???? زائر
| موضوع: المركَّب الإبداعى الخميس أبريل 28, 2011 4:30 pm | |
| المركب الابداعى من المؤكد انا العمل الادبى يبقى ظاهرة عضوية متكاملة وعضويتها بالضرورة تقتضى ان يكون التاثير الجمالى مرتبطا بها كوحدة كلية لا تقبل التفتيت حتى لا تفقد جوهرها وتماسكها , وتعلقا بها ككيان قائم وموجود, وليس كمشروع مفترض, واذا كنا نقبل التفرقة بين اللغة باعتبارها مجموعة من الاعراف والقواعد التى يتم التصرف اللغوى فى اطارها والكلام باعتباره الطريقة التى تتجسد من خلالها تلك الاعراف والقواعد فى موقف بعينه ولوظيفة بعينها ,فاننا فى المقابل ينبغى ان نقبل التفرقة بين وحدات اللغة الادبية وهى لا تزال مادة صماء , وبين هذه الوحدات بعد ان تتخلق نسقا حيا فى العلاقات والتراكيب والانظمة, فهى فى الوضع الاول فى حالة غياب جمالى مطلق على حين فى الوضع الثانى هى رهينة حضور جمالى محتمل, كما ان عطاءها الادبى فى المرحلة الاولى لا وجود له أو هو ليس موجودا الا بالقوة والتحايل بينما هذا العطاء فى المرحلة الثانية موجود بالفعل. فاذا انتقلنا من الادب فى عمومه الى الظاهرة الشعرية بشكل خاص نستطيع ان نكتشف نوعا من التوازى الجميل بين علاقة اللغة بالكلام وعلاقة الشعر بالقصيدة , فالشعر باعتباره صورة ذهنية مجردة لا يتجاوز ما نعرفه من تقاليد فنية فى الايقاع والصياغة , والقصيدة فى اطارها القولى تحتذى منظومة هذه التقاليد وتتصدى لها بالحذف او التعديل وربما كان اشكليون الروس ومن استلهم مذهبهم يضعون اعينهم على هذه الحقيقة وذلك حين نادوا بان لغة القصيدة هى محاولة لاحياء الكلمة وانعاشها والقصيدة حين تتمثل فى هذا النسق الكلى الحى من العلاقات والانظمة اللغوية تطرح افتراضا معينا للرؤية بعاتبارها عملا ابداعيا لا يمكن تصوره الع على نحو تركيبى خالص , لأنها تصدر من المبدع انما تصدر كاملة البنية ومستقلة التكوين وهى بالنسبة له رسالة مركبة تتواكب عناصرها الصوتية والتركيبية والايقاعية فى سياق ابداعى لا يخضع لمنطق التعاقب فلا يتعامل المبدع مع كل عغنصر من عناصر القصيدة منفردا. فهو لا يؤلف بين اصوات الكلمة ثم يتوقف ريثما يراجع دلالتها ثم يتوقف ثانية ليتخير صيغها الصرفية والنحوية وموقفها التركيبى فى الجملة ثم يوائم بينها وبين قوانين الايقاع الشعرى وغير ذلك بل إنه من خلال الممارسة الابداعية يعالج كل هذه المستويات دفعة واحدة ونطريقة مركبة بحيث يبدو العمل الشعرى فى النهاية وكأنه وليد زمن ابداعى واحد. غير أن الزمن الإبداعى لا ينطبق بالضرورة على زمن التلقى فإذا كان الشاعر يتعامل مع القصيدة على هذا النحو المركب فإن المتلقى يتعامل معها بوجهيها الزمنى والتحليلى , فهو حين يتعامل معها يبدأ من الشكل الخارجى والذى يعنى مجموعة من الوسائل التى يمكن بواستطها ابداع النسيج اللغوى والايقاعى والجمالى للقصيدة وتناسب اجزاء العمل وتوازن السياق وتنظيم المادة الكلامية على هذا النحو يفضى بدوره الى تنظيم البنية الداخلية للعمل الشعرى من حيث بنية الدلالة المركزية فى النص وم حيث بنية الصورة الفنية الصادرة عن طاقة التخيل بدأ من العلامات المجازية الصغرى كالتشبيه والاستعارة ومرورا بالصورة الكبرى كالرمز والاسطورة وغيرها وانتهاءا بلمحور الفكرى للنص الشعرى , وهذه البنية الداخلية تقوم بوظيفة النظام التحتى الذى تنتشر منه دلالات النص الشعرى ومن هنا تصبح القصيدة الشعرية محصلة لوشائج من العلاقات الداخلية والخارجية تتبادل التاثير فيما بينها وتعمل على ابراز الرسالة الشعرية على نحو معين. وهناك الاعديد من الدراسات الحديثة التى تتناول البنية الشعرية فى ضوء ما تطرحه هذه البنية من دلالات اغلامية وتصويرية ويفترض هذا النوع من الدراسات ان العمل الشعرى مركب ابداعى يبدأ من نواة دلالية ذات طبيعة اعلامية مباشرة ومن خلالها تتحدد هوية الموضوع ونوع المعلومة التى تقدمها الى المتلقى, ولكن هذه الدلالة المباشرة تظل بعيدة عن إحداث الأثرلا الفنى المنشود مالم تكتمل بدلالة اخرى ذات طابع وجدانى وتصويرى محض وحين تنمو الدلالة الاولى وتتعقد مكوناتها وتنداح فى الدلالة الاخيرة نكون بذلك قد حصلنا على ما يمكن ان نسميه المركب الابداعى والمركب الابداعى بشكل عام يتكون من ثلاثة اقسام رئيسة هى * المثير الفنى *الطاقة التعبيرية *الطاقة التخيلية أولا : المثير الفنى المثير الفنى هو ذلك الاطار الايدولوجى الذى يريد المبدع ان يضمنه نصه , وهذا المثير يرتبط بالضرورة بمستوى ثقافة الشاعر وميوله الفكرية وانجازاته الثقافية التى تحدد اطر اعماله الابداعية ورؤيته لهذا الواقع من حيث العمق او السطحية , وهذا المثير يختلف من شاعر الى اخر ربما نحو رؤية واقعية او تخيلية واحدة فالكثير من الشعراء كتب عن الحرب – مثلا – لكن درجة المثير عند كل منهم كانت مختلفة وفق الؤية وعمق النظرة ومركزية الثقافة التى يعيشها ووفق توجهاته الفكرية والانسانية ولا شك ان تقليد المثير او تقليد القليد يجعل الشاعر يركن الى مستوى نمطى فى التعبير يتميز بالضيق وقد يصل الى السطحية فالبوصيرى كتب فى مدح الرسول – صلى الله عليه وسلم- وفق مثير معين طازج ومعظم من كتبوا فى مدح الرسول بعده اعتمدزا على نفس المثير وقلدوه فكانت نصوصهم سطحية وباهتة ولكن التجديد والتنويع فى المثير يرتبط بقلق التجربة الابداعية وتقمص الحالة – على تعبير الناقد الجميل عبد الله جمعة- وكذلك عبقرية الشاعر فى تنويع زوايا الرؤيا فى هذا العالم المتشابك من حوله واعادة صياغة هذا العالم وتفكيك اجزاءه واعادة تشكيله فى اطار فنى ينبع من زاوية الابداع عن الشاعر , هذه الزاوية التى لا تنقل الواقع الفج المباشر كما هو ولا تنقل فكرا محددا وتجعل منه مطلقا ابداعيا وذلك لاننا اذا قصرنا الابداع على مجرد التصوير المباشر لحقبة تاريخية بعينها او وضع اجتماعى بعينه ولم نصعده من خلال منظور شمولى ومتجدد مات الابداع ولم يبق منه شئ. ثانيا : الطاقة التعبيرية من المعروف ان اللغة الشعرية هى الوعاء البراق الذى يصب فيه الشاعر رؤاه الكونية لهذا العالم , وهى لغة تتمرد على دلالتها المعجمية وتنحرف مجازيا بما يجعلها لغة تفجيرية قلقة لا تثبت على صياغة واحدة او حقل تركيبى بذاته , وكذلك فاللغة الشعرية هى الطاقة التعبيرية التى يوظفها الشاعر لتحمل رسالته الابداعية الكلية الى مطلق الفضاء من حوله , وهذه اللغة تتميز بالتوتر الدائم بين الثابت والمتغير من وسائل الصياغة بين الموروث من اعراف اللغة الشعرية ومناهجها فى الاداء او الجديد المكتسب مما تفرضه طبائع تغير الثقافات وحاجات المجمتع اللغوية الجديدة والاطار المحدد للثقافة العامة والخاصة التى تحدد ماهية الطرح الشعرى وشكول خطابه المختلفة فى حين تاتى بصماته التعبيرية الخاصة به وكانها صدع فى جدار اللغة او كان مفرداتها خلقت للتو وكانها لم تكن موجودة من قبل. واذا كانت الدلالة الشعرية لا تاتى معزولة عن المعطيات الاسلوبيى والبنى الشعرية على مستوى الوحدات الصغرى او الكبرى فان المبدع الحقيقى هو الذى لا يركن الى نمط ادائي ثابت فى اعماله مهما بلغ هذا النمط من التفرد والخصوصية وقد يطمئن الشاعر الى وسائل مقتعة فى عمل ابداعى معين ثم يكتشف ان هذه الوسائل نفسها غير مقنعة فى عمل ابداعى آخر ومن ثم يظل امبدع فى حالة جدلية مستمرة مع ادواته يضيف اليها ويمحو منها ويغير فيها بحيث تصبح طاقاته التعبيرية متجددة دائما دائما ولا يقع فى غواية الاشكال الجاهزة او القوالب التى يصب فيها صبا او الشكل الاحادى بل يجب عليه دائما مراجعة وسائلة التعبيرية مع مستهل كل تجربة ابداعية جديدة وعلينا ان نعى تماما ان الشكل وحده هو عبارة عن مقاطع صوتية فارغة لا تحمل اى مضمون ولكن قدرة الشاعر وموهبته هى التى تملأ هذا الشكل بالمضمون الجيد , والطاقة التصويرية هى التى تحيل هذا الشكل الى تيمات شعرية حية ونابضة وتمنح التجربة الشعرية صفة الخلود والبقاء والانتقال من زمن ابداعها الى ازمان اخرى وبنفس حيويتها ثالثا: الطاقة التخيلية تعتمد بنية الصورة الشعرية على مبدأى الانتخاب والتكثيف وعنى بذلك دقة انتقاء العناصر المكونة للصورة دون تزايد او استرسال وقدرة الشاعر على المزج بين هذه العناصر وتوظيفها لاحداث الدلالة التصويرية فى اعمق مستوياتها ومقتضى ذلك ان نجاح الصورة لا يقاس بمدى انبساطها او تراكم اجزائها بل بقدرتها على تركيز الدلالة وتكثيفها فهى كاللوحة فى الفن التشكيلى تتضافر فيها كل العناصر الفنية لتخرجها وحدة جمالية مقنعه تجذب النفوس دون تشوه او خلل |
|
عبير البرازي مديرة
عدد المساهمات : 7200 تاريخ التسجيل : 02/03/2010 الموقع : https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com
| موضوع: رد: المركَّب الإبداعى الجمعة أبريل 29, 2011 11:33 pm | |
| رابعا اسمحلي ان اشكرك عزيزي عبد الحافظ الناقد المحترم
لهذه الدراسة التحليلية والخوض بعمق دراسة القصيدة ومقوماتها ومدلولاتها
كتبت اديبنا الرائع وابدعت
فالف الف شكر لهذا الطرح الادبي الجميل ولمجهوداتك الابداعية التي منحتها لنا
فائق تقديري واحترامي لشخصك العظيم
*****************************
| |
|
عبد المالك حمروش المدير العام
عدد المساهمات : 5782 تاريخ التسجيل : 26/02/2010 الموقع : https://elsoumoudelcharif.ahlamontada.com
| موضوع: المركب الإبداعي السبت أبريل 30, 2011 10:44 pm | |
| ربما أن الخوض في الموضوع بالنسبة لقارئ أو مجرد متذوق مثلي هو من باب تجاوز الحدود إذ ما معنى أن يعلق متلق عادي على ناقد كامل الصلاحية؟ قد يكون من المفيد أن يدلي المستهلك بما انطبع في نفسه عندما يتعلق الأمر بمنتوج أدبي معين كالقصيدة أو الرواية أو غير ذلك, لكن أن يشارك في حوار نقدي متخصص ومرتكز على نظريات معينة وهو لا يعرف عنها إلا النزر القليل فذاك من قبيل العشوائية والثرثرة بلا معنى ولا فائدة ترجى, هذه الاعتبارات تمنعني من الحديث في النقد الشعري أو الأدبي عموما لما للموضوع من مستلزمات لم يسبق لي أن اشتغلت بها. صحيح أن بعض اللقطات في نصك النقدي هذا تعنيني كقارئ ولي فيها رأي بصفتي هكذا, لكني أتمنى أن ينتبه الأدباء والشعراء الهواة والكبار المسجلين في هذه المنتديات لما نشرت مشكورا ويدلون بدلوهم فيه مما قد يؤدي إلى انطلاق حوار ومناقشة وتبادل للرأي لا أشك في أنه سيثمر ثمرة أو ثمرات ربما غير مسبوقة أو على الأقل يعمق الفهم والوعي والاستيعاب لما هو موجود متداول بين المعنيين ودون شك سيستفيد منه القراء أمثالي. المهم بالنسبة إلي هو وجود هذه المساهمة النقدية المعتبرة هنا في هذا الفضاء وانتشارها على نطاق واسع إذ أن كل ما يكتب هنا ينشر بصورة آلية على مساحات كبرى مثل غوغل وغيره من الفضاءات الالكترونية الواسعة الانتشار, وبدوري أنشره على التويتر والفيس بوك على الأقل, مما قد يصادف اهتماما من نقاد متخصصين فيساهمون في تبادل الرأي والنقاش مع صاحب المساهمة وغيره وهو ما نرجوه ونتمنى حصوله دوما. أشكرك جزيل الشكر أيها الأديب الشاعر والناقد المتمكن الأستاذ عبد الحافظ بخيت متولي. دمت متألقا | |
|