مصر تترقّب "جمعة الغضب"

مصر تترقّب "جمعة الغضب"
المستقبل - الجمعة 28 كانون الثاني 2011 - العدد 3896 - الصفحة الأولى

مصر تترقّب "جمعة الغضب" C1-N4

القاهرة ـ رامي ابراهيم
ووكالات

تنتظر معظم المدن المصرية "جمعة الغضب" اليوم بعد ثلاثة أيام عنف في مناطق مصرية متعددة، في تجدد للمواجهات أمس في السويس والفيوم والاسماعيلية بين محتجين وقوى الأمن، وهدوء حذر في القاهرة وباقي المحافظات المصرية.
ودخلت الولايات المتحدة أمس على خط الأزمة المصرية على أعلى المستويات من خلال عناوين ثلاثة أطلقها البيت الأبيض، أولها أن العنف ليس حلاً للاضطرابات السياسية داعياً الحكومة والمتظاهرين الى ممارسة ضبط النفس، ثانيها أن الفرصة قائمة كي يتصدى الرئيس المصري حسني مبارك لبواعث قلق الشعب المصري التي مضى عليها عقود، ثالثها أن الرئيس مبارك وإن يكن "صديقاً مقرباً وشريكاً مهماً"، لكن واشنطن لا تؤيد اي جانب ضد الآخر في الاضطرابات القائمة.
وفي مؤشر بارز، قال مصدر أمني إن قذيفتي "أر.بي.جي" أطلقتا مساء أمس على مركز للشرطة في مدينة الشيخ زويد في شمال سيناء، ولكنهما أخطأتا الهدف وأصابتا مركزاً طبياً مجاوراً.
وفيما وصل المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي إلى القاهرة للمشاركة في الاحتجاجات ضد الحكومة المصرية مطالباً بـ"مصر جديدة"، أطلقت مئات من مجموعات "الفيس بوك" على شبكة الانترنت الدعوة أمس إلى "مليون مصري" للمشاركة في "جمعة الشهداء" اليوم تحت شعار "عيش، حرية، كرامة إنسانية"، وانضم الى دعوات الخروج في مسيرات "جمعة الشهداء" حتى عصر أمس نحو 100 ألف مشارك.
الرئيس الأميركي باراك اوباما وفي اول رد فعل له على التظاهرات التي تجتاح عدة مدن مصرية قال في جلسة أجوبة وأسئلة على موقع "يوتيوب" على الانترنت بمناسبة خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه أمس، إن "العنف ليس الحل لهذه المشاكل في مصر".
وأضاف أن الرئيس المصري كان حليفاً قدم الكثير من المساعدة لواشنطن في العديد من المسائل، إلا أنه أوضح أنه دعا الرئيس مبارك بشكل متكرر الى ضمان تقدم حكومته على طريق الاصلاح السياسي والاقتصادي.
وأضاف اوباما ان "على الحكومة ان تكون حذرة وأن لا تلجأ الى العنف، وعلى الناس في الشارع ان يكونوا حذرين وأن لا يلجأو الى العنف". وقال ان التظاهرات هي نتيجة "الاحباط المكبوت" لدى الشعب المصري.
وقال المتحدث باسم البيت الابيض روبرت غيبس ان على الحكومة المصرية "واجب تجنب العنف"، وأن على المتظاهرين "عدم القيام بأعمال عنف وإحراق مباني حكومية".
ولم يجب غيبس مباشرة على سؤال عما اذا كان اوباما يؤيد مبارك، حليف الولايات المتحدة منذ عقود، الا انه قال ان واشنطن تعتقد ان حكومة مبارك "مستقرة".
وفي تطور لافت، وصل إلى القاهرة امس المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي (68 عاما)، قادما من فيينا التي يعيش فيها لينضم إلى موجة متصاعدة من الاحتجاجات المطالبة بإنهاء حكم الرئيس مبارك مستلهمة ما حدث في تونس بعد أن قال إن الوقت حان لتقاعد الرئيس المصري.
وعرض المعارض المصري استعداده لقيادة "مرحلة انتقالية" في البلاد، معلنا مشاركته في التظاهرات الاحتجاجية التي اوقعت منذ الثلاثاء ستة قتلى وادت الى اعتقال نحو الف شخص.
وعشية تظاهرات دعت اليها "حركة 6 ابريل" في جميع انحاء مصر بعد صلاة الجمعة اليوم، صرح البرادعي للصحافيين فور وصوله الى مطار القاهرة "انها مرحلة حساسة في تاريخ مصر ولقد جئت للمشاركة مع الشعب المصري" في التظاهرات التي تشهدها البلاد منذ ثلاثة ايام.
وأضاف في تصريح مقتضب "يجب احترام الرغبة في التغيير. ويجب على النظام عدم استخدام العنف في التظاهرات". وتابع "جئت الى هنا املا مواصلة العمل من اجل تغيير منظم وسلمي. وآمل ان يتصرف النظام بهذا الشكل، وأن يوقف العنف والاعتقالات والتعذيب".
وقال المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية "ان اولويتي الآن هي رؤية مصر جديدة من خلال انتقال سلمي".
ميدانياً تحولت مدينة السويس (200 كيلومتر شرق القاهرة) إلى ثكنة عسكرية أمس، وفقدت قوات الأمن السيطرة على الشارع بسبب كثرة عدد المتظاهرين وإصرارهم على الاستمرار في التظاهر بمنطقة الأربعين الشعبية الفقيرة بوسط المدينة، الأمر الذي دفع قوات الأمن إلى تكثيف وجودها الأمني داخل المدينة.
وفشلت محاولات الأمن في تطويق المتظاهرين أكثر من مرة، ما أدى إلى اتساع نطاق التظاهرات بصورة كبيرة وإغلاق المحال التجارية في المنطقة بأكملها، وتدمير عدد كبير من السيارات الموجودة في المكان، وإصابة عشرات المواطنين الذين تمت عمليات علاجهم في المنازل المحيطة بالمنطقة.
وهتف المتظاهرون "الشعب يريد اسقاط النظام" و"يا جمال قول لابوك السوايسة بيكرهوك" وهم يرشقون رجال الامن بالحجارة والزجاجات الحارقة. وكانت الصدامات لا تزال مستمرة حتى المساء.
وألقى المتظاهرون الذين كان بعضهم ملثما قنابل حارقة وحجارة على رجال الامن وأحرقوا اطارات السيارات لينبعث منها دخان اسود كثيف.
وقال شاهد عيان إن حريقاً كبيراً شب أمس في مركز للإطفاء بمدينة السويس التي تشهد اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن ومحتجين.
وفي وقت لاحق قال الشاهد إن رجال الإطفاء سيطروا على النار المشتعلة في قسم الشرطة لكن بعد أن أتت على الجزء الخلفي من المبنى. وقالت مصادر أمنية إن النار اشتعلت في مبنى حي (بلدية) الأربعين المكون من خمس طبقات. وقال مصدر إن "غوغاء قاموا بنهب جميع محتويات مبنى الحي الذي صار مهجورا الآن".
وقال مدير أمن محافظة السويس اللواء محمد عبد الهادي إن مجندا بالشرطة قتل أمس في مدينة السويس عاصمة المحافظة في اشتباك مع محتجين. وقال لـ"رويترز" إن المجند أصيب بطلق خرطوش في ميدان الإسعاف وتوفي خلال نقله إلى القاهرة للعلاج.
وعلى الاثر أشعل المتظاهرون النار في مركز للاطفاء كما افاد مصور "فرانس برس"، واستولوا منه على خزينة معدنية ظنا منهم انها تحوي النقود التي تدفع منها رواتب العاملين في المركز.
وفي الاسماعيلية قال شهود ان الشرطة اطلقت القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين الذين ردوا بالقاء الحجارة. وفي السلوم اشتبك عمال مصريون مساء أمس مع الشرطة بعد ان فوجئوا باغلاق منفذ السلوم الذي يستخدمونه للعبور الى ليبيا حيث يعملون.
واشتبكت الشرطة المصرية مع نحو 600 متظاهر في مدينة الإسماعيلية (150 كيلومتر شرق القاهرة) واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود.
ووقعت اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين والشرطة إثر قطع المتظاهرين للطريق الدولي الذي يمر بمنطقة الشيخ زويد، وتم استخدام الأعيرة النارية في المواجهات بين الجانبين، وتم إغلاق الطرق المؤدية الى منطقة الاشتباكات، ما أدى إلى وجود مئات العالقين في المنطقة السكنية التي تبعد عدة كيلومترات عن الحدود المصرية مع قطاع غزة.
وقررت النيابة العامة إخلاء سبيل 60 شاباً من المتظاهرين الذين ألقت قوات الأمن القبض عليهم خلال الأحداث، وأفرجت السلطات الأمنية عن 230 شخصاً كانوا رهن التوقيف.
وبدأت نيابة شرق الإسكندرية الكلية التحقيق مع 64 متظاهراً ممن شاركوا في احتجاجات "يوم الغضب"، وتم خلال التحقيقات مع المتظاهرين توجيه تهمة الاعتداء بالضرب على القوات الأمنية وقذفهم بالحجارة، الأمر الذي أدى الى إصابة 8 ضباط بينهم نائب مدير أمن الإسكندرية.
وأعلن اتحاد كرة القدم المصري تأجيل المباريات التي كانت مقررة الجمعة والسبت في اطار دوري كرة القدم.
وعلى الصعيد السياسي، أكدت جماعة "الإخوان المسلمين" على ما جاء في تصريحات لعضو مكتب إرشادها محمد سعد الكتاتني أنه استمراراً لسياستها في هذا الصدد، فإنها لن تمنع شبابها من المشاركة مع غيرهم من القوى، شرط "عدم رفع شعارات مسيئة أو الاعتداء على الممتلكات أو الشرطة".
وقال سكرتير مساعد حزب الوفد وعضو مكتبه التنفيذي حسين منصور، إن الوفد سيكون مع أي تحركات جماهيرية قادمة للمطالبة بالتغيير والمطالب التي سبق اعلانها ومن بينها تشكيل حكومة إنقاذ وطني والدعوة الى حل مجلس الشعب وإجراء انتخابات جديدة.
وفي حزب الجبهة الذي تعرض عدد كبير من ناشطيه لاعتقالات، أكد الناطق الرسمي باسم الحزب إبراهيم نوار، أن هناك "معركة كبيرة تنتظر الحزب وباقي القوى السياسية في هذا اليوم"، مشيراً إلى وجود نية لنقل المعركة خارج القاهرة وفي كل المحافظات.
ولكن الحزب الوطني الحاكم على لسان الامين العام للحزب الوطني الحاكم رئيس مجلس الشورى صفوت الشريف، قلل من أهمية وحجم تظاهرات الأيام الثلاثة الماضية قائلاً "ان المسألة لم تكن كما صورها البعض بخروج الملايين، ولكن كانت عدة آلاف وتم التعامل معهم بضبط النفس".
وأكد الشريف ان "الدولة تتصدى لمحاولات بعض المحرضين الذين يحاولون أن يركبوا الموجة وينشروا الفوضى فى البلاد" من دون ان يوضح من يقصد، لكنه كان يشير على الارجح الى جماعة "الاخوان المسلمين".
وقال رئيس مجلس الشعب المصري فتحي سرور إنه رغم أي تجاوزات قد تكون شابت هذه التظاهرات، إلا أن التعبير عن الرأي "يمر ببعض التجاوزات في بعض الأحيان، وعلينا أن نناقش المضمون وبغض النظر عن التجاوزات في الهتافات".
وأوضح سرور أن مشكلات الشباب "تنحصر في البطالة وارتفاع الأسعار وعدم تناسبها مع الأجور والفساد ونزاهة الانتخابات وكلها أمور تبحث داخل البرلمان الذي يعبر عن نبض الشعب"، ووصف سرور عملية تشبيه مصر بتونس بأنها "عملية ظالمة وغير حقيقية".