العطل من المسحوق
عبد الرحمن عمار
منذ مدة جرى الاستفتاء على التعديلات الدستورية في مصر، وما يهمني هنا ليس نتيجة الاستفتاء، وإنما الأسلوب الحضاري الذي مارسه الشعب المصري في ذلك اليوم الجميل. وأودّ هنا أن أسجّل بعضاً إشارات ذلك الأسلوب الحضاري:
1 ـــــ كانت نسبة المصوتين أكثر من ثمانين بالمائة في الاستفتاء، بينما كنات نسبة المنتخبين لأعضاء المجلي النيابي في الدورة الأخيرة من عهد نظام حسني مبارك البائد أقلّ من عشرين بالمائة.
2 ـــــ كانت الأعداد الغفيرة من الشعب المصري تقف بالدور وبشكل هادئ ووديّ، سواء مّن صوّت مع التعديلات الدستورية أم ضدها، بينما كانت بلطجية نظام حسني مبارك البائد في الانتخابات النيابية تجوب الأماكن الانتخابية وتزرع الفوضى والتزوير..
3 ــــ أثبت الشعب العربي في مصر، حين صنع الفرصة الديمقراطية بنفسه، أنه شعب قادر على أن يمارس الديمقراطية باقتدار وجدارة وبأسلوب حضاري، وهذا ما أقرّت به جهات عالمية متعددة.
4 ـــــ سقطت المقولة الخبيثة أن الشعب العربي غير قادر على ممارسة الديمقراطية بنفسه. وهي مقولة خبيثة حقاً، هدفها إبقاء الحال على ما هي عليه.
إن ما جرى أثناء الاستفتاء في مصر ذكرني بدعاية تلفازية قديمة، ملخصها أن امرأة أرادت تشغيل الغسالة في بيتها، فحَرَنَت الغسالة ورفضت الدوران، فأرسلت صاحبتها وراء الخبير في تصليح الغسالات.. حاول الخبير أن يكتشف العطل، فما وجد فيها أي عطل يُذكر، كشف عن المسحوق المستخدم في الغسالة فوجده من النوع الرديء، وعندئذ وضع علبة المسحوق بيده وقرّبها نحو المرأة، ثم قال لها: العطل ليس من الغسالة يا هانم.. العطل من المسحوق.
وأظنكم عرفتم من هي الغسالة ومن هو المسحوق..!!.
وبارك الله بشعب مصر العربي.