بائع الأمراء

موضوع: بائع الأمراء السبت أبريل 16, 2011 12:50 am

بائع الأمراء

عبد الرحمن عمار

" بائع الأمراء " هو الشيخ الجليل العز بن عبد السلام المولود بدمشق عام 577 هــ. تولى القضاء فترة قصيرة، وعندما أصبح الصالح إسماعيل ملكاً على دمشق تحالف مع الفرنجة، وأعطاهم بيت المقدس وطبرية وعسقلان، وسمح لهم بدخول دمشق، وترك لهم حرية الحركة فيها، وشراء السلاح منها، وفوق ذلك وعدهم بجزء من مصر إذا هم نصروه على أخيه نجم الدين أيوب سلطان مصر، فغضب العز بن عبد السلام من هذه الخيانة القبيحة، فهاجم الصالحَ إسماعيل من فوق منبر المسجد الأموي هجومًا عنيفًا، وقطع الدعاء له في خطب الجمعة، وأفتى بتحريم بيع السلاح للفرنجة أو التعاون معهم، ودعا المسلمين إلى الجهاد.

أمر الصالح إسماعيل بعزل العز ومنعه من الفتوى والاتصال بالناس، فقرر الهجرة إلى مصر، وهناك أصبح قاضي القضاة.

أما عن سبب تلقيبه بـــ " ببائع الأمراء " فيعود إلى أن الأمراء المماليك طغوا وتجبروا وظلموا الناس وعاثوا في الأرض فساداً، وضجّ أهل مصر من الظلم الذي مورس عليهم.

وبما أن هؤلاء المماليك هم من العبيد الأرقاء، كما هو معروف في التاريخ، فقد ألهم اللهُ العزَّ بن عبد السلام بفتوى أصبحت علماً عليه، ومفتاحاً لشهرته التاريخية. فعندما لاحظ أن الولايات العامة والإمارة والمناصب الكبرى كلها بيد المماليك، وهم في حكم الرقيق والعبيد، وبما أنه لا يجوز لهم الولاية على الأحرار، فقد أصدر العزّ فتواه الشهيرة بعدم جواز ولايتهم لأنهم من العبيد، والعبد لا يجب أن يتحكم برقاب الأحرار، كما أفتى بضرورة بيع هؤلاء الأمراء لصالح بيت مال المسلمين، فكانت هذه الفتوى ضربة قاضية لهم، أذلتهم وحطمت كبرياءهم، بل إنهم أصبحوا مصدرًا لسخرية الناس بعد أن قوي نفوذهم، وزاد طغيانهم، وكثرت مظالمهم.

في بداية الأمر رفض السلطان نجم الدين تنفيذ فتوى العز بن عبد السلام.. فرحل غاضباً عن مصر، وتبعه الآلاف من أهل مصر وحتى نساؤها وأطفالها تأييداً له، وإنكاراً لرفض السلطان تنفيذ الفتوى.. ووصلت الأخبار إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب فأسرع بنفسه خلف الشيخ العز بن عبد السلام واسترضاه، فما قبل إلا أن تنفذ فتواه، فرضخ السلطان أمام إصرار الشيخ الجليل والتفاف الشعب حوله.

وهكذا عاد العزّ بن عبد السلام إلى القاهرة، وبدأ بالتنفيذ الفوري للفتوى، وتولّى بنفسه عملية بيع الأمراء حتى لا يحدث نوع من التلاعب، وبدأ يعرض الأمراء واحداً بعد الآخر للبيع، ويغالي في ثمنهم، ودخل الشعب في المزاد العلني.. وأخيراً اشترى نجم الدين أولئك الأمراء من ماله الخاص، وأعتقهم لكي يحق لهم العودة إلى وظائهم، ويتصرفوا تصرّف الأحرار.

وهكذا باع العز بن عبد السلام رحمه الله جميع الأمراء الذين كانوا يتولون أمور الوزارة والإمارة والجيش وغيرها، ومن يومها عُرف الشيخ العز بن عبد السلام " ببائع الأمراء..!!!! ".

موضوع: بائع الأمراء السبت أبريل 16, 2011 1:46 am

سبحان الله ما أشبه اليوم بالبارحة وإنه لإسم على مسمى هذا الشيخ الجليل العز بن عبد السلام, ما أصوب اختيارك له في هذه الأيام الشبيهة بتلك ولكل زمان عزه, ويبدو أنه في هذه الأيام هو شباب الأمة الذين رفضوا محقين العيش على طريقة آبائهم الخانعة الخاضعة الجبانة الذليلة, وقد يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر, فها هم صغارنا يبهرون العالم ويربكونه ويجبرونه على إعادة حساباته وتغيير استراتيجياته جذريا, وتخصيصه مكانة بارزة فيها للعرب الذين احتلوا منذ الآن مقعدا محترما في المحافل الدولية وعمر ثورتهم الشبابية المحتضنة من الشعب لم يتجاوز ربع العام, فما ذا بعد أن يكملوا الانجاز وتأتي حكوماته المنتخبة الديمقراطية الممثلة للشعب الخادمة لمصالحه والمعادية بسبب ذلك لكل من يدنو بسوء من تلك المصالح؟ إنها أمة تمتلك رصيدا من الحضارة وافرا ولا يمكن أن يطويها النسيان كما ظن أعداؤها في الداخل والخارج مما جعلهم يبالغون في استغلالها وإذلالها وتحقيرها فكان لا بد إزاء ذلك الطغيان البشع أن تظهر الأمة بسواعد شبابها مكنوناتها الراقية الواقية العزيزة الكريمة فكأنما العز بن عبد السلام بعث من جديد, وكيف لا؟ والأمة التي أنجبته هي نفسها اليوم التي تستدعي دوره البطولي الكريم. دمت متميزا أستاذ عبد الرحمن وعاشت أمتنا حرة مجيدة راقية.

موضوع: رد: بائع الأمراء السبت أبريل 16, 2011 8:55 am

يسعد صباحك عزيزي عبد الرحمن واشكرك واقدر لك ما قدمته من ذكاء وعبقرية
باختيارك لهذا المقال ,بهذه الفترة العصيبة التي تمر بها البلاد وازمة الحكام
لن اضيف اكثر لان كل ما اريد اضافته تناوله الاستاذ عبدوو المحترم, مشكور لرده الجميل
فقط احببت ان اشكرك على ابداعك واطلب منك المزيد لانني اشتاق لكل ما تسطر لنا من نوابغ علمك ونور معرفتك
بسرد جميل ممتع, وايضا الان نمر بمراحل تحتاج الا اقلام الكتاب والمفكرين ,هو دوركم الان لتعميم الحقائق ونشرها على اكبر صعيد
مهمتكم توعية الجيل وابراز كل ما هو مفيد,
اتمنى لك من موقع مسؤليتك التوفيق وبارك الله لنا فيك ودمت لنا ذخرا , وسانتظر الجديد
تحياتي القلبية والشكر الجزيل

العزيز عبدو المعلم..

العزيزة روزانا

سلامي لكما.. وشكراً لاهتمامكما بكل ما يتم نشره على موقعكم الهادف.

الحقيقة إن ما ذكره الأستاذ عبدو يشير إلى تقاطع الأفكار وتواردها وتوافقها فيما بيننا.. وها أنذا أستعد لإرسال مقالة مكملة للأولى وتقدم بعض الإيضاحات الدالة على ما ذكره الأستاذ عبدو، وهي بعنوان " رسالة مفتوحة إلى العلامة الشيخ يوسف القرضاوي " أحضّه فيها على إصدار فتوى تجيز بيع سلاطين العرب وملوكهم ورؤساءهم وأمراءهم أجمعين، فما انطبق على أمراء المماليك في ذلك العصر ينطبق على سلاطين العرب في القرن الواحد والعشرين، والقاعدة الفقهية التي استند إليها العز بن عبد السلام وأفتى ببيع أمراء المماليك، يمكن أن يستند القرضاوي إليها ببيع سلاطين القرن الواحد والعشرين.. لن أطيل أكثر من ذلك.. ففي المقالة الموجزة القادمة ما يكفي من شرح وتحليل.

لكما تحياتي الصادقة