التلميذ الذي تمنّى أن يصبح ملكاً
عبد الرحمن عمار
حدث في بلاد الواق.. واق أن معلمة طلبت من تلاميذ الصف الخامس كتابة موضوع أدبي، عنوانه " ماذا تريد أن تكون في المستقبل "..
انتهى التلاميذ من كتابة الموضوع.. جمعت المعلمة الأوراق.. قرأت عدداً منها بشكل آلي.. ثم.. توقفت مليّاً عند إحداها.. فاحتقن وجهها.. وارتجفت يداها.. أسرعت إلى مدير المدرسة.. وهمست في أذنه..
انتفض المدير مذعوراً.. استدعى الطالب صاحب الورقة فوراً.. دخل الطالب.. لطمه المدير فطار الشرر من عينيه.. صرخ الطالب: لماذا تضربني يا أستاذ..!!؟.. ماذا فعلت..!!!؟.
ردّ عليه المدير: ماذا فعلت ..آآآآ..!!.. تحلم أن تكون ملكاً.. ثم تقول: ماذا فعلت...!!!؟. ألم تعرف أن الملك سيظل ملكاً على الجميع إلى أبد الآبدين..!!!.. أتريد أن تخلع الملك يا جربوع وتجلس محله..آآآ..!!. هدّده: هيا احذف هذا الحلم من الموضوع..
ردَّ عليه التلميذ بتحدٍّ وإصرار: هذا حلمي ولن أحذفه.
أمسك المدير الهاتف.. اتصل.. أمسكه واتصل... ثم امسكه واتصل..
جاء الأب سريعاً.. لطم ابنه عشرين لطمة على وجهه.. وقال: له احذف.. فأبى التلميذ أن يحذف حلمه.
وبعد لحظات معدودات جاء الوالي.. وجاء مدير الأمن.. وجاء الرفيق الأيديولوجي.. حاصروا الطالب من جميع الجهات... هددوه.. أبى أن يتخلى عن حلمه..
لقد حَرَن الطالب حَرْنةً تستأهل أن يُفرد لها صفحة جليلة في كتاب التاريخ..
اقترب الوالي، وقال له بليونة متصنَّعة: يا بني.. مسموح لك أن تصبح مهرباً.. راشياً أو مرتشياً.. حشاشاً.. حرامياً.. مخبراً.. ولكن.. أن تحلم بأن تكون ملكاً.. فهذه جريمة لا يمكن السكوت عنها.. أنصحك أن تشطب حلمك من الموضوع الأدبي.. هزّ الطالب رأسه دلالة الرفض القاطع..
قام الرفيق الأيديولوجي وأتحفه بخطاب مؤدلج.. لم يفهم الطالب منه كلمة واحدة.. ولكنه قال: لن أتخلّى عن حلمي..
بعده.. تقدّم مدير الأمن.. قام بواجبه الوظيفي.. ثم صرخ في وجهه: احذف حلمك.. احذف حلمك.. ثم تابع واجبه الوظيفي بنشاط وحماس.
أخذ الدم يسيل من بدن الطالب..
الأب بلع ريقه، وأخفى رأسه بين كتفيه من الرعب.. وتمنى أن يكون ابنُه ليس ابنَه..!!!.
الطالب لم يعد يستطيع الكلام.. فوجهه تورم.. وعظامه تكسرت..
قال الوالي بارتياح: الصمت علامة الرضا والموافقة.
فجأة.. رفع الطالب يده إلى الأعلى.. ورسم بإبهامه وسبابته وإصبعه الوسطى كلمة " لـلــ ".. ثم استجمع قواه.. وصرح صرخة اهتزّت لها الجبال الرواسي: لا.. لا... حلمي ملكي.. لن أتخلى عن حلمي.. حلمي ملكي.. لن أتخلى عن حلمي..
...................................................
ملاحظة: لا أدري ما الذي حل بذلك التلميذ المسكين.. فمن يعرف أخباره ومصيره، فليهاتفني على الرقم " oooooooooooooo ".. وله الأجر والثواب عند الله.
&&&&&&