لقد تفكرت يوماً بمن هو أطمع الناس فوجدته الزاهد بهذه الدنيا التي لا تزن عند الله جناح بعوضة فقلت :
يــــــــــــا زاهداً في الدنيا ... ما أطــمعك
فما متعت بالألوان بصرك... ما أطـــمعك
وما شنّفت بالألحان سمعك ... ما أطمعك
ولا مــــلأت بالملذات بطنك ... ما أطمعك
ولا أثثت بالمنــــعمات دارك ... ما أطمعك
ولا فاخرت بالزينة إخوانك ... ما أطمعك
ولا ركبــــــــت سهلاً مركبك ... ما أطمعك
ولا وطـــــأت بالمرح أرضك ... ما أطمعك
ولا رفعــــــت بالباطل صوتك ... ما أطمعك
كـــــــــــــل ذلك لــــــك لأجلك ... ما أطمعك
ترغـــــــب زيادة في جنتك ... ما أطــــــمعك
وما أردتَ نقــــــصان أجرك ... ما أطمـــــعك
دَخَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى حَصِيرٍ وَقَدْ أَثَّرَ بِجَنْبِهِ الشَّرِيفِ . فَبَكَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ: " مَا يُبْكِيكَ يَا عُمَرُ " ؟ قَالَ : ذَكَرْتُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَمَا كَانَا فِيهِ مِنَ الدُّنْيَا ، وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَثَّرَ بِجَنْبِكَ َالشَّرِيطُ . فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ: " أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا ، وَنَحْنُ قَوْمٌ أُخِّرَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا فِي الْآخِرَةِ " ....