حكايات لم ترو .. عن القذافي
غطيتُ بضع قمم عربية واسلامية ، كصحفي ، والقمة العربية الاخيرة في سرت ، كانت مختلفة:لأنها كانت اول مرة ازور فيها ليبيا ، ولأنها ايضا اماطت اللثام عن جانب من اسرار شخصية القذافي.
بين طرابلس وسرت ، امضينا اسبوعاً شاقاً وصعباً ، والقصص والحكايات التي لم ترو كثيرة.
من حكايات قمة سرت ماهو مهم ، وماهوعادي ، حتى يعرف العرب ماذا يفعل الزعماء في قممهم ، وفي قيام ليلهم ، وساعات نهارهم؟،.
في سرت غضب رئيس سلطة اوسلو محمود عباس وغادر الى المطار ، والقذافي الذي ذهل من الشجاعة المفاجئة ، ارسل رجاله الاشاوس ، وانزل عباس من الطائرة تحت وطأة التهديد والقوة الجبرية ، فنزل الرئيس منصاعاً للعقيد وعاد الى القمة العربية ، بسطوة رجال الأمن الليبي.
القذافي اهان رئيس دولة عربية آخر ، علناً ، لان القذافي أراد إكرام رئيس دولة عربية ، بعشاء منفرد ، وحين سأله عما يريد على العشاء قال له مادمنا في منطقة بحرية فالسمك هو المفضل ، فجن جنون القذافي ، واعتبر ان هذه اهانة،.
اهانة.لأن الإكرام عند الليبيين يكون باللحم ، أما السمك فهو اهانة للضيف ، وحين اصر رئيس الدولة العربية على السمك ، تراشق الزعيمان بكلام حاد ، واجبر القذافي رئيس الدولة الآخر على الانتظار حتى يتم نحر جمل وسلقه لساعات طويلة ، آكلا اللحم باليد.
تمضي اعمال القمم العربية ، في صراع حول الفروقات بين اللحم والسمك ، وفي حالات اخرى الفروقات بين بيض السمك وبيض الدجاج ، فيما الشعوب جالسة بانتظار فرج الله،.
في القمة ذاتها توسط زعيم خليجي عند القذافي للافراج عن اكاديمي لبناني معروف يحمل الجنسية الكندية ، تم سجنه اربعين يوماً ، لمجرد انه قال للقذافي في لقاء مغلق ان هناك اخطاءً لغوية ونحوية في نصوص الكتاب الأخضر ، والأكاديمي يحمل دكتوراه في اللغة العربية.
القذافي حين سمع الكلام ارسل الأكاديمي الى السجن ، وكل يوم يطلب منه تصحيح الكتاب الاخضر ، فينهي الاكاديمي مهمته في ذات اليوم ، فيطلب منه القذافي اعادة التصحيح ، تحت وطأة الركلات ، وكان ان خرج الاكاديمي ، لاعناً سيبويه واليوم الذي اكتشف فيه الاخطاء ، وغادر ليبيا ، مستغفراً لذنبه ، برفقة الزعيم الخليجي.
من حكايات القذافي في القمة "المشادة" التي بقيت سراً بينه وبين رئيس دولة عربية ، لسبب شخصي ، اذ مازح القذافي رئيس الدولة بأنه سمين وبحاجة الى (ريجيم) وان وزنه دليل على انه يسرق شعبه ، فرد عليه الاخر ، بأنه يسرق لكنه يطعم غيره ، وان القذافي يبلع ولايطعم غيره،.
القذافي خلال المشادة قال انظر الى الرئيس الفلاني ، بات نحيفاً ، وعلى مايبدو انه يأكل على حسابه ، وليس على حساب غيره،.
رقابة المخابرات الليبية على ضيوف القمة العربية ، كانت في اشدها ، حتى ان مرافقاً امنياً لضيف مغاربي كشف بمحض الصدفة ، جهازاً للتنصت موضوعا في "تواليت الضيف الكبير" ، وتكاد ان تسأل مالذي يستفيده القذافي من التنصت في هكذا مكان؟.
كيف تمكن العبقري المرافق الامني للمسؤول ، من اكتشاف الجهاز في موقع كهذا؟اهتمامات مشتركة ربما ، تصل حد "الحمامات"،؟.
حين تحركت الطائرة من سرت الى طرابلس ، دبت الفوضى في المطار ، فالاعلاميون العرب عددهم اكثر من عدد مقاعد الطائرة ، ما اضطر المخابرات الليبية ان تصعد الى الطائرة بطريقة هستيرية ، وتطرد بعنف وبقسوة كل ليبي في الطائرة ، من اجل جلوس العرب ، والليبي لايجرؤ ان يفتح فمه ، برغم انه اشترى تذكرة من سرت الى طرابلس.
تم طرد العشرات ، وحين صعدت راقصة شعبية مصرية ، الى الطائرة ، هلوس ضباط المخابرات الليبيون وكادوا ان ينزلوا حتى قائد الطائرة: لاجل قوامها الممشوق ، وانفلات جسدها الثوري.
قصة القذافي ليست قصة اليوم ، ومن خطايا الإعلام العربي ، الجرأة المتأخرة ، حين لا نفتح الملفات المحرمة الا في التوقيت الآمن ، وقد كان الاولى ان نقف مطولا عند ذعر الشعب الليبي وشكواه ونجواه وأنينه طوال سنوات مضت.
ثم يخرج ليقول لنا غاضباً..زنقة زنقة،.
o