الوصية الثامنة و الثلاثون: من كتاب رسالة الحقوق للإمام زين العابدين عليه السلام

الوصية الثامنة و الثلاثون: حق الخصم المدعى عليه

وأما حق الخصم المدعى عليه ( الذي تدعي عليه ) فإن كان ما تدعيه حقا أجملت في مقاولته بمخرج الدعوى فإن للدعوة غلظة في سمع المدعى عليه وقصدت قصد حجتك بالرفق وأمهل المهلة وأبين البيان وألطف اللطف، ولم تتشاغل عن حجتك بمنازعته بالقيل والقال فتذهب عنك حجتك ولا يكون لك في ذلك درك ،ولا قوة إلا بالله.

معنى بعض الكلمات:
أجملت : تتطالبه بحقك باعتدال ولطف
مقاولته : مخاطبته.
بمخُرج الدعوى: بكشفها وإظهارها.
دَرَك: الدرك التعويض عما فات.

وإلى اللقاء غداً إن شاء الله تعالى مع الوصية التاسعة و الثلاثين.

ما أجمل هذه الوصايا وأرقاها لقد كان الإمام مدركا بحق وعمق لمقاصد الشريعة الإسلامية السمحة, فتكلم بما يجسد ذلك الفهم الرفيع على أرض الواقع في القضاء. إن هذا الوصف لحقوق الخصم لا يمكن أن ترقى إليها النصوص المعاصرة الصادرة عن أرقى المؤسسات الإنسانية العالمية فلم يترك لنا الأوائل ما يتعبنا في البحث عن مقاصد الشريعة وعن التأويل لما قد يحدث من مظالم في وجودنا أو تكييفه كما يزعمون اليوم من نقص في التشريع نتيجة إغلاق باب الاجتهاد منذ سنين طويلة. ما أرقى شريعتنا وما أجدرها بالانتساب إلى ديننا الحنيف خاتم الأديان وأحكمها وأعدلها, أين المتشدقين اليوم بالحرية والعدالة والإنسانية من هذا الخطاب الراقي المتجذر في مجال احترام الإنسان وصون حقوقه وأيضا واجباته. دام عزك أخي الفاضل وليد وحماك الله وأبقاك للتنوير فما أشد الحاجة الملحة إلى التنوير.

الله.. ما أروعك أستاذي عبدو وبك يتحقق قول النبي محمد عليه الصلاة والسلام وعلى آله الكرام : فرُبّ سامعٍ أوعى من مُبلّغ.