لست من الاشخاص المقييمين ولا من المحللين السياسين وانما اسطر ما لامسته بروحي وفكري فالف شكر للاخ الكبير محمد وادام الله عليك نعمة هذا الفكر المنير وانتظر دوما جديدك ببالغ الاهتمام وتقبل مني كل الاحترام والتقدير | |
|